بعد الأمر بالاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن ، في سياق حصانة الأنفس من مس الشيطان ، أمرنا تعالى بالذكر العام الشامل للقرآن تلاوة وتدبرا ولغيره ، فإن كل نوع من أنواع ذكره تعالى حصن للنفس وتزكية لها فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24424_24422واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : إن الأمر بالذكر هنا موجه إلى مستمع القرآن أمر بأن يتدبر في نفسه ما يسمع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي : إن المراد بالذكر هنا الدعاء - والجمهور على أنه أمر عام كما تقدم ، وأن الخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه . والتضرع إظهار الضراعة ، وهي الذلة والضعف والخضوع بكثرة وشدة عناية . والخيفة حالة الخوف والخشية - أي واذكر ربك الذي خلقك ورباك بنعمه في نفسك بأن تستحضر معنى أسمائه وصفاته وآياته وآلائه وفضله عليك وحاجتك إليه متضرعا له خائفا منه ، راجيا نعمه - واذكره بلسانك مع ذكره في نفسك ذكرا دون الجهر برفع الصوت من القول ، وفوق التخافت والسر ، بل ذكرا قصدا وسطا - كما قال في آخر سورة الإسراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ( 17 : 110 ) ولا تحصل فائدة الذكر باللسان إلا مع ذكر القلب ، وهو ملاحظة معاني القول ، وكأي من ذي ورد يذكر الله ذكرا كثيرا يعد بالسبحة منه المئين أو الألوف ثم لا يفيده كل ذلك معرفة بالله ولا مراقبة له ، بل هو عادة تقارنها عادات أخرى منكرة شرعا . وما ذلك إلا أنه ذكر لساني محض لا حظ فيه للقلب . ذكر النفس وحده ينفع دائما ، وذكر اللسان وحده قلما ينفع ، وقد يكون في بعض الأحوال ذنبا . والأكمل الجمع بين
nindex.php?page=treesubj&link=24412ذكر اللسان والقلب .
[ ص: 465 ] وبعد أن بين تعالى صفة الذكر والذاكر بين وقته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24420بالغدو والآصال الغدو مصدر غدا يغدو - كعلا يعلو علوا - أي ذهب غدوة وهو أول النهار من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ثم توسع فيه حتى استعمل بمعنى الذهاب مطلقا - ويقابله الرواح وهو الرجوع - ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12غدوها شهر ورواحها شهر ( 34 : 12 ) والآصال جمع أصيل وهو العشي من وقت العصر إلى غروب الشمس ، فهو كقوله تعالى في سورة الأحزاب :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وسبحوه بكرة وأصيلا ( 33 : 41 ، 42 ) وقوله في سورة الدهر أو الإنسان
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( 76 : 25 ) وقوله في سورة آل عمران :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=41وسبح بالعشي والإبكار ( 3 : 41 ) وخص هذان الوقتان بالذكر; لأنهما طرفا النهار ، ومن افتتح نهاره بذكر الله ، واختتمه به كان جديرا بأن يراقبه تعالى ولا ينساه فيما بينهما ، وأهم الذكر فيهما صلاتا الفجر والعصر اللتان تحضرهما ملائكة الليل وملائكة النهار ، ويشهدان عند الله تعالى بما وجدا عليه العبد كما ورد في الصحيح .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205ولا تكن من الغافلين عن ذكره تعالى في سائر الأوقات ، وإنما يتسامح بقلة الذكر فيما بين البكرة والأصيل; لأنه وقت العمل للمعاش ، فمن غفل عن ذكره تعالى مرض قلبه ، وضعف إيمانه ، واستحوذ عليه الشيطان فأنساه نفسه ، ولله در القائل
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ونترك الذكر أحيانا فننتكس ثم عزز عز وجل هذا الأمر وهذا النهي بما يعد خير أسوة للإنسان ، وهو التشبه والمشاركة لملائكة الرحمن ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206nindex.php?page=treesubj&link=28978_29747_29737إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته أي: إن ملائكة الله المقربين ، الذين هم عنده كحملة عرشه والحافين به ومن شاء ، تقدس وتعالى بهذه العناية الشريفة التي لا يعلمها سواه ، وهم أعلى مقاما من الموكلين بالمخلوقات وتدبير نظامها كالسحاب والمطر والريح والجنة والنار - إن هؤلاء المقربين العالين عنده لا يستكبرون عن عبادته كما يستكبر عنها هؤلاء المشركون ، الذين عد بعضهم السجود لله تعالى حطة وضعة لا تحتمل
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206ويسبحونه أي ينزهونه عن كل ما لا يليق بعظمته وكبريائه وجلاله وجماله من اتخاذ الند والشريك والظهير والمساعد على الخلق والتدبير ، كما يفعل الذين اتخذوا من دونه شفعاء أندادا لله يحبونهم كحب الله ويعبدونهم مع الله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206وله يسجدون أي: وله وحده يصلون ويسجدون ، فلا يشركون معه أحدا ، فيجب أن يكون لكل مؤمن أسوة حسنة بخواص ملائكته ، وأقرب المقربين عنده تبارك اسمه وتعالى جده .
