فصل
يحرم على الجنب ما يحرم على المحدث ، وشيئان :
nindex.php?page=treesubj&link=731قراءة القرآن ،
nindex.php?page=treesubj&link=728واللبث في المسجد . فأما القرآن فيحرم ، وإن كان بعض آية على قصد القرآن ، فلو لم يجد الجنب ماء ولا ترابا ، فهل يباح له قراءة الفاتحة في صلاته ؟ وجهان . الأصح : يحرم كما يحرم ما زاد عليها قطعا ، ويأتي بالتسبيح الذي يأتي به من لا يحسن القراءة ، لأنه عاجز شرعا .
[ ص: 86 ] قلت : الأصح الذي قطع به جماهير العراقيين : أنه يجب عليه قراءة الفاتحة ، لأنه مضطر إليها . والله أعلم .
ولو قرأ شيئا منه ولم يقصد القرآن ، جاز ، كقوله : بسم الله ، والحمد لله ، أو قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=13سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) الزخرف : الآية 13 . على قصد سنة الركوب . ولو جرى هذا على لسانه ولم يقصد قرآنا ولا ذكرا ، جاز . ويحرم على
nindex.php?page=treesubj&link=625_692الحائض والنفساء ما يحرم على الجنب من القراءة على المذهب ، وأثبت جماعة من المحققين قولا قديما أنها لا تحرم .
قلت : ولو كان فم غير الجنب والحائض نجسا ، ففي تحريم القراءة عليه وجهان ، الأصح يكره ولا يحرم . ولا تكره القراءة في الحمام . ويجوز للحائض والجنب قراءة ما يستحب تلاوته . والله أعلم .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=728اللبث في المسجد ، فحرام على الجنب ، ولا يحرم عليه العبور ، لكن يكره إلا لغرض ، بأن يكون المسجد طريقه إلى مقصده ، أو أقرب الطريقين إليه ، وفي وجه : إنما يجوز العبور إذا لم يكن طريق سواه ، وليس بشيء . ويحرم التردد في جوانبه ، فإنه كالمكث . ويجوز المكث للضرورة ، بأن نام في المسجد ، فاحتلم ولم يمكن الخروج ، لإغلاق الباب ، أو خوف العسس ، أو غيره على النفس ، أو المال . ويجب أن يتيمم إن وجد غير تراب المسجد ، ولا يتيمم بترابه .
قلت : يجوز للجنب والحائض النوم في المسجد ، نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ( الأم ) والأصحاب - رحمهم الله - . ولو احتلم في مسجد له بابان ، أحدهما أقرب ، فالأولى أن يخرج منه ، فإن عدل إلى آخر لغرض ، لم يكره ، وإن لم يكن غرض ، لم يكره على الأصح . والله أعلم .
[ ص: 87 ] فرع
فضل ماء الجنب والحائض طهور لا كراهة في استعماله . ويجوز
nindex.php?page=treesubj&link=32598_32594للجنب أن يجامع ، وأن ينام ، ويأكل ، ويشرب ، لكن يسن أن لا يفعل شيئا من ذلك إلا بعد غسل فرجه والوضوء .
قلت : قال أصحابنا : لا يستحب هذا الوضوء ، و [ كذا ] غسل الفرض للحائض والنفساء ، لأنه لا يفيد ، فإذا انقطع دمها ، صارت كالجنب . والله أعلم .
فَصْلٌ
يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ ، وَشَيْئَانِ :
nindex.php?page=treesubj&link=731قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=728وَاللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ . فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَيَحْرُمُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ آيَةٍ عَلَى قَصْدِ الْقُرْآنِ ، فَلَوْ لَمْ يَجِدِ الْجُنُبُ مَاءً وَلَا تُرَابًا ، فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاتِهِ ؟ وَجْهَانِ . الْأَصَحُّ : يَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَيْهَا قَطْعًا ، وَيَأْتِي بِالتَّسْبِيحِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ شَرْعًا .
[ ص: 86 ] قُلْتُ : الْأَصَحُّ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ : أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ، لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إِلَيْهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يَقْصِدِ الْقُرْآنَ ، جَازَ ، كَقَوْلِهِ : بِسْمِ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَوْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=13سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) الزُّخْرُفِ : الْآيَةُ 13 . عَلَى قَصْدِ سُنَّةِ الرُّكُوبِ . وَلَوْ جَرَى هَذَا عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ قُرْآنًا وَلَا ذِكْرًا ، جَازَ . وَيَحْرُمُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=625_692الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَأَثْبَتَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ قَوْلًا قَدِيمًا أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ .
قُلْتُ : وَلَوْ كَانَ فَمُ غَيْرِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ نَجِسًا ، فَفِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ ، الْأَصَحُّ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ . وَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْحَمَّامِ . وَيَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ قِرَاءَةُ مَا يُسْتَحَبُّ تِلَاوَتُهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=728اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَحَرَامٌ عَلَى الْجُنُبِ ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْعُبُورُ ، لَكِنْ يُكْرَهُ إِلَّا لِغَرَضٍ ، بِأَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ طَرِيقَهُ إِلَى مَقْصِدِهِ ، أَوْ أَقْرَبَ الطَّرِيقَيْنِ إِلَيْهِ ، وَفِي وَجْهٍ : إِنَّمَا يَجُوزُ الْعُبُورُ إِذَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ سِوَاهُ ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ . وَيَحْرُمُ التَّرَدُّدُ فِي جَوَانِبِهِ ، فَإِنَّهُ كَالْمُكْثِ . وَيَجُوزُ الْمُكْثُ لِلضَّرُورَةِ ، بِأَنْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَاحْتَلَمَ وَلَمْ يُمْكِنِ الْخُرُوجُ ، لِإِغْلَاقِ الْبَابِ ، أَوْ خَوْفِ الْعَسَسِ ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى النَّفْسِ ، أَوِ الْمَالِ . وَيَجِبُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ ، وَلَا يَتَيَمَّمُ بِتُرَابِهِ .
قُلْتُ : يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ ، نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي ( الْأُمِّ ) وَالْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - . وَلَوِ احْتَلَمَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ بَابَانِ ، أَحَدُهُمَا أَقْرَبُ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ ، فَإِنْ عَدَلَ إِلَى آخَرَ لِغَرَضٍ ، لَمْ يُكْرَهْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ ، لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الْأَصَحِّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 87 ] فَرْعٌ
فَضْلُ مَاءِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ طَهُورٌ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ . وَيَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=32598_32594لِلْجُنُبِ أَنْ يُجَامِعَ ، وَأَنْ يَنَامَ ، وَيَأْكُلَ ، وَيَشْرَبَ ، لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ غَسْلِ فَرْجِهِ وَالْوُضُوءِ .
قُلْتُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لَا يُسْتَحَبُّ هَذَا الْوُضُوءُ ، وَ [ كَذَا ] غُسْلُ الْفَرْضِ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ ، لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ ، فَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا ، صَارَتْ كَالْجُنُبِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .