باب في مساقاة الحائطين صفقة واحدة إذا كانا جنسا واحدا، أو مختلفي الجنس كالنخل والعنب والتفاح والرمان
ولا بأس ولا بأس بمساقاة الحائط الواحد يكون مختلف الثمرة فيه الجيد والرديء على جزء واحد، بمساقاة الحائطين في صفقة واحدة على جزء واحد إذا كانت ثمرتهما سواء في الجنس والجودة والقيام بهما أو متقاربا.
واختلف إذا كان أحدهما جيدا والآخر رديئا، أو أحدهما سيحا والآخر بعلا، أو الآخر يسقى بالغرب، فأجاز أن يدفعا في عقد واحد على جزء واحد، ولم يجزهما على جزء مختلف، ولو أراد على قوله أن يساقي كل واحد منهما على ما يساقي عليه الآخر على الانفراد لم يجز. مالك
وقال في "المستخرجة": ابن القاسم فإن لم يكونا متساويين فلا خير فيه إذا كان لا يأخذ أحدهما إلا لمكان صاحبه. لا بأس أن يساقي الرجل الحائطين مساقاة واحدة على النصف أو الثلث إذا كانا متساويين،
وقال الشيخ أبو الحسن -رضي الله عنه-: أما إجازة ذلك على سقاء واحد وإن اختلفا فاستنانا بما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خيبر; لأنه عاملهم في جميعها على النصف، ولا [ ص: 4736 ] شك أنها تختلف، وفيها الجيد والرديء، فإن أرادا أن يخالفا بين الأجزاء على قدر ما يتكلف منه، ويجعلا لكل واحد قسطه من الجزء- جاز ذلك، وليس في الحديث ما يمنع من ذلك.
وإذا وردت الرخصة على صفة تتضمن الغرر أو الفساد من وجوه، فأراد قوم أن يسقطوا بعض تلك الوجوه التي توجب الفساد لم يمنعوا من ذلك; لأن مساقاتهما على جزء واحد يؤدي إلى مساقاة حائط بجزء من الآخر. وإذا ساقاهما على جزء واحد وأحدهما كثير الثمرة قليل المؤنة، والآخر كثير المؤنة قليل الثمرة، أو أحدهما سيحا والآخر يسقى بالغرب فمعلوم أنه يأخذ العوض عما يكثر عمله مما تقل مؤنته.
وأما قول في المنع فإنه قدم القياس على الحديث، ولو قال: لك من الجيد -وهو القليل العمل- الثلثان، ومن الكثير المؤنة القليل الثمرة الثلث، لم يجز قولا واحدا. ابن القاسم