قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=60فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون nindex.php?page=treesubj&link=29022قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون قيل : إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أنه يعبده ، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص . والمعنى : وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحدون . قال
القشيري : والآية دخلها التخصيص على القطع ; لأن المجانين والصبيان ما أمروا بالعبادة حتى يقال أراد منهم العبادة ، وقد قال الله تعالى :
[ ص: 52 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة ، فالآية محمولة على المؤمنين منهم ; وهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قالت الأعراب آمنا وإنما قال فريق منهم . ذكره
الضحاك والكلبي والفراء والقتبي . وفي قراءة
عبد الله : " وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون " وقال
علي رضي الله عنه : أي وما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بالعبادة . واعتمد
الزجاج على هذا القول ، ويدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا . فإن قيل : كيف كفروا وقد خلقهم للإقرار بربوبيته والتذلل لأمره ومشيئته ؟ قيل : قد تذللوا لقضائه عليهم ; لأن قضاءه جار عليهم لا يقدرون على الامتناع منه ، وإنما خالفهم من كفر في العمل بما أمره به ، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56إلا ليعبدون أي إلا ليقروا لي بالعبادة طوعا أو كرها ; رواه
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس . فالكره ما يرى فيهم من أثر الصنعة .
مجاهد : إلا ليعرفوني .
الثعلبي : وهذا قول حسن ; لأنه لو لم يخلقهم لما عرف وجوده وتوحيده . ودليل هذا التأويل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=87ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=9ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم وما أشبه هذا من الآيات . وعن
مجاهد أيضا : إلا لآمرهم وأنهاهم .
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : هو ما جبلوا عليه من الشقوة والسعادة ; فخلق السعداء من الجن والإنس للعبادة ، وخلق الأشقياء منهم للمعصية . وعن
الكلبي أيضا : إلا ليوحدون ، فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء ، وأما الكافر فيوحده في الشدة والبلاء دون النعمة والرخاء ; يدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين الآية . وقال
عكرمة : إلا ليعبدون ويطيعون فأثيب العابد وأعاقب الجاحد . وقيل : المعنى إلا لأستعبدهم . والمعنى متقارب ; تقول : عبد بين العبودة والعبودية ،
nindex.php?page=treesubj&link=28345وأصل العبودية الخضوع والذل . والتعبيد التذليل ; يقال : طريق معبد . قال
طرفة بن العبد :
وظيفا وظيفا فوق مور معبد
والتعبيد الاستعباد وهو أن يتخذه عبدا . وكذلك الاعتباد . والعبادة الطاعة ، والتعبد التنسك . فمعنى ليعبدون ليذلوا ويخضعوا ويعبدوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق " من "
[ ص: 53 ] صلة أي رزقا ، بل أنا الرزاق والمعطي . وقال
ابن عباس وأبو الجوزاء : أي ما أريد أن يرزقوا أنفسهم ولا أن يطعموها . وقيل : المعنى ما أريد أن يرزقوا عبادي ولا أن يطعموهم
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58إن الله هو الرزاق وقرأ
ابن محيصن وغيره " الرازق " .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=58ذو القوة المتين أي : الشديد القوي . وقرأ
الأعمش ويحيى بن وثاب والنخعي " المتين " بالجر على النعت للقوة . الباقون بالرفع على النعت ل " الرزاق " أو " ذو " من قوله : ذو القوة أو يكون خبر ابتداء محذوف ; أو يكون نعتا لاسم " إن " على الموضع ، أو خبرا بعد خبر . قال
الفراء : كان حقه المتينة فذكره لأنه ذهب بها إلى الشيء المبرم المحكم الفتل ; يقال : حبل متين . وأنشد
الفراء :
لكل دهر قد لبست أثوبا حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا
من ريطة واليمنة المعصبا
فذكر المعصب ; لأن اليمنة صنف من الثياب ; ومن هذا الباب قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة أي وعظ .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=94وأخذت الذين ظلموا الصيحة أي : الصياح والصوت .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59فإن للذين ظلموا أي كفروا من
أهل مكة nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم أي نصيبا من العذاب مثل نصيب الكفار من الأمم السالفة . وقال
ابن الأعرابي : يقال يوم ذنوب أي طويل الشر لا ينقضي . وأصل الذنوب في اللغة الدلو العظيمة ، وكانوا يستقون الماء فيقسمون ذلك على الأنصباء فقيل للذنوب نصيب من هذا ; قال الراجز :
لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب
وقال
علقمة :
وفي كل يوم قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوب
وقال آخر :
لعمرك والمنايا طارقات لكل بني أب منها ذنوب
الجوهري : والذنوب الفرس الطويل الذنب ، والذنوب النصيب ، والذنوب لحم أسفل المتن ، والذنوب الدلو الملأى ماء . وقال
ابن السكيت : فيها ماء قريب من الملء يؤنث ويذكر ، ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب ، والجمع في أدنى العدد أذنبة والكثير ذنائب ، مثل
[ ص: 54 ] قلوص وقلائص .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59فلا يستعجلون أي فلا يستعجلون نزول العذاب بهم ; لأنهم قالوا : يا
محمد فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين فنزل بهم يوم
بدر ما حقق به وعده وعجل بهم انتقامه ، ثم لهم في الآخرة العذاب الدائم ، والخزي القائم ، الذي لا انقطاع له ولا نفاد ، ولا غاية ولا آباد . تم تفسير سورة " الذاريات " والحمد لله .