باب الإحصار ( وإذا جاز له التحلل ) وقال أحصر المحرم بعدو أو أصابه مرض فمنعه عن المضي رحمه الله : ( لا يكون الإحصار إلا بالعدو ، لأن التحلل بالهدي شرع في حق المحصر لتحصيل النجاة وبالإحلال ينجو من العدو لا من المرض ) . الشافعي
ولنا أن آية الإحصار وردت في الإحصار بالمرض بإجماع أهل اللغة فإنهم قالوا : الإحصار بالمرض والحصر بالعدو والتحلل قبل أوانه لدفع الحرج الآتي من قبل امتداد الإحرام والحرج في الاصطبار عليه مع المرض أعظم .
( وإذا جاز له التحلل يقال له : ابعث شاة تذبح في الحرم وواعد من تبعثه بيوم بعينه يذبح فيه ثم تحلل ) وإنما يبعث إلى الحرم ; لأن دم الإحصار قربة ، والإراقة لم تعرف قربة إلا في زمان أو مكان على ما مر فلا يقع قربة دونه فلا يقع به التحلل وإليه الإشارة بقوله تعالى : { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } [ ص: 278 ] فإن الهدي اسم لما يهدى إلى الحرم . وقال رحمه الله : لا يتوقت به ; لأنه شرع رخصة والتوقيت يبطل التخفيف قلنا المراعى أصل التخفيف لا نهايته ، وتجوز الشاة ، لأن المنصوص عليه الهدي والشاة أدناه وتجزيه البقرة والبدنة أو سبعهما كما في الضحايا ، وليس المراد بما ذكرنا بعث الشاة بعينها ; لأن ذلك قد يتعذر بل له أن يبعث بالقيمة حتى تشترى الشاة هنالك وتذبح عنه ، وقوله ثم تحلل إشارة إلى أنه ليس عليه الحلق أو التقصير ، وهو قول الشافعي أبي حنيفة رحمهما الله. وقال ومحمد : عليه ذلك ولو لم يفعل لا شيء عليه ; لأنه عليه الصلاة والسلام حلق عام أبو يوسف الحديبية وكان محصرا بها وأمر أصحابه رضي الله عنهم بذلك ، ولهما أن الحلق إنما عرف قربة مرتبا على أفعال الحج فلا يكون نسكا قبلها ، وفعل النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه ليعرف استحكام عزيمتهم على الانصراف .
قال : ( وإن بعث بدمين ) لاحتياجه إلى التحلل من إحرامين ( فإن بعث بهدي واحد ليتحلل عن الحج ويبقى في إحرام العمرة لم يتحلل عن واحد منهما ) لأن التحلل منهما شرع في حالة واحدة . كان قارنا
[ ص: 272 - 277 ]