قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29080لا أعبد ما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4ولا أنا عابد ما عبدتم nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5ولا أنتم عابدون ما أعبد . قيل : تكرار في العبارات للتوكيد ، كتكرار
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=15ويل يومئذ للمكذبين [ 77 \ 15 ] ، وتكرار :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 55 \ 13 ] .
ونظيره في الشعر أكثر من أن يحصر ، من ذلك ما أورده
القرطبي رحمه الله :
[ ص: 133 ] هلا سألت جموع كندة يوم ولو أين أينا
وقول الآخر :
يا علقمة يا علقمة يا علقمه خير تميم كلها وأكرمه
وقول الآخر :
يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع
وقول الآخر :
ألا يا سلمى ثم اسلمي ثمت اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلم
وقد جاءت في أبيات لبعض تلاميذ الشيخ رحمه الله تعالى ، ضمن مساجلة له معه قال فيها :
تالله إنك قد ملأت مسامعي درا عليه قد انطوت أحشائي
زدني وزدني ثم زدني ولتكن منك الزيادة شافيا للداء
فكرر قوله : زدني ثلاث مرات
وقيل : ليس فيه تكرار ، على أن الجملة الأولى عن الماضي والثانية من المستقبل .
وقيل : الأولى عن العبادة ، والثانية عن المعبود .
وقيل غير ذلك ، على ما سيأتي إن شاء الله .
والسورة في الجملة نص على أنه صلى الله عليه وسلم لا يعبد معبودهم ، ولا هم عابدون معبوده ، وقد فسره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون [ 10 \ 41 ] .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام على هذا المعنى ، عند آية يونس تلك ، وذكر هذه السورة هناك .
وقد ذكر أيضا في دفع إيهام الاضطراب جوابا على إشكال في السورة وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد ، نفي لعبادة كل منهما معبود
[ ص: 134 ] الآخر مطلقا ، مع أنه قد آمن بعضهم فيما بعد وعبد ما يعبده صلى الله عليه وسلم ، وأجاب عن ذلك بأحد أمرين : موجزهما أنها من جنس الكفار ، وإن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داموا كفارا إلى آخره ، أو أنها من العام المخصوص ، فتكون في خصوص من حقت عليهم كلمات ربك . ا هـ . ملخصا .
وقد ذكر
أبو حيان وجها عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أن ما يتعلق بالكفار خاص بالحاضر ; لأن ما إذا دخلت على اسم الفاعل تعينه للحاضر .
وناقشه
أبو حيان ، بأن ذلك في مغالب لا على سبيل القطع .
والذي يظهر من سياق السورة قد يشهد لما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وهو أن السورة تتكلم عن الجانبين على سبيل المقابلة جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجهة الكفار في عدم عبادة كل منهما معبود الآخر .
ولكنها لم تساو في اللفظ بين الطرفين ، فمن جهة الرسول صلى الله عليه وسلم جاء في الجملة الأولى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون عبر عن كل منهما بالفعل المضارع الدال على الحال أي : لا أعبد الآن ما تعبدون الآن بالفعل . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد فعبر عنهم بالاسمية وعنه هو بالفعلية ، أي : ولا أنتم متصفون بعبادة ما أعبد الآن .
وفي الجملة الثانية قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4ولا أنا عابد ما عبدتم nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5ولا أنتم عابدون ما أعبد . فعبر عنه بأنه ليس متصفا بعبادة ما يعبدون ولا هم عابدون ما يعبد ، فكان وصفه هو صلى الله عليه وسلم في الجملتين بوصفين مختلفين بالجملة الفعلية تارة وبالجملة الاسمية تارة أخرى ، فكانت إحداهما لنفي الوصف الثابت ، والأخرى لنفي حدوثه فيما بعد .
أما هم فلم يوصفوا في الجملتين إلا بالجملة الاسمية الدالة على الوصف الثابت ، أي في الماضي إلى الحاضر ، ولم يكن فيما وصفوا به جملة فعلية من خصائصها التجدد والحدوث ، فلم يكن فيها ما يتعرض للمستقبل فلم يكن إشكال ، والله تعالى أعلم .
فإن قيل : إن الوصف باسم الفاعل يحتمل الحال والاستقبال ، فيبقى الإشكال محتملا .
قيل : ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من أن دخول ما عليه تعينه للحال ، يكفي في نفي هذا الاحتمال ، فإن قيل : قد ناقشه
أبو حيان .
وقال : إنها أغلبية وليست قطعية .
[ ص: 135 ] قلنا : يكفي في ذلك حكم الأغلب ، وهو ما يصدقه الواقع ، إذ آمن بعضهم وعبد معبوده صلى الله عليه وسلم ، وما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2ما تعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3ولا أنتم عابدون ما أعبد ، واقعة في الأولى على غير ذي علم ، وهي أصنامهم وهو استعمالها الأساسي .
وفي الثانية : في حق الله تعالى وهو استعمالها في غير استعمالها الأساسي ، فقيل : من أجل المقابلة ، وقد استعملت فيمن يعلم ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فانكحوا ما طاب لكم من النساء [ 4 \ 3 ] ; لأنهن في معرض الاستمتاع بهن ، فللقرينة جاز ذلك .
وقيل : إنها مع ما قبلها مصدرية ، أي : ما مصدرية بمعنى عبادتكم الباطلة ، ولا تعبدون عباداتي الصحيحة .
وهذا المعنى قوي ، وإن تعارض مع ما ذكر من سبب النزول ، إلا أن له شاهدا من نفس السورة ويتضمن المعنى الأول ، ودليله من السورة قوله تعالى في آخر السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لكم دينكم ولي دين [ 109 \ 6 ] ، فأحالهم على عبادتهم ، ولم يحلهم على معبودهم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29080لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . قِيلَ : تَكْرَارٌ فِي الْعِبَارَاتِ لِلتَّوْكِيدِ ، كَتَكْرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=15وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [ 77 \ 15 ] ، وَتَكْرَارِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [ 55 \ 13 ] .
وَنَظِيرُهُ فِي الشِّعْرِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَرَ ، مِنْ ذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ
الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ :
[ ص: 133 ] هَلَّا سَأَلْتَ جُمُوعَ كِنْدَةَ يَوْمَ وَلَّوْ أَيْنَ أَيْنَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
يَا عَلْقَمَةُ يَا عَلْقَمَةُ يَا عَلْقَمَهْ خَيْرَ تَمِيمٍ كُلِّهَا وَأَكْرَمَهْ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
يَا أَقْرَعُ بْنَ حَابِسٍ يَا أَقْرَعُ إِنَّكَ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
أَلَا يَا سَلْمَى ثُمَّ اسْلَمِي ثُمَّتَ اسْلَمِي ثَلَاثُ تَحِيَّاتٍ وَإِنْ لَمْ تَكَلَّم
وَقَدْ جَاءَتْ فِي أَبْيَاتٍ لِبَعْضِ تَلَامِيذِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، ضِمْنَ مُسَاجَلَةٍ لَهُ مَعَهُ قَالَ فِيهَا :
تَاللَّهِ إِنَّكَ قَدْ مَلَأْتَ مَسَامِعِي دُرًّا عَلَيْهِ قَدِ انْطَوَتْ أَحْشَائِي
زِدْنِي وَزِدْنِي ثُمَّ زِدْنِي وَلْتَكُنْ مِنْكَ الزِّيَادَةُ شَافِيًا لِلدَّاء
فَكَرَّرَ قَوْلَهُ : زِدْنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
وَقِيلَ : لَيْسَ فِيهِ تَكْرَارٌ ، عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى عَنِ الْمَاضِي وَالثَّانِيَةَ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ .
وَقِيلَ : الْأُولَى عَنِ الْعِبَادَةِ ، وَالثَّانِيَةُ عَنِ الْمَعْبُودِ .
وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ، عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَالسُّورَةُ فِي الْجُمْلَةِ نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَعْبُدُ مَعْبُودَهُمْ ، وَلَا هُمْ عَابِدُونَ مَعْبُودَهُ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ [ 10 \ 41 ] .
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، عِنْدَ آيَةِ يُونُسَ تِلْكَ ، وَذَكَرَ هَذِهِ السُّورَةَ هُنَاكَ .
وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ جَوَابًا عَلَى إِشْكَالٍ فِي السُّورَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، نَفْيٌ لِعِبَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْبُودَ
[ ص: 134 ] الْآخَرِ مُطْلَقًا ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ آمَنَ بَعْضُهُمْ فِيمَا بَعْدُ وَعَبَدَ مَا يَعْبُدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : مُوجَزُهُمَا أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْكُفَّارِ ، وَإِنْ أَسْلَمُوا فِيمَا بَعْدُ فَهُوَ خِطَابٌ لَهُمْ مَا دَامُوا كُفَّارًا إِلَى آخِرِهِ ، أَوْ أَنَّهَا مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ ، فَتَكُونُ فِي خُصُوصِ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ . ا هـ . مُلَخَّصًا .
وَقَدْ ذَكَرَ
أَبُو حَيَّانَ وَجْهًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : أَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكُفَّارِ خَاصٌّ بِالْحَاضِرِ ; لِأَنَّ مَا إِذَا دَخَلَتْ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ تُعَيِّنُهُ لِلْحَاضِرِ .
وَنَاقَشَهُ
أَبُو حَيَّانَ ، بِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُغَالِبٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ .
وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ السُّورَةِ قَدْ يَشْهَدُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَهُوَ أَنَّ السُّورَةَ تَتَكَلَّمُ عَنِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ جِهَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَجِهَةُ الْكُفَّارِ فِي عَدَمِ عِبَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْبُودَ الْآخَرِ .
وَلَكِنَّهَا لَمْ تُسَاوِ فِي اللَّفْظِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ ، فَمِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ عَبَّرَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ أَيْ : لَا أَعْبُدُ الْآنَ مَا تَعْبُدُونَ الْآنَ بِالْفِعْلِ . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ فَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِالِاسْمِيَّةِ وَعَنْهُ هُوَ بِالْفِعْلِيَّةِ ، أَيْ : وَلَا أَنْتُمْ مُتَّصِفُونَ بِعِبَادَةِ مَا أَعْبُدُ الْآنَ .
وَفِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=4وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=5وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . فَعَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَّصِفًا بِعِبَادَةِ مَا يَعْبُدُونَ وَلَا هُمْ عَابِدُونَ مَا يَعْبُدُ ، فَكَانَ وَصْفُهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجُمْلَتَيْنِ بِوَصْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ تَارَةً وَبِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ تَارَةً أُخْرَى ، فَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا لِنَفْيِ الْوَصْفِ الثَّابِتِ ، وَالْأُخْرَى لِنَفْيِ حُدُوثِهِ فِيمَا بَعْدُ .
أَمَّا هُمْ فَلَمْ يُوصَفُوا فِي الْجُمْلَتَيْنِ إِلَّا بِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوَصْفِ الثَّابِتِ ، أَيْ فِي الْمَاضِي إِلَى الْحَاضِرِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيمَا وُصِفُوا بِهِ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مِنْ خَصَائِصِهَا التَّجَدُّدُ وَالْحُدُوثُ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَتَعَرَّضُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَلَمْ يَكُنْ إِشْكَالٌ ، وَاللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمُ .
فَإِنْ قِيلَ : إِنَّ الْوَصْفَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ يَحْتَمِلُ الْحَالَ وَالِاسْتِقْبَالَ ، فَيَبْقَى الْإِشْكَالُ مُحْتَمَلًا .
قِيلَ : مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ أَنَّ دُخُولَ مَا عَلَيْهِ تُعَيِّنُهُ لِلْحَالِ ، يَكْفِي فِي نَفْيِ هَذَا الِاحْتِمَالِ ، فَإِنْ قِيلَ : قَدْ نَاقَشَهُ
أَبُو حَيَّانَ .
وَقَالَ : إِنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ وَلَيْسَتْ قَطْعِيَّةً .
[ ص: 135 ] قُلْنَا : يَكْفِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْأَغْلَبِ ، وَهُوَ مَا يُصَدِّقُهُ الْوَاقِعُ ، إِذْ آمَنَ بَعْضُهُمْ وَعَبَدَ مَعْبُودَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2مَا تَعْبُدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=3وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ، وَاقِعَةٌ فِي الْأُولَى عَلَى غَيْرِ ذِي عِلْمٍ ، وَهِيَ أَصْنَامُهُمْ وَهُوَ اسْتِعْمَالُهَا الْأَسَاسِيُّ .
وَفِي الثَّانِيَةِ : فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ اسْتِعْمَالِهَا الْأَسَاسِيِّ ، فَقِيلَ : مِنْ أَجْلِ الْمُقَابَلَةِ ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَتْ فِيمَنْ يَعْلَمُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [ 4 \ 3 ] ; لِأَنَّهُنَّ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ ، فَلِلْقَرِينَةِ جَازَ ذَلِكَ .
وَقِيلَ : إِنَّهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا مَصْدَرِيَّةٌ ، أَيْ : مَا مَصْدَرِيَّةٌ بِمَعْنَى عِبَادَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ ، وَلَا تَعْبُدُونَ عِبَادَاتِي الصَّحِيحَةَ .
وَهَذَا الْمَعْنَى قَوِيٌّ ، وَإِنْ تَعَارَضَ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ سَبَبِ النُّزُولِ ، إِلَّا أَنَّ لَهُ شَاهِدًا مِنْ نَفْسِ السُّورَةِ وَيَتَضَمَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ، وَدَلِيلُهُ مِنَ السُّورَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [ 109 \ 6 ] ، فَأَحَالَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهِمْ ، وَلَمْ يُحِلْهُمْ عَلَى مَعْبُودِهِمْ .