السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ 4 سنوات، لدي طفل يعيش مع أهل زوجي، زوجي لا يحبني، وهو غير متسامح معي، ولا يأخذني لأهلي ولا أختي، لدرجة أني أقبّل رجليه كي يأخذني لبيت أهلي، أعطيته ذهبي لأساعده، ولكن لم أصل معه لأي نتيجة، فماذا أفعل؟
أنا امرأة متزوجة منذ 4 سنوات، لدي طفل يعيش مع أهل زوجي، زوجي لا يحبني، وهو غير متسامح معي، ولا يأخذني لأهلي ولا أختي، لدرجة أني أقبّل رجليه كي يأخذني لبيت أهلي، أعطيته ذهبي لأساعده، ولكن لم أصل معه لأي نتيجة، فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصلح زوجك، وأن يعطف قلبه عليك، وأن يشرح صدره للسماح لك بزيارة أهلك والتواصل مع أرحامك؛ إنه جواد كريم.
إنه مما لا شك فيه أن تصرفات زوجك تصرفات غير مقبولة شرعاً؛ لأن الإنسان لا ينبغي له أبداً أن يمنع تنفيذ شرع الله تعالى، ولا أن يكون سبباً في قطع الأرحام؛ لأنه بذلك يؤدي بك إلى قطع رحمك، وإلى الوقوع في العقوق والعياذ بالله، وأنت شرعاً ليس عليك شيء، لأنك حاولت بكل ما أوتيت من قوة، ولكنه هو الذي سيحمل هذا الذنب وهذا الوزر يوم القيامة.
أيتها الفاضلة: ما المانع أن تبحثي عن الأسباب التي أدت به إلى أخذ هذا القرار الصعب، فليس من حق أحد وليس من حقه أن يمنعك من زيارة أهلك؛ لأن هذا شرع الله والله تبارك وتعالى أمرنا بصلة الأرحام، ولكن حتى نتفادى المشاكل ولا نقع في خلافات، المرأة الواعية المدركة المُحبة للاستقرار والأمن تفضل طاعة زوجها؛ لأن أهلك إذا كانوا يأمرونك بالمعصية أو يفسدونك على زوجك نقول لك لا تذهبي إليهم، وموقف زوجك موقف صحيح شرعاً وعقلاً وعرفاً وواقعاً، ولكن أنت لم تشيري أبداً إلى أنهم أساءوا إلى زوجك أو طلبوا منك أن تتمردي عليه، ولذلك موقفه هذا موقف جائر وغير طبيعي.
إلا أن عدم ذهابك إلى أهلك أعتقد أنه نوع من العقل؛ لأن أهلك يصبرون وهم يعلمون ظروفك، وقطعاً هم لا يحملون عليك ولا يغضبون عليك، لأنهم يعلمون أنك معذورة وأن زوجك هو الذي أجبرك على هذا، وأنك تتمنين أن تتواصلي معهم، ولكن لابد أيضاً من البحث عن حل لهذه المشكلة، والحل يتمثل بداية في الجلوس جلسة خاصة مع زوجك ومحاولة خلق جو هدوء وجو شاعري ولطيف بينك ويبن زوجك، وسؤاله (لماذا تمنعني من الذهاب إلى أهلي؟) فإذا قال: هذا رأيي، قولي له: أنا أخشى عليك عقاب الله تعالى، أنت رجل مسلم تحب الله ورسوله، وأنت الآن تساعد في ارتكاب كبيرة من الكبائر، أو تتسبب في ذلك وهي قطع الرحم، والله تبارك وتعالى يقول: (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ))[محمد:22-23].
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) وأنت بذلك الآن تأمرني بمعصية الله تعالى، فقطعاً ستحمل هذا الوزر، وأنا أخاف عليك من عذاب الله تعالى؛ لأن هذا ليس من حقك شرعاً أن تمنعني من زيارة أهلي، ولكن لتقديري لك واحترامي لك أنا ملتزمة بكلامك، إلا أني أخاف عليك.
حاولي بارك الله فيك أن تتكلمي معه بكلمات لطيفة، كلمات خفيفة طيبة، وأن تتوسلي إليه بالله سبحانه وتعالى أن يأذن لك بزيارة أهلك ولو على الأقل كل شهر مرة، إذا لم يكن كل أسبوع مرة فكل شهر مرة، وقولي له: أنا أريد دقائق معدودة، مثلاً تكون في حدود ساعة أو نصف ساعة، حتى لا أكون من القاطعات للرحم ولا تدخل النار بسببي.
حاولي معه بهدوء في داخل الأسرة، فإن استطعت بعد توفيق الله تعالى في تغيير هذا الواقع وأذن لك بزيارة أهلك، فإن المشكلة بذلك قد انتهت، وأنصحك كذلك قبل أن تتكلمي معه، بصلاة ركعتين نية قضاء الحاجة، والإكثار من الدعاء أن يشرح الله صدره لقبول كلامك، لأنك تعلمين أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، وأن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يغير هذا الموقف في أقل من ثانية، فتوجهي إلى الله بالدعاء عدة أيام، ولا مانع أن تصومي يوم الاثنين والخميس مثلاً، وأنت صائمة توجهي إلى الله بالدعاء أن يعطف قلب زوجك عليك ويسمح لك بزيارة أهلك، وبعد الصيام وبعد الدعاء والتوجه إلى الله وصلاة قضاء الحاجة كلميه، فإن أكرمك الله تبارك وتعالى واستجاب لكلامك فهذا ما نريده وما نرجوه، وبذلك حُلت المشكلة، حتى وإن جعل الزيارة لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة، المهم أنك كسرت الحاجز، وبعد ذلك إن شاء الله لعل الأمور أن تعود إلى مجاريها.
إذا لم يستجب لهذه المحاولة فقولي له (اسمح لي أنا سوف أضطر أن أستعين بأحد ليحل هذه المشكلة بيني وبينك، لأنك رجل تدفعني وتجبرني على الوقوع في معصية الله تعالى) ولا مانع من الاستعانة بأحد أقاربه إذا كان والده موجوداً أو إذا كانت والدته موجودة، أو أحد إخوانه أو أقاربه، أو مثلاً من المشايخ أو العلماء أو الدعاة، يتكلم معه ويبين له خطورة عقوق الوالدين، وأنه بذلك عاصٍ لله ورسوله، وأنه بذلك قد يعرض نفسه لغضب الله وعقابه في الدنيا والآخرة، بل إن أبناءه قد يعقونه في المستقبل؛ لأن القضية مسألة قصاص كما ورد (البر لا يبلى والذنب لا يُنسى والديان لا يموت، أعمل ما شئت فكما تدين تدان) وكما ورد أيضاً في الحديث: (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم) فهناك معاصٍ إن فعلها الإنسان ولم يتب إلى الله منها عاقبه الله تبارك وتعالى في نفسه.
حاولي معه بعد صيام يوم أو يومين أو ثلاثة أيام، والدعاء خلال فترة الصيام، وتسألينني لماذا الصيام؟ أقول: لأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن للصائم دعوة لا ترد، فإذن عليك بالصوم إذا استطعت ذلك، وتوجهي إلى الله بالدعاء وأنت صائمة، وأكثري من الدعاء مئات المرات طول فترة الصيام.
كما ذكرتُ آنفاً: إن استقامت الأمور وأذن لك بزيارة أهلك وصلة رحمك فقد انتهت المشكلة تماماً، وإذا أصر على موقفه فمن الممكن أن تستعيني ببعض الأقارب الذين لهم وجاهة ولهم منزلة عنده ليكلمه في هذا الأمر، وليبين له شرع الله تعالى وخطورة ما يفعل، فإذا لم يتيسر من الأقارب أو الأرحام فمن الممكن الاستعانة بإمام المسجد أو العلماء الموجودين في المنطقة حتى يذكروه بالله تعالى ويخوفوه من عقاب الله، وإذا - لا قدر الله - لم تفلح هذه المحاولة الأولى ولا المحاولة الثانية فأوصيك بالصبر الجميل، ولا تعجلي، وواصلي الدعاء والإلحاح على الله تعالى، مع الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً) وثقي وتأكدي أن هذه العوامل سوف يترتب على الأخذ بها تفريج كربتك وقضاء حاجتك وأن يأذن لك بإذن الله تعالى إن آجلاً أو عاجلاً في صلة رحمك وزيارة أهلك، وبذلك سوف يتحقق لك ما تريدين -بإذن الله تعالى-.
عليك أيضاً بالتوجه إلى الله بالدعاء، والإكثار من أن يملأ الله قلبه بمحتبك وقلبك بمحبته، وأن يجعلكم من المتحابين المتواصلين المتراحمين السعداء في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.