ومعنى : بالعدل ، أي : بالحق والإنصاف بحيث لا يكون في قلبه ولا في قلمه ميل لأحدهما على الآخر .
واختلف فيما يتعلق به (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بالعدل ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بالعدل ، متعلق بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كاتب ) صفة له ، أي : بكاتب مأمون على ما يكتب ، يكتب بالسوية والاحتياط ، لا يزيد على ما يجب أن يكتب ، ولا ينقص ، وفيه أن يكون الكاتب
[ ص: 344 ] فقيها عالما بالشروط ، حتى يجيء مكتوبه معدلا بالشرع ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=24271أمر للمتداينين بتخير الكاتب ، وأن لا يستكتبوا إلا فقيها دينا .
وقال
ابن عطية : والباء متعلقة بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليكتب ) وليست متعلقة بكاتب ؛ لأنه كان يلزم أن لا يكتب وثيقة إلا العدل في نفسه ، وقد يكتبها الصبي والعبد والمتحوط إذا أقاموا فقهها ، أما أن المنتخبين لكتبها لا يجوز للولاة أن يتركوهم إلا عدولا مرضيين ، وقيل : الباء زائدة ، أي : فليكتب بينكم كاتب العدل .
وقال
القفال في معنى ( بالعدل ) : أن يكون ما يكتبه متفقا عليه بين أهل العلم ، لا يرفع إلى قاض فيجد سبيلا إلى إبطاله بألفاظ لا يتسع فيها التأويل ، فيحتاج الحاكم إلى التوقف ، وقرأ
الحسن (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليكتب ) بكسر لام الأمر ، والكسر الأصل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282nindex.php?page=treesubj&link=28973ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ) نهى الكاتب عن
nindex.php?page=treesubj&link=24271الامتناع من الكتابة ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كاتب ) نكرة في سياق النهي ، فتعم ، و ( أن يكتب ) مفعول ( ولا يأب ) ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كما علمه ) الله ، أي : مثل ما علمه الله من كتابة الوثائق ، لا يبدل ولا يغير ، وفي ذلك حث على بذل جهده في مراعاة شروطه مما قد لا يعرفه المستكتب ، وفيه تنبيه على المنة بتعليم الله إياه . وقيل : المعنى كما أمره الله به من الحق ، فيكون : علم ، بمعنى : أعلم ، وقيل : المعنى كما فضله الله بالكتاب ، فتكون الكاف للتعليل ، أي : لأجل ما فضله الله ، فيكون كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وأحسن كما أحسن الله إليك ) أي : لأجل إحسان الله إليك . والظاهر تعلق الكاف بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن يكتب ) وقيل : تم الكلام عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن يكتب ) وتتعلق الكاف بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليكتب ) ، وهو قلق لأجل الفاء ، ولأجل أنه لو كان متعلقا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليكتب ) لكان النظم : فليكتب كما علمه الله ، ولا يحتاج إلى تقديم ما هو متأخر في المعنى .
وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يكون ( كما ) متعلقا بما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب ) أي : كما أنعم الله عليه بعلم الكتابة فلا يأب هو ، وليفضل كما أفضل عليه ، انتهى ، وهو خلاف الظاهر ، وتكون الكاف في هذا القول للتعليل ، وإذا كان متعلقا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن يكتب ) كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب ) نهيا عن الامتناع من الكتابة المقيدة ، ثم أمر بتلك الكتابة ، لا يعدل عنها ، أمر توكيد ، وإذا كان متعلقا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليكتب ) كان ذلك نهيا عن الامتناع من الكتابة على الإطلاق ، ثم أمر بالكتابة المقيدة .
وقال الربيع ،
والضحاك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يأب ) منسوخ بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282لا يضار كاتب ولا شهيد ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليكتب وليملل الذي عليه الحق ) أي : فليكتب الكاتب ، وليملل من وجب عليه الحق ؛ لأنه هو المشهود عليه بأن الدين في ذمته ، والمستوثق منه بالكتابة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليتق الله ربه ) ، فيما يمليه ويقربه ، وجمع بين اسم الذات وهو : الله ، وبين هذا الوصف الذي هو : الرب ، وإن كان اسم الذات منطوقا على جميع الأوصاف ، ليذكره تعالى كونه مربيا له ، مصلحا لأمره ، باسطا عليه نعمه ، وقدم لفظ ( الله ) لأن مراقبته من جهة العبودية والألوهية أسبق من جهة النعم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ولا يبخس منه شيئا ) أي : لا ينقص بالمخادعة أو المدافعة ، والمأمور بالإملال هو المالك لنفسه ، وفك المضاعفين في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليملل ) لغة الحجاز ، وذلك في ما سكن آخره بجزم ، نحو هذا ، أو وقف نحو : أملل ، ولا يفك في رفع ولا نصب وقرئ : شيا ، بالتشديد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فإن كان الذي عليه الحق سفيها ) قال
مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : هو الجاهل بالأمور والإملاء ، وقال
الحسن : الصبي والمرأة ، وقال
الضحاك ،
والسدي : الصغير . وضعف هذا لأنه قد يصدق السفيه على الكبير ، وذكر القاضي
أبو يعلى : أنه المبذر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المبذر لماله المفسد لدينه ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أنه الأحمق ، وقيل : الذي يجهل قدر المال فلا يمتنع من تبذيره ولا يرغب في تثميره ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الجاهل بالإسلام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أو ضعيفا ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : إنه العاجز ، والأخرس ، ومن به حمق ، وقال
مجاهد ،
والسدي : الأحمق . وذكر القاضي
أبو يعلى ، وغيره : أنه الصغير . وقيل : المدخول العقل ، الناقص الفطرة . وقال الشيخ : الكبير ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : العاجز عن الإملاء لعي أو لخرس .
[ ص: 345 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أو لا يستطيع أن يمل هو ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لعي أو خرس أو غيبة ، وقيل : بجنون ، وقيل : بجهل بما له أو عليه ، وقيل : لصغر ، والذي يظهر تباين هؤلاء الثلاثة ، فمن زعم زيادة ( أو ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أو ضعيفا ) أو زيادتها في هذا ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أو لا يستطيع ) فقوله ساقط ؛ إذ ( أو ) لا تزاد ، وأن السفه هو تبذير المال والجهل بالتصرف ، وأن الضعف هو في البدن لصغر أو إفراط شيخ ينقص معه التصرف ، وأن عدم استطاعته الإملاء لعي أو خرس ؛ لأن الاستطاعة هي القدرة على الإملال ، وهذا الشرح أكثره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري .
وقال
ابن عطية : ذكر تعالى ثلاثة أنواع تقع نوازلهم في كل زمان ، ويترتب الحق لهم في كل جهات سوى المعاملات : كالمواريث إذا قسمت ، وغير ذلك ، والسفيه المهلهل الرأي في المال الذي لا يحسن الأخذ والإعطاء ، وهذه الصفة لا تخلو من حجر ولي أو وصي ، وذلك وليه . والضعيف المدخول العقل الناقص الفطرة ، ووليه وصي أو أب ، والذي لا يستطيع أن يمل هو الغائب عن موضع الإشهاد إما لمرض أو لغير ذلك ، ووليه وكيله ، والأخرس من الضعفاء ، والأولى أنه ممن لا يستطيع ، وربما اجتمع اثنان أو الثلاثة في شخص ، انتهى ، وفيه بعض تلخيص ، وهو توكيد الضمير المستكن في : أن يمل ، وفيه من الفصاحة ما لا يخفى ؛ لأن في التأكيد به رفع المجاز الذي كان يحتمله إسناد الفعل إلى الضمير ، والتنصيص على أنه غير مستطيع بنفسه .
وقرئ شاذا بإسكان هاء ( هو ) وإن كان قد سبقها ما ينفصل ؛ إجراء للمنفصل مجرى المتصل بالواو والفاء واللام ، نحو : وهو ، فهو ، لهو ، وهذا أشذ من قراءة من قرأ : ( ثم هو يوم القيامة ) لأن ثم شاركت في كونه للعطف ، وأنها لا يوقف عليها فيتم المعنى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليملل وليه بالعدل ) الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليه ) عائد على أحد هؤلاء الثلاثة ، وهو الذي عليه الحق ، وتقدم تفسير
ابن عطية للولي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الذي يلي أمره من وصي إن كان سفيها أو صبيا ، أو وكيل إن كان غير مستطيع ، أو ترجمان يمل عنه ، وهو يصدقه ، وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري إلى أن الضمير في وليه يعود على الحق ، فيكون الولي هو الذي له الحق ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والربيع .
قال
ابن عطية : ولا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وكيف تشهد البينة على شيء ويدخل مالا في ذمة السفيه ، بإملاء الذي له الدين ، هذا شيء ليس في الشريعة .
قال
الراغب : لا يجوز أن يكون ولي الحق كما قال بعضهم ؛ لأن قوله لا يؤثر إذ هو مدع .
و ( بالعدل ) متعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فليملل ) ويحتمل أن تكون الباء للحال ، وفي قوله : ( بالعدل ) حث على تحريه لصاحب الحق ، والمولى عليه ، وقد استدل بهذه الآية على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=14666الحجر على الصغير ، واستدل بها على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=14925_14926_14927تصرف السفيه ، وعلى قيام ولاية التصرفات له في نفسه وأمواله .
وَمَعْنَى : بِالْعَدْلِ ، أَيْ : بِالْحَقِّ وَالْإِنْصَافِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ وَلَا فِي قَلَمِهِ مَيْلٌ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ .
وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بِالْعَدْلِ ) فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِالْعَدْلِ ، مُتَعَلِّقٌ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كَاتِبٌ ) صِفَةٌ لَهُ ، أَيْ : بِكَاتِبٍ مَأْمُونٍ عَلَى مَا يَكْتُبُ ، يَكْتُبُ بِالسَّوِيَّةِ وَالِاحْتِيَاطِ ، لَا يَزِيدُ عَلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكْتُبَ ، وَلَا يَنْقُصُ ، وَفِيهِ أَنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ
[ ص: 344 ] فَقِيهًا عَالِمًا بِالشُّرُوطِ ، حَتَّى يَجِيءَ مَكْتُوبُهُ مُعَدَّلًا بِالشَّرْعِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=24271أَمْرٌ لِلْمُتَدَايِنَيْنِ بِتَخَيُّرِ الْكَاتِبِ ، وَأَنْ لَا يَسْتَكْتِبُوا إِلَّا فَقِيهًا دَيِّنًا .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلْيَكْتُبْ ) وَلَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بِكَاتِبٍ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكْتُبَ وَثِيقَةً إِلَّا الْعَدْلُ فِي نَفْسِهِ ، وَقَدْ يَكْتُبُهَا الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُتَحَوِّطُ إِذَا أَقَامُوا فِقْهَهَا ، أَمَّا أَنَّ الْمُنْتَخَبِينَ لِكَتْبِهَا لَا يَجُوزُ لِلْوُلَاةِ أَنْ يَتْرُكُوهُمْ إِلَّا عُدُولًا مَرْضِيِّينَ ، وَقِيلَ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ ، أَيْ : فَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبُ الْعَدْلِ .
وَقَالَ
الْقَفَّالُ فِي مَعْنَى ( بِالْعَدْلِ ) : أَنْ يَكُونَ مَا يَكْتُبُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، لَا يُرْفَعُ إِلَى قَاضٍ فَيَجِدُ سَبِيلًا إِلَى إِبْطَالِهِ بِأَلْفَاظٍ لَا يَتَّسِعُ فِيهَا التَّأْوِيلُ ، فَيَحْتَاجُ الْحَاكِمُ إِلَى التَّوَقُّفِ ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلْيَكْتُبْ ) بِكَسْرِ لَامِ الْأَمْرِ ، وَالْكَسْرُ الْأَصْلُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282nindex.php?page=treesubj&link=28973وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ) نَهَى الْكَاتِبُ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=24271الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كَاتِبٌ ) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ ، فَتَعُمُّ ، وَ ( أَنْ يَكْتُبَ ) مَفْعُولُ ( وَلَا يَأْبَ ) وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282كَمَا عَلَّمَهُ ) اللَّهُ ، أَيْ : مِثْلَ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ كِتَابَةِ الْوَثَائِقِ ، لَا يُبَدِّلُ وَلَا يُغَيِّرُ ، وَفِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى بَذْلِ جُهْدِهِ فِي مُرَاعَاةِ شُرُوطِهِ مِمَّا قَدْ لَا يَعْرِفُهُ الْمُسْتَكْتِبُ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمِنَّةِ بِتَعْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ ، فَيَكُونُ : عَلَّمَ ، بِمَعْنَى : أَعْلَمَ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى كَمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِالْكِتَابِ ، فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ ، أَيْ : لِأَجْلِ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=77وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) أَيْ : لِأَجْلِ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْكَ . وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ الْكَافِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ يَكْتُبَ ) وَقِيلَ : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ يَكْتُبَ ) وَتَتَعَلَّقَ الْكَافُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيَكْتُبْ ) ، وَهُوَ قَلَقٌ لِأَجْلِ الْفَاءِ ، وَلِأَجْلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيَكْتُبْ ) لَكَانَ النَّظْمُ : فَلْيَكْتُبْ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيمِ مَا هُوَ مُتَأَخِّرٌ فِي الْمَعْنَى .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ( كَمَا ) مُتَعَلِّقًا بِمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ ) أَيْ : كَمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِعِلْمِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَأْبَ هُوَ ، وَلِيُفَضِلْ كَمَا أُفَضِلَ عَلَيْهِ ، انْتَهَى ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ ، وَتَكُونُ الْكَافُ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِلتَّعْلِيلِ ، وَإِذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ يَكْتُبَ ) كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ ) نَهْيًا عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ الْمُقَيَّدَةِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْكِتَابَةِ ، لَا يُعْدَلُ عَنْهَا ، أَمْرَ تَوْكِيدٍ ، وَإِذَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيَكْتُبْ ) كَانَ ذَلِكَ نَهْيًا عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْكِتَابَةِ الْمُقَيَّدَةِ .
وَقَالَ الرَّبِيعُ ،
وَالضَّحَّاكُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَأْبَ ) مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282لَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ) أَيْ : فَلْيَكْتُبِ الْكَاتِبُ ، وَلْيُمْلِلْ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَقُّ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ ، وَالْمُسْتَوْثِقُ مِنْهُ بِالْكِتَابَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ) ، فِيمَا يُمْلِيهِ وَيُقَرِّبُهُ ، وَجُمِعَ بَيْنَ اسْمِ الذَّاتِ وَهُوَ : اللَّهُ ، وَبَيْنَ هَذَا الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ : الرَّبُّ ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الذَّاتِ مَنْطُوقًا عَلَى جَمِيعِ الْأَوْصَافِ ، لِيَذْكُرَهُ تَعَالَى كَوْنَهُ مُرَبِّيًا لَهُ ، مُصْلِحًا لِأَمْرِهِ ، بَاسِطًا عَلَيْهِ نِعَمَهُ ، وَقُدِّمَ لَفْظُ ( اللَّهَ ) لِأَنَّ مُرَاقَبَتَهُ مِنْ جِهَةِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْأُلُوهِيَّةِ أَسْبَقُ مِنْ جِهَةِ النِّعَمِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ) أَيْ : لَا يَنْقُصْ بِالْمُخَادَعَةِ أَوِ الْمُدَافَعَةِ ، وَالْمَأْمُورُ بِالْإِمْلَالِ هُوَ الْمَالِكُ لِنَفْسِهِ ، وَفَكُّ الْمُضَاعَّفَيْنِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلْيُمْلِلِ ) لُغَةُ الْحِجَازِ ، وَذَلِكَ فِي مَا سَكَنَ آخِرُهُ بِجَزْمٍ ، نَحْوُ هَذَا ، أَوْ وَقْفٍ نَحْوُ : أَمْلِلْ ، وَلَا يُفَكُّ فِي رَفْعٍ وَلَا نَصْبٍ وَقُرِئَ : شَيًّا ، بِالتَّشْدِيدِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا ) قَالَ
مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ الْجَاهِلُ بِالْأُمُورِ وَالْإِمْلَاءِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ ، وَقَالَ
الضَّحَّاكُ ،
وَالسُّدِّيُّ : الصَّغِيرُ . وَضُعِّفَ هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ يَصْدُقُ السَّفِيهُ عَلَى الْكَبِيرِ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي
أَبُو يَعْلَى : أَنَّهُ الْمُبَذِّرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ الْمُفْسِدِ لِدِينِهِ ، وَرَوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : أَنَّهُ الْأَحْمَقُ ، وَقِيلَ : الَّذِي يَجْهَلُ قَدْرَ الْمَالِ فَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ تَبْذِيرِهِ وَلَا يَرْغَبُ فِي تَثْمِيرِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْجَاهِلُ بِالْإِسْلَامِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَوْ ضَعِيفًا ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : إِنَّهُ الْعَاجِزُ ، وَالْأَخْرَسُ ، وَمَنْ بِهِ حُمْقٌ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ ،
وَالسُّدِّيُّ : الْأَحْمَقُ . وَذَكَرَ الْقَاضِي
أَبُو يَعْلَى ، وَغَيْرُهُ : أَنَّهُ الصَّغِيرُ . وَقِيلَ : الْمَدْخُولُ الْعَقْلِ ، النَّاقِصُ الْفِطْرَةِ . وَقَالَ الشَّيْخُ : الْكَبِيرُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : الْعَاجِزُ عَنِ الْإِمْلَاءِ لِعَيٍّ أَوْ لِخَرَسٍ .
[ ص: 345 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لِعَيٍّ أَوْ خَرَسٍ أَوْ غَيْبَةٍ ، وَقِيلَ : بِجُنُونٍ ، وَقِيلَ : بِجَهْلٍ بِمَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : لِصِغَرٍ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ تَبَايُنُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ، فَمَنْ زَعَمَ زِيَادَةَ ( أَوْ ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَوْ ضَعِيفًا ) أَوْ زِيَادَتَهَا فِي هَذَا ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ ) فَقَوْلُهُ سَاقِطٌ ؛ إِذْ ( أَوْ ) لَا تُزَادُ ، وَأَنَّ السَّفَهَ هُوَ تَبْذِيرُ الْمَالِ وَالْجَهْلُ بِالتَّصَرُّفِ ، وَأَنَّ الضَّعْفَ هُوَ فِي الْبَدَنِ لِصِغَرٍ أَوْ إِفْرَاطِ شَيْخٍ يَنْقُصُ مَعَهُ التَّصَرُّفُ ، وَأَنَّ عَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِ الْإِمْلَاءَ لِعَيٍّ أَوْ خَرَسٍ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ هِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِمْلَالِ ، وَهَذَا الشَّرْحُ أَكْثَرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ذَكَرَ تَعَالَى ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ تَقَعُ نَوَازِلُهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَيَتَرَتَّبُ الْحَقُّ لَهُمْ فِي كُلِّ جِهَاتٍ سِوَى الْمُعَامَلَاتِ : كَالْمَوَارِيثِ إِذَا قُسِّمَتْ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَالسَّفِيهُ الْمُهَلْهَلِ الرَّأْيِ فِي الْمَالِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْأَخْذَ وَالْإِعْطَاءَ ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَا تَخْلُو مِنْ حَجْرِ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ ، وَذَلِكَ وَلَيُّهُ . وَالضَّعِيفُ الْمَدْخُولُ الْعَقْلِ النَّاقِصُ الْفِطْرَةِ ، وَوَلِيُّهُ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ ، وَالَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ الْغَائِبَ عَنْ مَوْضِعِ الْإِشْهَادِ إِمَّا لِمَرَضٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَوَلِيُّهُ وَكِيلُهُ ، وَالْأَخْرَسُ مِنَ الضُّعَفَاءِ ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ ، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوِ الثَّلَاثَةُ فِي شَخْصٍ ، انْتَهَى ، وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ ، وَهُوَ تَوْكِيدُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنُ فِي : أَنْ يُمِلَّ ، وَفِيهِ مِنَ الْفَصَاحَةِ مَا لَا يَخْفَى ؛ لِأَنَّ فِي التَّأْكِيدِ بِهِ رَفْعُ الْمَجَازِ الَّذِي كَانَ يَحْتَمِلُهُ إِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَى الضَّمِيرِ ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ بِنَفْسِهِ .
وَقُرِئَ شَاذًّا بِإِسْكَانِ هَاءِ ( هُوَ ) وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَهَا مَا يَنْفَصِلُ ؛ إِجْرَاءً لِلْمُنْفَصِلِ مَجْرَى الْمُتَّصِلِ بِالْوَاوِ وَالْفَاءِ وَاللَّامِ ، نَحْوُ : وَهُوَ ، فَهُوَ ، لَهُوَ ، وَهَذَا أَشَذُّ مِنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : ( ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) لِأَنَّ ثُمَّ شَارَكَتْ فِي كَوْنِهِ لِلْعَطْفِ ، وَأَنَّهَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا فَيَتِمُّ الْمَعْنَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ) الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلِيُّهُ ) عَائِدٌ عَلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ
ابْنَ عَطِيَّةَ لِلْوَلِيِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ مِنْ وَصِيٍّ إِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا ، أَوْ وَكِيلٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ ، أَوْ تُرْجُمَانَ يُمِلُّ عَنْهُ ، وَهُوَ يُصَدِّقُهُ ، وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ إِلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَلِيِّهِ يَعُودُ عَلَى الْحَقِّ ، فَيَكُونُ الْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعِ .
قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَلَا يَصِحُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَكَيْفَ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى شَيْءٍ وَيُدْخِلُ مَالًا فِي ذِمَّةِ السَّفِيهِ ، بِإِمْلَاءِ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ ، هَذَا شَيْءٌ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ .
قَالَ
الرَّاغِبُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ الْحَقِّ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُؤَثِّرُ إِذْ هُوَ مُدَّعٍ .
وَ ( بِالْعَدْلِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَلْيُمْلِلْ ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلْحَالِ ، وَفِي قَوْلِهِ : ( بِالْعَدْلِ ) حَثٌّ عَلَى تَحَرِّيهِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ ، وَالْمَوْلَى عَلَيْهِ ، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=14666الْحَجْرِ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَاسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=14925_14926_14927تَصَرُّفِ السَّفِيهِ ، وَعَلَى قِيَامِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفَاتِ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَأَمْوَالِهِ .