ذكر خبر الملك المسمى
بالضحاك
وهو
بيوراسب . لما قهر
جما الملك ملك مكانه ، وسار في الناس بجور شديد .
وذكر بعض المؤرخين أن
nindex.php?page=treesubj&link=31828نوحا بعث في زمان هذا الرجل إليه وإلى أهل مملكته ممن تمرد وعصى ، وأنهم هلكوا بمخالفته ، فلذلك ذكرنا خبره هاهنا .
كان
الضحاك عظيم المملكة . ويقال: أن
جما الملك زوج أخته من بعض أشراف أهل بيته ، وملكه على
اليمن ، فولدت له
الضحاك .
[ ص: 245 ] واليمن تدعيه وتزعم أنه من أنفسها ، وأنه
الضحاك بن علوان بن عبيد بن عويج ، وأنه ملك على
مصر أخاه
nindex.php?page=treesubj&link=34020سنان بن علوان ، وهو أول الفراعنة ، وأنه ملك
مصر [حين] قدمها
الخليل .
والفرس تنسب
الضحاك غير هذا النسب ، فترفع نسبه إلى
جيومرث ، وقيل: كان كثير الإقامة
ببابل .
وعامة المؤرخين ذكروا أنه ملك الأقاليم السبعة كلها ، وأنه كان ساحرا فاجرا .
قال
هشام بن محمد : ملك
الضحاك بعد
جم - فيما يزعمون - ألف سنة ، وسار بالجور والقتل ، وكان
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من سن الصلب والقطع ، وأول من وضع العشور وضرب الدراهم ، وأول من تغنى وغني له .
ويقال أنه خرج في منكبه سلعتان كانتا تضربان عليه حتى يطليهما بدماغ إنسان ، وكان يقتل لذلك في كل يوم رجلين ، ويطلي سلعتيه بدماغيهما ، فإذا فعل ذلك سكن ما يجد .
قال الشيخ
الإمام أبو الفرج : وهذا
الضحاك هو الذي غناه
حبيب بن أوس بقوله:
بل كان كالضحاك في سطواته بالعالمين وأنت أفريدون
وأفريدون من نسل
جم الملك الذي كان [من] قبل
الضحاك ، ثم قدم إلى منزل
الضحاك فاحتوى عليه وأوثق
الضحاك ، وسمي ذلك اليوم مهرجانا ، وعلا
أفريدون سرير الملك . وكان عرض صدر الملك
أفريدون أربعة أرماح .
[ ص: 246 ] والفرس تزعم أن الملك لم يكن إلا للبطن الذي منه
أوشهنج وجم وطهمورث ، وأن
الضحاك كان غاصبا ، غصب أهل الأرض بسحره [وخبثه] . وكان على منكبيه ناتئتان ، كل واحدة كرأس الثعبان ، فكان يسترهما ويزعم أنهما حيتان يقتضيانه الطعام ، وكانتا تتحركان إذا جاع ، وزعم أنه نبي .
وقيل: ما زال الناس معه في جهد حتى وثب رجل اسمه
كابي من
أهل أصبهان كان قد قتل له ابنين ، فجمع الناس لقتاله ، فهرب
الضحاك وولي مكانه
أفريدون فاحتوى على ملك
الضحاك .
وملك
أفريدون خمسمائة سنة ، وكان عمر
الضحاك ألف سنة ، وملكه ستمائة سنة ، وقد زعم بعض نسابي
الفرس أن
أفريدون هو
نوح الذي قهر
الضحاك وغلبه وسلبه ملكه .
وقال قوم:
أفريدون هو
ذو القرنين . وقال بعضهم: هو
سليمان بن داود ، وقال
الفرس :
أفريدون من ولد
جم الملك ، وهو التاسع من ولده .
وكان
أفريدون قد أمر بالعدل ورد المظالم ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من نظر في النجوم والطب ، وأول من ذلل الفيلة وامتطاها وقاتل بها الأعداء ، واتخذ الأوز والحمام .
وكان شديد القوة حسن الصورة ، وعالج الدرياق ، وهو أول من سمي بكي ، وكان يقال له
"كي أفريدون" وهي كلمة معناها التنزيه ، أي: هو منزه متصل بالروحانية .
وأنه ملك الأرض فقسمها بين أولاد له ثلاثة ، فوثب اثنان منهم على الثالث فقتلاه واقتسما الأرض فملكاها ثلاثمائة سنة . ثم بغى منهم
طوج بن أفريدون ، ثم نشأ له
أفراسياب بن ترك الذي تنسب إليه
الترك من ولد
طوج .
[ ص: 247 ]
ويقال:
الضحاك هو
نمرود الخليل وأن
الخليل ولد في زمانه ، وأنه صاحبه الذي أراد إحراقه . والله أعلم .
ذِكْرُ خَبَرِ الْمَلِكِ الْمُسَمَّى
بِالضَّحَّاكِ
وَهُوَ
بَيُورَاسِبُ . لَمَّا قَهَرَ
جَمًا الْمَلِكَ مَلَكَ مَكَانَهُ ، وَسَارَ فِي النَّاسِ بِجَوْرٍ شَدِيدٍ .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31828نُوحًا بُعِثَ فِي زَمَانِ هَذَا الرَّجُلِ إِلَيْهِ وَإِلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ مِمَّنْ تَمَرَّدَ وَعَصَى ، وَأَنَّهُمْ هَلَكُوا بِمُخَالَفَتِهِ ، فَلِذَلِكَ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ هَاهُنَا .
كَانَ
الضَّحَّاكُ عَظِيمَ الْمَمْلَكَةِ . وَيُقَالُ: أَنَّ
جَمًا الْمَلِكَ زَوَّجَ أُخْتَهُ مِنْ بَعْضِ أَشْرَافِ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَمَلَّكَهُ عَلَى
الْيَمَنِ ، فَوَلَدَتْ لَهُ
الضَّحَّاكَ .
[ ص: 245 ] وَالْيَمَنُ تَدَّعِيهِ وَتَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَنْفَسِهَا ، وَأَنَّهُ
الضَّحَّاكُ بْنُ عُلْوَانَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُوَيْجٍ ، وَأَنَّهُ مَلَكَ عَلَى
مِصْرَ أَخَاهُ
nindex.php?page=treesubj&link=34020سِنَانَ بْنَ عُلْوَانَ ، وَهُوَ أَوَّلُ الْفَرَاعِنَةِ ، وَأَنَّهُ مَلَكَ
مِصْرَ [حِينَ] قَدَمِهَا
الْخَلِيلُ .
وَالْفُرْسُ تَنْسُبُ
الضَّحَّاكَ غَيْرَ هَذَا النَّسَبِ ، فَتَرْفَعُ نَسَبَهُ إِلَى
جِيُومَرْثَ ، وَقِيلَ: كَانَ كَثِيرَ الْإِقَامَةِ
بِبَابِلَ .
وَعَامَّةُ الْمُؤَرِّخِينَ ذَكَرُوا أَنَّهُ مَلَكَ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ كُلَّهَا ، وَأَنَّهُ كَانَ سَاحِرًا فَاجِرًا .
قَالَ
هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ : مَلَكَ
الضَّحَّاكُ بَعْدَ
جَمٍ - فِيمَا يَزْعُمُونَ - أَلْفَ سَنَةٍ ، وَسَارَ بِالْجَوْرِ وَالْقَتْلِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الصَّلْبَ وَالْقَطْعَ ، وَأَوَّلَ مَنْ وَضَعَ الْعُشُورَ وَضَرَبَ الدَّرَاهِمَ ، وَأَوَّلَ مَنْ تَغَنَّى وَغُنِّيَ لَهُ .
وَيُقَالُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي مَنْكِبِهِ سِلْعَتَانِ كَانَتَا تَضْرِبَانِ عَلَيْهِ حَتَّى يُطْلِيَهِمَا بِدِمَاغِ إِنْسَانٍ ، وَكَانَ يَقْتُلُ لِذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَجُلَيْنِ ، وَيُطْلِي سِلْعَتَيْهِ بِدِمَاغَيْهِمَا ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَكَنَ مَا يَجِدُ .
قَالَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ : وَهَذَا
الضَّحَّاكُ هُوَ الَّذِي غَنَّاهُ
حَبِيبُ بْنُ أَوْسٍ بِقَوْلِهِ:
بَلْ كَانَ كَالضَّحَّاكِ فِي سَطَوَاتِهِ بِالْعَالَمِينَ وَأَنْتَ أَفْرِيدُونُ
وَأَفْرِيدُونُ مِنْ نَسْلٍ
جَمٍ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ [مِنْ] قَبْلِ
الضَّحَّاكِ ، ثُمَّ قَدِمَ إِلَى مَنْزِلِ
الضَّحَّاكِ فَاحْتَوَى عَلَيْهِ وَأَوْثَقَ
الضَّحَّاكَ ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمُ مَهْرَجَانًا ، وَعَلَا
أَفْرِيدُونُ سَرِيرَ الْمُلْكِ . وَكَانَ عَرْضُ صَدْرِ الْمَلِكِ
أَفْرِيدُونَ أَرْبَعَةَ أَرْمَاحٍ .
[ ص: 246 ] وَالْفُرْسُ تَزْعُمُ أَنَّ الْمُلْكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا لِلْبَطْنِ الَّذِي مِنْهُ
أُوشَهَنْجُ وَجَمٌ وَطَهْمُوَرْثَ ، وَأَنَّ
الضَّحَّاكَ كَانَ غَاصِبًا ، غَصَبَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِسِحْرِهِ [وَخُبْثِهِ] . وَكَانَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ نَاتِئَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ كَرَأْسِ الثُّعْبَانِ ، فَكَانَ يَسْتُرُهُمَا وَيَزْعُمُ أَنَّهُمَا حَيَّتَانِ يَقْتَضِيَانِهِ الطَّعَامَ ، وَكَانَتَا تَتَحَرَّكَانِ إِذَا جَاعَ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ .
وَقِيلَ: مَا زَالَ النَّاسُ مَعَهُ فِي جَهْدٍ حَتَّى وَثَبَ رَجُلٌ اسْمُهُ
كَابِي مِنْ
أَهْلِ أَصْبَهَانَ كَانَ قَدْ قُتِلَ لَهُ ابْنَيْنِ ، فَجَمَعَ النَّاسَ لِقِتَالِهِ ، فَهَرَبَ
الضَّحَّاكُ وَوَلِيَ مَكَانَهُ
أَفْرِيدُونُ فَاحْتَوَى عَلَى مُلْكِ
الضَّحَّاكِ .
وَمَلَكَ
أَفْرِيدُونُ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ، وَكَانَ عُمْرُ
الضَّحَّاكِ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَمُلْكُهُ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ نَسَّابِي
الْفُرْسِ أَنَّ
أَفْرِيدُونَ هُوَ
نُوحٌ الَّذِي قَهَرَ
الضَّحَّاكَ وَغَلَبَهُ وَسَلَبَهُ مُلْكَهُ .
وَقَالَ قَوْمٌ:
أَفْرِيدُونُ هُوَ
ذُو الْقَرْنَيْنِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، وَقَالَ
الْفُرْسُ :
أَفْرِيدُونُ مِنْ وَلَدِ
جَمٍ الْمَلِكِ ، وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ وَلَدِهِ .
وَكَانَ
أَفْرِيدُونُ قَدْ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ مَنْ نَظَرَ فِي النُّجُومِ وَالطِّبِّ ، وَأَوَّلُ مَنْ ذَلَّلَ الْفِيَلَةَ وَامْتَطَاهَا وَقَاتَلَ بِهَا الْأَعْدَاءَ ، وَاتَّخَذَ الْأَوَزَّ وَالْحَمَامَ .
وَكَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ حَسَنَ الصُّورَةِ ، وَعَالَجَ الدِّرْيَاقَ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِكَيْ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ
"كَيْ أَفْرِيدُونُ" وَهِيَ كَلِمَةُ مَعْنَاهَا التَّنْزِيهُ ، أَيْ: هُوَ مُنَزَّهٌ مُتَّصِلٌ بِالرُّوحَانِيَّةِ .
وَأَنَّهُ مَلَكَ الْأَرْضَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَوْلَادٍ لَهُ ثَلَاثَةٍ ، فَوَثَبَ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى الثَّالِثِ فَقَتَلَاهُ وَاقْتَسَمَا الْأَرْضَ فَمَلَكَاهَا ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ . ثُمَّ بَغَى مِنْهُمْ
طُوجُ بْنُ أَفْرِيدُونَ ، ثُمَّ نَشَأَ لَهُ
أَفْرِاسَيَابُ بْنُ تُرْكٍ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ
التُّرْكُ مِنْ وَلَدِ
طَوْجٍ .
[ ص: 247 ]
وَيُقَالُ:
الضَّحَّاكُ هُوَ
نَمْرُودُ الْخَلِيلِ وَأَنَّ
الْخَلِيلَ وُلِدَ فِي زَمَانِهِ ، وَأَنَّهُ صَاحِبُهُ الَّذِي أَرَادَ إِحْرَاقَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .