مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ادعى أنه دفع أنظر يوما وأكثره ثلاث فإن جاء بشاهد حلف وبرئ " .
قال الماوردي : وصورتها أن فإن لم يكن للمكاتب بينة فالقول قول السيد مع يمينه أنه ما قبض منه مال كتابته ، ويكون المكاتب بعد يمين السيد على حال الكتابة ، فإن نكل السيد عن اليمين ردت على المكاتب ، فإذا حلف برئ وعتق ، وإن كان للمكاتب بينة نظر ، فإن كانت بينته حاضرة سمعت وحكم بها على سيده ، وهي شاهدان أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، لأنها على دفع مال ، وإن أفضت إلى العتق ، وليس يمتنع أن تسمع الشهادة فيما يفضي إلى ما لا يثبت بتلك الشهادة ، كما تسمع في الولادة شهادة النساء ، وإن ثبت بها نسب لا يثبت بشهادة النساء ، وإن كانت بينته غائبة قيل له : أتقدر على إحضارها عن قريب ؟ فإن قال : لا . قيل : فأنت كمن لا بينة له ، فيحلف السيد ، ويكون المكاتب باقيا على كتابته ، فإن استرقه السيد بالعجز ثم حضرت بينته من بعد جاز سماعها ، والحكم بعتقه ، لأن البينة العادلة أحق بالحكم من اليمين الكاذبة . يدعي المكاتب على سيده أنه دفع إليه مال كتابته ، وينكره السيد
وإن قال : أقدر على إحضار بينتي عن قريب أنظر لإحضارها يوما أو يومين ، [ ص: 197 ] وأكثره ثلاث ، لأن المهلة في إحضار البينة عرف الحكام في الضرورات ، وكان غاية إنظاره ثلاثا ، لئلا يخرج عن حد القلة إلى حد الكثرة ، ويمنع السيد في زمان إنظاره من مطالبته وتعجيزه ، ويمكن العبد فيها من اكتسابه ، لئلا يفوت على أحدهما حقه ، لكن يحجر عليه في كسبه إن أظهر السيد تعجيزه ، ولا يحجر إن لم يظهر تعجيزه ، فإن حضرت البينة سمعت على ما مضى ، وإن تأخرت عن زمان الإنظار أحلف على ما مضى .