فصل [إذا اجتمع الكذب والغش، فعلم بذلك المشتري قبل فوت السلعة]
وإن اجتمع الكذب والغش كأن اشترى بعشرة وقال: اشتريت باثني عشر، وطال زمانها في يديه، وبارت عليه، أو رقم عليها خمسة عشر، فإن كانت قائمة كان للمشتري أن يرد، وإن طرح عنه ما ينوب الكذب رد من جهة الغش، فإن فاتت بنماء أو نقص كان قيامه من ناحية الغش خيرا له، فإن كانت قيمتها يوم قبضها ثمانية أو تسعة أو فوق ذلك، ولم تبلغ العشرة وربحها- لم يكن عليه غير القيمة، وإن كانت قيمتها فوق ذلك اتفق الجواب على الكذب والغش، فيغرم قيمتها بغير ربح ما لم يجاوز الكذب وربحه، وعلى القول إن الكذب يحط حكما كالعيب يبتدآنه فيحط، ثم ينظر إلى قيمتها فيغرمها ما لم تجاوز الباقي. [ ص: 4611 ]
وإن اجتمع العيب والغش فعلم بذلك المشتري قبل فوت السلعة كان له أن يرد، ولا يراعى وإن حط البائع، وإن فاتت بنماء أو نقصان كان للمشتري أن يمسك، ثم يبتدئ بالعيب فيحط قدره من الثمن، فإن قيل: قيمتها سالمة عشرة، ومعيبة ثمانية لم يكن على المشتري سوى ثمانية; لأن العيب نقصها الخمس، وأربعة أخماس التمام ثمانية دنانير وأربعة أخماس الدينار، والثمانية هي التي تلزم من جهة الغش خاصة; لأنها لا يضرب لها بربح، وكذلك إن كانت قيمتها سالمة ثمانية ومعيبة سبعة، فليس عليه سوى سبعة; لأن الباقي للبائع بعد العيب سبعة أثمان المسمى تسعة إلا ربعا، ولها ربح دينار إلا ثمنا، فجميع ذلك تسعة ونصف وثمن هذا الذي يثبت من ناحية العيب، ثم يرجع إلى حكم الغش، فليس له إلا قيمتها معيبة، وقد كانت سبعة دنانير، فهي التي تستحق بعد طرح العيب، فيصير المشتري بمنزلة لو لم يشترها إلا معيبة بتسعة ونصف وثمن، ثم علم بما خدعه، فيعطى القيمة ما لم يجاوز الباقي.
وإن كانت قيمتها سالمة اثني عشر ومعيبة عشرة، سقط حكم الغش; لأن الذي نقصها العيب السدس، وهو ديناران إلا سدسا من المسمى، والباقي تسعة دنانير وسدس، فكان قيامه بالعيب خيرا له.
وإن تغيرت سوقها كان فوتا من جهة الغش خاصة على قول ابن عبدوس، ولم تفت في العيب، فله أن يرد بالعيب، وله أن يمسك ويدفع القيمة [ ص: 4612 ] من ناحية الغش.
ثم يختلف في الصفة التي يقوم عليها، فعلى قول تقوم على أن لا عيب فيها; لأنها لم تفت من ناحية العيب، وعلى القول الآخر تقوم معيبة، وقد تقدم وجه ذلك. ابن المواز