فصل :
في : كيفية الوقف على أواخر الكلم
للوقف في كلام العرب أوجه متعددة والمستعمل منها عند أئمة القراءة تسعة : السكون ، والروم ، والإشمام ، والإبدال ، والنقل ، والإدغام ، والحذف ، والإثبات ، والإلحاق .
فأما السكون : فهو الأصل في الوقف على الكلمة المحركة وصلا ; لأن معنى الوقف : الترك والقطع ، ولأنه ضد الابتداء فكما لا يبتدأ بساكن لا يوقف على متحرك ، وهو اختيار كثير من القراء .
وأما الروم : فهو عند القراء عبارة ، عن النطق ببعض الحركة ، وقال بعضهم : تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها . قال ابن الجزري : وكلا القولين واحد . ويختص [ ص: 293 ] بالمرفوع والمجزوم والمضموم والمكسور . بخلاف المفتوح ; لأن الفتحة خفيفة ، إذا خرج بعضها خرج سائرها ، فلا تقبل التبعيض .
وأما الإشمام : فهو عبارة ، عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت . وقيل : أن تجعل شفتيك على صورتها . وكلاهما واحد .
ويختص بالضمة ، سواء كانت حركة إعراب أم بناء إذا كانت لازمة ، أما العارضة ، وميم الجمع عند من ضم ، وهاء التأنيث : فلا روم في ذلك ولا إشمام .
وقيد ابن الجزري : هاء التأنيث بما يوقف عليها بالهاء ، بخلاف ما يوقف عليها بالتاء للرسم .
ثم إن الوقف بالروم والإشمام ورد عن أبي عمر والكوفيين نصا ، ولم يأت ، عن الباقين فيه شيء ، واستحبه أهل الأداء في قراءتهم أيضا .
وفائدته : بيان الحركة التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه ; ليظهر للسامع أو الناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها .
وأما الإبدال : ففي الاسم المنصوب المنون ، يوقف عليه بالألف بدلا من التنوين ومثله ( إذن ) . وفي الاسم المفرد المؤنث بالتاء ، يوقف عليه بالهاء بدلا منها . وفيما آخره همزة متطرفة بعد حركة أو ألف ، فإنه يوقف عليه عند حمزة بإبدالها حرف مد من جنس ما قبلها ، ثم إن كان ألفا جاز حذفها نحو : اقرءوا [ العلق : 1 ] و نبئ [ الحجر : 49 ] و يبدأ [ الروم : 11 ] . و إن امرؤ [ النساء : 176 ] ، و من شاطئ [ القصص : 30 ] و يشاء [ التكوير : 29 ] ، و من السماء [ البقرة : 22 ] ، و من ماء [ النور : 45 ] .
وأما النقل : ففيما آخره همزة بعد ساكن ، فإنه يوقف عليه عند حمزة بنقل حركتها إليه فيحرك بها ، ثم تحذف هي ، سواء :
أكان الساكن صحيحا ، نحو : دفء [ النحل : 5 ] ملء [ آل عمران : 91 ] . ينظر المرء [ عم : 40 ] لكل باب منهم جزء [ الحجر : 44 ] بين المرء وقلبه [ الأنفال : 24 ] و بين المرء وزوجه [ البقرة : 102 ] يخرج الخبء [ النمل : 25 ] ولا ثامن لها .
أم ياء أو واوا أصليتين ، سواء كانتا حرف مد ، نحو : المسيء وجيء [ الزمر : 69 ] و يضيء [ النور : 35 ] . أن تبوء [ المائدة : 29 ] لتنوء [ القصص : 76 ] وما عملت من سوء [ آل عمران : 30 ] أم لين ، نحو : شيء ، قوم سوء [ الأنبياء : 77 ] . مثل السوء [ النحل : 60 ] .
[ ص: 294 ] وأما الإدغام : ففيما آخره همز بعد ياء أو واو زائدتين ، فإنه يوقف عليه عند حمزة أيضا بالإدغام بعد إبدال الهمز من جنس ما قبله ، نحو : النسيء [ التوبة : 37 ] و بريء [ التوبة : 3 ] و قروء [ البقرة : 228 ] .
وأما الحذف : ففي الياءات الزوائد عند من يثبتها وصلا ، ويحذفها وقفا . وياءات الزوائد - وهي التي لم ترسم - مائة وإحدى وعشرون ، منها : خمس وثلاثون في حشو الآي ، والباقي في رءوس الآي .
فنافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر : يثبتونها في الوصل دون الوقف .
وابن كثير ويعقوب : يثبتان في الحالين .
وابن عامر وعاصم وخلف : يحذفون في الحالين .
وربما خرج بعضهم عن أصله في بعضها .
وأما الإثبات : ففي الياءات المحذوفات وصلا عند من يثبتها وقفا ، نحو : هاد و وال و واق و باق .
وأما الإلحاق : فما يلحق آخر الكلم من هاءات السكت عند من يلحقها في : عم و فيم و بم و لم و مم .
والنون المشددة من جمع الإناث ، نحو : هن و مثلهن .
والنون المفتوحة ، نحو : العالمين و الذين و المفلحون .
والمشدد المبني ، نحو : ألا تعلوا علي [ النمل : 31 ] . و خلقت بيدي [ ص : 75 ] و بمصرخي [ إبراهيم : 22 ] و لدي [ النمل : 10 ] .
قاعدة : أجمعوا على . إلا أنه ورد عنهم اختلاف في أشياء بأعيانها ، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء ، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره ، وبإثبات الياء في مواضع لم ترسم بها ، والواو في : لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالا وإثباتا ، وحذفا ووصلا وقطعا ويدع الإنسان [ الإسراء : 11 ] يوم يدع الداع [ القمر : 6 ] سندع الزبانية [ العلق : 18 ] و ويمح الله الباطل [ الشورى : 24 ] . والألف في أيها المؤمنون [ النور : 31 ] أيها الساحر [ الزخرف : 49 ] أيها الثقلان [ الرحمن : 31 ] .
وتحذف النون في : وكأين حيث وقع فإن أبا عمرو يقف عليه بالياء ويصل أيا ما في [ الإسراء : 110 ] . و مال في [ النساء : 78 ] والكهف [ 49 ] والفرقان [ 7 ] وسأل [ 36 ] وقطع ويكأن . . . ويكأنه [ القصص : 82 ] . ألا يسجدوا [ النمل : 25 ] . ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع .