[ ص: 259 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم ( 209 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فإن أخطأتم الحق فضللتم عنه ، وخالفتم الإسلام وشرائعه ، من بعد ما جاءتكم حججي وبينات هداي ، واتضحت لكم صحة أمر الإسلام بالأدلة التي قطعت عذركم أيها المؤمنون فاعلموا أن الله ذو عزة ، لا يمنعه من الانتقام منكم مانع ، ولا يدفعه عن عقوبتكم على مخالفتكم أمره ومعصيتكم إياه دافع "حكيم" فيما يفعل بكم من عقوبته على معصيتكم إياه ، بعد إقامته الحجة عليكم ، وفي غيره من أموره .
وقد قال عدد من أهل التأويل : إن" البينات " هي محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن .
وذلك قريب من الذي قلنا في تأويل ذلك ؛ لأن محمدا صلى الله عليه وسلم والقرآن ، من حجج الله على الذين خوطبوا بهاتين الآيتين . غير أن الذي قلناه في تأويل ذلك أولى بالحق ؛ لأن الله جل ثناؤه ، قد احتج على من خالف الإسلام من أحبار أهل الكتاب بما عهد إليهم في التوراة والإنجيل ، وتقدم إليهم على ألسن أنبيائهم بالوصاة به ، فذلك وغيره من حجج الله تبارك وتعالى عليهم مع ما لزمهم من الحجج بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن . فلذلك اخترنا ما اخترنا من التأويل في ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله : " فإن زللتم " :
4027 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن في قوله : " السدي فإن زللتم " ، يقول : فإن ضللتم . [ ص: 260 ]
4028 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " فإن زللتم " قال : الزلل : الشرك .
ذكر أقوال القائلين في تأويل قوله : " من بعد ما جاءتكم البينات " :
4029 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي من بعد ما جاءتكم البينات " ، يقول : من بعد ما جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم .
4030 - وحدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن : " ابن جريج فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات " ، قال : الإسلام والقرآن .
4031 - حدثت عن عمار ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : " فاعلموا أن الله عزيز حكيم " ، يقول : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره .