( الوظيفة الثالثة - ) ويجب على كل من لا يقف على كنه هذه المعاني وحقيقتها ولم يعرف تأويلها والمعنى المراد به أن يقر بالعجز ، فإن التصديق واجب وهو عن دركه عاجز ، فإن ادعى المعرفة فقد كذب ، وهذا معنى قول الاعتراف بالعجز مالك : الكيفية مجهولة ; يعني : تفصيل المراد به غير معلوم ، بل الراسخون في العلم والعارفون من الأولياء إن جاوزوا في المعرفة حدود العوام وجالوا في ميدان المعرفة وقطعوا من بواديها أميالا كثيرة ، فما بقي لهم مما لم يبلغوه - وهو بين أيديهم - أكثر ، بل لا نسبة لما طوي عنهم إلى ما كشف لهم لكثرة المطوي وقلة المكشوف بالإضافة إليه وبالإضافة إلى المطوي المستور .
قال سيد الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليه - : وبالإضافة إلى المكشوف قال - صلوات الله عليه - : لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك أعرفكم بالله أخوفكم لله ، وأنا أعرفكم بالله ولأجل كون العجز والقصور ضروريا في آخر الأمر بالإضافة إلى منتهى الحال ، قال سيد الصديقين : " العجز عن درك الإدراك إدراك " فأوائل حقائق هذه المعاني بالإضافة إلى عوام الخلق كأواخرها بالإضافة إلى خواص الخلق فكيف لا يجب عليهم الاعتراف بالعجز ؟