السؤال
لماذا الشيطان يوسوس لبني آدم وهو يعلم أن عدد الذين يدخلون النار تسعمائة وتسعة وتسعون سواء وسوس لهم أو لم يوسوس لهم فإن عدد الذين يدخلون النار ثابت، وأريد الإجابة بأسرع ما يمكن؟
لماذا الشيطان يوسوس لبني آدم وهو يعلم أن عدد الذين يدخلون النار تسعمائة وتسعة وتسعون سواء وسوس لهم أو لم يوسوس لهم فإن عدد الذين يدخلون النار ثابت، وأريد الإجابة بأسرع ما يمكن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل يقصد أن عدد من يدخلون النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كما في صحيح البخاري ومسلم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، قال: يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين... إلخ الحديث.
ونحن لا نجزم بأن إبليس يعلم عدد من سيدخلون النار لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ثم من شاء أن يطلعه عليه من خلقه كما أطلع عليه نبيناً محمد عليه الصلاة والسلام فأطلعنا عليه، فيحتمل أن إبليس علم ذلك، ويحتمل أن الله قد حجبه عنه.
ثم نقول: إن الله سبحانه وتعالى قد ربط الأسباب بمسبباتها، فخلق الجنة وخلق لها أهلها فهم بأعمال أهل الجنة يعملون، وخلق النار وخلق لها أهلها فهم بعمل أهل النار يعملون. وهو سبحانه قدر أسباب الهداية وأسباب الغواية، قال تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى. {الليل 5-10}.
ومن أسباب غواية البشر وسوسة الشيطان وتزيينه الباطل لهم، فعداوة إبليس لآدم وذريته قديمة منذ أن أمر بالسجود لآدم فأبى، قال تعالى عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ* لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ. {ص: 82-85}.
فسعى إبليس لإغواء بني آدم واتباع أكثرهم له، واستحقاقهم دخول النار، كل ذلك قد قدره الله عز وجل، فالقول بأن أهل النار يدخلونها سواء وسوس لهم إبليس أم لا ليس بصواب، فإن الله عز وجل قدر دخولهم بأسباب تستوجب ذلك، ومنها إغواء إبليس لهم واتباعهم إياه، فكما أن أفعاله سبحانه وتعالى تابعة لمشيئته، فهي أيضاً تابعة لحكمته. وراجع في ذلك الفتويين رقم: 78470.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني