[ ص: 240 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
فيها كانت الحروب الشديدة بين
السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه وبين عمه
السلطان سنجر بن ملكشاه ، فكان النصر فيها
لسنجر ، فخطب له
ببغداد في سادس عشر جمادى الأولى من هذه السنة ، وقطعت خطبة
السلطان محمود ثم وقع الصلح بينهما ورسم
السلطان سنجر أن يخطب لابن أخيه
محمود في سائر أعماله .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33882سارت الفرنج إلى مدينة حلب ففتحوها عنوة وملكوها وقتلوا من أهلها خلقا ، فسار إليهم
صاحب ماردين إيلغازي بن أرتق في جيش كثيف فهزمهم عنها ، ولحقهم إلى جبل قد تحصنوا فيه ، فقتل منهم هنالك مقتلة عظيمة ؛ ولله الحمد ، ولم يفلت منهم إلا اليسير ، وأسر من مقدمهم نيفا وسبعين رجلا ، وقتل فيمن قتل
سرخال صاحب أنطاكية وحمل رأسه إلى
بغداد فقال بعض الشعراء في ذلك وقد بالغ مبالغة فاحشة :
قل ما تشاء فقولك المقبول وعليك بعد الخالق التعويل [ ص: 241 ] واستبشر القرآن حين نصرته
وبكى لفقد رجاله الإنجيل
وفيها قتل
الأمير منكبرس الذي كان شحنة
بغداد وكان ظالما غاشما سيئ السيرة ، قتله
الملك محمود بن محمد بن ملكشاه صبرا بين يديه لأمور ; منها أنه تزوج سرية أبيه قبل انقضاء عدتها ، ونعم ما فعل ، وقد أراح الله المسلمين منه ما كان أظلمه وأغشمه .
وفيها تولى قضاء قضاة
بغداد الأكمل أبو القاسم بن علي بن أبي طالب ،
الحسين بن محمد الزينبي ، وخلع عليه بعد موت
أبي الحسن الدامغاني ، وفيها ظهر قبر
إبراهيم الخليل عليه السلام وقبر
إسحاق ويعقوب عليهم السلام . وشاهد ذلك الناس ولم تبل أجسادهم ، وعندهم قناديل من ذهب وفضة ، ذكر ذلك
ابن الخازن في " تاريخه " وأظنه نقله من " المنتظم "
nindex.php?page=showalam&ids=11890لابن الجوزي ، والله أعلم .
[ ص: 240 ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ
فِيهَا كَانَتِ الْحُرُوبُ الشَّدِيدَةُ بَيْنَ
السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ وَبَيْنَ عَمِّهِ
السُّلْطَانِ سَنْجَرَ بْنِ مَلِكْشَاهْ ، فَكَانَ النَّصْرُ فِيهَا
لِسَنْجَرَ ، فَخُطِبَ لَهُ
بِبَغْدَادَ فِي سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ، وَقُطِعَتْ خُطْبَةُ
السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ ثُمَّ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا وَرَسَمَ
السُّلْطَانُ سَنْجَرَ أَنْ يُخْطَبَ لِابْنِ أَخِيهِ
مَحْمُودٍ فِي سَائِرِ أَعْمَالِهِ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33882سَارَتِ الْفِرِنْجُ إِلَى مَدِينَةِ حَلَبَ فَفَتَحُوهَا عَنْوَةً وَمَلَكُوهَا وَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ
صَاحِبُ مَارِدِينَ إِيلْغَازِي بْنُ أُرْتُقَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فَهَزَمَهُمْ عَنْهَا ، وَلَحِقَهُمْ إِلَى جَبَلٍ قَدْ تَحَصَّنُوا فِيهِ ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ هُنَالِكَ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً ؛ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ ، وَأَسَرَ مِنْ مُقَدَّمِهِمْ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ رَجُلًا ، وَقُتِلَ فِيمَنْ قُتِلَ
سَرْخَالُ صَاحِبِ أَنْطَاكِيَةَ وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى
بَغْدَادَ فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَالَغَ مُبَالَغَةً فَاحِشَةً :
قُلْ مَا تَشَاءُ فَقَوْلُكَ الْمَقْبُولُ وَعَلَيْكَ بَعْدَ الْخَالِقِ التَّعْوِيلُ [ ص: 241 ] وَاسْتَبْشَرَ الْقُرْآنُ حِينَ نَصَرْتَهُ
وَبَكَى لِفَقْدِ رِجَالِهِ الْإِنْجِيلُ
وَفِيهَا قُتِلَ
الْأَمِيرُ مَنْكُبِرْسُ الَّذِي كَانَ شِحْنَةَ
بَغْدَادَ وَكَانَ ظَالِمًا غَاشِمًا سَيِّئَ السِّيرَةِ ، قَتَلَهُ
الْمَلِكُ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكْشَاهْ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ لِأُمُورٍ ; مِنْهَا أَنَّهُ تَزَوَّجَ سُرِّيَّةَ أَبِيهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَنِعْمَ مَا فَعَلَ ، وَقَدْ أَرَاحَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ مَا كَانَ أَظْلَمَهُ وَأَغْشَمَهُ .
وَفِيهَا تَوَلَّى قَضَاءَ قُضَاةِ
بَغْدَادَ الْأَكْمَلُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،
الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ
أَبِي الْحَسَنِ الدَّامَغَانِيِّ ، وَفِيهَا ظَهَرَ قَبْرُ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَبْرُ
إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ . وَشَاهَدَ ذَلِكَ النَّاسُ وَلَمْ تَبْلَ أَجْسَادُهُمْ ، وَعِنْدَهُمْ قَنَادِيلُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، ذَكَرَ ذَلِكَ
ابْنُ الْخَازِنِ فِي " تَارِيخِهِ " وَأَظُنُّهُ نَقَلَهُ مِنْ " الْمُنْتَظَمِ "
nindex.php?page=showalam&ids=11890لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .