5300 - ( طوبى لمن رزقه الله الكفاف ثم صبر عليه ) (فر) عن عبد الله بن حنطب - (ض) .

التالي السابق

عرض الحاشية

(طُوبَى لِمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الْكَفَافَ ثُمَّ صَبَرَ عَلَيْهِ) لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ وَأَنَّ تَعَبَهُ فِي تَحْصِيلِ غَيْرِهِ مُحَالٌ وَضَلَالٌ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لِحَكِيمٍ: مَنْ ذَا الَّذِي لَا هَمَّ لَهُ؟ قَالَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَهْمُومٌ لَكِنْ أَقَلُّهُمْ أَفْضَلُهُمْ رِضًا وَأَقْنَعُهُمْ بِمَا رُزِقَ، وَالْكَفَافُ هُوَ الْوَسَطُ الْمَحْمُودُ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا فَعِنْدَ التَّمَامِ يَكُونُ النُّقْصَانُ

[تَنْبِيهٌ] ذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى تَفْضِيلِ الْفَقْرِ عَلَى الْغِنَى وَعَكَسَ آخَرُونَ وَفَضَّلَ الْقُرْطُبِيُّ الْكَفَافَ عَلَيْهِمَا فَفِي الْمُفْهِمِ أَنَّهُ يُقَالُ جَمَعَ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَالَاتِ الثَّلَاثَ فَكَانَ الْفَقْرُ أَوَّلَ حَالَاتِهِ فَقَامَ بِوَاجِبِهِ مِنْ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، ثُمَّ فَتَحَ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ فَصَارَ بِهَا فِي حَدِّ الْغِنَى فَقَامَ بِوَاجِبِ الْغِنَى مِنَ الْمُوَاسَاةِ وَالْإِيثَارِ وَغَيْرِهِمَا مَعَ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا يَسُدُّ ضَرُورَةَ عِيَالِهِ وَهِيَ صُورَةُ الْكَفَافِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا، وَهِيَ حَالَةٌ سَلِيمَةٌ مِنَ الْغِنَى الْمُطْغِي وَالْفَقْرِ الْمُؤْلِمِ فَهِيَ الْأَفْضَلُ .

(نُكْتَةٌ) قَالَ الْغَزَالِيُّ : لَمَّا أَرَادَ ابْنُ أَدْهَمَ دُخُولَ الْبَادِيَةِ خَوَّفَهُ الشَّيْطَانُ بِأَنَّهَا بَادِيَةٌ مُهْلِكَةٌ وَلَا زَادَ، فَعَزَمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَقْطَعَهَا مُتَجَرِّدًا وَأَلَّا يَقْطَعَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ تَحْتَ كُلِّ مِيلٍ مِنْهَا أَلْفَ رَكْعَةٍ، وَوَفَى بِذَلِكَ فَحَجَّ الرَّشِيدُ فَرَآهُ فِيهَا، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ فَقَالَ:

نُرَقِّعُ دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا . . . فَلَا دِينُنَا يَبْقَى وَلَا مَا نُرَقِّعُ

فَطُوبَى لِعَبْدٍ آثَرَ اللَّهَ رَبَّهُ
. . . وَجَادَ بِدُنْيَاهُ لِمَا يَتَوَقَّعُ

(فر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ، قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ لَهُ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٍ فِي إِسْنَادِهِ؛ أَيْ: وَهُوَ هَذَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ أَوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَقَالَ: لَيَّنَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ قَالَ أَحْمَدُ : لَهُ مَنَاكِيرُ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ : مُنْكَرُ الْحَدِيثِ مُفْرِطُ التَّشَيُّعِ

(طوبى لمن رزقه الله الكفاف ثم صبر عليه) لعلمه بأنه لا يصل إليه إلا ما قدر له وأن تعبه في تحصيل غيره محال وضلال، ومن ثم قيل لحكيم: من ذا الذي لا هم له؟ قال: ليس في الدنيا إلا مهموم لكن أقلهم أفضلهم رضا وأقنعهم بما رزق، والكفاف هو الوسط المحمود ومن ثم قيل: خير الأمور أوساطها فعند التمام يكون النقصان

[تنبيه] ذهب جمع إلى تفضيل الفقر على الغنى وعكس آخرون وفضل القرطبي الكفاف عليهما ففي المفهم أنه يقال جمع لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - الحالات الثلاث فكان الفقر أول حالاته فقام بواجبه من مجاهدة النفس، ثم فتح عليه الفتوح فصار بها في حد الغنى فقام بواجب الغنى من المواساة والإيثار وغيرهما مع اقتصاره على ما يسد ضرورة عياله وهي صورة الكفاف التي مات عليها، وهي حالة سليمة من الغنى المطغي والفقر المؤلم فهي الأفضل .

(نكتة) قال الغزالي : لما أراد ابن أدهم دخول البادية خوفه الشيطان بأنها بادية مهلكة ولا زاد، فعزم على نفسه أن يقطعها متجردا وألا يقطعها حتى يصلي تحت كل ميل منها ألف ركعة، ووفى بذلك فحج الرشيد فرآه فيها، فقال: كيف تجدك يا أبا إسحاق؟ فقال:

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا . . . فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

فطوبى لعبد آثر الله ربه
. . . وجاد بدنياه لما يتوقع

(فر عن عبد الله بن حنطب) بفتح المهملة وسكون النون وفتح الطاء المهملة بن الحارث بن عبيد بن عمرو بن مخزوم، قال في التقريب: مختلف في صحبته له حديث مختلف في إسناده؛ أي: وهو هذا؛ وذلك لأن فيه أحمد بن محمد بن مسروق أورده الذهبي في الضعفاء وقال: لينه الدارقطني عن خالد بن مخلد قال أحمد : له مناكير، وقال ابن سعد : منكر الحديث مفرط التشيع