ذكر الأحداث بعد
إدريس
استخلف
إدريس ولده
متوشلخ على أمر الله ، وأوصاه قبل أن يرفع ، وكان
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من ركب البحر ، وملك بطريق الطاعة لله سبحانه .
ثم ولد
لمتوشلخ لمك في حياة
آدم ، ثم ولد
للمك نوح عليه السلام .
وقيل: كان
لمتوشلخ ولد يقال له:
صابئ ، وبه سمي
الصابئون .
روى
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=treesubj&link=29004في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، قال: كان فيما بين
نوح وإدريس ، وكانت ألف سنة ، وإن بطنين من ولد
آدم ، كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبال ، وكان رجال الجبال صباحا وفي النساء دمامة ، وكان نساء السهل صباحا وفي الرجال دمامة ، وأتى إبليس رجلا من أهل السهل في صورة غلام ، فآجر نفسه منه ، وكان إبليس يخدمه ، فأخذ إبليس مثل هذا الذي يزمر فيه الرعاء ، فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله ، [فبلغ ذلك من حولهم] ، فانتابوهم يسمعون إليه ، [واتخذوا عيدا يجتمعون إليه في السنة] ، فتتبرج النساء للرجال .
[قال: وينزل الرجال لهن . وإن رجلا من أهل الجبل هجم عليهم وهم في عيدهم ذلك ، فرأى النساء وصباحتهن ، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك] ، ثم تحولوا
[ ص: 236 ]
[إليهن] ، فنزلوا معهن ، فظهرت الفاحشة [فيهن] ، فهو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى .
وقد كانت أحداث كثيرة وقرون بين
آدم ونوح لا يعلم أكثرها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=481أبو أمامة nindex.php?page=hadith&LINKID=907373أن رجلا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كم كان بين آدم ونوح ؟ قال: "عشرة قرون" .
قال الشيخ
الإمام أبو الفرج : وقد اختلف في ترتيب هذه القرون والأحداث الكائنة فيها .
فمن ذلك: أن قوما قالوا: ملك
طهمرث ، ويقال:
طهمورب ، بالباء ، كذلك ضبط
nindex.php?page=showalam&ids=12915أبو الحسين ابن المنادي . ويقال:
طهومرت ، وهو من ولد
أوشنج ، وبينهما عدة آباء ، فسلك طريق جده ، وملك الأقاليم كلها ، وبنى الموضع الذي جدده بعد ذلك
شابور ملك فارس ، ونزله ، ونفى الأشرار ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من كتب بالفارسية ، واتخذ الخيل والبغال والحمير ، والكلاب لحفظ المواشي ، واستمرت أحواله على الصلاح .
ثم ملك أخوه
جم الشيذ ، وتفسيره سد الشعاع ، سمي بذلك لأنه كان جميلا وضيئا ، فملك الأقاليم ، وسلك السيرة الجميلة وزاد في الملك بأن ابتدع عمل السيوف والسلاح ودل على صنعة الإبريسم والقز وغيره ومما يغزل . وأمر بنسج الثياب وصبغها ، و [نحت] السروج والأكف ، [وتذليل الدواب بها] .
وصنف الناس أربع طبقات: طبقة مقاتلة ، وطبقة كتابا ، وطبقة صناعا وحراثين ، وطبقة خدما .
[ ص: 237 ]
وعمل أربعة خواتم: خاتما للحرث والشرط ، وكتب عليه الأناة ، وخاتما للخراج وجباية الأموال ، وكتب عليه العمارة . وخاتما للبريد ، وكتب عليه الرخاء . وخاتما للمظالم ، وكتب عليه العدل ، فبقيت هذه الرسوم في ملوك
الفرس إلى أن جاء الإسلام .
وألزم من غلبه من أهل الفساد بالأعمال الصعبة من قطع الصخور من الجبال ، وعمل الرخام والجص والبناء والكلس والحمامات .
وأخرج من البحار والجبال والمعادن والفلوات كل ما ينتفع به الناس من الذهب والفضة وما يذاب من الجواهر وأنواع الطيب والأدوية ، وأحدث النوروز فجعله عيدا .
ثم إنه بطر وجمع الخلق فأخبرهم أنه مالكهم والدافع عنهم بقوته الهرم والسقم والموت ، وجحد إحسان الله إليه ، وادعى الربوبية .
فأحس بذلك الملك
بيوراسب الذي يسمى
الضحاك ، وهو من ولد
جيومرث ، ويزعم قوم أن
جم الشيذ زوج أخته بعض أشراف أهل بيت ، فولدت له الحكم فانتدب إلى
جم بنفسه ، فهرب منه ، ثم ظفر به
الضحاك فامتلخ أمعاءه ونشره بمنشار .
وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قصة تشبه أن تكون قصة
جم لولا أن فيها ذكر
نصر ، وبين
جم ونصر بون بعيد ، إلا أن يكون
الضحاك سمي بذلك الزمان
بخت نصر .
فأخبرنا
عبد الخالق بن أحمد بن يوسف ، أخبرنا
علي بن محمد بن إسحاق اليزدي ، أخبرنا
عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، أخبرنا
جعفر بن عبد الله الروياني ، حدثنا
أبو بكر محمد بن هارون ، حدثنا
أحمد بن يوسف ، حدثنا
خلف ، حدثنا
إسماعيل ، حدثنا
عبد الصمد بن معقل ، قال: سمعت
وهبا يقول:
إن رجلا ملك وهو شاب ، فقال: إني لأجد للملك لذة ، ولا أدري أكذلك يجد الناس الملك أم أنا أجده من بينهم؟ فقيل: بل الملك كذلك ، فقال: ما الذي يقيمه لي؟
[ ص: 238 ]
فقيل له: يقيمه أن تطيع الله ولا تعصيه ، فدعا ناسا من خيار من [كان] في ملكه ، فقال لهم: كونوا بحضرتي وفي مجلسي ، فما رأيتم أنه طاعة الله فمروني أن أعمل به ، وما رأيتم أنه معصية الله فازجروني عنه أنزجر ، ففعل ذلك هو وهم ، فاستقام ملكه أربعمائة سنة مطيعا لله .
ثم إن إبليس انتبه لذلك ، فقال: تركت رجلا يعبد الله ملكا أربعمائة [سنة] ، فجاء فدخل عليه وتمثل له برجل ، ففزع منه الملك فقال: من أنت؟ فقال إبليس: لا ترع ، ولكن أخبرني من أنت؟ فقال الملك: أنا رجل من بني
آدم ، فقال له إبليس: لو كنت من بني
آدم لقد مت كما يموت بنو
آدم ، ألم تر كم قد مات من الناس وذهب [من] القرون ، ولكنك إله ، فادع الناس إلى عبادتك .
فدخل ذلك في قلبه ، ثم صعد المنبر ، فخطب الناس ، فقال: يا أيها الناس إني [قد كنت] أخفيت عليكم أمرا بان لي إظهاره لكم ، أتعلمون أني ملكتكم أربعمائة سنة ، فلو كنت من بني
آدم لقد مت كما ماتوا ، ولكني إله فاعبدوني فأرعش مكانه ، فأوحى الله تعالى إلى بعض من كان معه ، فقال: أخبره أني [قد] استقمت [له] ما استقام لي ، فارعوى من طاعتي إلى معصيتي فلم يستقم لي ، فبعزتي حلفت لأسلطن عليه
نصر فليضربن عنقه ، وليأخذن ما في خزانته ، وكان في ذلك الزمان لا يسخط الله على أحد إلا سلط عليه
نصر فضرب عنقه وأوقر من خزانته سبعين سفينة [ذهبا] .
[ ص: 239 ]
ذِكْرُ الْأَحْدَاثِ بَعْدَ
إِدْرِيسَ
اسْتَخْلَفَ
إِدْرِيسُ وَلَدَهُ
مَتُوشَلَخَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ ، وَأَوْصَاهُ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ ، وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلَ مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ ، وَمَلَكَ بِطَرِيقِ الطَّاعَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ .
ثُمَّ وُلِدَ
لِمَتُوشَلَخَ لَمَكٌ فِي حَيَاةِ
آدَمَ ، ثُمَّ وُلِدَ
لِلَمَكٍ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقِيلَ: كَانَ
لِمَتُوشَلَخَ وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ:
صَابِئٌ ، وَبِهِ سُمِّي
الصَّابِئُونَ .
رَوَى
عِكْرِمَةُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=treesubj&link=29004فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ، قَالَ: كَانَ فِيمَا بَيْنَ
نُوحٍ وَإِدْرِيسَ ، وَكَانَتْ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَإِنَّ بَطْنَيْنِ مِنْ وَلَدِ
آدَمَ ، كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُ السَّهْلَ ، وَالْآخَرُ يَسْكُنُ الْجِبَالَ ، وَكَانَ رِجَالُ الْجِبَالِ صِبَاحًا وَفِي النِّسَاءِ دَمَامَةٌ ، وَكَانَ نِسَاءُ السَّهْلِ صِبَاحًا وَفِي الرِّجَالِ دَمَامَةٌ ، وَأَتَى إِبْلِيسُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّهْلِ فِي صُورَةِ غُلَامٍ ، فَآجَرَ نَفْسَهُ مِنْهُ ، وَكَانَ إِبْلِيسُ يَخْدِمُهُ ، فَأَخَذَ إِبْلِيسُ مِثْلَ هَذَا الَّذِي يُزَمِّرُ فِيهِ الرِّعَاءُ ، فَجَاءَ فِيهِ بِصَوْتٍ لَمْ يَسْمَعِ النَّاسُ مِثْلَهُ ، [فَبَلَغَ ذَلِكَ مَنْ حَوْلَهُمْ] ، فَانْتَابُوهُمْ يَسْمَعُونَ إِلَيْهِ ، [وَاتَّخَذُوا عِيدًا يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ] ، فَتَتَبَرَّجَ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ .
[قَالَ: وَيَنْزِلُ الرِّجَالُ لَهُنَّ . وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَبَلِ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي عِيدِهِمْ ذَلِكَ ، فَرَأَى النِّسَاءَ وَصَبَاحَتِهِنَّ ، فَأَتَى أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ] ، ثُمَّ تَحَوَّلُوا
[ ص: 236 ]
[إِلَيْهِنَّ] ، فَنَزَلُوا مَعَهُنَّ ، فَظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ [فِيهِنَّ] ، فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى .
وَقَدْ كَانَتْ أَحْدَاثٌ كَثِيرَةٌ وَقُرُونٌ بَيْنَ
آدَمَ وَنُوحٌ لَا يُعْلَمُ أَكْثَرُهَا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبُو أُمَامَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=907373أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَمْ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ ؟ قَالَ: "عَشَرَةُ قُرُونٍ" .
قَالَ الشَّيْخُ
الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ : وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الْقُرُونِ وَالْأَحْدَاثِ الْكَائِنَةِ فِيهَا .
فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: مَلَكَ
طَهْمُرْثُ ، وَيُقَالُ:
طَهْمُورَبُ ، بِالْبَاءِ ، كَذَلِكَ ضَبَطَ
nindex.php?page=showalam&ids=12915أَبُو الْحُسَيْنِ ابْنُ الْمُنَادِي . وَيُقَالُ:
طَهُومَرْتُ ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ
أُوشَنْجَ ، وَبَيْنَهُمَا عِدَّةُ آبَاءٍ ، فَسَلَكَ طَرِيقَ جَدِّهِ ، وَمَلَكَ الْأَقَالِيمَ كُلَّهَا ، وَبَنَى الْمَوْضِعَ الَّذِي جَدَّدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
شَابُورُ مَلِكُ فَارِسَ ، وَنَزَّلَهُ ، وَنَفَى الْأَشْرَارَ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ ، وَاتَّخَذَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ ، وَالْكِلَابَ لِحِفْظِ الْمَوَاشِي ، وَاسْتَمَرَّتْ أَحْوَالُهُ عَلَى الصَّلَاحِ .
ثُمَّ مَلَكَ أَخُوهُ
جَمِ الشِّيذُ ، وَتَفْسِيرُهُ سَدَّ الشُّعَاعَ ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ جَمِيلًا وَضِيئًا ، فَمَلَكَ الْأَقَالِيمَ ، وَسَلَكَ السِّيرَةَ الْجَمِيلَةَ وَزَادَ فِي الْمُلْكِ بِأَنِ ابْتَدَعَ عَمَلَ السُّيُوفِ وَالسِّلَاحِ وَدَلَّ عَلَى صَنْعَةِ الْإِبْرَيْسَمِ وَالْقَزِّ وَغَيْرِهِ وَمِمَّا يُغْزَلُ . وَأَمَرَ بِنَسْجِ الثِّيَابِ وَصَبْغِهَا ، و [نَحْتِ] السُّرُوجِ وَالْأَكُفِّ ، [وَتَذْلِيلِ الدَّوَابِّ بِهَا] .
وَصَنَّفَ النَّاسَ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةٌ مُقَاتِلَةٌ ، وَطَبَقَةٌ كُتَّابًا ، وَطَبَقَةٌ صُنَّاعًا وَحَرَّاثِينَ ، وَطَبَقَةٌ خَدَمًا .
[ ص: 237 ]
وَعَمِلَ أَرْبَعَةَ خَوَاتِمَ: خَاتَمًا لِلْحَرْثِ وَالشُّرَطِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْأَنَاةَ ، وَخَاتَمًا لِلْخَرَاجِ وَجِبَايَةِ الْأَمْوَالِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعِمَارَةَ . وَخَاتَمًا لِلْبَرِيدِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّخَاءَ . وَخَاتَمًا لِلْمَظَالِمِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعَدْلَ ، فَبَقِيَتْ هَذِهِ الرُّسُومُ فِي مُلُوكِ
الْفَرَسِ إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ .
وَأَلْزَمَ مَنْ غَلَبَهُ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ بِالْأَعْمَالِ الصَّعْبَةِ مِنْ قَطْعِ الصُّخُورِ مِنَ الْجِبَالِ ، وَعَمِلِ الرُّخَامِ وَالْجِصِّ وَالْبِنَاءِ وَالْكِلْسِ وَالْحَمَّامَاتِ .
وَأَخْرَجَ مِنَ الْبِحَارِ وَالْجِبَالِ وَالْمَعَادِنِ وَالْفَلَوَاتِ كُلَّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَا يُذَابُ مِنَ الْجَوَاهِرِ وَأَنْوَاعِ الطِّيبِ وَالْأَدْوِيَةِ ، وَأَحْدَثَ النَّوْرُوزَ فَجَعَلَهُ عِيدًا .
ثُمَّ إِنَّهُ بَطِرَ وَجَمَعَ الْخَلْقَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مَالِكُهُمْ وَالدَّافِعُ عَنْهُمْ بِقُوَّتِهِ الْهَرَمَ وَالسَّقَمَ وَالْمَوْتَ ، وَجَحَدَ إِحْسَانَ اللَّهِ إِلَيْهِ ، وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ .
فَأَحَسَّ بِذَلِكَ الْمَلِكُ
بَيُورَاسِبَ الَّذِي يُسَمَّى
الضَّحَّاكَ ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ
جِيُومَرْثَ ، وَيَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّ
جَمَ الشِّيذِ زَوَّجَ أُخْتَهُ بَعْضَ أَشْرَافِ أَهْلِ بَيْتٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْحَكَمَ فَانْتَدَبَ إِلَى
جَمٍ بِنَفْسِهِ ، فَهَرَبَ مِنْهُ ، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ
الضَّحَّاكُ فَامْتَلَخَ أَمْعَاءَهُ وَنَشَرَهُ بِمِنْشَارٍ .
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قِصَّةً تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ قِصَّةَ
جَمٍ لَوْلَا أَنَّ فِيهَا ذِكْرُ
نَصْرَ ، وَبَيْنَ
جَمٍ وَنَصْرَ بَوْنٌ بَعِيدٌ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ
الضَّحَّاكُ سُمِّيَ بِذَلِكَ الزَّمَانِ
بُخْتَ نَصَّرَ .
فَأَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقِ الْيَزْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ ، أَخْبَرَنَا
جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّويَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا
خَلَفٌ ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ
وَهْبًا يَقُولُ:
إِنَّ رَجُلَا مَلِكٍ وَهُوَ شَابٌّ ، فَقَالَ: إِنِّي لِأَجِدَ لِلْمُلْكِ لَذَّةً ، وَلَا أَدْرِي أَكَذَلِكَ يَجِدُ النَّاسُ الْمُلْكَ أَمْ أَنَا أَجِدُهُ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ فَقِيلَ: بَلِ الْمُلْكُ كَذَلِكَ ، فَقَالَ: مَا الَّذِي يُقِيمُهُ لِي؟
[ ص: 238 ]
فَقِيلَ لَهُ: يُقِيمُهُ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ وَلَا تَعْصِيهِ ، فَدَعَا نَاسًا مِنْ خِيَارٍ مَنْ [كَانَ] فِي مُلْكِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ: كُونُوا بِحَضْرَتِي وَفِي مَجْلِسِي ، فَمَا رَأَيْتُمْ أَنَّهُ طَاعَةُ اللَّهِ فَمُرُونِي أَنْ أَعْمَلَ بِهِ ، وَمَا رَأَيْتُمْ أَنَّهُ مَعْصِيَةَ اللَّهِ فَازْجُرُونِي عَنْهُ أَنْزَجِرْ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ هُوَ وَهُمْ ، فَاسْتَقَامَ مُلْكُهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ مُطِيعًا لِلَّهِ .
ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ انْتَبَهَ لِذَلِكَ ، فَقَالَ: تَرَكْتُ رَجُلًا يَعَبْدُ اللَّهِ مَلِكًا أَرْبَعَمِائَةِ [سَنَةٍ] ، فَجَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَتَمَثَّلَ لَهُ بِرَجُلٍ ، فَفَزِعَ مِنْهُ الْمَلِكُ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ إِبْلِيسُ: لَا تُرَعْ ، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ الْمَلِكُ: أَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي
آدَمَ ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: لَوْ كُنْتُ مِنْ بَنِي
آدَمَ لَقَدْ مُتَّ كَمَا يَمُوتُ بَنُو
آدَمَ ، أَلَمْ تَرَ كُمْ قَدْ مَاتَ مِنَ النَّاسِ وَذَهَبَ [مِنَ] الْقُرُونِ ، وَلَكِنَّكَ إِلَهٌ ، فَادْعُ النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِكَ .
فَدَخَلَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي [قَدْ كُنْتُ] أَخْفَيْتُ عَلَيْكُمْ أَمْرًا بَانَ لِي إِظْهَارُهُ لَكُمْ ، أَتَعْلَمُونَ أَنِّي مَلَكْتُكُمْ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ ، فَلَوْ كُنْتُ مِنْ بَنِي
آدَمَ لَقَدْ مُتُّ كَمَا مَاتُوا ، وَلَكِنِّي إِلَهٌ فَاعْبُدُونَي فَأَرْعَشَ مَكَانَهُ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى بَعْضِ مَنْ كَانَ مَعَهُ ، فَقَالَ: أَخْبِرْهُ أَنِّي [قَدِ] اسْتَقَمْتُ [لَهُ] مَا اسْتَقَامَ لِي ، فَارْعَوَى مِنْ طَاعَتِي إِلَى مَعْصِيَتِي فَلَمْ يَسْتَقِمْ لِي ، فَبِعِزَّتِي حَلَفْتُ لَأُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِ
نَصَّرَ فَلَيَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ ، وَلَيَأْخُذَنَّ مَا فِي خِزَانَتِهِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا سَلَطَ عَلَيْهِ
نَصَّرَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَوْقَرَ مِنْ خِزَانَتِهِ سَبْعِينَ سَفِينَةً [ذَهَبًا] .
[ ص: 239 ]