nindex.php?page=treesubj&link=31848إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - مع الملائكة عليهم السلام .
ذكر
إبراهيم - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله - في 24 سورة من القرآن ، منها ما هو في قصته مع أبيه وقومه في وطنه مجملا ومفصلا على ما علمناه من سنة القرآن ، ومنها ما هو في بيان إمامته وكون ملته أساس دين الله - تعالى - على ألسنة رسله من عهده إلى خاتمهم - عليهم الصلاة والسلام - ومنها ما هو في بشارته بولديه
إسماعيل فإسحاق - عليهما السلام - وما وعده الله له ولهما ولذريتهما ، وما هو خاص
بإسماعيل وقومه العرب من بناء
البيت الحرام وإسكانه هنالك ، ومنها ما هو في بشارة الملائكة إياه
بإسحاق وإخباره بإهلاك
قوم لوط ، ومنه هذه الآيات .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69nindex.php?page=treesubj&link=28982ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ( 69 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ( 70 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ( 71 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72قالت ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب ( 72 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ( 73 ) .
[ ص: 106 ] هذه الآيات الخمس خاصة
nindex.php?page=treesubj&link=34021_31848ببشارة الملائكة لإبراهيم وامرأته بإسحاق ويعقوب .
- ولقد جاءت رسلنا
إبراهيم بالبشرى - خبر مؤكد بالقسم لغرابته عند العرب ، معطوف على قوله - تعالى - : ولقد أرسلنا
نوحا : 25 أو على ما عطف عليه من أول السورة لا على ما قبله مباشرة من قصة
صالح التي عطفت على قصة
هود لتماثلهما ، والمراد بالرسل : جماعة من الملائكة اختلفت الرواية فيهم ، فعن
عطاء أنهم
جبريل وميكائيل وإسرافيل - عليهم السلام - وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي أنهم
جبريل وسبعة أملاك معه ، وقيل غير ذلك ، وهو مما لا يعلم إلا بتوقيف من الوحي ولا توقيف فيه . وستذكر البشرى بعد التحية والضيافة : - قالوا سلاما - أي نسلم عليك سلاما ، أو ذكروا هذا اللفظ - قال سلام - أي : أمركم سلام ، أو عليكم سلام ، قال المفسرون : إن الرفع أبلغ من النصب ; فقد حياهم بأحسن من تحيتهم ، أي على عادته ودأبه في إكرام الضيف وظن أنهم أضياف -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69فما لبث أن جاء بعجل حنيذ - أي : ما مكث وما أبطأ عن مجيئه إياهم بعجل سمين حنيذ : أي مشوي بالرضف وهي الحجارة المحمية - والمشوي عليها يكون أنظف من المشوي على النار وألذ طعما ، وقد اهتدى البشر إلى شي اللحم من صيد وغيره على الحجارة المحمية بحر الشمس قبل اهتدائهم لطبخه بالنار ، وفي سورة الذاريات بعد السلام : -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=26فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=27فقربه إليهم قال ألا تأكلون - 51 : 16 و 27 وهو نص في المبادرة إلى الإتيان به بدون مهلة كأنه كان مشويا معدا لمن يجيء من الضيف ، أو شوي عند وصولهم من غير تريث .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فلما رأى أيديهم لا تصل إليه - أي لا تمتد إليه للتناول منه كما يمد الآكل يده إلى الطعام - نكرهم وأوجس منهم خيفة - نكر الشيء ( كعلم وتعب ) وأنكره ضد عرفه ، أي نكر ذلك منهم ووجده على غير ما يعهد من الضيف ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=24552الضيف لا يمتنع من طعام المضيف إلا لريبة أو قصد سيء ، وأحس في نفسه خيفة منهم وفزعا ، أو أدرك ذلك وأضمره إذ شعر أنهم ليسوا بشرا ، أو أنهم ربما كانوا من ملائكة العذاب والوجس ( كالوعد ) الصوت الخفي ، ويطلق على ما يعتري النفس من الشعور والخواطر عند الفزع - قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى
قوم لوط - أي : قالوا وقد علموا ما يساور نفسه من الوجس : لا تخف فنحن لا نريد بك سوءا ، وإنما أرسلنا إلى
قوم لوط لإهلاكهم ،
ولوط ابن أخيه
nindex.php?page=treesubj&link=31878_34020وأول من آمن به ، وكان مكانه من مهاجره قريبا من مكانه ، وفي سورة الحجر أنه صارحهم بخوفه ووجله منهم ، فطمأنوه بأنهم مبشرون له بغلام عليم 15 : 53 وكذا في سورة الذاريات - قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم 51 : 28 وفيها أنه بعد البشارة له سألهم عن خطبهم وما جاءوا لأجله فأخبروه فجادلهم فيه كما يذكر هنا مجملا .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28982وامرأته قائمة فضحكت - وكانت
امرأة إبراهيم في تلك الحال قائمة أي : واقفة -
[ ص: 107 ] ولعل قيامها كان للخدمة - فضحكت . قيل : تعجبا مما رأت وسمعت ، وقيل : سرور بالأمن من الخوف أو بقرب عذاب
قوم لوط لكراهتها لسيرتهم الخبيثة ، وقيل : تعجبا من البشارة بالولد ، وهذا يكون أولى إن كانت البشارة قبل الضحك ، والظاهر أنها بعده لعطفها عليه بالفاء وهو - فبشرناها
بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب - وزعم
الفراء أن فيه تقديما وتأخيرا ، ولا مقتضى ولا مصوغ له ; لأن لضحكها أسباب ذكرنا بعضها وزاد غيرنا عليها ، على أن بشارتها كانت بالتبع لبشارة بعلها وهو المقصود بالذات ، وصرح به في سور : الحجر ، والصافات ، والذاريات خاصا به ، أي بشرناها بالتبع لتبشيره
بإسحاق ، ومن بعد
إسحاق يعقوب ، يعني أنه سيكون
لإسحاق ولد أيضا . قرأ
ابن عامر وحمزة وحفص (
يعقوب ) منصوبا بفعل مقدر تفسره قرينة الكلام كوهبناها من وراء
إسحاق يعقوب ، كما قال : - ووهبنا له
إسحاق ويعقوب - 6 : 84 وقرأه الباقون مرفوعا بالابتداء ، والتقدير : ويعقوب من وراء
إسحاق ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الوراء ولد الولد .
- قالت يا ويلتا - أصلها يا ويلي ( كما قال : يا عجبا بدل : يا عجبي ) وهي كلمة تقال عندما يفجأ الإنسان أمر مهم من بلية أو فجيعة أو فضيحة تعجبا منه أو استكبارا له أو شكوى منه ، وأكثر ما يجري على ألسنة النساء قديما وحديثا ، ونساء مصر يقلن : " يا دهوتي " -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72أألد وأنا عجوز - عقيم لا يلد مثلها -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72وهذا بعلي - وأشارت إليه - كما ترون - شيخا - كبيرا لا يولد لمثله - إن هذا - الذي بشرتمونا به ، - لشيء عجيب - في سفر التكوين أن
إبراهيم كان عمره يومئذ مائة سنة ، وأن زوجه
سارة هذه كانت ابنة تسعين سنة ومثلها لا يلد ، بل الغالب أن ينقطع حيض المرأة في سن الخمسين فيبطل استعدادها للحمل والولادة ، على أنها كانت عقيما كما في سورة الذاريات . فأما الرجال فلا يزال يوجد في المعمرين منهم من يولد له في سن المائة وما بعدها ولكنه نادر . وقد حدثتنا صحف الأخبار عن رجل تركي منهم اسمه (
زارو أغا ) مات في هذا العام ( 1353 هـ ) عن مائة وخمسة وثلاثين عاما . ثم عن رجل عربي في
العراق قريب من عمره لا يزال حيا وقد ولد لكل منهما بعد المائة ، ثم عن رجل عربي سوري من مجدل زوين التابع لقضاء صور اسمه :
السيد حسين هاشم عمره 125 سنة بشهادة المحكمة الشرعية ومختار بلدته ، وهو لا يزال منتصب القامة جيد الصحة قوي الذاكرة ، وقد تزوج أولا وهو في سن العشرين ، وثانيا وهو في العشرين بعد المائة ، رزق من الأولى 14 ولدا منهم 12 ذكرا ومن الثانية ولدا واحدا ، ويعيش عيشة فطرية إسلامية .
والظاهر أن
سارة علمت من حال بعلها أنه بعد ولادة
هاجر لابنه
إسماعيل بزمن قريب
[ ص: 108 ] أو بعيد فقد الاستعداد لإتيان النساء ، أو كانت تعتقد كما يعتقد أن مثله في تلك السن لا يولد له ، فقد قال هو للملائكة : -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون - 15 : 54 ويكفي في خرق العادة أن يكون من قيلها هي ولذلك أنكروا عليها .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قالوا أتعجبين من أمر الله - هذا الاستفهام إنكار لاستفهامها التعجبي ، أي لا ينبغي لك أن تعجبي من شيء هو من أمر الله الذي لا يعجزه شيء ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون - 36 : 82 وإنما يصح العجب من وقوع ما يخالف سنته - تعالى - في خلقه ، إذا لم يكن واضع السنن ونظام الأسباب هو الذي أراد أن يستثني منها واقعة يجعلها من آياته ; لحكمة من حكمه في عباده : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت - هذه جملة دعائية استجيبت ، فمعناه الذي فسره الزمان إلى الآن : رحمة الله الخاصة وبركاته الكثيرة الواسعة عليكم يا معشر أهل بيت النبوة والرسالة ، تتصل وتتسلسل في نسلكم وذريتكم إلى يوم القيامة ، فلا محل للعجب أن يكون من آياته - تعالى - أن يهب رسوله وخليله الولد منكما في كبركما وشيخوختكما ، فما هي بأول آياته له وقد نجاه من نار قومه الظالمين ، وآواه إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين .
وهذه الرحمة والبركات والسلام عليهم ، إرث أو تجديد لما هبط به
نوح من السلام والبركات عليه " وعلى أمم ممن معه " كما تقدم في الآية ( 48 ) -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73إنه حميد مجيد - إنه - جل جلاله - مستوجب لأنواع الثناء والحمد ، حقيق بأسنى غايات المجد ، وبتأثيلهما لأهل البيت . والجملة تعليل لما قبلها ، وأصل المجد في اللغة أن تقع إبل في أرض واسعة المرعى ، يقال : مجدت تمجد ( من باب نصر ) مجدا ومجادة ، وأمجدها الراعي ، والمجد في البيوت والأنساب ما يعده الرجل من سعة كرم آبائه وكثرة نوالهم ، ووصف الله كتابه بالمجيد كما وصف نفسه به لسعة هداية كتابه ، وسعة كرمه وفضله على عباده ، ومن هذه الآية أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء الصلاة الذي أمر به أمته عقب التشهد الأخير من الصلاة .
nindex.php?page=treesubj&link=31848إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ .
ذُكِرَ
إِبْرَاهِيمُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - فِي 24 سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، مِنْهَا مَا هُوَ فِي قِصَّتِهِ مَعَ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ فِي وَطَنِهِ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا عَلَى مَا عَلِمْنَاهُ مِنْ سُنَّةِ الْقُرْآنِ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي بَيَانِ إِمَامَتِهِ وَكَوْنِ مِلَّتِهِ أَسَاسَ دِينِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى خَاتَمِهِمْ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي بِشَارَتِهِ بِوَلَدَيْهِ
إِسْمَاعِيلَ فَإِسْحَاقَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ لَهُ وَلَهُمَا وَلِذُرِّيَّتِهِمَا ، وَمَا هُوَ خَاصٌّ
بِإِسْمَاعِيلَ وَقَوْمِهِ الْعَرَبِ مِنْ بِنَاءِ
الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَإِسْكَانِهِ هُنَالِكَ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي بِشَارَةِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُ
بِإِسْحَاقَ وَإِخْبَارِهِ بِإِهْلَاكِ
قَوْمِ لُوطٍ ، وَمِنْهُ هَذِهِ الْآيَاتُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69nindex.php?page=treesubj&link=28982وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ( 69 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ ( 70 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ( 71 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ( 72 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ( 73 ) .
[ ص: 106 ] هَذِهِ الْآيَاتُ الْخَمْسُ خَاصَّةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=34021_31848بِبِشَارَةِ الْمَلَائِكَةِ لِإِبْرَاهِيمَ وَامْرَأَتِهِ بِإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ .
- وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا
إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى - خَبَرٌ مُؤَكَّدٌ بِالْقَسَمِ لِغَرَابَتِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ ، مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
نُوحًا : 25 أَوْ عَلَى مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مُبَاشَرَةً مِنْ قِصَّةِ
صَالِحٍ الَّتِي عُطِفَتْ عَلَى قِصَّةِ
هُودٍ لِتَمَاثُلِهِمَا ، وَالْمُرَادُ بِالرُّسُلِ : جَمَاعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِمْ ، فَعَنْ
عَطَاءٍ أَنَّهُمْ
جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُمْ
جِبْرِيلُ وَسَبْعَةُ أَمْلَاكٍ مَعَهُ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنَ الْوَحْيِ وَلَا تَوْقِيفَ فِيهِ . وَسَتُذْكَرُ الْبُشْرَى بَعْدَ التَّحِيَّةِ وَالضِّيَافَةِ : - قَالُوا سَلَامًا - أَيْ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ سَلَامًا ، أَوْ ذَكَرُوا هَذَا اللَّفْظَ - قَالَ سَلَامٌ - أَيْ : أَمْرُكُمْ سَلَامٌ ، أَوْ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : إِنَّ الرَّفْعَ أَبْلَغُ مِنَ النَّصْبِ ; فَقَدْ حَيَّاهُمْ بِأَحْسَنَ مِنْ تَحِيَّتِهِمْ ، أَيْ عَلَى عَادَتِهِ وَدَأْبِهِ فِي إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَظَنَّ أَنَّهُمْ أَضْيَافٌ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ - أَيْ : مَا مَكَثَ وَمَا أَبْطَأَ عَنْ مَجِيئِهِ إِيَّاهُمْ بِعِجْلٍ سَمِينٍ حَنِيذٍ : أَيْ مَشْوِيٍّ بِالرَّضْفِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمَحْمِيَّةُ - وَالْمَشْوِيُّ عَلَيْهَا يَكُونُ أَنْظَفُ مِنَ الْمَشْوِيِّ عَلَى النَّارِ وَأَلَذُّ طَعْمًا ، وَقَدِ اهْتَدَى الْبَشَرُ إِلَى شَيِّ اللَّحْمِ مِنْ صَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى الْحِجَارَةِ الْمَحْمِيَّةِ بِحَرِّ الشَّمْسِ قَبْلَ اهْتِدَائِهِمْ لِطَبْخِهِ بِالنَّارِ ، وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ بَعْدَ السَّلَامِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=26فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=27فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ - 51 : 16 و 27 وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْإِتْيَانِ بِهِ بِدُونِ مُهْلَةٍ كَأَنَّهُ كَانَ مَشْوِيًّا مُعَدًّا لِمَنْ يَجِيءُ مِنَ الضَّيْفِ ، أَوْ شُوِيَ عِنْدَ وُصُولِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَيُّثٍ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=70فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ - أَيْ لَا تَمْتَدُّ إِلَيْهِ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهُ كَمَا يَمُدُّ الْآكِلُ يَدَهُ إِلَى الطَّعَامِ - نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً - نَكِرَ الشَّيْءَ ( كَعَلِمَ وَتَعِبَ ) وَأَنْكَرَهُ ضِدُّ عَرَفَهُ ، أَيْ نَكِرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَوَجَدَهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَعْهَدُ مِنَ الضَّيْفِ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24552الضَّيْفَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ طَعَامِ الْمُضِيفِ إِلَّا لِرِيبَةٍ أَوْ قَصْدٍ سَيِّءٍ ، وَأَحَسَّ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مِنْهُمْ وَفَزَعًا ، أَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ وَأَضْمَرَهُ إِذْ شَعَرَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا بَشَرًا ، أَوْ أَنَّهُمْ رُبَّمَا كَانُوا مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ وَالْوَجْسِ ( كَالْوَعْدِ ) الصَّوْتِ الْخَفِيِّ ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَعْتَرِي النَّفْسَ مِنَ الشُّعُورِ وَالْخَوَاطِرِ عِنْدَ الْفَزَعِ - قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى
قَوْمِ لُوطٍ - أَيْ : قَالُوا وَقَدْ عَلِمُوا مَا يُسَاوِرُ نَفْسَهُ مِنَ الْوَجْسِ : لَا تَخَفْ فَنَحْنُ لَا نُرِيدُ بِكَ سُوءًا ، وَإِنَّمَا أُرْسِلْنَا إِلَى
قَوْمِ لُوطٍ لِإِهْلَاكِهِمْ ،
وَلُوطٌ ابْنُ أَخِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31878_34020وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَكَانَ مَكَانُهُ مِنْ مُهَاجَرِهِ قَرِيبًا مِنْ مَكَانِهِ ، وَفِي سُورَةِ الْحِجْرِ أَنَّهُ صَارَحَهُمْ بِخَوْفِهِ وَوَجَلِهِ مِنْهُمْ ، فَطَمْأَنُوهُ بِأَنَّهُمْ مُبَشِّرُونَ لَهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ 15 : 53 وَكَذَا فِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ - قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ 51 : 28 وَفِيهَا أَنَّهُ بَعْدَ الْبِشَارَةِ لَهُ سَأَلَهُمْ عَنْ خَطْبِهِمْ وَمَا جَاءُوا لِأَجْلِهِ فَأَخْبَرُوهُ فَجَادَلَهُمْ فِيهِ كَمَا يُذْكَرُ هُنَا مُجْمَلًا .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28982وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ - وَكَانَتِ
امْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَائِمَةً أَيْ : وَاقِفَةً -
[ ص: 107 ] وَلَعَلَّ قِيَامَهَا كَانَ لِلْخِدْمَةِ - فَضَحِكَتْ . قِيلَ : تَعَجُّبًا مِمَّا رَأَتْ وَسَمِعَتْ ، وَقِيلَ : سُرُورٌ بِالْأَمْنِ مِنَ الْخَوْفِ أَوْ بِقُرْبِ عَذَابِ
قَوْمِ لُوطٍ لِكَرَاهَتِهَا لِسِيرَتِهِمُ الْخَبِيثَةِ ، وَقِيلَ : تَعَجُّبًا مِنَ الْبِشَارَةِ بِالْوَلَدِ ، وَهَذَا يَكُونُ أَوْلَى إِنْ كَانَتِ الْبِشَارَةُ قَبْلَ الضَّحِكِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَعْدَهُ لِعَطْفِهَا عَلَيْهِ بِالْفَاءِ وَهُوَ - فَبَشَّرْنَاهَا
بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ - وَزَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا ، وَلَا مُقْتَضَى وَلَا مُصَوِّغَ لَهُ ; لِأَنَّ لِضَحِكِهَا أَسْبَابٌ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا وَزَادَ غَيْرُنَا عَلَيْهَا ، عَلَى أَنَّ بِشَارَتَهَا كَانَتْ بِالتَّبَعِ لِبِشَارَةِ بَعْلِهَا وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي سُوَرِ : الْحِجْرِ ، وَالصَّافَّاتِ ، وَالذَّارِيَاتِ خَاصًّا بِهِ ، أَيْ بَشَّرْنَاهَا بِالتَّبَعِ لِتَبْشِيرِهِ
بِإِسْحَاقَ ، وَمِنْ بَعْدِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ، يَعْنِي أَنَّهُ سَيَكُونُ
لِإِسْحَاقَ وَلَدٌ أَيْضًا . قَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ (
يَعْقُوبَ ) مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ تُفَسِّرُهُ قَرِينَةُ الْكَلَامِ كَوَهَبْنَاهَا مِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ، كَمَا قَالَ : - وَوَهَبَنَا لَهُ
إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ - 6 : 84 وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَيَعْقُوبُ مِنْ وَرَاءِ
إِسْحَاقَ ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَرَاءَ وَلَدُ الْوَلَدِ .
