السؤال
هل اليوم في جهنم ب 70 سنة؟ أم ب 50 ألف سنة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليوم في جهنم مقداره ألف سنة من أيام الدنيا، قال البغوي عند تفسير قوله تعالى: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا {سورة النبأ:23} وَالْحِقْبُ الْوَاحِدُ: ثَمَانُونَ سَنَةً، كُلُّ سَنَةٍ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ سَنَةٍ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأَحْقَابُ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ حِقْبًا، كُلُّ حِقْبٍ سَبْعُونَ خَرِيفًا، كُلُّ خَرِيفٍ سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ، كُلُّ سَنَةٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ سَنَةٍ. انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره: وعن عبد الله بن عمرو: الحقب أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون، رواهما ابن أبي حاتم.
وجاء في تفسير الطبري: عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يُسْأَلُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا {النبأ: 23} قَالَ: أَمَّا الْأَحْقَابُ فَلَيْسَ لَهَا عِدَّةٌ إِلَّا الْخُلُودُ فِي النَّارِ، وَلَكِنْ ذَكَرُوا أَنَّ الْحُقْبَ الْوَاحِدَ سَبْعُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، كُلُّ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ السَّبْعِينَ أَلْفًا، كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ قَالَ: الْحُقْبُ: ثَمَانُونَ سَنَةً وَالسَّنَةُ: سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةِ يَوْمٍ، وَالْيَوْمُ: أَلْفُ سَنَةٍ. انتهى.
وتبين مما سبق أن اليوم في جهنم مقداره ألف سنة من أيام الدنيا وليس سبعين سنة ولا خمسين ألف سنة، ووجه الجمع بين قوله تعالى: وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ {الحج:47}.
وبين قوله في سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ {المعارج: 4}.
قد أوضحه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان حيث قال: قوله تعالى: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ـ بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن اليوم عنده جل وعلا كألف سنة مما يعده خلقه، وما ذكره هنا من كون اليوم عنده كألف سنة، أشار إليه في سورة السجدة بقوله: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ـ وذكر في سورة المعارج أن مقدار اليوم خمسون ألف سنة وذلك في قوله: تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة... الآية، فآية الحج، وآية السجدة متوافقتان تصدق كل واحدة منهما الأخرى، وتماثلها في المعنى، وآية المعارج تخالف ظاهرهما لزيادتها عليهما بخمسين ضعفا، فقد ذكرنا ما ملخصه: أن أبا عبيدة روى عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة أنه حضر كلا من ابن عباس، وسعيد بن المسيب، سئل عن هذه الآيات: فلم يدر ما يقوله فيها، ويقول: لا أدري، ثم ذكرنا أن للجمع بينهما وجهين:
الأول: هو ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سماك، عن عكرمة عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة الحج: هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، ويوم الألف في سورة السجدة هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه تعالى، ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة.
الوجه الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة، وأن اختلاف زمن اليوم إنما هو باعتبار حال المؤمن، وحال الكافر، لأن يوم القيامة أخف على المؤمن منه على الكافر، كما قال تعالى: فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ـ ذكر هذين الوجهين صاحب الإتقان. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني