قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا nindex.php?page=treesubj&link=32282قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا يعني مشركي
قريش و عزا معناه أعوانا ومنعة ؛ يعني أولادا . والعز المطر الجود أيضا ؛ قاله
الهروي . وظاهر الكلام أن عزا راجع إلى الآلهة التي عبدوها من دون الله . ووحد لأنه بمعنى المصدر ؛ أي لينالوا بها العز ويمتنعون بها من عذاب الله ؛ فقال الله تعالى : كلا أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا بل يكفرون بعبادتهم ؛ أي ينكرون أنهم عبدوا الأصنام ، أو تجحد الآلهة عبادة المشركين لها كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=63تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وذلك أن الأصنام جمادات لا تعلم العبادة .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82ويكونون عليهم ضدا أي أعوانا في خصومتهم وتكذيبهم . عن
مجاهد والضحاك : يكونون لهم أعداء .
ابن زيد : يكونون عليهم بلاء فتحشر آلهتهم ، وتركب لهم
[ ص: 71 ] عقول فتنطق ، وتقول : يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك ، وكلا هنا يحتمل أن تكون بمعنى لا ويحتمل أن تكون بمعنى حقا ؛ أي حقا
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82سيكفرون بعبادتهم وقرأ
أبو نهيك : ( كلا سيكفرون ) بالتنوين . وروي عنه مع ذلك ضم الكاف وفتحها . قال
المهدوي كلا ردع وزجر وتنبيه ورد لكلام متقدم ، وقد تقع لتحقيق ما بعدها والتنبيه عليه كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=6كلا إن الإنسان ليطغى فلا يوقف عليها على هذا ، ويوقف عليها في المعنى الأول ؛ فإن صلح فيها المعنيان جميعا جاز الوقف عليها والابتداء بها . فمن نون كلا من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82كلا سيكفرون بعبادتهم مع فتح الكاف فهو مصدر كل ، ونصبه بفعل مضمر ، والمعنى كل هذا الرأي والاعتقاد كلا ، يعني " اتخاذهم الآلهة
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81ليكونوا لهم عزا " فيوقف على هذا على عزا وعلى ( كلا ) وكذلك في قراءة الجماعة ، لأنها تصلح للرد لما قبلها والتحقيق لما بعدها . ومن روى ضم الكاف مع التنوين فهو منصوب أيضا بفعل مضمر ، كأنه قال : سيكفرون
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82كلا سيكفرون بعبادتهم يعني الآلهة .
قلت : فتحصل في كلا أربعة معان : التحقيق وهو أن تكون بمعنى حقا والنفي والتنبيه ، وصلة للقسم ، ولا يوقف منها إلا على الأول . وقال
الكسائي : ( لا ) تنفي فحسب ، وكلا تنفي شيئا وتثبت شيئا ، فإذا قيل : أكلت تمرا ، قلت : كلا إني أكلت عسلا لا تمرا ، ففي هذه الكلمة نفي ما قبلها ، وتحقق ما بعدها . والضد يكون واحدا ويكون جمعا ، كالعدو والرسول . وقيل : وقع الضد موقع المصدر أي ويكونون عليهم عونا ، فلهذا لم يجمع ، وهذا في مقابلة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81ليكونوا لهم عزا والعز مصدر ، فكذلك ما وقع في مقابلته ثم قيل : الآية في عبدة الأصنام ، فأجرى الأصنام مجرى من يعقل ، جريا على توهم الكفرة . وقيل : فيمن عبد المسيح أو الملائكة أو الجن أو الشياطين ؛ فالله تعالى أعلم .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا nindex.php?page=treesubj&link=32282قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا يَعْنِي مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ وَ عِزًّا مَعْنَاهُ أَعْوَانًا وَمَنَعَةً ؛ يَعْنِي أَوْلَادًا . وَالْعِزُّ الْمَطَرُ الْجُودُ أَيْضًا ؛ قَالَهُ
الْهَرَوِيُّ . وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ عِزًّا رَاجِعٌ إِلَى الْآلِهَةِ الَّتِي عَبَدُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ . وَوَحَّدَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ؛ أَيْ لِيَنَالُوا بِهَا الْعِزَّ وَيَمْتَنِعُونَ بِهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ؛ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : كَلَّا أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنُّوا وَتَوَهَّمُوا بَلْ يَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ ؛ أَيْ يُنْكِرُونَ أَنَّهُمْ عَبَدُوا الْأَصْنَامَ ، أَوْ تَجْحَدُ الْآلِهَةُ عِبَادَةَ الْمُشْرِكِينَ لَهَا كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=63تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْنَامَ جَمَادَاتٌ لَا تَعْلَمُ الْعِبَادَةَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا أَيْ أَعْوَانًا فِي خُصُومَتِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ . عَنْ
مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ : يَكُونُونَ لَهُمْ أَعْدَاءً .
ابْنُ زَيْدٍ : يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ بَلَاءً فَتُحْشَرُ آلِهَتُهُمْ ، وَتُرَكَّبُ لَهُمْ
[ ص: 71 ] عُقُولٌ فَتَنْطِقُ ، وَتَقُولُ : يَا رَبِّ عَذِّبْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَبَدُونَا مِنْ دُونِكَ ، وَكَلَّا هُنَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى لَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى حَقًّا ؛ أَيْ حَقًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَقَرَأَ
أَبُو نَهِيكٍ : ( كَلَّا سَيَكْفُرُونَ ) بِالتَّنْوِينِ . وَرُوِيَ عَنْهُ مَعَ ذَلِكَ ضَمُّ الْكَافِ وَفَتْحُهَا . قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ كَلَّا رَدْعٌ وَزَجْرٌ وَتَنْبِيهٌ وَرَدٌّ لِكَلَامٍ مُتَقَدِّمٍ ، وَقَدْ تَقَعُ لِتَحْقِيقِ مَا بَعْدَهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=6كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى فَلَا يُوقَفُ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا ، وَيُوقَفُ عَلَيْهَا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ؛ فَإِنْ صَلَحَ فِيهَا الْمَعْنَيَانِ جَمِيعًا جَازَ الْوَقْفُ عَلَيْهَا وَالِابْتِدَاءُ بِهَا . فَمَنْ نَوَّنَ كَلَّا مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ مَعَ فَتْحِ الْكَافِ فَهُوَ مَصْدَرُ كَلَّ ، وَنَصْبُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ ، وَالْمَعْنَى كَلَّ هَذَا الرَّأْيُ وَالِاعْتِقَادُ كَلًّا ، يَعْنِي " اتِّخَاذَهُمُ الْآلِهَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا " فَيُوقَفُ عَلَى هَذَا عَلَى عِزًّا وَعَلَى ( كَلًّا ) وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ ، لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِلرَّدِّ لِمَا قَبْلَهَا وَالتَّحْقِيقِ لِمَا بَعْدَهَا . وَمَنْ رَوَى ضَمَّ الْكَافِ مَعَ التَّنْوِينِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ أَيْضًا بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ ، كَأَنَّهُ قَالَ : سَيَكْفُرُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=82كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ يَعْنِي الْآلِهَةَ .
قُلْتُ : فَتَحَصَّلَ فِي كَلَّا أَرْبَعَةُ مَعَانٍ : التَّحْقِيقُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى حَقًّا وَالنَّفْيُ وَالتَّنْبِيهُ ، وَصِلَةٌ لِلْقَسَمِ ، وَلَا يُوقَفُ مِنْهَا إِلَّا عَلَى الْأَوَّلِ . وَقَالَ
الْكِسَائِيُّ : ( لَا ) تَنْفِي فَحَسْبُ ، وَكَلَّا تَنْفِي شَيْئًا وَتُثْبِتُ شَيْئًا ، فَإِذَا قِيلَ : أَكَلْتُ تَمْرًا ، قُلْتُ : كَلَّا إِنِّي أَكَلْتُ عَسَلًا لَا تَمْرًا ، فَفِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ نَفْيُ مَا قَبْلَهَا ، وَتَحَقُّقُ مَا بَعْدَهَا . وَالضِّدُّ يَكُونُ وَاحِدًا وَيَكُونُ جَمْعًا ، كَالْعَدُوِّ وَالرَّسُولِ . وَقِيلَ : وَقَعَ الضِّدُّ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ أَيْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ عَوْنًا ، فَلِهَذَا لَمْ يُجْمَعْ ، وَهَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=81لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا وَالْعِزُّ مَصْدَرٌ ، فَكَذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي مُقَابَلَتِهِ ثُمَّ قِيلَ : الْآيَةُ فِي عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ ، فَأَجْرَى الْأَصْنَامَ مَجْرَى مَنْ يَعْقِلُ ، جَرْيًا عَلَى تَوَهُّمِ الْكَفَرَةِ . وَقِيلَ : فِيمَنْ عَبَدَ الْمَسِيحَ أَوِ الْمَلَائِكَةَ أَوِ الْجِنَّ أَوِ الشَّيَاطِينَ ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .