nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195nindex.php?page=treesubj&link=28974_7862_31104فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب .
دلت الفاء على سرعة الإجابة بحصول المطلوب ، ودلت على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19733_19736مناجاة العبد ربه بقلبه ضرب من ضروب الدعاء قابل للإجابة .
و ( استجاب ) بمعنى أجاب عند جمهور أئمة اللغة ، فالسين والتاء للتأكيد ، مثل : استوقد واستخلص . وعن
الفراء ، وعلي بن عيسى الربعي : أن استجاب أخص من أجاب لأن استجاب يقال لمن قبل ما دعي إليه ، وأجاب أعم ، فيقال لمن أجاب بالقبول وبالرد . وقال
الراغب : الاستجابة هي التحري للجواب والتهيؤ له ، لكن عبر به عن الإجابة لقلة انفكاكها منها . ويقال : استجاب له واستجابه ، فعدي في الآية باللام ، كما قالوا : حمد له وشكر له ، ويعدى بنفسه أيضا مثلهما .
قال
كعب بن سعد الغنوي ، يرثي قريبا له :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وتعبيرهم في دعائهم بوصف ربنا دون اسم الجلالة لما في وصف الربوبية من الدلالة على الشفقة بالمربوب ، ومحبة الخير له ، ومن الاعتراف بأنهم عبيده ولتتأتى الإضافة المفيدة التشريف والقرب ، ولرد حسن دعائهم بمثله بقولهم ربنا ، ربنا .
[ ص: 203 ] ومعنى نفي إضاعة عملهم نفي إلغاء الجزاء عنه : جعله كالضائع غير الحاصل في يد صاحبه .
فنفي إضاعة العمل وعد بالاعتداد بعملهم وحسبانه لهم ، فقد تضمنت الاستجابة تحقيق عدم إضاعة العمل تطمينا لقلوبهم من وجل عدم القبول ، وفي هذا دليل على أنهم أرادوا من قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194وآتنا ما وعدتنا على رسلك تحقيق قبول أعمالهم والاستعاذة من الحبط .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195من ذكر أو أنثى بيان لعامل ووجه الحاجة إلى هذا البيان هنا أن الأعمال التي أتوا بها أكبرها الإيمان ، ثم الهجرة ، ثم الجهاد ، ولما كان الجهاد أكثر تكررا خيف أن يتوهم أن النساء لا حظ لهن في تحقيق الوعد الذي وعد الله على ألسنة رسله ، فدفع هذا بأن للنساء حظهن في ذلك فهن في الإيمان والهجرة يساوين الرجال ، وهن لهن حظهن في ثواب الجهاد لأنهن يقمن على المرضى ويداوين الكلمى ، ويسقين الجيش ، وذلك عمل عظيم به استبقاء نفوس المسلمين ، فهو لا يقصر عن القتال الذي به إتلاف نفوس عدو المؤمنين .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195بعضكم من بعض ( من ) فيه اتصالية أي بعض المستجاب لهم متصل ببعض ، وهي كلمة تقولها العرب بمعنى أن شأنهم واحد وأمرهم سواء . قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر إلخ . وقولهم : هو مني وأنا منه ، وفي عكسه يقولون كما قال
النابغة :
فإني لست منك ولست مني
وقد حملها جمهور المفسرين على معنى أن نساءكم ورجالكم يجمعهم أصل واحد ، وعلى هذا فموقع هذه الجملة موقع التعليل للتعميم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195من ذكر أو أنثى أي لأن شأنكم واحد . وكل قائم بما لو لم يقم به لضاعت مصلحة الآخر ، فلا جرم أن كانوا سواء في تحقيق وعد الله إياهم ، وإن اختلفت أعمالهم وهذا كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن .
[ ص: 204 ] والأظهر عندي أن ليس هذا تعليلا لمضمون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195من ذكر أو أنثى بل هو بيان للتساوي في الأخبار المتعلقة بضمائر المخاطبين أي أنتم في عنايتي بأعمالكم سواء ، وهو قضاء لحق ما لهم من الأعمال الصالحة المتساوين فيها ، ليكون تمهيدا لبساط تمييز المهاجرين بفضل الهجرة الآتي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فالذين هاجروا ، الآيات .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فالذين هاجروا تفريع عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لا أضيع عمل عامل وهو من ذكر الخاص بعد العام للاهتمام بذلك الخاص ، واشتمل على بيان ما تفاضلوا فيه من العمل ، وهو الهجرة التي فاز بها المهاجرون .
والمهاجرة : هي ترك الموطن بقصد استيطان غيره ، والمفاعلة فيها للتقوية كأنه هجر قومه وهجروه لأنهم لم يحرصوا على بقائه ، وهذا أصل المهاجرة أن تكون لمنافرة ونحوها ، وهي تصدق بهجرة الذين هاجروا إلى بلاد
الحبشة وبهجرة الذين هاجروا إلى
المدينة .
وعطف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وأخرجوا من ديارهم على هاجروا لتحقيق معنى المفاعلة في هاجر أي هاجروا مهاجرة لزهم إليها قومهم ، سواء كان الإخراج بصريح القول أم بالإلجاء ، من جهة سوء المعاملة ، ولقد
nindex.php?page=treesubj&link=29287هاجر المسلمون الهجرة الأولى إلى الحبشة لما لاقوه من سوء معاملة المشركين ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=29301هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هجرته إلى المدينة والتحق به المسلمون كلهم ، لما لاقوه من أذى المشركين . ولا يوجد ما يدل على أن المشركين أخرجوا المسلمين ، وكيف واختفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه إلى
المدينة يدل على حرص المشركين على صده عن الخروج ، ويدل لذلك أيضا قول
كعب :
في فتية من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا
أي قال قائل من المسلمين اخرجوا من
مكة ، وعليه فكل ما ورد مما فيه أنهم أخرجوا من ديارهم بغير حق فتأويله أنه الإلجاء إلى الخروج ، ومنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341467قول ورقة بن نوفل يا ليتني أكون معك إذ يخرجك قومك ، وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - له أومخرجي هم ؟ فقال : ما جاء نبيء بمثل ما جئت [ ص: 205 ] به إلا عودي . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وأوذوا في سبيلي أي أصابهم الأذى وهو مكروه قليل من قول أو فعل وفهم منه أن من أصابهم الضر أولى بالثواب وأوفى . وهذه حالة تصدق بالذين أوذوا قبل الهجرة وبعدها .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وقاتلوا وقتلوا جمع بينهما للإشارة إلى أن للقسمين ثوابا . وقرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وقاتلوا وقتلوا وقرأ
حمزة .
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وخلف : وقتلوا وقاتلوا عكس قراءة الجمهور ومآل القراءتين واحد ، وهذه حالة تصدق على المهاجرين
والأنصار من الذين جاهدوا فاستشهدوا أو بقوا . وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لأكفرن عنهم سيئاتهم إلخ مؤكد بلام القسم . وتكفير السيئات تقدم آنفا .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195nindex.php?page=treesubj&link=28974_7862_31104فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ .
دَلَّتِ الْفَاءُ عَلَى سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ بِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ ، وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19733_19736مُنَاجَاةَ الْعَبْدِ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الدُّعَاءِ قَابِلٌ لِلْإِجَابَةِ .
وَ ( اسْتَجَابَ ) بِمَعْنَى أَجَابَ عِنْدَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ ، مِثْلَ : اسْتَوْقَدَ وَاسْتَخْلَصَ . وَعَنِ
الْفَرَّاءِ ، وَعَلِيِّ بْنِ عِيسَى الرَّبَعِيِّ : أَنَّ اسْتَجَابَ أَخَصُّ مِنْ أَجَابَ لِأَنَّ اسْتَجَابَ يُقَالُ لِمَنْ قَبِلَ مَا دُعِيَ إِلَيْهِ ، وَأَجَابَ أَعَمُّ ، فَيُقَالُ لِمَنْ أَجَابَ بِالْقَبُولِ وَبِالرَّدِّ . وَقَالَ
الرَّاغِبُ : الِاسْتِجَابَةُ هِيَ التَّحَرِّي لِلْجَوَابِ وَالتَّهَيُّؤُ لَهُ ، لَكِنْ عَبَّرَ بِهِ عَنِ الْإِجَابَةِ لِقِلَّةِ انْفِكَاكِهَا مِنْهَا . وَيُقَالُ : اسْتَجَابَ لَهُ وَاسْتَجَابَهُ ، فَعُدِّيَ فِي الْآيَةِ بِاللَّامِ ، كَمَا قَالُوا : حَمِدَ لَهُ وَشَكَرَ لَهُ ، وَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا مِثْلُهُمَا .
قَالَ
كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الْغَنَوِيُّ ، يَرْثِي قَرِيبًا لَهُ :
وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَا فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
وَتَعْبِيرُهُمْ فِي دُعَائِهِمْ بِوَصْفِ رَبَّنَا دُونَ اسْمِ الْجَلَالَةِ لِمَا فِي وَصْفِ الرُّبُوبِيَّةِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الشَّفَقَةِ بِالْمَرْبُوبِ ، وَمَحَبَّةِ الْخَيْرِ لَهُ ، وَمِنَ الِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ وَلِتَتَأَتَّى الْإِضَافَةُ الْمُفِيدَةُ التَّشْرِيفَ وَالْقُرْبَ ، وَلِرَدِّ حُسْنِ دُعَائِهِمْ بِمِثْلِهِ بِقَوْلِهِمْ رَبَّنَا ، رَبَّنَا .
[ ص: 203 ] وَمَعْنَى نَفْيِ إِضَاعَةِ عَمَلِهِمْ نَفْيُ إِلْغَاءِ الْجَزَاءِ عَنْهُ : جَعْلُهُ كَالضَّائِعِ غَيْرِ الْحَاصِلِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ .
فَنَفْيُ إِضَاعَةِ الْعَمَلِ وَعْدٌ بِالِاعْتِدَادِ بِعَمَلِهِمْ وَحُسْبَانِهِ لَهُمْ ، فَقَدْ تَضَمَّنَتِ الِاسْتِجَابَةُ تَحْقِيقَ عَدَمِ إِضَاعَةِ الْعَمَلِ تَطْمِينًا لِقُلُوبِهِمْ مِنْ وَجَلِ عَدَمِ الْقَبُولِ ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا مِنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=194وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ تَحْقِيقَ قَبُولِ أَعْمَالِهِمْ وَالِاسْتِعَاذَةِ مِنَ الْحَبَطِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَيَانٌ لِعَامِلٍ وَوَجْهُ الْحَاجَةِ إِلَى هَذَا الْبَيَانِ هُنَا أَنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِي أَتَوْا بِهَا أَكْبَرُهَا الْإِيمَانُ ، ثُمَّ الْهِجْرَةُ ، ثُمَّ الْجِهَادُ ، وَلَمَّا كَانَ الْجِهَادُ أَكْثَرَ تَكَرُّرًا خِيفَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ النِّسَاءَ لَا حَظَّ لَهُنَّ فِي تَحْقِيقِ الْوَعْدِ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ ، فَدَفَعَ هَذَا بِأَنَّ لِلنِّسَاءِ حَظَّهُنَّ فِي ذَلِكَ فَهُنَّ فِي الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ يُسَاوِينَ الرِّجَالَ ، وَهُنَّ لَهُنَّ حَظُّهُنَّ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ لِأَنَّهُنَّ يَقُمْنَ عَلَى الْمَرْضَى وَيُدَاوِينَ الْكَلْمَى ، وَيَسْقِينَ الْجَيْشَ ، وَذَلِكَ عَمَلٌ عَظِيمٌ بِهِ اسْتِبْقَاءُ نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ ، فَهُوَ لَا يُقْصَرُ عَنِ الْقِتَالِ الَّذِي بِهِ إِتْلَافُ نُفُوسِ عَدُوِّ الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ( مِنْ ) فِيهِ اتِّصَالِيَّةٌ أَيْ بَعْضُ الْمُسْتَجَابِ لَهُمْ مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ بِمَعْنَى أَنَّ شَأْنَهُمْ وَاحِدٌ وَأَمْرَهُمْ سَوَاءٌ . قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ إِلَخْ . وَقَوْلُهُمْ : هُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، وَفِي عَكْسِهِ يَقُولُونَ كَمَا قَالَ
النَّابِغَةُ :
فَإِنِّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي
وَقَدْ حَمَلَهَا جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ نِسَاءَكُمْ وَرِجَالَكُمْ يَجْمَعُهُمْ أَصْلٌ وَاحِدٌ ، وَعَلَى هَذَا فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَوْقِعُ التَّعْلِيلِ لِلتَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَيْ لِأَنَّ شَأْنَكُمْ وَاحِدٌ . وَكُلٌّ قَائِمٌ بِمَا لَوْ لَمْ يَقُمْ بِهِ لَضَاعَتْ مَصْلَحَةُ الْآخَرِ ، فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانُوا سَوَاءً فِي تَحْقِيقِ وَعْدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَعْمَالُهُمْ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ .
[ ص: 204 ] وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ لَيْسَ هَذَا تَعْلِيلًا لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلتَّسَاوِي فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِضَمَائِرِ الْمُخَاطَبِينَ أَيْ أَنْتُمْ فِي عِنَايَتِي بِأَعْمَالِكُمْ سَوَاءٌ ، وَهُوَ قَضَاءٌ لِحَقِّ مَا لَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمُتَسَاوِينَ فِيهَا ، لِيَكُونَ تَمْهِيدًا لِبِسَاطِ تَمْيِيزِ الْمُهَاجِرِينَ بِفَضْلِ الْهِجْرَةِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَالَّذِينَ هَاجَرُوا ، الْآيَاتِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195فَالَّذِينَ هَاجَرُوا تَفْرِيعٌ عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ الْخَاصِّ ، وَاشْتَمَلَ عَلَى بَيَانِ مَا تَفَاضَلُوا فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ ، وَهُوَ الْهِجْرَةُ الَّتِي فَازَ بِهَا الْمُهَاجِرُونَ .
وَالْمُهَاجَرَةُ : هِيَ تَرْكُ الْمَوْطِنِ بِقَصْدِ اسْتِيطَانِ غَيْرِهِ ، وَالْمُفَاعَلَةُ فِيهَا لِلتَّقْوِيَةِ كَأَنَّهُ هَجَرَ قَوْمَهُ وَهَجَرُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْرِصُوا عَلَى بَقَائِهِ ، وَهَذَا أَصْلُ الْمُهَاجَرَةِ أَنْ تَكُونَ لِمُنَافَرَةٍ وَنَحْوِهَا ، وَهِيَ تَصْدُقُ بِهِجْرَةِ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى بِلَادِ
الْحَبَشَةِ وَبِهِجْرَةِ الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ .
وَعُطِفَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ عَلَى هَاجَرُوا لِتَحْقِيقِ مَعْنَى الْمُفَاعَلَةِ فِي هَاجَرَ أَيْ هَاجَرُوا مُهَاجِرَةً لَزَّهُمْ إِلَيْهَا قَوْمُهُمْ ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِخْرَاجُ بِصَرِيحِ الْقَوْلِ أَمْ بِالْإِلْجَاءِ ، مِنْ جِهَةِ سُوءِ الْمُعَامَلَةِ ، وَلَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=29287هَاجَرَ الْمُسْلِمُونَ الْهِجْرَةَ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ لِمَا لَاقَوْهُ مِنْ سُوءِ مُعَامَلَةِ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29301هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِجْرَتَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْتَحَقَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ ، لِمَا لَاقَوْهُ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ . وَلَا يُوجَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخْرَجُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَكَيْفَ وَاخْتِفَاءُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ خُرُوجِهِ إِلَى
الْمَدِينَةِ يَدُلُّ عَلَى حِرْصِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى صَدِّهِ عَنِ الْخُرُوجِ ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ
كَعْبٍ :
فِي فِتْيَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا زُولُوا
أَيْ قَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اخْرُجُوا مِنْ
مَكَّةَ ، وَعَلَيْهِ فَكُلُّ مَا وَرَدَ مِمَّا فِيهِ أَنَّهُمْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ فَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ الْإِلْجَاءُ إِلَى الْخُرُوجِ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341467قَوْلُ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ يَا لَيْتَنِي أَكُونُ مَعَكَ إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ ، وَقَوْلُ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ فَقَالَ : مَا جَاءَ نَبِيءٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ [ ص: 205 ] بِهِ إِلَّا عُودِيَ . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي أَيْ أَصَابَهُمُ الْأَذَى وَهُوَ مَكْرُوهٌ قَلِيلٌ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَصَابَهُمُ الضُّرُّ أَوْلَى بِالثَّوَابِ وَأَوْفَى . وَهَذِهِ حَالَةٌ تَصْدُقُ بِالَّذِينَ أُوذُوا قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَهَا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ لِلْقِسْمَيْنِ ثَوَابًا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا وَقَرَأَ
حَمْزَةُ .
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ، وَخَلَفٌ : وَقُتِلُوا وَقَاتَلُوا عَكْسَ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَمَآلُ الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ ، وَهَذِهِ حَالَةٌ تَصْدُقُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ مِنَ الَّذِينَ جَاهَدُوا فَاسْتَشْهَدُوا أَوْ بَقُوا . وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=195لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ إِلَخْ مُؤَكَّدٌ بِلَامِ الْقَسَمِ . وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ تَقَدَّمَ آنِفًا .