السؤال
حكم هجر الزوج لزوجته بسبب السفر وطاعة والديه في عدم التحدث معها والنفقة عليها؟ وهل تسقط حقوق الزوج على زوجته إذا فعل هذا؟
حكم هجر الزوج لزوجته بسبب السفر وطاعة والديه في عدم التحدث معها والنفقة عليها؟ وهل تسقط حقوق الزوج على زوجته إذا فعل هذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي الزوج لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يُصلح النساء والرجال.
لا شك أن هذا الهجر المذكور لا يمكن أن يُقبل من الناحية الشرعية، والرجل عليه أن يتذكّر أن الشرع الذي يأمره ببرِّ والديه هو الشرع الذي ينهاه عن ظلم هذه الزوجة، فإذا قصّر في حق والديه فويلٌ له، وإذا ظلم الزوجة فويل له، والإنسان عليه أن يُدرك - هذا الزوج - أن النفقة واجبة عليه، قال الله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته}، وقال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع مَن يعول).
ونحن نريد أن يكون هناك مزيد من التفاصيل، حتى نعرف أسباب هذا الهجر، حبذا لو شجعت الزوج حتى يتواصل معنا ليسمع النصيحة، ويسمع التخويف من الله تبارك وتعالى، والتخويف بالله - يعني - فيمن يُقصّر في حق زوجته؛ لأن الزوجة أسيرة، (فإنهنّ عوانٌ عندكم)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أحرّج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة).
ونحن بحاجة أن نعرف أسباب هذا الذي يحدث، حتى تصلك النصائح الشرعية؛ لأن قضيتنا ليست ما هو الحب، وهل يجوز أم لا يجوز، ولكن قضيتنا هي الإصلاح، أن نضع النقاط على الحروف، أن ننصح الطرفين، ونذكّر بالله تبارك وتعالى، وأيضًا الحكم الشرعي لا يستطيع الإنسان أن يحكم هكذا دون أن يعرف التفاصيل؛ لأن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره.
فنحن نريد أن نعرف لماذا هذا الهجر؟ أسباب غضب الوالدين؟ نحن لا ندافع عنهم، لكن لا بد أن تُعرف هذه الأمور. وأما سؤالك: (وهل تسقط حقوق الزوج على زوجته إذا فعل هذا؟) نحن لا نريد أن نصل لمثل هذه النتائج دون أن نعرف التفاصيل، وبعد أن نعرف التفاصيل سيكون همُّنا الإصلاح والنُّصح للطرفين؛ لأن الشريعة تدعونا إلى أن ننصح لكل مسلم، فعلى الزوج أن يعرف أنه لا يجوز الهجر، فإنه (لا يحلّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث) فكيف بالزوجة؟! وبعد ذلك ينبغي أن يُصلح الأمور.
إذا كان الزوج مسافرًا أيضًا ينبغي أن يُدرك أن للزوجة عليه حقوقاً، حتى السفر إذا طال ينبغي أن يكون متفاهمًا مع الزوجة، وإلَّا فلا يجوز له أن يُطيل الغيبة عنها، كان عمر -رضي الله عنه- يردُّ مَن يُجاهد في سبيل الله ممَّن له زوجة في كل ستة أشهر، مع أنهم في غاية نبيلة وفي ذروة سنام الإسلام، وهذا دليل على أن حقوق الزوجة عظيمة.
لكن نحن نريد أن نعرف الأسباب، نسمع من الطرفين، فشجّعيه على التواصل، وبادري أنت بالإصلاح، واحتسبي الأجر عند الله -تبارك وتعالى- وإن كان هناك أسباب لهذا الغضب والخصام منه، فاحرصي على إزالة أسباب هذا التوتر قبل أن نذهب إلى: هل يجوز أم لا يجوز، حلال، حرام... هذا من السهل الوصول إليه، لكن هذا أيضًا ينبغي أن يُبنى على معلوماتٍ واضحة وأسباب واضحة، حتى نُبيّن لك وله الأحكام الشرعية.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.