السؤال
أفتونا مأجورين
حول مسألة الجلوس بين الظل والشمس...
والمعلوم أن حديث النهي صححه أكابر أهل العلم كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه
كما نقل ذلك المروزي في مسائله عنهما...والحديث هو:
عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِي : أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى أَنْ يُجْلَسَ
بَيَّنَ الضِّحِّ وَالظِّلِّ وَقَالَ: «مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ».
وسؤالي هو:
1) هل النهي للتحريم أم للكراهة؟ مع ذكر دليل الترجيح
2) ما هو توجيه قول ابن المنكدر وإسحاق التاليين:
أخبرنا عبد الرزاق عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبان قال : سمعت ابن المنكدر يحدث
بهذا الحديث عن أبي هريرة قال: وكنت جالساً في الظل وبعضي في الشمس، قال:
فقمت حين سمعته، فقال لي ابن المنكدر: اجلس، لا بأس عليك، إنك هكذا جلست.
(عبد الرزاق ح19801)، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبان، لم أعرف من هو، وكأن في الكلام سقطا؟
وقول إسحاق: قد صح النهي فيه عن النبي . ولكن لو ابتدأ فيه أهون؟؟.
[مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه – المروزي (3569/4868/9)]
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
الأمر محمول على الكراهة، وكلام ابن المنكدر وإسحاق محمول على أن من جلس في الظل ابتداء أهون ممن تعمد الجلوس بين الظل والشمس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحديث صحيح كما ذكرت، وقد حمل قتادة رحمه الله النهي على الكراهة، كما رواه عنه عبد الرزاق بسند صحيح أنه قال: يكره أن يجلس الإنسان بعضه في الظل وبعضه في الشمس . ويدل لهذا أن الأصوليين ذكروا من صوارف النهي عن التحريم أن يكون النهي واردا في باب الأدب والإرشاد. فعلة النهي هنا هي حماية الإنسان من التضرر بالأشياء المتضادة كما ذكر المناوي، ويدل له كذلك ما روى البيهقي بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في فناء الكعبة بعضه في الظل وبعضه في الشمس، وقد وفق المناوي بين هذا الحديث والحديث السابق، فحمل النهي على المداومة واتخاذ ذلك عادة. وأما كلام ابن المنكدر وإسحاق فالمراد من جلس ابتداء في الظل ثم وصلته الشمس أهون حالا ممن تعمد الجلوس بين الظل والشمس، ولكن الأولى لهذا أيضا أن يتحول عن ذلك المكان؛ لما في الحديث: إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه فليقم فإنه مجلس الشيطان. رواه أبو داود وصححه الألباني، وقد حمل المناوي الأمر في هذا الحديث على الندب.
والله أعلم.