السؤال
هل يمكن للرجل الذي تزوج بامرأة أن يجعل العصمة في يدها ؟حيث إنه غضوب ولا يملك صبرا على المشاكل وأوقع بها الطلاق قبل هذا لأتفه الأسباب وهى صبورة وتريد المحافظة على بيتها وأسرتها وأطفالها؟
هل يمكن للرجل الذي تزوج بامرأة أن يجعل العصمة في يدها ؟حيث إنه غضوب ولا يملك صبرا على المشاكل وأوقع بها الطلاق قبل هذا لأتفه الأسباب وهى صبورة وتريد المحافظة على بيتها وأسرتها وأطفالها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معنى كون العصمة بيد الزوجة، أو بيد إنسان آخر تختاره الزوجة هو: تفويض طلاقها إليها، أو إلى الشخص الآخر حسب الاتفاق، وهذا جائز في قول جمهور العلماء. قال في فقه السنة: الطلاق حق من حقوق الزوج، فله أن يطلق زوجته بنفسه، وله أن يفوضها في تطليق نفسها، وله أن يوكل غيره في التطليق، وكل من التفويض والتوكيل لا يسقط حقه، ولا يمنعه من استعماله متى شاء، وخالف في ذلك الظاهرية، فقالوا: إنه لا يجوز للزوج أن يفوض لزوجته تطليق نفسها، أو يوكل غيره في تطليقها... لأن الله تعالى جعل الطلاق للرجال لا للنساء. انتهى من فقه السنة للسيد سابق.
واعلم أخي السائل أنك بهذا الفعل لا تعالج مشكلة الغضب التي تقصد علاجها من وراء فعلك هذا، وذلك لأن معنى جعل العصمة بيد زوجتك أنك جعلت لها الحق في تطليق نفسها متى شاءت، وهذا لا يعني أن الحق في الطلاق قد سُلِب منك كلا، بل هو لك أيضا، كل ما هنالك أن أمر الطلاق أول الأمر كان بيدك وحدك، أما بعد تفويضه إلى زوجتك فقد صار الأمر إليها أيضا معك، فبإمكان كل منكما أن يوقع الطلاق، فإعطاء الزوجة أمرها بيدها لا يلغي حق الرجل في إيقاع الطلاق بها في أي وقت، وتعامل كبقية الزوجات إلا أن لها أن تطلق نفسها متى أرادت.
والتعبير هنا هو أن تطلق نفسها لا أن تطلق زوجها، ولذا فإنا لا ننصحك بهذا، بل الذي ننصحك به هو أن تستعين بالله سبحانه على علاج أمر الغضب، وأن تعرف خطورته، وأنه باب كبير من أبواب الشيطان، ثم بعد ذلك تلزم الهدي النبوي في معالجته، هدانا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.
ولمزيد علم حول مسائل تفويض الطلاق إلى الزوجة نقول: قد اختلف الفقهاء فيمن قال لامرأته أمرك بيدك هل يظل بيدها أبداً أم أنه يتقيد بذلك المجلس، فإما أن توقعه في ذلك المجلس، وإلا سقط حقها بانتهاء المجلس؟
قال ابن قدامة في المغني: ومتى جعل أمر امرأته بيدها، فهو بيدها أبداً لا يتقيد بذلك المجلس.
روى ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال أبو ثور وابن المنذر، والحكم. وقال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي: هو مقصور على المجلس، ولا طلاق لها بعد مفارقته، لأنه تخيير لها، فكان مقصوراً على المجلس كقوله: اختاري.
وقد رجح ابن قدامة الأول، لقول علي رضي الله عنه في رجل جعل أمر امرأته بيدها: هو لها حتى تنكل. قال: ولا نعرف له في الصحابة مخالفاً، فيكون إجماعاً، ولأنه نوع توكيل في الطلاق، فكان على التراخي كما لو جعله لأجنبي. انتهى.
بقي أن نشير إلى مسألة مهمة، وهي رجوع الزوج عن جعل عصمة الزوجية بيد الزوجة هل يقبل أم لا؟ الراجح أن الزوج له حق الرجوع، وفسخ ما جعله لها، وعندئذ يرجع حق التطليق إليه وحده، ولو وطئها الزوج كان رجوعاً، لأنه نوع توكيل والتصرف فيما وكّل فيه يبطل الوكالة، وإن ردت المرأة ما جعل إليها بطل، كما تبطل الوكالة بفسخ التوكيل. انظر المغني.غير أننا نقول: الأولى عدم جعل عصمة النكاح بيد الزوجة نظراً لطبيعة المرأة العاطفية التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية. قال ابن رشد في "بداية المجتهد": لأن العلة في جعل الطلاق بأيدي الرجال دون النساء هو: لنقصان عقلهن، وغلبة الشهوة عليهن مع سوء المعاشرة. اهـ، وللفائدة تراجع الفتاوى التالية: 66123، 22854، 9050 .
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني