[ ص: 558 ] القول في تأويل قوله ( والشمس والقمر حسبانا )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك :
فقال بعضهم : معنى ذلك : وجعل الشمس والقمر يجريان في أفلاكهما بحساب .
ذكر من قال ذلك :
13605 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " والشمس والقمر حسبانا " يعني : عدد الأيام والشهور والسنين .
13606 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " والشمس والقمر حسبانا " قال : يجريان إلى أجل جعل لهما .
13607 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي والشمس والقمر حسبانا " يقول : بحساب .
13608 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " والشمس والقمر حسبانا " قال : الشمس والقمر في حساب ، فإذا خلت أيامهما فذاك آخر الدهر ، وأول الفزع الأكبر " ذلك تقدير العزيز العليم " .
13609 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " والشمس والقمر حسبانا " قال : يدوران في حساب .
13610 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن [ ص: 559 ] ، عن ابن جريج مجاهد : " والشمس والقمر حسبانا ، قال هو مثل قوله : كل في فلك يسبحون [ سورة يس : 40 ] ، ومثل قوله : ( الشمس والقمر بحسبان ) [ سورة الرحمن : 5 ] .
وقال آخرون : معنى ذلك : وجعل الشمس والقمر ضياء .
ذكر من قال ذلك :
13611 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " والشمس والقمر حسبانا " أي ضياء .
قال أبو جعفر : وأولى القولين في تأويل ذلك عندي بالصواب ، تأويل من تأوله : وجعل الشمس والقمر يجريان بحساب وعدد لبلوغ أمرهما ونهاية آجالهما ، ويدوران لمصالح الخلق التي جعلا لها .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية ، لأن الله - تعالى ذكره - ذكر قبله أياديه عند خلقه ، وعظم سلطانه ، بفلقه الإصباح لهم ، وإخراج النبات والغراس من الحب والنوى ، وعقب ذلك بذكره خلق النجوم لهدايتهم في البر والبحر . فكان لمنافعهم ، أشبه بهذا الموضع من ذكر إضاءتهما ، لأنه قد وصف ذلك قبل بقوله : " فالق الإصباح " فلا معنى لتكريره مرة أخرى في آية واحدة لغير معنى . وصفه إجراءه الشمس والقمر
و " الحسبان " في كلام العرب جمع " حساب " كما " الشهبان " جمع شهاب . وقد قيل إن " الحسبان " في هذا الموضع مصدر من قول القائل : " حسبت الحساب أحسبه حسابا وحسبانا " . وحكي عن العرب : " على الله حسبان فلان وحسبته " أي : حسابه . [ ص: 560 ]
وأحسب أن قتادة في تأويل ذلك بمعنى الضياء ، ذهب إلى شيء يروى عن ابن عباس في قوله : أو يرسل عليها حسبانا من السماء [ سورة الكهف : 40 ] . قال : نارا ، فوجه تأويل قوله : " والشمس والقمر حسبانا " إلى ذلك التأويل . وليس هذا من ذلك المعنى في شيء .
وأما " الحسبان " بكسر " الحاء " فإنه جمع " الحسبانة " وهي الوسادة الصغيرة ، وليست من الأولين أيضا في شيء . يقال : " حسبته " أجلسته عليها .
ونصب قوله : " حسبانا " بقوله : " وجعل " .
وكان بعض البصريين يقول : معناه : " والشمس والقمر حسبانا " أي : بحساب ، فحذف " الباء " كما حذفها من قوله : " هو أعلم من يضل عن سبيله " [ سورة الأنعام : 117 ] ، أي : أعلم بمن يضل عن سبيله .