4036 - إذا قلت أني آيب أهل بلدة ... ... ... ...
[ ص: 656 ] قوله : " والساعة " قرأ بنصبها عطفا على " وعد الله " . والباقون برفعها ، وفيه ثلاثة أوجه : الابتداء وما بعدها من الجملة المنفية خبرها . الثاني : العطف على محل اسم " إن " لأنه قبل دخولها مرفوع بالابتداء . الثالث : أنه عطف على محل " إن " واسمها معا ; لأن بعضهم حمزة كالفارسي يرون أن لـ " إن " واسمها موضعا ، وهو الرفع بالابتداء . والزمخشري
قوله : " إلا ظنا " هذه الآية لا بد فيها من تأويل : وذلك أنه يجوز تفريغ العامل لما بعده من جميع معمولاته ، مرفوعا كان أو غير مرفوع ، إلا المفعول المطلق فإنه لا يفرغ له . لا يجوز " ما ضربت إلا ضربا " كأنه لا فائدة فيه ; وذلك أنه بمنزلة تكرير الفعل فكأنه في قوة " ما ضربت إلا ضربت " . وكانت هذه العلة خطرت لي حتى رأيت مكيا وأبا البقاء نحوا إليها فلله الحمد .
وقال : " فإن قلت : ما معنى " إن نظن إلا ظنا " ؟ قلت : أصله نظن ظنا . ومعناه إثبات الظن فحسب . فأدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن ونفي ما سواه ; وزيد نفي ما سوى الظن توكيدا بقوله : الزمخشري وما نحن بمستيقنين . فظاهر كلامه أنه لا يتأول الآية بل حملها على ظاهرها ; ولذلك قال الشيخ : " وهذا كلام من لا شعور له بالقاعدة النحوية : من أن التفريغ [ ص: 657 ] يكون في جميع المعمولات من فاعل ومفعول وغيرهما إلا المصدر المؤكد فإنه لا يكون فيه " .
وقد اختلف الناس في تأويلها على أوجه ، أحدها : ما قاله وهو : أن الأصل : إن نحن إلا نظن ظنا . قال : " ونظيره ما حكاه المبرد " ليس الطيب إلا المسك " تقديره : ليس إلا الطيب المسك " قلت : يعني أن اسم " ليس " ضمير الشأن مستتر فيها ، وإلا الطيب المسك في محل نصب خبرها ، وكأنه خفي عليه أن لغة أبو عمرو تميم إبطال عمل " ليس " إذا انتقض نفيها بـ " إلا " قياسا على " ما " الحجازية ، والمسألة طويلة مذكورة في كتابي " شرح التسهيل " وعليها حكاية جرت بين أبي عمرو . الثاني : أن " وعيسى بن عمر ظنا " له صفة محذوفة تقديره : إلا ظنا بينا ، فهو مختص لا مؤكد . الثالث : أن يضمن " نظن " معنى نعتقد ، فينتصب " ظنا " مفعولا به لا مصدرا . الرابع : أن الأصل : إن نظن إلا أنكم تظنون ظنا ، فحذف هذا كله ، وهو معزو أيضا . وقد ردوه عليه : من حيث إنه حذف أن واسمها وخبرها وأبقى المصدر . وهذا لا يجوز . الخامس : أن الظن يكون بمعنى العلم والشك فاستثنى الشك كأنه قيل : ما لنا اعتقاد إلا الشك . ومثل الآية قول للمبرد الأعشى :
4037 - وحل به الشيب أثقاله وما اعتره الشيب إلا اعترارا
يريد اعترارا بينا .