وقد شرع الله تعالى لنا السجود عند تلاوة هذه الآية أو سماعها إرغاما للمشركين واقتداء بالملائكة العالمين ، ومثلها آيات أخرى بمعناها في الجملة ، وهذه هي الأولى في ترتيب المصحف . ونسأله تعالى أن يجعلنا من خير الذاكرين له ، الشاكرين لنعمه المسبحين بحمده ، الساجدين له دون سائر خلقه ، وأن يوفقنا لإتمام تفسير كتابه إنه على كل شيء قدير .
بَعْدَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِمَاعِ وَالْإِصْغَاءِ لِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، فِي سِيَاقِ حَصَانَةِ الْأَنْفُسِ مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ ، أَمَرَنَا تَعَالَى بِالذِّكْرِ الْعَامِّ الشَّامِلِ لِلْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَتَدَبُّرًا وَلِغَيْرِهِ ، فَإِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ ذِكْرِهِ تَعَالَى حِصْنٌ لِلنَّفْسِ وَتَزْكِيَةٌ لَهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24424_24422وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : إِنَّ الْأَمْرَ بِالذِّكْرِ هُنَا مُوَجَّهٌ إِلَى مُسْتَمِعِ الْقُرْآنِ أُمِرَ بِأَنْ يَتَدَبَّرَ فِي نَفْسِهِ مَا يَسْمَعُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16574عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هُنَا الدُّعَاءُ - وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ عَامٌّ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَنَّ الْخِطَابَ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ . وَالتَّضَرُّعُ إِظْهَارُ الضَّرَاعَةَ ، وَهِيَ الذِّلَّةُ وَالضَّعْفُ وَالْخُضُوعُ بِكَثْرَةٍ وَشِدَّةِ عِنَايَةٍ . وَالْخِيفَةُ حَالَةُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ - أَيْ وَاذْكُرْ رَبَّكَ الَّذِي خَلَقَكَ وَرَبَّاكَ بِنِعَمِهِ فِي نَفْسِكَ بِأَنْ تَسْتَحْضِرَ مَعْنَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَآيَاتِهِ وَآلَائِهِ وَفَضْلِهِ عَلَيْكَ وَحَاجَتَكَ إِلَيْهِ مُتَضَرِّعًا لَهُ خَائِفًا مِنْهُ ، رَاجِيًا نِعَمَهُ - وَاذْكُرْهُ بِلِسَانِكَ مَعَ ذِكْرِهِ فِي نَفْسِكَ ذِكْرًا دُونَ الْجَهْرِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ مِنَ الْقَوْلِ ، وَفَوْقَ التَّخَافُتِ وَالسِّرِّ ، بَلْ ذِكْرًا قَصْدًا وَسَطًا - كَمَا قَالَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ( 17 : 110 ) وَلَا تَحْصُلُ فَائِدَةُ الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ إِلَّا مَعَ ذِكْرِ الْقَلْبِ ، وَهُوَ مُلَاحَظَةُ مَعَانِي الْقَوْلِ ، وَكَأَيٍّ مِنْ ذِي وِرْدٍ يَذْكُرُ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا يَعُدُّ بِالسِّبْحَةِ مِنْهُ الْمِئِينَ أَوِ الْأُلُوفَ ثُمَّ لَا يُفِيدُهُ كُلُّ ذَلِكَ مَعْرِفَةً بِاللَّهِ وَلَا مُرَاقَبَةً لَهُ ، بَلْ هُوَ عَادَةٌ تُقَارِنُهَا عَادَاتٌ أُخْرَى مُنْكَرَةٌ شَرْعًا . وَمَا ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ ذِكْرٌ لِسَانِيٌّ مَحْضٌ لَا حَظَّ فِيهِ لِلْقَلْبِ . ذِكْرُ النَّفْسِ وَحْدَهُ يَنْفَعُ دَائِمًا ، وَذِكْرُ اللِّسَانِ وَحْدَهُ قَلَّمَا يَنْفَعُ ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ ذَنْبًا . وَالْأَكْمَلُ الْجَمْعُ بَيْنَ
nindex.php?page=treesubj&link=24412ذِكْرِ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ .
[ ص: 465 ] وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَ تَعَالَى صِفَةَ الذِّكْرِ وَالذَّاكِرِ بَيَّنَ وَقْتَهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205nindex.php?page=treesubj&link=28978_24420بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ الْغُدُوُّ مَصْدَرُ غَدَا يَغْدُو - كَعَلَا يَعْلُو عُلُوًّا - أَيْ ذَهَبَ غُدْوَةً وَهُوَ أَوَّلُ النَّهَارِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ، ثُمَّ تُوسِّعَ فِيهِ حَتَّى اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الذَّهَابِ مُطْلَقًا - وَيُقَابِلُهُ الرَّوَاحُ وَهُوَ الرُّجُوعُ - وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=12غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ( 34 : 12 ) وَالْآصَالُ جَمْعُ أَصِيلٍ وَهُوَ الْعَشِيُّ مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=41يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=42وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 33 : 41 ، 42 ) وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ الدَّهْرِ أَوِ الْإِنْسَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ( 76 : 25 ) وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=41وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ( 3 : 41 ) وَخُصَّ هَذَانِ الْوَقْتَانِ بِالذِّكْرِ; لِأَنَّهُمَا طَرَفَا النَّهَارِ ، وَمَنِ افْتَتَحَ نَهَارَهُ بِذِكْرِ اللَّهِ ، وَاخْتَتَمَهُ بِهِ كَانَ جَدِيرًا بِأَنْ يُرَاقِبَهُ تَعَالَى وَلَا يَنْسَاهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَأَهَمُّ الذِّكْرِ فِيهِمَا صَلَاتَا الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ اللَّتَانِ تَحْضُرُهُمَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ ، وَيَشْهَدَانِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا وَجَدَا عَلَيْهِ الْعَبْدَ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ عَنْ ذِكْرِهِ تَعَالَى فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ ، وَإِنَّمَا يُتَسَامَحُ بِقِلَّةِ الذِّكْرِ فِيمَا بَيْنَ الْبُكْرَةِ وَالْأَصِيلِ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْعَمَلِ لِلْمَعَاشِ ، فَمَنْ غَفَلَ عَنْ ذِكْرِهِ تَعَالَى مَرِضَ قَلْبُهُ ، وَضَعُفَ إِيمَانُهُ ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُ نَفْسَهُ ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ
إِذَا مَرِضْنَا تَدَاوَيْنَا بِذِكْرِكُمْ وَنَتْرُكُ الذِّكْرَ أَحْيَانًا فَنَنْتَكِسُ ثُمَّ عَزَّزَ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهَذَا النَّهْيَ بِمَا يُعَدُّ خَيْرَ أُسْوَةٍ لِلْإِنْسَانِ ، وَهُوَ التَّشَبُّهُ وَالْمُشَارَكَةُ لِمَلَائِكَةِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206nindex.php?page=treesubj&link=28978_29747_29737إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ أَيْ: إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ ، الَّذِينَ هُمْ عِنْدَهُ كَحَمْلَةِ عَرْشِهِ وَالْحَافِّينَ بِهِ وَمَنْ شَاءَ ، تَقَدَّسَ وَتَعَالَى بِهَذِهِ الْعِنَايَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا سِوَاهُ ، وَهُمْ أَعْلَى مَقَامًا مِنَ الْمُوَكَّلِينَ بِالْمَخْلُوقَاتِ وَتَدْبِيرِ نِظَامِهَا كَالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ - إِنَّ هَؤُلَاءِ الْمُقَرَّبِينَ الْعَالِينَ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ كَمَا يَسْتَكْبِرُ عَنْهَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ ، الَّذِينَ عَدَّ بَعْضُهُمُ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى حِطَّةً وَضِعَةً لَا تُحْتَمَلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206وَيُسَبِّحُونَهُ أَيْ يُنَزِّهُونَهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ مِنِ اتِّخَاذِ النِّدِّ وَالشَّرِيكِ وَالظَّهِيرِ وَالْمُسَاعِدِ عَلَى الْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ ، كَمَا يَفْعَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَنْ دُونِهِ شُفَعَاءَ أَنْدَادًا لِلَّهِ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَيَعْبُدُونَهُمْ مَعَ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=206وَلَهُ يَسْجُدُونَ أَيْ: وَلَهُ وَحْدَهُ يُصَلُّونَ وَيَسْجُدُونَ ، فَلَا يُشْرِكُونَ مَعَهُ أَحَدًا ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ بِخَوَاصِّ مَلَائِكَتِهِ ، وَأَقْرَبِ الْمُقَرَّبِينَ عِنْدَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ .
وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا السُّجُودَ عِنْدَ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَوْ سَمَاعِهَا إِرْغَامًا لِلْمُشْرِكِينَ وَاقْتِدَاءً بِالْمَلَائِكَةِ الْعَالِمِينَ ، وَمِثْلُهَا آيَاتٌ أُخْرَى بِمَعْنَاهَا فِي الْجُمْلَةِ ، وَهَذِهِ هِيَ الْأُولَى فِي تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ . وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ خَيْرِ الذَّاكِرِينَ لَهُ ، الشَّاكِرِينَ لِنِعَمِهِ الْمُسَبِّحِينَ بِحَمْدِهِ ، السَّاجِدِينَ لَهُ دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِإِتْمَامِ تَفْسِيرِ كِتَابِهِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .