القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28975_10801_10821_10981ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ( 22 ) )
قال
أبو جعفر : قد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يخلفون على حلائل آبائهم ، فجاء الإسلام وهم على ذلك ، فحرم الله تبارك وتعالى عليهم المقام عليهن ، وعفا لهم عما كان سلف منهم في جاهليتهم وشركهم من فعل ذلك ، لم يؤاخذهم به ، إن هم اتقوا الله في إسلامهم وأطاعوه فيه .
ذكر الأخبار التي رويت في ذلك :
8938 - حدثني
محمد بن عبد الله المخرمي قال : حدثنا
قراد قال : حدثنا
[ ص: 133 ] ابن عيينة وعمرو ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما يحرم إلا امرأة الأب ،
nindex.php?page=treesubj&link=10988_10801والجمع بين الأختين . قال : فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأن تجمعوا بين الأختين )
8939 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
عبد الأعلى قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الآية ، قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله ، إلا أن الرجل كان يخلف على حليلة أبيه ، ويجمعون بين الأختين ، فمن ثم قال الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف .
8940 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عكرمة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ، قال : نزلت في
أبي قيس بن الأسلت ، خلف على
أم عبيد بنت صخر ، كانت تحت
الأسلت أبيه ، وفي
الأسود بن خلف ، وكان خلف على
بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، وكانت عند أبيه
خلف وفي
فاختة بنت الأسود بن المطلب بن أسد ، وكانت عند
أمية بن خلف ، فخلف عليها
صفوان بن أمية وفي
منظور بن زبان ، وكان خلف على
مليكة ابنة خارجة ، وكانت عند أبيه
زبان بن سيار .
[ ص: 134 ] 8941 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء بن أبي رباح : الرجل ينكح المرأة ، ثم لا يراها
[ ص: 135 ] حتى يطلقها ، أتحل لابنه ؟ قال : هي مرسلة ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء . قال : قلت
لعطاء : ما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف ؟ قال : كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية .
8942 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية [ ص: 136 ] بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء الآية ، يقول : كل امرأة تزوجها أبوك وابنك ، دخل أو لم يدخل ، فهي عليك حرام .
واختلف في معنى قوله : " إلا ما قد سلف " .
فقال بعضهم : معناه : لكن ما قد سلف فدعوه . وقالوا : هو من الاستثناء المنقطع .
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا تنكحوا نكاح آبائكم بمعنى : ولا تنكحوا كنكاحهم ، كما نكحوا على الوجوه الفاسدة التي لا يجوز مثلها في الإسلام
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ، يعني : أن نكاح آبائكم الذي كانوا ينكحونه في جاهليتهم ، كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا - إلا ما قد سلف منكم في جاهليتكم من نكاح ، لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام ، فإنه معفو لكم عنه .
وقالوا : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ، كقول القائل للرجل : " لا تفعل ما فعلت " و " لا تأكل ما أكلت " بمعنى : ولا تأكل كما أكلت ، ولا تفعل كما فعلت .
وقال آخرون : معنى ذلك : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء بالنكاح الجائز كان عقده بينهم ، إلا ما قد سلف منهم من وجوه الزنا عندهم ، فإن نكاحهن لكم حلال ، لأنهن لم يكن لهم حلائل ، وإنما كان ما كان من آبائكم ومنهن من ذلك - فاحشة ومقتا وساء سبيلا .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 137 ] 8943 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف الآية ، قال : الزنا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا فزاد هاهنا " المقت " .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، على ما قاله أهل التأويل في تأويله ، أن يكون معناه : ولا تنكحوا من النساء نكاح آبائكم ، إلا ما قد سلف منكم فمضى في الجاهلية ، فإنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا فيكون قوله : "من النساء " من صلة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ، ويكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ما نكح آباؤكم بمعنى المصدر ، ويكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف بمعنى الاستثناء المنقطع ، لأنه يحسن في موضعه : " لكن ما قد سلف فمضى "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا .
فإن قال قائل : وكيف يكون هذا القول موافقا قول من ذكرت قوله من أهل التأويل ، وقد علمت أن الذين ذكرت قولهم في ذلك ، إنما قالوا : أنزلت هذه الآية في
nindex.php?page=treesubj&link=10821_10981النهي عن نكاح حلائل الآباء ، وأنت تذكر أنهم إنما نهوا أن ينكحوا نكاحهم ؟
قيل له : إنما قلنا إن ذلك هو التأويل الموافق لظاهر التنزيل ، إذ كانت " ما " في كلام العرب لغير بني آدم ، وأنه لو كان المقصود بذلك - النهي عن حلائل الآباء ، دون سائر ما كان من مناكح آبائهم حراما : ابتداء مثله في الإسلام بنهي الله
[ ص: 138 ] - جل ثناؤه - عنه ؛ لقيل : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا من نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف " - لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، إذ كان " من " لبني آدم ، و " ما " لغيرهم ولم يقل : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " . وأما قوله تعالى ذكره :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ، فإنه يدخل في " ما " ما كان من مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحونها في جاهليتهم . فحرم عليهم في الإسلام بهذه الآية - نكاح حلائل الآباء وكل نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره عن ابتداء مثله في الإسلام ، مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شركهم .
ومعنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إلا ما قد سلف ، إلا ما قد مضى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إنه كان فاحشة ، يقول : إن نكاحكم الذي سلف منكم كنكاح آبائكم المحرم عليكم ابتداء مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم - " فاحشة " يقول : معصية "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ومقتا وساء سبيلا ، أي : بئس طريقا ومنهجا ما كنتم تفعلون في
[ ص: 139 ] جاهليتكم من المناكح التي كنتم تناكحونها .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28975_10801_10821_10981وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ( 22 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : قَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يَخْلُفُونَ عَلَى حَلَائِلِ آبَائِهِمْ ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَحَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمُ الْمُقَامَ عَلَيْهِنَّ ، وَعَفَا لَهُمْ عَمَّا كَانَ سَلَفَ مِنْهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَشِرْكِهِمْ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ ، لَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ ، إِنْ هُمُ اتَّقَوُا اللَّهَ فِي إِسْلَامِهِمْ وَأَطَاعُوهُ فِيهِ .
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ :
8938 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
قُرَادٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
[ ص: 133 ] ابْنُ عُيَيْنَةَ وَعَمْرٌو ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ مَا يُحَرَّمُ إِلَّا امْرَأَةَ الْأَبِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=10988_10801وَالْجَمْعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ . قَالَ : فأنَزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ )
8939 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ الْآيَةَ ، قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ، إِلَّا أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَخْلُفُ عَلَى حَلِيلَةِ أَبِيهِ ، وَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ .
8940 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ، قَالَ : نَزَلَتْ فِي
أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ ، خَلَفَ عَلَى
أُمِّ عُبَيْدٍ بِنْتِ صَخْرٍ ، كَانَتْ تَحْتَ
الْأَسْلَتِ أَبِيهِ ، وُفِي
الْأُسُودِ بْنِ خَلَفٍ ، وَكَانَ خَلَفَ عَلَى
بِنْتِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ ، وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِيهِ
خَلَفٍ وَفِي
فَاخِتَةَ بِنْتِ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ ، وَكَانَتْ عِنْدَ
أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا
صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَفِي
مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانٍ ، وَكَانَ خَلَفَ عَلَى
مُلَيْكَةَ ابْنَةَ خَارِجَةَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ أَبِيهِ
زَبَّانِ بْنِ سَيَّارٍ .
[ ص: 134 ] 8941 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16568لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : الرَّجُلُ يَنْكِحُ الْمَرْأَةَ ، ثُمَّ لَا يَرَاهَا
[ ص: 135 ] حَتَّى يُطَلِّقَهَا ، أَتَحِلُّ لِابْنِهِ ؟ قَالَ : هِيَ مُرْسَلَةٌ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . قَالَ : قُلْتُ
لِعَطَاءٍ : مَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ؟ قَالَ : كَانَ الْأَبْنَاءُ يَنْكِحُونَ نِسَاءَ آبَائِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
8942 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ [ ص: 136 ] بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ الْآيَةَ ، يَقُولُ : كُلُّ امْرَأَةٍ تُزَوَّجَهَا أَبُوكَ وَابْنُكَ ، دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ، فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ .
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : " إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ " .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَدَعُوهُ . وَقَالُوا : هُوَ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا نِكَاحَ آبَائِكُمْ بِمَعْنَى : وَلَا تَنْكِحُوا كَنِكَاحِهِمْ ، كَمَا نَكَحُوا عَلَى الْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ مِثْلُهَا فِي الْإِسْلَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ، يَعْنِي : أَنَّ نِكَاحَ آبَائِكُمُ الَّذِي كَانُوا يَنْكِحُونَهُ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ، كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا - إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ مِنْ نِكَاحٍ ، لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ لَكُمْ عَنْهُ .
وَقَالُوا : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِلرَّجُلِ : " لَا تَفْعَلْ مَا فَعَلْتُ " وَ " لَا تَأْكُلْ مَا أَكَلْتُ " بِمَعْنَى : وَلَا تَأْكُلْ كَمَا أَكَلْتُ ، وَلَا تَفْعَلْ كَمَا فَعَلْتُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ بِالنِّكَاحِ الْجَائِزِ كَانَ عَقْدُهُ بَيْنَهُمْ ، إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهِ الزِّنَا عِنْدَهُمْ ، فَإِنَّ نِكَاحَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ ، لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ لَهُمْ حَلَائِلَ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا كَانَ مِنْ آبَائِكُمْ وَمِنْهُنَّ مِنْ ذَلِكَ - فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 137 ] 8943 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ الْآيَةَ ، قَالَ : الزِّنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا فَزَادَ هَاهُنَا " الْمَقْتَ " .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ ، عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ ، أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : وَلَا تَنْكِحُوا مِنَ النِّسَاءِ نِكَاحَ آبَائِكُمْ ، إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْكُمْ فَمَضَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا فَيَكُونُ قَوْلُهُ : "مِنَ النِّسَاءِ " مِنْ صِلَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ ، لِأَنَّهُ يَحْسُنُ فِي مَوْضِعِهِ : " لَكِنْ مَا قَدْ سَلَفَ فَمَضَى "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ مُوَافِقًا قَوْلَ مَنْ ذَكَرْتَ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الَّذِينَ ذَكَرْتَ قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ ، إِنَّمَا قَالُوا : أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10821_10981النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ حَلَائِلِ الْآبَاءِ ، وَأَنْتَ تَذْكُرُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا نُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا نِكَاحَهُمْ ؟
قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ هُوَ التَّأْوِيلُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ ، إِذْ كَانَتْ " مَا " فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ - النَّهْيُ عَنْ حَلَائِلِ الْآبَاءِ ، دُونَ سَائِرِ مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِحِ آبَائِهِمْ حَرَامًا : ابْتِدَاءُ مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ بِنَهْيِ اللَّهِ
[ ص: 138 ] - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - عَنْهُ ؛ لَقِيلَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَنْ نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ " - لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، إِذْ كَانَ " مَنْ " لِبَنِي آدَمَ ، وَ " مَا " لِغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُقَلْ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ " . وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي " مَا " مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِحِ آبَائِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَتَنَاكَحُونَهَا فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ . فَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ - نِكَاحَ حَلَائِلِ الْآبَاءِ وَكُلَّ نِكَاحٍ سِوَاهُ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنِ ابْتِدَاءِ مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ ، مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَنَاكَحُونَهُ فِي شِرْكِهِمْ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ، إِلَّا مَا قَدْ مَضَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ، يَقُولُ : إِنَّ نِكَاحَكُمُ الَّذِي سَلَفَ مِنْكُمْ كَنِكَاحِ آبَائِكُمُ الْمُحَرَّمِ عَلَيْكُمُ ابْتِدَاءُ مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَحْرِيمِي ذَلِكَ عَلَيْكُمْ - " فَاحِشَةً " يَقُولُ : مَعْصِيَةً "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ، أَيْ : بِئْسَ طَرِيقًا وَمَنْهَجًا مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ فِي
[ ص: 139 ] جَاهِلِيَّتِكُمْ مِنَ الْمَنَاكِحِ الَّتِي كُنْتُمْ تَنَاكَحُونَهَا .