السؤال
السلام عليكم
نفسي الأمارة بسوء تهزمني دائماً، وتجعلني أترك الصلاة، وأعصي الله، فكيف أتغلب عليها؟
وشكراً.
السلام عليكم
نفسي الأمارة بسوء تهزمني دائماً، وتجعلني أترك الصلاة، وأعصي الله، فكيف أتغلب عليها؟
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم.
أخي الفاضل: إننا نحمد الله إليك هذا السؤال، لأن معناه أنك تريد الإصلاح، مدرك لأهميته، باحث عن أسبابه ووسائله، وهذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكون أفضل من ذلك وزيادة.
أخي الكريم: لقد امتحن الله الإنسان بتلك النفس المتقلبة، التي تكون أحياناً مطمئنة بالتدين، أو أمارة بالسوء، أو لائمة لصاحبها على فعل محظور، أو ترك مأمور، وقد ذكرت -أيها الكريم- أن نفسك الأمارة بالسوء تريد علاجها، ونحن نوصي بما يلي:
أولاً: اعلم أن علاجها ميسور بأمر الله، فلا يوهمك الشيطان -أو نفسك- أن هذا محال، بل هو في مقدورك -بإذن الله-، واقتناعك بذلك أول الطريق الصحيح.
ثانياً: لجمها بلجام العلم: اعلم أن النفس الأمارة بالسوء هي جاهلة وظالمة، فهي تقدم الحياة الفانية على الباقية، وتقدم الشهوة المحرمة على الحلال، وتزرع الشبهة وترفض الحجة، فإذا ألجمتها بلجام العلم سهل عليك انقيادها، ويكون ذلك -أخي- بطلب العلم الشرعي، ومعرفة ما يجب عليك اعتقاده، والإيمان به، وما يجب عليك تركه، والابتعاد عنه.
ثالثاً: تزكية النفس: وذلك يكون بإيقاظ الإيمان المخدر فيك، بالحفاظ على الصلوات في المساجد -على ما سنفصله في النقطة السادسة-، وكذلك المحافظة على الأذكار في أوقاتها، بصلاة الليل ولو ركعتين، بالبعد عن الذنوب وأسبابها، وإن زلت القدم، فالتوبة السريعة والندم، وبهذا أنت تزكيها.
رابعاً: تحكيم العقل في النفس: العقل لجام ومانع من الوقوع في الخطأ، ومتى ما حكمته على النفس سهل انقيادها، ودور العقل أنه يظهر لك مآلات فعل السوء، وأن يمنعك من الانجرار خلف الشهوة.
خامساً: الصحبة الصالحة التقية النقية، فإنها حصن لمن أراد السلامة، وأمان لمن طلب الأمن، وصيانة لمن دعته نفسه إلى المعصية، والذئب يأكل من الغنم القاصية.
سادساً: نخصص هذه النقطة -أخي الكريم- لشق السؤال الآخر لك، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشق الأول، ونرى أنك متى ما أقمت الصلاة، أعنت على نفسك، وحتى يستقيم لك مرادك من الصلاة في نفسك لا بد أن تعلم عاقبة تركها، حتى تهاب تركها، فهي كما لا يخفاك عمود الدين، وركنه القويم، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن بين الرجل وبين الكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة" أخرجه مسلم، وأهل العلم قد ذكروا أن تارك الصلاة لا حظ له في الإسلام، مستدلين بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".
قد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- كما قال عبد الله بن شقيق: " لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة"، وقد توعد الله تارك الصلاة المتكاسل فيها بالويل، فقال:(فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)، وقد قيل إن الويل واد في جهنم، بعيد قعره، خبيث طعمه، نسأل الله السلامة والعافية.
إنا نود منك القراءة حول أهمية الصلاة، وأجر المحافظة عليها، وعقوبة تاركها، أو المتكاسل عن أدائها في أوقاتها بالتفصيل، وستجد هذا على موقعنا -بأمر الله-.
أخي الكريم: إننا ننصحك بعدة نصائح، نرى أنها البداية الصحيحة -بأمر الله-:
1- لا تتعامل مع الصلاة على أنها تكليف ثقيل عليك، بل تعامل معها على أنها صلة وقربة بينك وبين الله، تفكر في أنه لقاء هدفه إشباع الجانب الروحي لديك، تأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لبلال:"أرحنا بها يا بلال"، واستحضر كيف كانوا إذا تعبوا قاموا للصلاة، فاستراحوا، عش المعنى بقلبك، وارحل من هنا إلى هناك حيث السكينة والأمن والاطمئنان، وقم وانصب قدميك لمولاك، واخشع في صلاتك، وتأمل كل كلمة فيها، ويعينك على هذا استحضار عظم من بين يديه تقف، من إذا طلبته أجابك، وإذا استنصرته نصرك، ومن منّ عليك بالنعم، وعافاك من كثير من النقم، بهذا يقوى هذا الجانب، أما أذا تعاملت مع الصلاة على أنها تكليف، وواجب تؤديه، ستمل بعد قليل، وستبتعد بعد القرب، وستشعر أنها ثقل عليك، لا فضل من الله أنعم به عليك.
2- اجتهد في الابتعاد عن المعاصي، فهي قيد يثقلك عن الطاعة، ويصعب عليك العبادة.
3- اقرأ في سير الصالحين، وكيف كانوا يتسابقون لصلاة الليل، كل منهم يريد أن يخفي عن أخيه فعله، وننصحك بكتاب (رهبان الليل) للشيخ سيد حسن عفاني.
4- الاهتمام بالنوافل والمحافظة عليها، فهي من أهم العوامل التي تجعلك تحافظ على أداء الفرائض في أوقاتها، وقد قال أهل العلم: أول ضياع الفرض ضياع النفل.
5- كذلك من أهم الأمور التي تعينك على الصلاة كثرة الشوق إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ومحبته، وهذا يتطلب منك التعرف على أسماء الله وصفاته، وكذلك التعرف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقراءة، أو السماع، فإن القلب معين للبدن، إذا امتلأ محبة لأي عمل.
6- كثرة الأذكار كذلك ترقق القلب، فاحرص -بارك الله فيك- على أن يكون لك ورد من الأذكار: من التسبيح والتهليل والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو كان قليلاً، المهم أن يكون دائماً.
7- أكثر من الدعاء لنفسك أن يشرح الله صدرك للخير، وأن يوفقك للطاعة، وأن يتوب عليك، فالدعاء سر له أثره، وكذلك اجعل والديك وأهل الصلاح يدعون لك.
وفقك الله -أخي الحبيب-، وردك إلى الله سالماً غانماً، والله الموفق.