nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28979_29676_29675واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض قيل : إن الخطاب
للمهاجرين يذكرهم بما كان من ضعفهم وقلتهم
بمكة - وقيل : إنه للمؤمنين كافة في عهد نزول السورة ، يذكرهم بما كان من ضعف أمتهم العربية في جزيرتهم بين الدول القوية من
الروم والفرس ، ولا مانع فيه من إرادة هذا وذاك معا . فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26تخافون أن يتخطفكم الناس أي: تخافون من أول الإسلام إلى وقت الهجرة أن يتخطفكم مشركو قومكم من
قريش وغيرها من العرب ، أي أن ينتزعوكم بسرعة فيفتكوا بكم - كما كان يتخطف بعضهم بعضا خارج الحرم ، وتتخطفهم الأمم من أطراف جزيرتهم . قال تعالى في
أهل الحرم :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم [ ص: 532 ] ( 29 : 67 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فآواكم يا معشر
المهاجرين إلى
الأنصار وأيدكم وإياهم بنصره في هذه الغزوة ، وسيؤيدكم على
الروم وفارس وغيرهم كما وعدكم في كتابه بالإجمال وبينه لكم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتصريح
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون هذه الثلاث وغيرها من نعمه ، فيزيدكم من فضله كما وعدكم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ( 14 : 7 ) .
وقد جاء في الدر المنثور من تفسير هذه الآية بالمأثور باختصار قليل ما نصه : أخرج
ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وأبو الشيخ عن
قتادة رضي الله عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26واذكروا إذ أنتم قليل الآية : " كان هذا الحي أذل الناس ذلا وأشقاه عيشا وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودا وأبينه ضلالة ، معكوفين على رأس حجر بين
فارس والروم ، لا والله ما في بلادهم ما يحسدون عليه ، من عاش منهم عاش شقيا ، ومن مات منهم ردي في النار ، يؤكلون ولا يأكلون ، لا والله ما نعلم قبيلا من حاضر الأرض يومئذ كان أشر منزلا منهم ، حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد ، ووسع به في الرزق ، وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس ، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم ، فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر وأهل الشكر في مزيد من الله - عز وجل - " .
وأخرج
ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26يتخطفكم الناس : في الجاهلية
بمكة nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فآواكم إلى الإسلام ، وأخرج
أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
في قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس قيل : يا رسول الله ومن الناس ؟ قال : " أهل فارس " وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فآواكم قال : إلى
الأنصار بالمدينة nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وأيدكم بنصره قال : يوم
بدر اهـ .
ومن العبرة في الآيات أنها حجج تاريخية اجتماعية على كون الإسلام إصلاحا أورث ويورث من اهتدى به سعادة الدنيا والسيادة والسلطان فيها قبل الآخرة ، ولكن أعداءه - الجاحدين لهذا على علم - قد شوهوا تاريخه ، وصدوا الناس عنه بالباطل . وأن أهله قد هجروا كتابه ، وتركوا هدايته ، وجهلوا تاريخه ، ثم صاروا يقلدون أولئك الأعداء في الحكم عليه ، حتى زعموا أنه هو سبب جهلهم وضعفهم ، وزوال ملكهم الذي كان عقوبة من الله تعالى لخلفهم الطالح على تركه ، بعد تلك العقوبة لسلفهم الصالح على الفتنة بالتنازع على ملكه . فإلى متى أيها المسلمون ؟ إنا لله وإنا إليه راجعون ! .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28979_29676_29675وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ قِيلَ : إِنَّ الْخِطَابَ
لِلْمُهَاجِرِينَ يُذَكِّرُهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ ضَعْفِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ
بِمَكَّةَ - وَقِيلَ : إِنَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ كَافَّةً فِي عَهْدِ نُزُولِ السُّورَةِ ، يُذَكِّرُهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ ضَعْفِ أُمَّتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ فِي جَزِيرَتِهِمْ بَيْنَ الدُّوَلِ الْقَوِيَّةِ مِنَ
الرُّومِ وَالْفُرْسِ ، وَلَا مَانِعَ فِيهِ مِنْ إِرَادَةِ هَذَا وَذَاكَ مَعًا . فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ أَيْ: تَخَافُونَ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى وَقْتِ الْهِجْرَةِ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ مُشْرِكُو قَوْمِكُمْ مِنْ
قُرَيْشٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعَرَبِ ، أَيْ أَنْ يَنْتَزِعُوكُمْ بِسُرْعَةٍ فَيَفْتِكُوا بِكُمْ - كَمَا كَانَ يَتَخَطَّفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا خَارِجَ الْحَرَمِ ، وَتَتَخَطَّفُهُمُ الْأُمَمُ مِنْ أَطْرَافِ جَزِيرَتِهِمْ . قَالَ تَعَالَى فِي
أَهْلِ الْحَرَمِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=67أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [ ص: 532 ] ( 29 : 67 )
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فَآوَاكُمْ يَا مَعْشَرَ
الْمُهَاجِرِينَ إِلَى
الْأَنْصَارِ وَأَيَّدَكُمْ وَإِيَّاهُمْ بِنَصْرِهِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ ، وَسَيُؤَيِّدُكُمْ عَلَى
الرُّومِ وَفَارِسَ وَغَيْرِهِمْ كَمَا وَعَدَكُمْ فِي كِتَابِهِ بِالْإِجْمَالِ وَبَيَّنَهُ لَكُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّصْرِيحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هَذِهِ الثَّلَاثُ وَغَيْرُهَا مِنْ نِعَمِهِ ، فَيَزِيدُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( 14 : 7 ) .
وَقَدْ جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ مِنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْمَأْثُورِ بِاخْتِصَارٍ قَلِيلٍ مَا نَصُّهُ : أَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ
قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ الْآيَةَ : " كَانَ هَذَا الْحَيُّ أَذَلَّ النَّاسِ ذُلًّا وَأَشْقَاهُ عَيْشًا وَأَجْوَعَهُ بُطُونًا ، وَأَعْرَاهُ جُلُودًا وَأَبْيَنَهُ ضَلَالَةً ، مَعْكُوفِينَ عَلَى رَأْسِ حَجَرٍ بَيْنَ
فَارِسَ وَالرُّومِ ، لَا وَاللَّهِ مَا فِي بِلَادِهِمْ مَا يُحْسَدُونَ عَلَيْهِ ، مَنْ عَاشَ مِنْهُمْ عَاشَ شَقِيًّا ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رُدِّيَ فِي النَّارِ ، يُؤْكَلُونَ وَلَا يَأْكُلُونَ ، لَا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ قَبِيلًا مِنْ حَاضِرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ كَانَ أَشَرَّ مَنْزِلًا مِنْهُمْ ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَمَكَّنَ بِهِ فِي الْبِلَادِ ، وَوَسَّعَ بِهِ فِي الرِّزْقِ ، وَجَعَلَكُمْ بِهِ مُلُوكًا عَلَى رِقَابِ النَّاسِ ، وَبِالْإِسْلَامِ أَعْطَى اللَّهُ مَا رَأَيْتُمْ ، فَاشْكُرُوا لِلَّهِ نِعَمَهُ فَإِنَّ رَبَّكُمْ مُنْعِمٌ يُحِبُّ الشُّكْرَ وَأَهْلُ الشُّكْرِ فِي مَزِيدٍ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - " .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ : فِي الْجَاهِلِيَّةِ
بِمَكَّةَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فَآوَاكُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنِ النَّاسُ ؟ قَالَ : " أَهْلُ فَارِسَ " وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26فَآوَاكُمْ قَالَ : إِلَى
الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=26وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ قَالَ : يَوْمَ
بَدْرٍ اهـ .
وَمِنَ الْعِبْرَةِ فِي الْآيَاتِ أَنَّهَا حُجَجٌ تَارِيخِيَّةٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِسْلَامِ إِصْلَاحًا أَوْرَثَ وَيُورِثُ مَنِ اهْتَدَى بِهِ سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَالسِّيَادَةَ وَالسُّلْطَانَ فِيهَا قَبْلَ الْآخِرَةِ ، وَلَكِنَّ أَعْدَاءَهُ - الْجَاحِدِينَ لِهَذَا عَلَى عِلْمٍ - قَدْ شَوَّهُوا تَارِيخَهُ ، وَصَدُّوا النَّاسَ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ . وَأَنَّ أَهْلَهُ قَدْ هَجَرُوا كِتَابَهُ ، وَتَرَكُوا هِدَايَتَهُ ، وَجَهِلُوا تَارِيخَهُ ، ثُمَّ صَارُوا يُقَلِّدُونَ أُولَئِكَ الْأَعْدَاءَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ ، حَتَّى زَعَمُوا أَنَّهُ هُوَ سَبَبُ جَهْلِهِمْ وَضَعْفِهِمْ ، وَزَوَالِ مُلْكِهِمُ الَّذِي كَانَ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلَفِهِمُ الطَّالِحِ عَلَى تَرْكِهِ ، بَعْدَ تِلْكَ الْعُقُوبَةِ لِسَلَفِهِمُ الصَّالِحِ عَلَى الْفِتْنَةِ بِالتَّنَازُعِ عَلَى مُلْكِهِ . فَإِلَى مَتَى أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ ؟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! .