nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يسألونك nindex.php?page=treesubj&link=28978_30292عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون مناسبة هذه الآية لما قبلها أنها إرشاد إلى النظر والتفكر في أمر الساعة التي ينتهي بها أجل جميع الناس ، في أثر الإرشاد إلى النظر والتفكر في اقتراب أجل من كانوا في عصر التنزيل وعهد نزول هذه السورة منهم ، وبعبارة أخرى أنها كلام في الساعة العامة ، وبعد الكلام في الساعة الخاصة . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يسألونك عن الساعة أيان مرساها الساعة في اللغة جزء قليل غير معين من الزمان ، وتسمى ساعة زمانية ، ومنه قوله تعالى في أوائل هذه السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34لا يستأخرون ساعة ( 7 : 34 ) وفي اصطلاح الفلكيين جزء من 24 جزءا متساوية من اليوم والليلة ، وهي تنقسم إلى ستين دقيقة ، والدقيقة إلى ستين ثانية ، وقد صار هذا التقسيم عرفا عاما في جميع البلاد الحضرية يضبط بآلة تسمى الساعة ، وكان معروفا عند العرب ، وثبت في الحديث " يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة " يعني نهارها .
وفي لسان العرب : الساعة جزء من أجزاء الليل والنهار ، والجميع ساعات وساع ، وجاءنا بعد سوع من الليل وبعد سواع . أي بعد هدء منه - أو بعد ساعة . والساعة الوقت الحاضر ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ( 30 : 55 ) يعني بالساعة الوقت الذي تقوم فيه القيامة ، فلذلك ترك أن يعرف أي ساعة هي . فإن سميت القيامة ساعة فعلى هذا ، والساعة القيامة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : اسم للوقت الذي يصعق فيه العباد ، والوقت الذي يبعثون فيه وتقوم فيه القيامة ، سميت ساعة ; لأنها تفجأ الناس في ساعة فيموت الخلق كلهم عند الصيحة الأولى التي ذكرها الله عز وجل فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ( 36 : 29 ) ثم ذكر أنه تكرر ذكرها في القرآن والحديث ، وأنها تطلق في الأصل بمعنين ، وهما
[ ص: 287 ] ما ذكرنا أولا من الساعة الزمانية والساعة الفلكية ، وقال في المعنى الأول : يقال جلست عندك ساعة من النهار أي وقتا قليلا منه ثم استعير لاسم يوم القيامة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج :
nindex.php?page=treesubj&link=30291معنى الساعة في كل القرآن :
nindex.php?page=treesubj&link=30292الوقت الذي تقوم فيه القيامة - يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم ، فلقلة الوقت الذي تقوم فيه سماها ساعة اهـ أقول : الصواب أنها استعملت في القرآن منكرة بمعنى الساعة الزمانية ، ومعرفة بالألف واللام العهدية بمعنى الساعة الشرعية ، وهي ساعة خراب هذا العالم ، وموت أهل الأرض ، وجمع بينهما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ( 30 : 55 ) وقيل : إن هذا القول هو وجه تسميتها بالساعة .
والغالب في استعمال القرآن التعبير بيوم القيامة عن يوم البعث والحشر الذي يكون بعد الموت ، الذي يكون فيه الحساب ، وما يتلوه من الجزاء - والتعبير بالساعة عن الوقت الذي يموت فيه الأحياء في هذا العالم ، ويضطرب نظامه ويخرب بما يكون فيه من الأهوال يتلو بعضها بعضا ، فالساعة هي المبدأ ، والقيامة هي الغاية ، ففي الأولى الموت والهلاك ، وفي الآخرة البعث والجزاء . وبعض التعبيرات في كل منهما يحتمل حلوله محل الآخر في الغالب ، وفي المعنى المشترك الذي يعم المبدأ والغاية . وحمل بعض المفسرين الآيات على القيامة الصغرى لكل فرد وهي ساعة موته ، وزاد بعضهم القيامة الوسطى ، وهي هلاك الجيل أو القرن ، وفسروا به حديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919133إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وقد يراد بالساعة هنا ساعة زوال الدولة; لأن هذا من شئونها ، واستدلوا عليه بحديث
إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته رواه
الديلمي عن
أنس مرفوعا . وفي حديث
عائشة من صحيح
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003404كان الأعراب يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال " إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم " ومثله من حديث
أنس عنده أيضا وهو أصرح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لإضافة الساعة إليهم . قال
الداوودي : هذا الجواب من معاريض الكلام فإنه لو قال لهم : لا أدري - ابتداء مع ما هم فيه من الجفاء ، وقبل تمكن الإيمان في قلوبهم - لارتابوا ، فعدل إلى إعلامهم بالوقت الذي ينقرضون هم فيه . وقال
الكرماني : إن هذا الجواب من الأسلوب الحكيم ، أي دعوا السؤال عن وقت القيامة الكبرى فإنها لا يعلمها إلا الله ، واسألوا عن الوقت الذي يقع فيه انقراض عصركم فهو أولى لكم ; لأن معرفتكم تبعثكم على ملازمة العمل الصالح قبل فوته ; لأن أحدكم لا يدري من الذي يسبق الآخر اهـ . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتكلم بأشياء على سبيل القياس ، وهو دليل معمول به ، فكأنه لما نزلت عليه الآيات في قرب الساعة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فلا تستعجلوه ( 16 : 1 ) وقوله :
[ ص: 388 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ( 16 : 77 ) حمل ذلك على أنها لا تزيد على مضي قرن واحد ، ومن ثم قال في الدجال " إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه " فجوز خروج
الدجال في حياته . قال : وفيه وجه آخر - وذكر مثل ما تقدم عن
الداوودي ، ورجحه الحافظ في الفتح .
ومما اختلفوا في تفسير الساعة فيه بالوجوه الثلاثة المذكورة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ( 6 : 31 ) وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ( 6 : 40 ) ؟ ويراجع تفسيرهما في الجزء السابع .
وحيث يذكر قيام الساعة كآيات سورة الروم الثلاث ( 12 و 14 و 55 ) وآية سورة غافر :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ( 40 : 46 ) فالمتبادر منه غايتها يوم البعث والحساب والجزاء - وحيث يذكر التكذيب بها أو المماراة فيها ، فالمراد المعنى العام لكل ما وعد الله به وأوعد من أمر مبئسها وغايتها .
وحيث يذكر اقتراب الساعة أو مجيئها وإثباتها ولا سيما إذا قرن ببغتة ، فالمتبادر منه مبدأ القيامة وخراب العالم الذي نعيش فيه ، ومن هذا القبيل السؤال عنها فإن السؤال يكون عن أول الأمر المنتظر في الغالب ، ومنه آية الأعراف التي نحن بصدد تفسيرها .
فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187أيان مرساها معناه يسألونك أيها الرسول عن الساعة قائلين : أيان مرساها ؟ أي متى إرساؤها وحصولها واستقرارها - أو يسألونك عنها من حيث زمن مجيئها وثبوتها بالوقوع والحصول . . . فأيان ظرف زمان ، ومرساها ، مصدر معناه إرساؤها ، يقال : رسا الشيء يرسو : ثبت ، وأرساه غيره ، ومنه إرساء السفينة وإيقافها بالمرساة التي تلقى في البحر فتمنعها من الجريان ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41بسم الله مجراها ومرساها ( 11 : 41 ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32والجبال أرساها ( 79 : 32 ) .
وفي السؤال عن زمن وقوعها بحرف الإرساء الدال على استقرار ما شأنه الحركة والجريان أو الميدان والاضطراب - نكتة دقيقة هي في أعلى درج البلاغة . وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=30296قيام الساعة عبارة عن انتهاء أمر هذا العالم ، وانقضاء عمر هذه الأرض التي تدور بمن فيها من العوالم المتحركة المضطربة ، فعبر بإرسائها عن منتهى أمرها ووقوف سيرها ، والساعة زمن ، وهو أمر مقدر ، لا جسم سائر أو مسير ، وما يقع فيها ويعبر بها عنه فهو حركة اضطراب وزلزال ، لا رسو ولا إرساء ، وهو أمر مستقبل لا حاصل ، ومتوقع لا واقع ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إن عذاب ربك لواقع nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8ما له من دافع ( 52 : 7 ، 8 ) معناه أنه سيقع حتما ; ولذلك علق به بيان ما يقع فيه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يوم تمور السماء مورا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وتسير الجبال سيرا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فويل يومئذ للمكذبين [ ص: 389 ] ( 152 : 9 - 11 ) فلم يبق لإرسائها معنى إلا إرساء حركة هذا العالم فيها ، وإنه لتعبير بليغ ، لم يعهد له في كلام البلغاء نظير ، ولم أر أحدا نبه لهذا . وذكر الساعة أولا ، والاستفهام عن زمن وقوعها ثانيا على قاعدة تقديم الأهم ، وهو المقصود بالذات .
قيل : إن المراد بالسائلين هنا
اليهود ، سألوه عنها امتحانا . قالوا : إن كان نبيا فإنه لا يعين لها زمنا; لأن الله تعالى لم يطلع على ذلك أحدا من رسله ، وقيل :
قريش . ويرجحه أن السورة مكية ، ولم يكن في
مكة أحد من
اليهود ، وصيغة " يسألونك " المتبادر منها الحال لا الاستقبال البعيد ، وفي آية الأحزاب
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=63يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ( 33 : 63 ) وهذه مدنية .
قال
ابن كثير بعد ترجيح كون السائلين من
قريش : وكانوا يسألون عن وقت الساعة استبعادا لوقوعها ، وتكذيبا بوجودها كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=48ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( 10 : 48 ) وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ( 42 : 18 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187أيان مرساها قال
علي بن طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : منتهاها . أي متى محطها ، وأيان آخر مدة الدنيا الذي هو أول وقت الساعة اهـ .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يَسْأَلُونَكَ nindex.php?page=treesubj&link=28978_30292عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهَا إِرْشَادٌ إِلَى النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي أَمْرِ السَّاعَةِ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا أَجْلُ جَمِيعِ النَّاسِ ، فِي أَثَرِ الْإِرْشَادِ إِلَى النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي اقْتِرَابِ أَجَلِ مَنْ كَانُوا فِي عَصْرِ التَّنْزِيلِ وَعَهْدِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْهُمْ ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّهَا كَلَامٌ فِي السَّاعَةِ الْعَامَّةِ ، وَبَعْدَ الْكَلَامِ فِي السَّاعَةِ الْخَاصَّةِ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا السَّاعَةُ فِي اللُّغَةِ جُزْءٌ قَلِيلٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنَ الزَّمَانِ ، وَتُسَمَّى سَاعَةٌ زَمَانِيَّةٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ( 7 : 34 ) وَفِي اصْطِلَاح الْفَلَكِيِّينَ جُزْءٌ مِنْ 24 جُزْءًا مُتَسَاوِيَةً مِنَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةَ ، وَهِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى سِتِّينَ دَقِيقَةً ، وَالدَّقِيقَةُ إِلَى سِتِّينَ ثَانِيَةً ، وَقَدْ صَارَ هَذَا التَّقْسِيمُ عُرْفًا عَامًّا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ الْحَضَرِيَّةِ يُضْبَطُ بِآلَةٍ تُسَمَّى السَّاعَةُ ، وَكَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ ، وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ " يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً " يَعْنِي نَهَارَهَا .
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ : السَّاعَةُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْجَمِيعُ سَاعَاتٌ وَسَاعٌ ، وَجَاءَنَا بَعْدَ سَوْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَبَعْدَ سَوَاعٍ . أَيْ بَعْدَ هَدْءٍ مِنْهُ - أَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ . وَالسَّاعَةُ الْوَقْتُ الْحَاضِرُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ( 30 : 55 ) يَعْنِي بِالسَّاعَةِ الْوَقْتَ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ ، فَلِذَلِكَ تَرَكَ أَنْ يُعَرِّفَ أَيَّ سَاعَةٍ هِيَ . فَإِنْ سُمِّيَتِ الْقِيَامَةُ سَاعَةً فَعَلَى هَذَا ، وَالسَّاعَةُ الْقِيَامَةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : اسْمٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يُصْعَقُ فِيهِ الْعِبَادُ ، وَالْوَقْتُ الَّذِي يُبْعَثُونَ فِيهِ وَتَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ ، سُمِّيَتْ سَاعَةً ; لِأَنَّهَا تَفْجَأُ النَّاسَ فِي سَاعَةٍ فَيَمُوتُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِنْدَ الصَّيْحَةِ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ( 36 : 29 ) ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ ، وَأَنَّهَا تُطْلَقُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَيَنِ ، وَهُمَا
[ ص: 287 ] مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا مِنَ السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ وَالسَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ ، وَقَالَ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ : يُقَالُ جَلَسْتُ عِنْدَكَ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ أَيْ وَقْتًا قَلِيلًا مِنْهُ ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِاسْمِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=treesubj&link=30291مَعْنَى السَّاعَةِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ :
nindex.php?page=treesubj&link=30292الْوَقْتُ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الْقِيَامَةُ - يُرِيدُ أَنَّهَا سَاعَةُ خَفِيفَةٌ يَحْدُثُ فِيهَا أَمْرٌ عَظِيمٌ ، فَلِقِلَّةِ الْوَقْتِ الَّذِي تَقُومُ فِيهِ سَمَّاهَا سَاعَةً اهـ أَقُولُ : الصَّوَابُ أَنَّهَا اسْتُعْمِلَتْ فِي الْقُرْآنِ مُنَكَّرَةً بِمَعْنَى السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ ، وَمُعَرَّفَةً بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْعَهْدِيَّةِ بِمَعْنَى السَّاعَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَهِيَ سَاعَةُ خَرَابِ هَذَا الْعَالَمِ ، وَمَوْتِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَجَمَعَ بَيْنِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=55وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ( 30 : 55 ) وَقِيلَ : إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا بِالسَّاعَةِ .
وَالْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِ التَّعْبِيرُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنْ يَوْمِ الْبَعْثِ وَالْحَشْرِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ ، الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْحِسَابُ ، وَمَا يَتْلُوهُ مِنَ الْجَزَاءِ - وَالتَّعْبِيرُ بِالسَّاعَةِ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ الْأَحْيَاءُ فِي هَذَا الْعَالَمِ ، وَيَضْطَرِبُ نِظَامُهُ وَيَخْرَبُ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَالسَّاعَةُ هِيَ الْمَبْدَأُ ، وَالْقِيَامَةُ هِيَ الْغَايَةُ ، فَفِي الْأُولَى الْمَوْتُ وَالْهَلَاكُ ، وَفِي الْآخِرَةِ الْبَعْثُ وَالْجَزَاءُ . وَبَعْضُ التَّعْبِيرَاتِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ حُلُولُهُ مَحَلَّ الْآخَرِ فِي الْغَالِبِ ، وَفِي الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَعُمُّ الْمَبْدَأَ وَالْغَايَةَ . وَحَمَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْآيَاتِ عَلَى الْقِيَامَةِ الصُّغْرَى لِكُلِّ فَرْدٍ وَهِيَ سَاعَةُ مَوْتِهِ ، وَزَادَ بَعْضُهُمُ الْقِيَامَةَ الْوُسْطَى ، وَهِيَ هَلَاكُ الْجِيلِ أَوِ الْقَرْنِ ، وَفَسَّرُوا بِهِ حَدِيثَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919133إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرُوا السَّاعَةَ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ . وَقَدْ يُرَادُ بِالسَّاعَةِ هُنَا سَاعَةُ زَوَالِ الدَّوْلَةِ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ شُئُونِهَا ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ
إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ رَوَاهُ
الدَّيْلَمِيُّ عَنْ
أَنَسٍ مَرْفُوعًا . وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ مِنْ صَحِيحٍ
مُسْلِمٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003404كَانَ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ السَّاعَةِ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَقَالَ " إِنَّ يَعِشْ هَذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْهِرَمُ قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ " وَمِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ عِنْدَهُ أَيْضًا وَهُوَ أَصْرَحُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ لِإِضَافَةِ السَّاعَةِ إِلَيْهِمْ . قَالَ
الدَّاوُودِيُّ : هَذَا الْجَوَابُ مِنْ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُمْ : لَا أَدْرِي - ابْتِدَاءً مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجَفَاءِ ، وَقَبْلَ تَمَكُّنِ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِهِمْ - لَارْتَابُوا ، فَعَدَلَ إِلَى إِعْلَامِهِمْ بِالْوَقْتِ الَّذِي يَنْقَرِضُونَ هُمْ فِيهِ . وَقَالَ
الْكِرْمَانِيُّ : إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ ، أَيْ دَعُوا السُّؤَالَ عَنْ وَقْتِ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَاسْأَلُوا عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ انْقِرَاضُ عَصْرِكُمْ فَهُوَ أَوْلَى لَكُمْ ; لِأَنَّ مَعْرِفَتَكُمْ تَبْعَثُكُمْ عَلَى مُلَازَمَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ فَوْتِهِ ; لِأَنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَنِ الَّذِي يَسْبِقُ الْآخَرَ اهـ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَكَلَّمُ بِأَشْيَاءَ عَلَى سَبِيلِ الْقِيَاسِ ، وَهُوَ دَلِيلٌ مَعْمُولٌ بِهِ ، فَكَأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فِي قُرْبِ السَّاعَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ( 16 : 1 ) وَقَوْلِهِ :
[ ص: 388 ] nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=77وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ( 16 : 77 ) حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى مُضِيِّ قَرْنٍ وَاحِدٍ ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الدَّجَّالِ " إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ " فَجَوَّزَ خُرُوجَ
الدَّجَّالِ فِي حَيَاتِهِ . قَالَ : وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ - وَذُكِرَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ عَنِ
الدَّاوُودِيِّ ، وَرَجَّحَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ .
وَمِمَّا اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ السَّاعَةِ فِيهِ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ( 6 : 31 ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=40قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 6 : 40 ) ؟ وَيُرَاجَعُ تَفْسِيرُهُمَا فِي الْجُزْءِ السَّابِعِ .
وَحَيْثُ يُذْكَرُ قِيَامُ السَّاعَةِ كَآيَاتِ سُورَةِ الرُّومِ الثَّلَاثِ ( 12 و 14 و 55 ) وَآيَةِ سُورَةِ غَافِرٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=46وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ( 40 : 46 ) فَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ غَايَتُهَا يَوْمَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ - وَحَيْثُ يُذْكَرُ التَّكْذِيبُ بِهَا أَوِ الْمُمَارَاةُ فِيهَا ، فَالْمُرَادُ الْمَعْنَى الْعَامُّ لِكُلِّ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ وَأَوْعَدَ مِنْ أَمْرِ مُبْئِسِهَا وَغَايَتِهَا .
وَحَيْثُ يُذْكَرُ اقْتِرَابُ السَّاعَةِ أَوْ مَجِيئُهَا وَإِثْبَاتُهَا وَلَا سِيَّمَا إِذَا قُرِنَ بِبَغْتَةٍ ، فَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ مَبْدَأُ الْقِيَامَةِ وَخَرَابُ الْعَالَمِ الَّذِي نَعِيشُ فِيهِ ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ السُّؤَالُ عَنْهَا فَإِنَّ السُّؤَالَ يَكُونُ عَنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ الْمُنْتَظَرِ فِي الْغَالِبِ ، وَمِنْهُ آيَةُ الْأَعْرَافِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِهَا .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187أَيَّانَ مُرْسَاهَا مَعْنَاهُ يَسْأَلُونَكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ عَنِ السَّاعَةِ قَائِلِينَ : أَيَّانَ مُرْسَاهَا ؟ أَيْ مَتَى إِرْسَاؤُهَا وَحُصُولُهَا وَاسْتِقْرَارُهَا - أَوْ يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ زَمَنِ مَجِيئِهَا وَثُبُوتِهَا بِالْوُقُوعِ وَالْحُصُولِ . . . فَأَيَّانَ ظَرْفُ زَمَانٍ ، وَمُرْسَاهَا ، مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ إِرْسَاؤُهَا ، يُقَالُ : رَسَا الشَّيْءُ يَرْسُو : ثَبَتَ ، وَأَرْسَاهُ غَيْرُهُ ، وَمِنْهُ إِرْسَاءُ السَّفِينَةِ وَإِيقَافُهَا بِالْمِرْسَاةِ الَّتِي تُلْقَى فِي الْبَحْرِ فَتَمْنَعُهَا مِنَ الْجَرَيَانِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ( 11 : 41 ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=32وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ( 79 : 32 ) .
وَفِي السُّؤَالِ عَنْ زَمَنِ وُقُوعِهَا بِحَرْفِ الْإِرْسَاءِ الدَّالِّ عَلَى اسْتِقْرَارِ مَا شَأْنُهُ الْحَرَكَةُ وَالْجَرَيَانُ أَوِ الْمَيَدَانُ وَالِاضْطِرَابُ - نُكْتَةٌ دَقِيقَةٌ هِيَ فِي أَعْلَى دَرَجِ الْبَلَاغَةِ . وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30296قِيَامَ السَّاعَةِ عِبَارَةٌ عَنِ انْتِهَاءِ أَمْرِ هَذَا الْعَالَمِ ، وَانْقِضَاءِ عُمْرِ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي تَدُورُ بِمَنْ فِيهَا مِنَ الْعَوَالِمِ الْمُتَحَرِّكَةِ الْمُضْطَرِبَةِ ، فَعَبَّرَ بِإِرْسَائِهَا عَنْ مُنْتَهَى أَمْرِهَا وَوُقُوفِ سَيْرِهَا ، وَالسَّاعَةُ زَمَنٌ ، وَهُوَ أَمْرٌ مُقَدَّرٌ ، لَا جِسْمٌ سَائِرٌ أَوْ مُسَيَّرٌ ، وَمَا يَقَعُ فِيهَا وَيُعَبَّرُ بِهَا عَنْهُ فَهُوَ حَرَكَةُ اضْطِرَابٍ وَزِلْزَالٍ ، لَا رُسُوٌّ وَلَا إِرْسَاءٌ ، وَهُوَ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ لَا حَاصِلٌ ، وَمُتَوَقَّعٌ لَا وَاقِعٌ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=7إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=8مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ( 52 : 7 ، 8 ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَيَقَعُ حَتْمًا ; وَلِذَلِكَ عَلَّقَ بِهِ بَيَانَ مَا يَقَعُ فِيهِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=9يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=10وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=11فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [ ص: 389 ] ( 152 : 9 - 11 ) فَلَمْ يَبْقَ لِإِرْسَائِهَا مَعْنًى إِلَّا إِرْسَاءَ حَرَكَةِ هَذَا الْعَالَمِ فِيهَا ، وَإِنَّهُ لَتَعْبِيرٌ بَلِيغٌ ، لَمْ يُعْهَدْ لَهُ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ نَظِيرٌ ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَبَّهَ لِهَذَا . وَذِكْرُ السَّاعَةِ أَوَّلًا ، وَالِاسْتِفْهَامُ عَنْ زَمَنِ وُقُوعِهَا ثَانِيًا عَلَى قَاعِدَةِ تَقْدِيمِ الْأَهَمِّ ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ .
قِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالسَّائِلِينَ هُنَا
الْيَهُودُ ، سَأَلُوهُ عَنْهَا امْتِحَانًا . قَالُوا : إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُعَيِّنُ لَهَا زَمَنًا; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُطْلِعْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا مِنْ رُسُلِهِ ، وَقِيلَ :
قُرَيْشٌ . وَيُرَجِّحُهُ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي
مَكَّةَ أَحَدٌ مِنَ
الْيَهُودِ ، وَصِيغَةُ " يَسْأَلُونَكَ " الْمُتَبَادِرُ مِنْهَا الْحَالُ لَا الِاسْتِقْبَالُ الْبَعِيدُ ، وَفِي آيَةِ الْأَحْزَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=63يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ( 33 : 63 ) وَهَذِهِ مَدَنِيَّةٌ .
قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ تَرْجِيحِ كَوْنِ السَّائِلِينَ مِنْ
قُرَيْشٍ : وَكَانُوا يَسْأَلُونَ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ اسْتِبْعَادًا لِوُقُوعِهَا ، وَتَكْذِيبًا بِوُجُودِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=48وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( 10 : 48 ) وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( 42 : 18 ) وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187أَيَّانَ مُرْسَاهَا قَالَ
عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : مُنْتَهَاهَا . أَيْ مَتَى مَحَطُّهَا ، وَأَيَّانَ آخِرُ مُدَّةِ الدُّنْيَا الَّذِي هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ السَّاعَةِ اهـ .