- قَالَتْ يَا وَيْلَتَا - أَصْلُهَا يَا وَيْلِي ( كَمَا قَالَ : يَا عَجَبًا بَدَلَ : يَا عَجَبِي ) وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَمَا يَفْجَأُ الْإِنْسَانَ أَمْرٌ مُهِمٌّ مِنْ بَلِيَّةٍ أَوْ فَجِيعَةٍ أَوْ فَضِيحَةٍ تَعَجُّبًا مِنْهُ أَوِ اسْتِكْبَارًا لَهُ أَوْ شَكْوَى مِنْهُ ، وَأَكْثَرُ مَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النِّسَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، وَنِسَاءِ مِصْرَ يَقُلْنَ : " يَا دَهْوَتِي " -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ - عَقِيمٌ لَا يَلِدُ مِثْلُهَا -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72وَهَذَا بَعْلِي - وَأَشَارَتْ إِلَيْهِ - كَمَا تَرَوْنَ - شَيْخًا - كَبِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ - إِنَّ هَذَا - الَّذِي بَشَّرْتُمُونَا بِهِ ، - لَشَيْءٌ عَجِيبٌ - فِي سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ كَانَ عُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ مِائَةَ سَنَةٍ ، وَأَنَّ زَوْجَهُ
سَارَةَ هَذِهِ كَانَتِ ابْنَةَ تِسْعِينَ سَنَةً وَمِثْلُهَا لَا يَلِدُ ، بَلِ الْغَالِبُ أَنْ يَنْقَطِعَ حَيْضُ الْمَرْأَةِ فِي سِنِّ الْخَمْسِينَ فَيَبْطُلُ اسْتِعْدَادُهَا لِلْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ ، عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَقِيمًا كَمَا فِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ . فَأَمَّا الرِّجَالُ فَلَا يَزَالُ يُوجَدُ فِي الْمُعَمِّرِينَ مِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ لَهُ فِي سِنِّ الْمِائَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ . وَقَدْ حَدَّثَتْنَا صُحُفُ الْأَخْبَارِ عَنْ رَجُلٍ تُرْكِيٍّ مِنْهُمْ اسْمُهُ (
زَارُو أَغَا ) مَاتَ فِي هَذَا الْعَامِ ( 1353 هـ ) عَنْ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ عَامًا . ثُمَّ عَنْ رَجُلٍ عَرَبِيٍّ فِي
الْعِرَاقِ قَرِيبٍ مِنْ عُمْرِهِ لَا يَزَالُ حَيًّا وَقَدْ وُلِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ عَنْ رَجُلٍ عَرَبِيٍّ سُورِيٍّ مِنْ مَجْدَلِ زَوِينَ التَّابِعِ لِقَضَاءِ صُورَ اسْمُهُ :
السَّيِّدُ حُسَيْن هَاشِم عُمْرُهُ 125 سَنَةً بِشَهَادَةِ الْمَحْكَمَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمُخْتَارِ بَلْدَتِهِ ، وَهُوَ لَا يَزَالُ مُنْتَصِبَ الْقَامَةِ جَيِّدَ الصِّحَّةِ قَوِيَّ الذَّاكِرَةِ ، وَقَدْ تَزَوَّجَ أَوَّلًا وَهُوَ فِي سَنِّ الْعِشْرِينَ ، وَثَانِيًا وَهُوَ فِي الْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ ، رُزِقَ مِنَ الْأُولَى 14 وَلَدًا مِنْهُمْ 12 ذَكَرًا وَمِنَ الثَّانِيَةِ وَلَدًا وَاحِدًا ، وَيَعِيشُ عِيشَةً فِطْرِيَّةً إِسْلَامِيَّةً .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ
سَارَّةَ عَلِمَتْ مِنْ حَالِ بَعْلِهَا أَنَّهُ بَعْدَ وِلَادَةِ
هَاجَرَ لِابْنِهِ
إِسْمَاعِيلَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ
[ ص: 108 ] أَوْ بَعِيدٍ فَقَدَ الِاسْتِعْدَادَ لِإِتْيَانِ النِّسَاءِ ، أَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ كَمَا يُعْتَقَدُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي تِلْكَ السِّنِّ لَا يُولَدُ لَهُ ، فَقَدْ قَالَ هُوَ لِلْمَلَائِكَةِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ - 15 : 54 وَيَكْفِي فِي خَرْقِ الْعَادَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيلِهَا هِيَ وَلِذَلِكَ أَنْكَرُوا عَلَيْهَا .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ - هَذَا الِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارٌ لِاسْتِفْهَامِهَا التَّعَجُّبِيِّ ، أَيْ لَا يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تَعْجَبِي مِنْ شَيْءٍ هُوَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ - 36 : 82 وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْعَجَبُ مِنْ وُقُوعِ مَا يُخَالِفُ سُنَّتَهُ - تَعَالَى - فِي خَلْقِهِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاضِعُ السُّنَنِ وَنِظَامِ الْأَسْبَابَ هُوَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا وَاقِعَةً يَجْعَلُهَا مِنْ آيَاتِهِ ; لِحِكْمَةٍ مِنْ حِكَمِهِ فِي عِبَادِهِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ - هَذِهِ جُمْلَةٌ دُعَائِيَّةٌ اسْتُجِيبَتْ ، فَمَعْنَاهُ الَّذِي فَسَّرَهُ الزَّمَانُ إِلَى الْآنِ : رَحْمَةُ اللَّهِ الْخَاصَّةُ وَبَرَكَاتُهُ الْكَثِيرَةُ الْوَاسِعَةُ عَلَيْكُمْ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ ، تَتَّصِلُ وَتَتَسَلْسَلُ فِي نَسْلِكُمْ وَذُرِّيَّتِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَلَا مَحَلَّ لِلْعَجَبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ آيَاتِهِ - تَعَالَى - أَنْ يَهَبَ رَسُولَهُ وَخَلِيلَهُ الْوَلَدَ مِنْكُمَا فِي كِبَرِكُمَا وَشَيْخُوخَتِكُمَا ، فَمَا هِيَ بِأَوَّلِ آيَاتِهِ لَهُ وَقَدْ نَجَّاهُ مِنْ نَارِ قَوْمِهِ الظَّالِمِينَ ، وَآوَاهُ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكَ فِيهَا لِلْعَالَمِينَ .
وَهَذِهِ الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَاتُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ ، إِرْثٌ أَوْ تَجْدِيدٌ لِمَا هَبَطَ بِهِ
نُوحٌ مِنَ السَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ عَلَيْهِ " وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَهُ " كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ ( 48 ) -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ - إِنَّهُ - جَلَّ جَلَالُهُ - مُسْتَوْجِبٌ لِأَنْوَاعِ الثَّنَاءِ وَالْحَمْدِ ، حَقِيقٌ بِأَسْنَى غَايَاتِ الْمَجْدِ ، وَبِتَأْثِيلِهِمَا لِأَهْلِ الْبَيْتِ . وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهَا ، وَأَصْلُ الْمَجْدِ فِي اللُّغَةِ أَنْ تَقَعَ إِبِلٌ فِي أَرْضٍ وَاسِعَةِ الْمَرْعَى ، يُقَالُ : مَجَدَتْ تَمْجُدُ ( مِنْ بَابِ نَصَرَ ) مَجْدًا وَمُجَادَةً ، وَأَمْجَدَهَا الرَّاعِي ، وَالْمَجْدُ فِي الْبُيُوتِ وَالْأَنْسَابِ مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ سَعَةِ كَرَمِ آبَائِهِ وَكَثْرَةِ نَوَالِهِمْ ، وَوَصَفَ اللَّهُ كِتَابَهُ بِالْمَجِيدِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ بِهِ لِسَعَةِ هِدَايَةِ كِتَابِهِ ، وَسَعَةِ كَرَمِهِ وَفَضْلِهِ عَلَى عِبَادِهِ ، وَمِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُعَاءَ الصَّلَاةِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ أُمَّتَهُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مِنَ الصَّلَاةِ .