السؤال
أنا شاب عقدت قراني على زوجتي إلا أننا لم ندخل حتى الآن، وبعد عقد القران حدثت بيننا مشادات ومشاكل عادية، فكنت أقول لها اختاري إما أن نكمل وإما أن نتطلق، فهل هذا يعتبر تفويضا بالطلاق؟ مع العلم أني وقتها كنت لا أعلم شيئا عن التفويض الشرعي للطلاق، فهل إذا اختارت الطلاق يعتبر هذا طلاقا واقعا؟ مع العلم أيضا أنها رجعت في كلامها في نفس الوقت، وحدث أيضا أني قلت لها في مشاكل أخرى بيننا: كل واحد يذهب لحال لسبيل حاله وأن العلاقة انتهت بيننا عند هذا الحد. هل يعتبر هذا كناية عن الطلاق؟ مع العلم أنني وقتها كنت لا أعلم شيئا عن كنايات الطلاق، كما أنني كنت لا أعتقد أن هذه الكلمة بمثابة طلاق، وأيضا كانت نيتي مذبذبة بين الطلاق وعدمه.
لذا أرجو الإفادة عاجلا يا إخواني حتى لا أقع في الحرام، لذا أرجو من سيادتكم أن ترسلوا تلك الرسالة لأهل العلم وأن ترسلوا لي بالرد.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول الزوج لزوجته: اختاري إما أن نكمل أو نتطلق. تفويض بالطلاق، فإذا اختارت الطلاق وقع، وجمهور الفقهاء على أن هذا مقيد بمجلس التفويض، فإذا تغير هذا المجلس حقيقة بأن قامت عنه مثلا، أو حكما بأن تعمل ما يقطعه كأن تتكلم بكلام أجنبي بطل التفويض، وراجع الفتوى رقم: 110639.
وإذا اختارت الزوجة الطلاق ولم تنو أكثر من واحدة وقعت طلقة واحدة رجعية على الراجح من أقوال أهل العلم. قال ابن قدامة في المغني: مسألة: قال: فإن قالت اخترت نفسي، فواحدة تملك الرجعة. وجملة الأمر أن المملكة والمخيرة إذا قالت: اخترت نفسي فهي واحدة رجعية. وروي ذلك عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور. وروي عن علي أنها واحدة بائنة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، لأن تمليكه إياها أمرها يقتضي زوال سلطانه عنها، وإذا قبلت ذلك بالاختيار وجب أن يزول عنها ولا يحصل ذلك مع بقاء الرجعة. وعن زيد بن ثابت أنها ثلاث. وبه قال الحسن، ومالك، والليث، إلا أن مالكا قال: إذا لم تكن مدخولا بها قبل منه إذا أراد واحدة أو اثنتين، وحجتهم أن ذلك يقتضي زوال سلطانه عنها، ولا يكون ذلك إلا بثلاث. وفي قول مالك أن غير المدخول بها يزول سلطانه عنها بواحدة، فاكتفى بها. ولنا أنها لم تطلق بلفظ الثلاث، ولا نوت ذلك، فلم تطلق ثلاثا كما لو أتى الزوج بالكناية الخفية.. هذا إذا لم تنو أكثر من واحدة، فإن نوت أكثر من واحدة وقع ما نوت. اهـ.
وما دام هذا الطلاق قبل الدخول فتقع الطلقة بائنة. قال في كشاف القناع: والزوجة غير المدخول بها تبين بالطلقة الأولى. اهـ.
وعليه، فلا يملك الزوج الرجعة إلا بعقد جديد، ولا عبرة برجوعها إذا كانت قد اختارت الطلاق فعلا.
وأما قول الزوج لزوجته: كل واحد يروح لحاله والعلاقة بيننا قد انتهت. فهو من كنايات الطلاق، فإن قصد به الزج الطلاق وقع طلاقه، ولا عبرة بعدم علمه أن هذا من كنايات الطلاق، وأما إن لم ينو به الطلاق فلا يقع طلاقه، وما ذكرته من تذبذب نيتك بين الطلاق وعدمه يفيد أنك لم تقصد الطلاق، لأن القصد هو ما أراده المرء جازما بنيته وبالتالي، فهذا لا يعد طلاقا.
وننبه إلى ضرورة الحذر من الشقاق والمشاكل في الحياة الزوجية وخاصة إن كان الزوجان في بداية هذه الحياة، بالإضافة إلى الحرص على تحري الحكمة في حل كل مشكلة قد تحدث والحذر من ألفاظ الطلاق قدر الإمكان.
والله أعلم.