قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29080لكم دينكم ولي دين .
هو نظير ما تقدم في سورة يونس
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون [ 10 \ 41 ] .
وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لنا أعمالنا ولكم أعمالكم [ 28 \ 55 ] .
وليس في هذا تقريرهم على دينهم الذي هم عليه ، ولكن من قبيل التهديد والوعيد كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها [ 18 \ 29 ] .
وفي هذه السورة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون وصف يكفي بأن عبادتهم وديانتهم كفر .
وقد قال لهم الحق :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون لأنها عبادة باطلة ، عبادة الكفار ، وبعد ذلك إن أبيتم إلا هي فلكم دينكم ولي دين .
[ ص: 136 ] تنبيه
في هذه السورة منهج إصلاحي ، وهو عدم قبول ولا صلاحية أنصاف الحلول ; لأن ما عرضوه عليه صلى الله عليه وسلم من المشاركة في العبادة ، يعتبر في مقياس المنطق حلا وسطا لاحتمال إصابة الحق في أحد الجانبين ، فجاء الرد حاسما وزاجرا وبشدة ; لأن فيه أي فيما عرضوه مساواة للباطل بالحق ، وفيه تعليق المشكلة ، وفيه تقرير الباطل ، إن هو وافقهم ولو لحظة .
وقد تعتبر هذه السورة مميزة وفاصلة بين الطرفين ، ونهاية المهادنة ، وبداية المجابهة .
وقد قالوا : إن ذلك بناء على ما أمره الله به في السورة قبلها :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إنا أعطيناك الكوثر [ 108 \ 1 ] ، أي وإن كنت وصحبك قلة ، فإن معك الخير الكثير ، ولمجيء " قل " لما فيها من إشعار بأنك مبلغ عن الله ، وهو الذي ينصرك ، ولذا جاء بعدها حالا سورة النصر وبعد النصر : تب العدو .
وهذا في غاية الوضوح ، ولله الحمد .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29080لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ .
هُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يُونُسَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [ 10 \ 41 ] .
وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ [ 28 \ 55 ] .
وَلَيْسَ فِي هَذَا تَقْرِيرُهُمْ عَلَى دِينِهِمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ مِنْ قَبِيلِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=29وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا [ 18 \ 29 ] .
وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَصْفٌ يَكْفِي بِأَنَّ عِبَادَتَهُمْ وَدِيَانَتَهُمْ كُفْرٌ .
وَقَدْ قَالَ لَهُمُ الْحَقُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَاطِلَةٌ ، عِبَادَةُ الْكُفَّارِ ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا هِيَ فَلَكُمْ دِينُكُمْ وَلِي دِينِ .
[ ص: 136 ] تَنْبِيهٌ
فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَنْهَجٌ إِصْلَاحِيٌّ ، وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ وَلَا صَلَاحِيَةِ أَنْصَافِ الْحُلُولِ ; لِأَنَّ مَا عَرَضُوهُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي الْعِبَادَةِ ، يُعْتَبَرُ فِي مِقْيَاسِ الْمَنْطِقِ حَلًّا وَسَطًا لِاحْتِمَالِ إِصَابَةِ الْحَقِّ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ، فَجَاءَ الرَّدُّ حَاسِمًا وَزَاجِرًا وَبِشِدَّةٍ ; لِأَنَّ فِيهِ أَيْ فِيمَا عَرَضُوهُ مُسَاوَاةً لِلْبَاطِلِ بِالْحَقِّ ، وَفِيهِ تَعْلِيقَ الْمُشْكِلَةِ ، وَفِيهِ تَقْرِيرَ الْبَاطِلِ ، إِنْ هُوَ وَافَقَهُمْ وَلَوْ لَحْظَةً .
وَقَدْ تُعْتَبَرُ هَذِهِ السُّورَةُ مُمَيِّزَةً وَفَاصِلَةً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ ، وَنِهَايَةَ الْمُهَادَنَةِ ، وَبِدَايَةَ الْمُجَابَهَةِ .
وَقَدْ قَالُوا : إِنَّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فِي السُّورَةِ قَبْلَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=1إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [ 108 \ 1 ] ، أَيْ وَإِنْ كُنْتَ وَصَحْبُكَ قِلَّةً ، فَإِنَّ مَعَكَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ ، وَلِمَجِيءِ " قُلْ " لِمَا فِيهَا مِنْ إِشْعَارٍ بِأَنَّكَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ ، وَهُوَ الَّذِي يَنْصُرُكَ ، وَلِذَا جَاءَ بَعْدَهَا حَالًا سُورَةُ النَّصْرِ وَبَعْدَ النَّصْرِ : تَبُّ الْعَدُوِّ .
وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .