( ويتجوز ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=21017ويصار إلى المجاز في خمسة وعشرين نوعا من أنواع العلاقة . [ النوع ] الأول : إطلاق السبب على المسبب ، وهو أربعة أقسام . القسم الأول : القابلي ، وهو المشار إليه بقوله ( بسبب قابلي ) أي عن مسبب ، وهو تسمية الشيء باسم قابله ، كقولهم : سال الوادي ، والأصل : سال الماء في الوادي ، لكن لما كان الوادي سببا قابلا لسيلان الماء
[ ص: 50 ] فيه ، صار الماء من حيث القابلية كالمسبب له . فوضع لفظ الوادي موضعه .
القسم الثاني : السبب الصوري ، وهو المشار إليه بقوله ( وصوري ) أي وبسبب صوري كقولهم : هذه صورة الأمر والحال ، أي حقيقته . القسم الثالث : السبب الفاعلي ، وهو المشار إليه بقوله : ( وفاعلي ) أي وبسبب فاعلي ، كقولهم : نزل السحاب ، أي المطر ، لكن فاعليته باعتبار العادة كما تقول : أحرقت النار ، وكقولهم للمطر : سماء ، لأن السماء فاعل مجازي للمطر ، بدليل قولهم : أمطرت السماء ، وقال الشاعر :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
أي المطر . القسم الرابع : الغائي ، وهو المشار إليه بقوله ( وغائي ) أي : ويتجوز بسبب غائي ( عن مسبب ) كتسمية العصير خمرا ، والحديد خاتما ، والعقد نكاحا لأنه غايته .
النوع الثاني : إطلاق العلة على المعلول ، وهو المراد بقوله ( وبعلة ) أي عن معلول كما يأتي في المتن ، كقولهم : رأيت الله في كل شيء ; لأنه سبحانه وتعالى موجد كل شيء وعلته ، فأطلق لفظه عليه . ومعناه : رأيت كل شيء .
فاستدللت به على الله تعالى . النوع الثالث : إطلاق اللازم على الملزوم ، وهو المراد بقوله ( ولازم ) أي ويتجوز بلازم عن ملزوم ، كتسمية السقف جدارا ، ومنه قول الشاعر :
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهار
يريد بشد الإزار : الاعتزال عن النساء . ومنه إطلاق المس على الجماع غالبا لأنه قد يكون الجماع بحائل .
النوع الرابع : إطلاق الأثر على المؤثر ، وهو المراد بقوله ( وأثر ) أي عن مؤثر ، كتسمية ملك الموت موتا ، وكقول الشاعر يصف ظبية :
فإنما هي إقبال وإدبار
النوع الخامس : إطلاق المحل على الحال . وهو المراد بقوله
[ ص: 51 ] ( ومحل ) أي عن حال ، كقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46536لا يفضض الله فاك } أي : أسنانك إذ الفم محل الأسنان . وكتسمية المال كيسا ، كقولهم : هات الكيس ، والمراد : المال الذي فيه .
النوع السادس : إطلاق الكل على البعض . وهو المراد بقوله ( وكل ) أي عن بعض . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يجعلون أصابعهم في آذانهم } ) أي أناملهم .
النوع السابع : إطلاق المتعلق - بكسر اللام - على المتعلق - بفتحها - والمراد التعلق الحاصل بين المصدر واسم الفاعل واسم المفعول . فشمل ستة أقسام وهو المراد بقوله ( ومتعلق ) بكسر اللام ، أي عن متعلق ، بفتحها .
القسم الأول من الستة : إطلاق المصدر على اسم المفعول ، ومن ذلك قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=11هذا خلق الله } ) أي مخلوقه .
الثاني : عكسه ، وهو إطلاق اسم المفعول على المصدر . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأيكم المفتون } ) أي الفتنة .
القسم الثالث : إطلاق المصدر على اسم الفاعل . كقولهم : رجل عدل أي عادل .
الرابع : عكسه . وهو إطلاق اسم الفاعل على المصدر .
كقولهم : قم قائما و كقولهم : يخشى اللائمة يعني اللوم .
القسم الخامس : إطلاق اسم الفاعل على [ اسم ] المفعول . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6من ماء دافق } ) أي مدفوق ، وعيشة راضية . أي مرضية .
السادس : عكسه ، إطلاق اسم المفعول على اسم الفاعل . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45حجابا مستورا } ) أي ساترا . إذا تقرر هذا : فقوله ( عن معلول ) متمم لقوله " بعلة " وراجع إليه . فإذا قدر كل من ذلك بإزاء ما هو راجع إليه كان الكلام : ويتجوز بعلة عن معلول ( و ) لازم عن ( ملزوم ، و ) أثر عن ( مؤثر ، و ) محل عن ( حال ، و ) كل عن ( بعض ، و ) متعلق - بكسر اللام - عن ( متعلق ) بفتحها .
النوع الثامن : إطلاق ما بالقوة على ما بالفعل . وهو المراد بقوله ( وبما بالقوة عن ما بالفعل ) كتسمية الخمر في الدن مسكرا . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كل مسكر خمر } لأن فيه قوة الإسكار ، ويدخل في قوله ( وبالعكس في الكل ) النوع التاسع ، وهو إطلاق المسبب على السبب ، كإطلاق الموت على المرض الشديد .
والنوع
[ ص: 52 ] العاشر . وهو إطلاق المعلول على العلة . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47إذا قضى أمرا } ) أي إذا أراد أن يقضي أمرا ، فالقضاء معلول الإرادة . ومنه أيضا قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42وإن حكمت فاحكم } ) أي إذا أردت أن تحكم . والنوع الحادي عشر : وهو إطلاق الملزوم على اللازم كتسمية العلم حياة . ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=35أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم } ) أي برهانا فهو يدلهم . سميت الدلالة كلاما ، لأنها من لوازمه ومنه قول الحكماء : كل صامت ناطق بموجده . أي الصنعة فيه تدل على محدثه . فكأنه ينطق . والنوع الثاني عشر : وهو إطلاق المؤثر على الأثر ، كقول القائل : رأيت الله ، وما أرى في الوجود إلا الله تعالى ، يريد آثاره .
والدلالة عليه في العالم ، وكقولهم في الأمور المهمة : هذه إرادة الله تعالى ، أي مراده الناشئ عن إرادته . والنوع الثالث عشر : وهو إطلاق الحال على المحل ، كتسمية الكيس مالا والكأس خمرا . ومنه ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=107وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون } ) أي في الجنة ; لأنها محل الرحمة . والنوع الرابع عشر : وهو إطلاق البعض على الكل . ومنه قوله تعالى ( فتحرير رقبة ) والعتق إنما هو للكل .
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691على اليد ما أخذت حتى تؤديه } فالمراد صاحب اليد بكماله ، ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه } ) والنوع الخامس عشر : وهو إطلاق المتعلق - بفتح اللام - على المتعلق - بكسرها - كقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46537تحيضي في علم الله ستا أو سبعا } فإن التقدير : تحيضي ستا أو سبعا . وهو معلوم الله تعالى . والنوع السادس عشر : وهو إطلاق ما بالفعل على ما بالقوة ، كتسمية الإنسان الحقيقي نطفة . وهذا آخر ما دخل تحت قوله " وبالعكس في الكل " ( و ) النوع السابع عشر : أن يتجوز ( باعتبار وصف زائل ) كإطلاق العبد على العتيق . ومنه ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } ) عند الأكثر ، ومثله قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12ولكم نصف [ ص: 53 ] ما ترك أزواجكم } ) وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46538أيما رجل وجد ماله عند رجل قد أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي وغيره : الذي كان صاحب المتاع ، والتي كانت أرضهم : واللاتي كن أزواجا ، وهو مجاز مستعمل يجري مجرى الحقيقة . ومنه قولهم : درب فلان ، وقطيعة فلان ، ونهر فلان . ومحل صحة الإطلاق باعتبار وصف زائل إذا ( لم يلتبس حال الإطلاق بضده ) أي بضد الوصف الزائل . فلا يقال للشيخ طفل ، باعتبار ما كان ، ولا للثوب المصبوغ أبيض باعتبار ما كان . النوع الثامن عشر : أن يتجوز بوصف يئول قطعا ، أو ظنا .
وهو المراد بقوله ( أو آيل ) أي الوصف ( قطعا ) كإطلاق الميت على الحي ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنك ميت وإنهم ميتون } ) ( أو ) آيل ( ظنا ) كإطلاق الخمر على العصير ( بفعل ) متعلق بآيل ، أي بوصف آيل بفعل ، كإطلاق الخمر على العنب باعتبار أيلولته بعصر العصار ( أو قوة ) يعني : أو وصف آيل بالقوة دون الفعل ، كإطلاق المسكر على الخمر ، باعتبار أيلولة الخمر إلى الإسكار .
وعلم مما تقدم : أنه لا يتجوز بوصف آيل شكا ، كالعبد ، فإنه لا يطلق عليه حر مع احتمال عتقه وعدمه ( و ) النوع التاسع عشر : أن يكون الكلام مجازا باعتبار ( زيادة ) وذكروا أن منه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء } ) قالوا : إن الكاف زائدة ، وأن المعنى ليس مثله .
وقيل : الزائد " مثل " أي : ليس كهو شيء قالوا : وإنما حكم بزيادة أحدهما لئلا يلزم أن يكون لله سبحانه وتعالى مثل ، وهو منزه عن ذلك ، لأن نفي مثل المثل يقتضي ثبوت مثل ، وهو محال ، أو يلزم نفي الذات ; لأن مثل مثل الشيء هو ذلك الشيء ، وثبوته واجب فتعين أن لا يراد نفي ذلك إما بزيادة الكاف ، أو بزيادة مثل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : كل حرف زيد في الكلام العربي ، فهو قائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى . فيكون معنى الآية : ليس مثله شيء مرتين ، للتأكيد ، وقد ادعى كثير من العلماء عدم الزيادة والتخلص من المحذور بغير ذلك ، ولا سيما على القول بأنه لا يطلق في القرآن ولا في السنة زائد . وذلك من وجوه أحدها : أن سلب المعنى عن المعدوم جائز
[ ص: 54 ] كسلب الكتابة عن ابن فلان الذي هو معدوم ، ولا يلزم من نفي المثل عن المثل ثبوت المثل .
الثاني : أن المراد هنا بلفظ " المثل " الصفة كالمثل - بفتحتين - كما في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15 { مثل الجنة التي وعد المتقون } } فالتقدير : ليس كصفته شيء . قال الراغب : المثل هنا بمعنى الصفة ومعناه : ليس كصفته صفة . قال في البدر المنير " مثل " يوصف به المذكر والمؤنث والجمع وخرج بعضهم على هذا قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء } ) أي ليس كوصفه شيء ، وقال : هو أولى من القول بزيادتها ; لأنها على خلاف الأصل . الثالث : أن المراد بمثله : ذاته ، كقولك : مثلك لا يبخل ، أي : أنت لا تبخل .
قال الشاعر :
ولم أقل مثلك أعني به غيرك يا فرد بلا مشبه
وقوله :
أيها العاذل دع من عذلكا مثلي لا يصغي إلى مثلكا
وقد قال تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } ) أي بالذي آمنتم به ; لأن إيمانهم لا مثل له . وهذا اختيار
ابن عبد السلام فالتقدير في الآية : ليس كذاته شيء ، بل هذا النوع من الكناية أبلغ من التصريح ، لتضمنه إثبات الشيء بدليله قال في البدر المنير : وقيل المعنى : ليس كذاته شيء . كما يقال : مثلك من يعرف الجميل ، ومثلك لا يفعل كذا ، أي أنت تكون كذا . وعليه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122كمن مثله في الظلمات } ) [ أي كمن هو ] الرابع : أنه لو فرض لشيء مثل ، ولذلك المثل مثل ، كان كلاهما مثلا للأصل ، فيلزم من نفي مثل المثل : نفيهما معا ، ويبقى المسكوت عنه ; لأنه الموضوع ، وكل منهما مقدر مثليته .
وقد نفيا عنه . قال
شرف الدين بن أبي الفضل : اجعل الكاف أصلية ، ولا يلزم محذور . قال : لأن نفي المثل له طريقان : إما بنفي الشيء ، أو بنفي لازمه ، ويلزم من نفي اللازم نفي الملزوم ، ومن لوازم المثل : أن له مثلا فإذا نفينا مثل المثل ، انتفى لازم المثل ، فينتفي المثل لنفي لازمه . الخامس : قال
يحيى بن إبراهيم السلاميسي في كتابه العدل في منازل الأئمة الأربعة : إن الكاف لتشبيه الصفات ، و " مثل " لتشبيه الذوات . فنفى الشبيهين كلاهما عن نفسه تعالى . فقال تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء } ) أي : ليس له مثل ولا كهو شيء . انتهى وقال
ابن هبيرة - من أصحابنا : آلتا التشبيه في كلام
العرب : الكاف ،
[ ص: 55 ] ومثل ، تقول هذا مثل هذا ، وهذا كهذا ، فجمع الله سبحانه وتعالى آلتي التشبيه ونفى عنه بهما الشبيه .
( و ) النوع العشرون : أن يكون الكلام مجازا باعتبار ( نقص ) لفظ من الكلام المركب ، ويكون ما نقص كالموجود للافتقار إليه . سواء كان الناقص مفردا أو مركبا ، جملة أو غيرها ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنما جزاء الذين يحاربون الله } ) أي يحاربون عباد الله وأهل دينه . ومثله ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=96فقبضت قبضة من أثر الرسول } ) أي : من أثر حافر فرس الرسول وبه قرئ شاذا ، ومثله ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ) أي فأفطر . ومثله . ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية } ) واسأل العير أي أهل القرية ، وأهل العير ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل } ) أي حب العجل ( و ) النوع الحادي والعشرون أن يكون الكلام مجازا باعتبار مشابهة ( شكل ) كإطلاق لفظ الأسد على ما هو كشكله ، من مجسد أو منقوش ، وربما توجد العلاقتان ومنه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=88فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار } ) .
( و ) النوع الثاني والعشرون : أن يكون الكلام مجازا باعتبار مشابهة في المعنى في ( صفة ظاهرة ) كإطلاق الأسد على الرجل الشجاع . وخرج بقولنا " ظاهرة " الصفة الخفية ، كالبخر ، فلا يطلق أسد على الأبخر ، لأن البخر في الأسد خفي .
( و ) النوع الثالث والعشرون : أن يكون الكلام مجازا باعتبار إطلاق ( اسم ) البدل على المبدل ، كتسمية الدية دما ، لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=239أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم } ( و ) النوع الرابع والعشرون : أن يكون الكلام مجازا باعتبار إطلاق اسم مقيد على مطلق كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16097القاضي شريح " أصبحت ونصف الناس علي غضبان " المراد : مطلق البعض لا خصوص النصف ، أو باعتبار إطلاق اسم ( ضد ) على ضده ، وتسمى العلاقة هنا علاقة المضادة كإطلاق البصير على الأعمى ، والسليم على اللديغ ، والمفازة على المهلكة . ( و ) النوع الخامس والعشرون : أن يكون الكلام مجازا باعتبار نقل اسم
[ ص: 56 ] لعلاقة ( مجاورة ) كإطلاق لفظ " الراوية " على ظرف الماء ، وإنما هي في الأصل البعير الذي يستقى عليه ( ونحوه ) أي نحو ما تقدم ، مثل أن يكون الكلام مجازا باعتبار التقدم والتأخر ، وذكروا منه قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى } ) والغثاء : ما احتمله السيل من الحشيش ، والأحوى : الشديد الخضرة . وذلك سابق في الوجود .
وكذا الاستثناء من غير الجنس ، وهو المنقطع وقد يقال : إنه بتأويله بدخوله تحت الجنس يكون من مجاز المشابهة ومنها : ورود الأمر بصورة الخبر وعكسه ، نحو ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233والوالدات يرضعن أولادهن } ) وقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=38أسمع بهم وأبصر } ) وقد يقال : إن ذلك من المبالغة أو المضادة ، بتنزيله منزلة الذي استعمل فيه حقيقة بسبب اعتقاده
nindex.php?page=treesubj&link=21018_21019 ( وشرط ) لصحة استعمال المجاز ( نقل ) عن
العرب ( في ) كل ( نوع ) من أنواع المجاز ( لا ) في كل صورة من ( آحاد ) المجاز ، بل يكفي في استعمال اللفظ في كل صورة ظهور نوع من العلاقة المعتبرة . وقال
ابن قاضي الجبل : إطلاق اسم على مسماه المجازي لا يفتقر في الآحاد إلى النقل عن العرب بل المعتبر ظهور العلاقة على الأصح ، وأما في الأنواع : فمعتبر وفاقا انتهى .
( وَيُتَجَوَّزُ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=21017وَيُصَارُ إلَى الْمَجَازِ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْعَلَاقَةِ . [ النَّوْعُ ] الْأَوَّلُ : إطْلَاقُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ . الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : الْقَابِلِيُّ ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( بِسَبَبٍ قَابِلِيٍّ ) أَيْ عَنْ مُسَبَّبٍ ، وَهُوَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ قَابِلِهِ ، كَقَوْلِهِمْ : سَالَ الْوَادِي ، وَالْأَصْلُ : سَالَ الْمَاءُ فِي الْوَادِي ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَادِي سَبَبًا قَابِلًا لِسَيَلَانِ الْمَاءِ
[ ص: 50 ] فِيهِ ، صَارَ الْمَاءُ مِنْ حَيْثُ الْقَابِلِيَّةُ كَالْمُسَبَّبِ لَهُ . فَوُضِعَ لَفْظُ الْوَادِي مَوْضِعَهُ .
الْقِسْمُ الثَّانِي : السَّبَبُ الصُّورِيُّ ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَصُورِيٌّ ) أَيْ وَبِسَبَبٍ صُورِيٍّ كَقَوْلِهِمْ : هَذِهِ صُورَةُ الْأَمْرِ وَالْحَالُ ، أَيْ حَقِيقَتُهُ . الْقِسْمُ الثَّالِثُ : السَّبَبُ الْفَاعِلِيُّ ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ : ( وَفَاعِلِيٍّ ) أَيْ وَبِسَبَبٍ فَاعِلِيٍّ ، كَقَوْلِهِمْ : نَزَلَ السَّحَابُ ، أَيْ الْمَطَرُ ، لَكِنَّ فَاعِلِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ كَمَا تَقُولُ : أَحْرَقَتْ النَّارُ ، وَكَقَوْلِهِمْ لِلْمَطَرِ : سَمَاءٌ ، لِأَنَّ السَّمَاءَ فَاعِلٌ مَجَازِيٌّ لِلْمَطَرِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ : أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ :
إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا
أَيْ الْمَطَرُ . الْقِسْمُ الرَّابِعُ : الْغَائِيُّ ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَغَائِيٌّ ) أَيْ : وَيُتَجَوَّزُ بِسَبَبٍ غَائِيٍّ ( عَنْ مُسَبَّبٍ ) كَتَسْمِيَةِ الْعَصِيرِ خَمْرًا ، وَالْحَدِيدِ خَاتَمًا ، وَالْعَقْدِ نِكَاحًا لِأَنَّهُ غَايَتُهُ .
النَّوْعُ الثَّانِي : إطْلَاقُ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَبِعِلَّةٍ ) أَيْ عَنْ مَعْلُولٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ ، كَقَوْلِهِمْ : رَأَيْت اللَّهَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُوجِدُ كُلِّ شَيْءٍ وَعِلَّتُهُ ، فَأُطْلِقَ لَفْظُهُ عَلَيْهِ . وَمَعْنَاهُ : رَأَيْت كُلَّ شَيْءٍ .
فَاسْتَدْلَلْت بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . النَّوْعُ الثَّالِثُ : إطْلَاقُ اللَّازِمِ عَلَى الْمَلْزُومِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَلَازِمٍ ) أَيْ وَيُتَجَوَّزُ بِلَازِمٍ عَنْ مَلْزُومٍ ، كَتَسْمِيَةِ السَّقْفِ جِدَارًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
قَوْمٌ إذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ
يُرِيدُ بِشَدِّ الْإِزَارِ : الِاعْتِزَالَ عَنْ النِّسَاءِ . وَمِنْهُ إطْلَاقُ الْمَسِّ عَلَى الْجِمَاعِ غَالِبًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْجِمَاعُ بِحَائِلٍ .
النَّوْعُ الرَّابِعُ : إطْلَاقُ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَأَثَرٍ ) أَيْ عَنْ مُؤَثِّرٍ ، كَتَسْمِيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ مَوْتًا ، وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ يَصِفُ ظَبْيَةً :
فَإِنَّمَا هِيَ إقْبَالٌ وَإِدْبَارُ
النَّوْعُ الْخَامِسُ : إطْلَاقُ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ . وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ
[ ص: 51 ] ( وَمَحَلٍّ ) أَيْ عَنْ حَالٍّ ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=18لِلْعَبَّاسِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46536لَا يَفْضُضْ اللَّهُ فَاك } أَيْ : أَسْنَانَك إذْ الْفَمُ مَحَلُّ الْأَسْنَانِ . وَكَتَسْمِيَةِ الْمَالِ كِيسًا ، كَقَوْلِهِمْ : هَاتِ الْكِيسَ ، وَالْمُرَادُ : الْمَالُ الَّذِي فِيهِ .
النَّوْعُ السَّادِسُ : إطْلَاقُ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ . وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَكُلٍّ ) أَيْ عَنْ بَعْضٍ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ } ) أَيْ أَنَامِلَهُمْ .
النَّوْعُ السَّابِعُ : إطْلَاقُ الْمُتَعَلِّقِ - بِكَسْرِ اللَّامِ - عَلَى الْمُتَعَلَّقِ - بِفَتْحِهَا - وَالْمُرَادُ التَّعَلُّقُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ وَاسْمِ الْمَفْعُولِ . فَشَمِلَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَمُتَعَلِّقٍ ) بِكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ عَنْ مُتَعَلَّقٍ ، بِفَتْحِهَا .
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ السِّتَّةِ : إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=11هَذَا خَلْقُ اللَّهِ } ) أَيْ مَخْلُوقُهُ .
الثَّانِي : عَكْسُهُ ، وَهُوَ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْمَصْدَرِ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّكُمْ الْمَفْتُونُ } ) أَيْ الْفِتْنَةُ .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ : إطْلَاقُ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ . كَقَوْلِهِمْ : رَجُلٌ عَدْلٌ أَيْ عَادِلٌ .
الرَّابِعُ : عَكْسُهُ . وَهُوَ إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَصْدَرِ .
كَقَوْلِهِمْ : قُمْ قَائِمًا وَ كَقَوْلِهِمْ : يَخْشَى اللَّائِمَةَ يَعْنِي اللَّوْمَ .
الْقِسْمُ الْخَامِسُ : إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى [ اسْمِ ] الْمَفْعُولِ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=6مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ } ) أَيْ مَدْفُوقٍ ، وَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ . أَيْ مَرْضِيَّةٍ .
السَّادِسُ : عَكْسُهُ ، إطْلَاقُ اسْمِ الْمَفْعُولِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=45حِجَابًا مَسْتُورًا } ) أَيْ سَاتِرًا . إذَا تَقَرَّرَ هَذَا : فَقَوْلُهُ ( عَنْ مَعْلُولٍ ) مُتَمِّمٌ لِقَوْلِهِ " بِعِلَّةٍ " وَرَاجِعٌ إلَيْهِ . فَإِذَا قُدِّرَ كُلٌّ مِنْ ذَلِكَ بِإِزَاءِ مَا هُوَ رَاجِعٌ إلَيْهِ كَانَ الْكَلَامُ : وَيُتَجَوَّزُ بِعِلَّةٍ عَنْ مَعْلُولِ ( وَ ) لَازِمٍ عَنْ ( مَلْزُومٍ ، وَ ) أَثَرٍ عَنْ ( مُؤَثِّرٍ ، وَ ) مَحَلٍّ عَنْ ( حَالٍّ ، وَ ) كُلٍّ عَنْ ( بَعْضٍ ، وَ ) مُتَعَلِّقٍ - بِكَسْرِ اللَّامِ - عَنْ ( مُتَعَلَّقٍ ) بِفَتْحِهَا .
النَّوْعُ الثَّامِنُ : إطْلَاقُ مَا بِالْقُوَّةِ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ . وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( وَبِمَا بِالْقُوَّةِ عَنْ مَا بِالْفِعْلِ ) كَتَسْمِيَةِ الْخَمْرِ فِي الدَّنِّ مُسْكِرًا . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ } لِأَنَّ فِيهِ قُوَّةَ الْإِسْكَارِ ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ ( وَبِالْعَكْسِ فِي الْكُلِّ ) النَّوْعُ التَّاسِعُ ، وَهُوَ إطْلَاقُ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ ، كَإِطْلَاقِ الْمَوْتِ عَلَى الْمَرَضِ الشَّدِيدِ .
وَالنَّوْعُ
[ ص: 52 ] الْعَاشِرُ . وَهُوَ إطْلَاقُ الْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47إذَا قَضَى أَمْرًا } ) أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ أَمْرًا ، فَالْقَضَاءُ مَعْلُولُ الْإِرَادَةِ . وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42وَإِنْ حَكَمْت فَاحْكُمْ } ) أَيْ إذَا أَرَدْت أَنْ تَحْكُمَ . وَالنَّوْعُ الْحَادِيَ عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ كَتَسْمِيَةِ الْعِلْمِ حَيَاةً . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=35أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } ) أَيْ بُرْهَانًا فَهُوَ يَدُلُّهُمْ . سُمِّيَتْ الدَّلَالَةُ كَلَامًا ، لِأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِهِ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُكَمَاءِ : كُلُّ صَامِتٍ نَاطِقٌ بِمُوجِدِهِ . أَيْ الصَّنْعَةُ فِيهِ تَدُلُّ عَلَى مُحْدِثِهِ . فَكَأَنَّهُ يَنْطِقُ . وَالنَّوْعُ الثَّانِي عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ الْمُؤَثِّرِ عَلَى الْأَثَرِ ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ : رَأَيْت اللَّهَ ، وَمَا أَرَى فِي الْوُجُودِ إلَّا اللَّهَ تَعَالَى ، يُرِيدُ آثَارَهُ .
وَالدَّلَالَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَالَمِ ، وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ : هَذِهِ إرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيْ مُرَادُهُ النَّاشِئُ عَنْ إرَادَتِهِ . وَالنَّوْعُ الثَّالِثَ عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ ، كَتَسْمِيَةِ الْكِيسِ مَالًا وَالْكَأْسِ خَمْرًا . وَمِنْهُ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=107وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ) أَيْ فِي الْجَنَّةِ ; لِأَنَّهَا مَحَلُّ الرَّحْمَةِ . وَالنَّوْعُ الرَّابِعَ عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) وَالْعِتْقُ إنَّمَا هُوَ لِلْكُلِّ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ } فَالْمُرَادُ صَاحِبُ الْيَدِ بِكَمَالِهِ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ } ) وَالنَّوْعُ الْخَامِسَ عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ الْمُتَعَلَّقِ - بِفَتْحِ اللَّامِ - عَلَى الْمُتَعَلِّقِ - بِكَسْرِهَا - كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46537تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا } فَإِنَّ التَّقْدِيرَ : تَحِيضِي سِتًّا أَوْ سَبْعًا . وَهُوَ مَعْلُومُ اللَّهِ تَعَالَى . وَالنَّوْعُ السَّادِسَ عَشَرَ : وَهُوَ إطْلَاقُ مَا بِالْفِعْلِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ ، كَتَسْمِيَةِ الْإِنْسَانِ الْحَقِيقِيِّ نُطْفَةً . وَهَذَا آخِرُ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ " وَبِالْعَكْسِ فِي الْكُلِّ " ( وَ ) النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ : أَنْ يُتَجَوَّزَ ( بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ زَائِلٍ ) كَإِطْلَاقِ الْعَبْدِ عَلَى الْعَتِيقِ . وَمِنْهُ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=27وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } ) عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَلَكُمْ نِصْفُ [ ص: 53 ] مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ } ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46538أَيُّمَا رَجُلٍ وَجَدَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : الَّذِي كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ ، وَاَلَّتِي كَانَتْ أَرْضُهُمْ : وَاَللَّاتِي كُنَّ أَزْوَاجًا ، وَهُوَ مَجَازٌ مُسْتَعْمَلٌ يَجْرِي مَجْرَى الْحَقِيقَةِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : دَرْبُ فُلَانٍ ، وَقَطِيعَةُ فُلَانٍ ، وَنَهْرُ فُلَانٍ . وَمَحَلُّ صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ زَائِلٍ إذَا ( لَمْ يَلْتَبِسْ حَالَ الْإِطْلَاقِ بِضِدِّهِ ) أَيْ بِضِدِّ الْوَصْفِ الزَّائِلِ . فَلَا يُقَالُ لِلشَّيْخِ طِفْلٌ ، بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ ، وَلَا لِلثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ أَبْيَضُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ . النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ : أَنْ يُتَجَوَّزَ بِوَصْفٍ يَئُولُ قَطْعًا ، أَوْ ظَنًّا .
وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ آيِلٍ ) أَيْ الْوَصْفِ ( قَطْعًا ) كَإِطْلَاقِ الْمَيِّتِ عَلَى الْحَيِّ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=30إنَّك مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } ) ( أَوْ ) آيِلٍ ( ظَنًّا ) كَإِطْلَاقِ الْخَمْرِ عَلَى الْعَصِيرِ ( بِفِعْلٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِآيِلٍ ، أَيْ بِوَصْفٍ آيِلٍ بِفِعْلٍ ، كَإِطْلَاقِ الْخَمْرِ عَلَى الْعِنَبِ بِاعْتِبَارِ أَيْلُولَتِهِ بِعَصْرِ الْعَصَّارِ ( أَوْ قُوَّةٍ ) يَعْنِي : أَوْ وَصْفٍ آيِلٍ بِالْقُوَّةِ دُونَ الْفِعْلِ ، كَإِطْلَاقِ الْمُسْكِرِ عَلَى الْخَمْرِ ، بِاعْتِبَارِ أَيْلُولَةِ الْخَمْرِ إلَى الْإِسْكَارِ .
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ : أَنَّهُ لَا يَتَجَوَّزُ بِوَصْفٍ آيِلٍ شَكًّا ، كَالْعَبْدِ ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ حُرٌّ مَعَ احْتِمَالِ عِتْقِهِ وَعَدَمِهِ ( وَ ) النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ ( زِيَادَةٍ ) وَذَكَرُوا أَنَّ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ) قَالُوا : إنَّ الْكَافَ زَائِدَةٌ ، وَأَنَّ الْمَعْنَى لَيْسَ مِثْلَهُ .
وَقِيلَ : الزَّائِدُ " مِثْلُ " أَيْ : لَيْسَ كَهُوَ شَيْءٌ قَالُوا : وَإِنَّمَا حُكِمَ بِزِيَادَةِ أَحَدِهِمَا لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِثْلٌ ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّ نَفْيَ مِثْلِ الْمِثْلِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ مِثْلٍ ، وَهُوَ مُحَالٌ ، أَوْ يَلْزَمُ نَفْيُ الذَّاتِ ; لِأَنَّ مِثْلَ مِثْلِ الشَّيْءِ هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ ، وَثُبُوتُهُ وَاجِبٌ فَتَعَيَّنَ أَنْ لَا يُرَادَ نَفْيُ ذَلِكَ إمَّا بِزِيَادَةِ الْكَافِ ، أَوْ بِزِيَادَةِ مِثْلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي : كُلُّ حَرْفٍ زِيدَ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ ، فَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ إعَادَةِ الْجُمْلَةِ مَرَّةً أُخْرَى . فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ : لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ مَرَّتَيْنِ ، لِلتَّأْكِيدِ ، وَقَدْ ادَّعَى كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ وَالتَّخَلُّصَ مِنْ الْمَحْذُورِ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ زَائِدٌ . وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا : أَنَّ سَلْبَ الْمَعْنَى عَنْ الْمَعْدُومِ جَائِزٌ
[ ص: 54 ] كَسَلْبِ الْكِتَابَةِ عَنْ ابْنِ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ مَعْدُومٌ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمِثْلِ عَنْ الْمِثْلِ ثُبُوتُ الْمِثْلِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِلَفْظِ " الْمِثْلِ " الصِّفَةُ كَالْمَثَلِ - بِفَتْحَتَيْنِ - كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15 { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ } } فَالتَّقْدِيرُ : لَيْسَ كَصِفَتِهِ شَيْءٌ . قَالَ الرَّاغِبُ : الْمِثْلُ هُنَا بِمَعْنَى الصِّفَةِ وَمَعْنَاهُ : لَيْسَ كَصِفَتِهِ صِفَةٌ . قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ " مِثْلُ " يُوصَفُ بِهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ) أَيْ لَيْسَ كَوَصْفِهِ شَيْءٌ ، وَقَالَ : هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ بِزِيَادَتِهَا ; لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ . الثَّالِثُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِمِثْلِهِ : ذَاتُهُ ، كَقَوْلِك : مِثْلُك لَا يَبْخَلُ ، أَيْ : أَنْتَ لَا تَبْخَلُ .
قَالَ الشَّاعِرُ :
وَلَمْ أَقُلْ مِثْلَك أَعْنِي بِهِ غَيْرَك يَا فَرْدُ بِلَا مُشْبِهِ
وَقَوْلُهُ :
أَيُّهَا الْعَاذِلُ دَعْ مِنْ عَذْلِكَا مِثْلِي لَا يُصْغِي إلَى مِثْلِكَا
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوْا } ) أَيْ بِاَلَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ ; لِأَنَّ إيمَانَهُمْ لَا مِثْلَ لَهُ . وَهَذَا اخْتِيَارُ
ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَالتَّقْدِيرُ فِي الْآيَةِ : لَيْسَ كَذَاتِهِ شَيْءٌ ، بَلْ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْكِنَايَةِ أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ ، لِتَضَمُّنِهِ إثْبَاتَ الشَّيْءِ بِدَلِيلِهِ قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ : وَقِيلَ الْمَعْنَى : لَيْسَ كَذَاتِهِ شَيْءٌ . كَمَا يُقَالُ : مِثْلُك مَنْ يَعْرِفُ الْجَمِيلَ ، وَمِثْلُك لَا يَفْعَلُ كَذَا ، أَيْ أَنْتَ تَكُونُ كَذَا . وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ } ) [ أَيْ كَمَنْ هُوَ ] الرَّابِعُ : أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ لِشَيْءٍ مِثْلٌ ، وَلِذَلِكَ الْمِثْلِ مِثْلٌ ، كَانَ كِلَاهُمَا مِثْلًا لِلْأَصْلِ ، فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ مِثْلِ الْمِثْلِ : نَفْيُهُمَا مَعًا ، وَيَبْقَى الْمَسْكُوتُ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ الْمَوْضُوعُ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقَدَّرٌ مِثْلِيَّتُهُ .
وَقَدْ نُفِيَا عَنْهُ . قَالَ
شَرَفُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ : اجْعَلْ الْكَافَ أَصْلِيَّةً ، وَلَا يَلْزَمُ مَحْذُورٌ . قَالَ : لِأَنَّ نَفْيَ الْمِثْلِ لَهُ طَرِيقَانِ : إمَّا بِنَفْيِ الشَّيْءِ ، أَوْ بِنَفْيِ لَازِمِهِ ، وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ اللَّازِمِ نَفْيُ الْمَلْزُومِ ، وَمِنْ لَوَازِمِ الْمِثْلِ : أَنَّ لَهُ مِثْلًا فَإِذَا نَفَيْنَا مِثْلَ الْمِثْلِ ، انْتَفَى لَازِمُ الْمِثْلِ ، فَيَنْتَفِي الْمِثْلُ لِنَفْيِ لَازِمِهِ . الْخَامِسُ : قَالَ
يَحْيَى بْنُ إبْرَاهِيمَ السَّلَامِيسِيُّ فِي كِتَابِهِ الْعَدْلِ فِي مَنَازِلِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ : إنَّ الْكَافَ لِتَشْبِيهِ الصِّفَاتِ ، وَ " مِثْلَ " لِتَشْبِيهِ الذَّوَاتِ . فَنَفَى الشَّبِيهَيْنِ كِلَاهُمَا عَنْ نَفْسِهِ تَعَالَى . فَقَالَ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } ) أَيْ : لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ وَلَا كَهُوَ شَيْءٌ . انْتَهَى وَقَالَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ - مِنْ أَصْحَابِنَا : آلَتَا التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ
الْعَرَبِ : الْكَافُ ،
[ ص: 55 ] وَمِثْلُ ، تَقُولُ هَذَا مِثْلُ هَذَا ، وَهَذَا كَهَذَا ، فَجَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آلَتَيْ التَّشْبِيهِ وَنَفَى عَنْهُ بِهِمَا الشَّبِيهَ .
( وَ ) النَّوْعُ الْعِشْرُونَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ ( نَقْصِ ) لَفْظٍ مِنْ الْكَلَامِ الْمُرَكَّبِ ، وَيَكُونُ مَا نَقَصَ كَالْمَوْجُودِ لِلِافْتِقَارِ إلَيْهِ . سَوَاءٌ كَانَ النَّاقِصُ مُفْرَدًا أَوْ مُرَكَّبًا ، جُمْلَةً أَوْ غَيْرَهَا وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=33إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ } ) أَيْ يُحَارِبُونَ عِبَادَ اللَّهِ وَأَهْلَ دِينِهِ . وَمِثْلُهُ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=96فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ } ) أَيْ : مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ وَبِهِ قُرِئَ شَاذًّا ، وَمِثْلُهُ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ) أَيْ فَأَفْطَرَ . وَمِثْلُهُ . ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ } ) وَاسْأَلْ الْعِيرَ أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ ، وَأَهْلَ الْعِيرِ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ } ) أَيْ حُبَّ الْعِجْلِ ( وَ ) النَّوْعُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مُشَابَهَةِ ( شَكْلٍ ) كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى مَا هُوَ كَشَكْلِهِ ، مِنْ مُجَسَّدٍ أَوْ مَنْقُوشٍ ، وَرُبَّمَا تُوجَدُ الْعَلَاقَتَانِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=88فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ } ) .
( وَ ) النَّوْعُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مُشَابَهَةٍ فِي الْمَعْنَى فِي ( صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ ) كَإِطْلَاقِ الْأَسَدِ عَلَى الرَّجُلِ الشُّجَاعِ . وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا " ظَاهِرَةٍ " الصِّفَةُ الْخَفِيَّةُ ، كَالْبَخَرِ ، فَلَا يُطْلَقُ أَسَدٌ عَلَى الْأَبْخَرِ ، لِأَنَّ الْبَخَرَ فِي الْأَسَدِ خَفِيٌّ .
( وَ ) النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ ( اسْمِ ) الْبَدَلِ عَلَى الْمُبْدَلِ ، كَتَسْمِيَةِ الدِّيَةِ دَمًا ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=239أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ } ( وَ ) النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ اسْمٍ مُقَيَّدٍ عَلَى مُطْلَقٍ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16097الْقَاضِي شُرَيْحٍ " أَصْبَحْت وَنِصْفُ النَّاسِ عَلَيَّ غَضْبَانُ " الْمُرَادُ : مُطْلَقُ الْبَعْضِ لَا خُصُوصُ النِّصْفِ ، أَوْ بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ اسْمِ ( ضِدٍّ ) عَلَى ضِدِّهِ ، وَتُسَمَّى الْعَلَاقَةُ هُنَا عَلَاقَةَ الْمُضَادَّةِ كَإِطْلَاقِ الْبَصِيرِ عَلَى الْأَعْمَى ، وَالسَّلِيمِ عَلَى اللَّدِيغِ ، وَالْمَفَازَةِ عَلَى الْمَهْلَكَةِ . ( وَ ) النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ : أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ نَقْلِ اسْمٍ
[ ص: 56 ] لِعَلَاقَةِ ( مُجَاوَرَةٍ ) كَإِطْلَاقِ لَفْظِ " الرَّاوِيَةِ " عَلَى ظَرْفِ الْمَاءِ ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْأَصْلِ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ ، وَذَكَرُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4وَاَلَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحَوَى } ) وَالْغُثَاءُ : مَا احْتَمَلَهُ السَّيْلُ مِنْ الْحَشِيشِ ، وَالْأَحْوَى : الشَّدِيدُ الْخُضْرَةِ . وَذَلِكَ سَابِقٌ فِي الْوُجُودِ .
وَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ، وَهُوَ الْمُنْقَطِعُ وَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ بِتَأْوِيلِهِ بِدُخُولِهِ تَحْتَ الْجِنْسِ يَكُونُ مِنْ مَجَازِ الْمُشَابَهَةِ وَمِنْهَا : وُرُودُ الْأَمْرِ بِصُورَةِ الْخَبَرِ وَعَكْسِهِ ، نَحْوُ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ } ) وقَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=38أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ } ) وَقَدْ يُقَالُ : إنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ أَوْ الْمُضَادَّةِ ، بِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فِيهِ حَقِيقَةً بِسَبَبِ اعْتِقَادِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=21018_21019 ( وَشُرِطَ ) لِصِحَّةِ اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ ( نَقْلٌ ) عَنْ
الْعَرَبِ ( فِي ) كُلِّ ( نَوْعٍ ) مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ ( لَا ) فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ ( آحَادِ ) الْمَجَازِ ، بَلْ يَكْفِي فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي كُلِّ صُورَةٍ ظُهُورُ نَوْعٍ مِنْ الْعَلَاقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ . وَقَالَ
ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ : إطْلَاقُ اسْمٍ عَلَى مُسَمَّاهُ الْمَجَازِيِّ لَا يَفْتَقِرُ فِي الْآحَادِ إلَى النَّقْلِ عَنْ الْعَرَبِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْعَلَاقَةِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَأَمَّا فِي الْأَنْوَاعِ : فَمُعْتَبَرٌ وِفَاقًا انْتَهَى .