nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما
فيه أربع مسائل :
الأولى : روى
الترمذي عن
أم سلمة أنها قالت : يغزو الرجال ولا يغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث ؛
nindex.php?page=treesubj&link=32267فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض . قال
مجاهد : وأنزل فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35إن المسلمين والمسلمات ، وكانت
أم سلمة أول ظعينة قدمت
المدينة مهاجرة . قال
أبو عيسى : هذا حديث مرسل ، ورواه بعضهم عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد ، مرسل أن
أم سلمة قالت كذا . وقال
قتادة : كان الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان ؛ فلما ورثوا وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين تمنى النساء أن لو جعل أنصباؤهن كأنصباء الرجال . وقال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث ؛ فنزلت ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض .
الثانية : قوله تعالى : " ولا تتمنوا " : التمني نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل ، كالتلهف نوع منها يتعلق بالماضي ؛
nindex.php?page=treesubj&link=32518فنهى الله سبحانه المؤمنين عن التمني ؛ لأن فيه تعلق البال ونسيان الأجل . وقد اختلف العلماء هل يدخل في هذا النهي الغبطة ، وهي أن يتمنى الرجل أن يكون له حال صاحبه وإن لم يتمن زوال حاله . والجمهور على إجازة ذلك :
مالك وغيره ؛ وهي المراد عند بعضهم في قوله عليه السلام لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار . فمعنى قوله
[ ص: 143 ] : لا حسد أي : لا غبطة أعظم وأفضل من الغبطة في هذين الأمرين . وقد نبه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا المعنى حيث بوب على هذا الحديث ( باب
nindex.php?page=treesubj&link=32493الاغتباط في العلم والحكمة ) قال
المهلب : بين الله تعالى في هذه الآية ما لا يجوز تمنيه ، وذلك ما كان من عرض الدنيا وأشباهها . قال
ابن عطية : وأما التمني في الأعمال الصالحة فذلك هو الحسن ، وأما إذا تمنى المرء على الله من غير أن يقرن أمنيته بشيء مما قدمنا ذكره فذلك جائز ؛ وذلك موجود في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832539وددت أن أحيا ثم أقتل .
قلت : هذا الحديث هو الذي صدر به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كتاب التمني في صحيحه ، وهو يدل على تمني الخير وأفعال البر والرغبة فيها ، وفيه
nindex.php?page=treesubj&link=25561فضل الشهادة على سائر أعمال البر ؛ لأنه عليه السلام تمناها دون غيرها ، وذلك لرفيع منزلتها وكرامة أهلها ، فرزقه الله إياها ؛ لقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838559ما زالت أكلة خيبر تعاودني الآن أوان قطعت أبهري . وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838560إن الشهيد يقال له تمن فيقول أتمنى أن أرجع إلى الدنيا حتى أقتل في سبيلك مرة أخرى . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنى إيمان
أبي طالب وإيمان
أبي لهب وصناديد
قريش مع علمه بأنه لا يكون ؛ وكان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=838561واشوقاه إلى إخواني الذين يجيئون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني . وهذا كله يدل على أن التمني لا ينهى عنه إذا لم يكن داعية إلى الحسد والتباغض ،
nindex.php?page=treesubj&link=32518والتمني المنهي عنه في الآية من هذا القبيل ؛ فيدخل فيه أن يتمنى الرجل حال الآخر من دين أو دنيا على أن يذهب ما عند الآخر ، وسواء تمنيت مع ذلك أن يعود إليك أو لا . وهذا هو الحسد بعينه ، وهو الذي ذمه الله تعالى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ويدخل فيه أيضا خطبة الرجل على خطبة أخيه وبيعه على بيعه ؛ لأنه داعية الحسد والمقت . وقد كره بعض العلماء الغبطة وأنها داخلة في النهي ، والصحيح جوازها على ما بينا ، وبالله توفيقنا . وقال
الضحاك : لا يحل لأحد أن يتمنى مال أحد ، ألم تسمع الذين قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس حين خسف به وبداره وبأمواله
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=82لولا أن من الله علينا لخسف بنا وقال
الكلبي : لا يتمن الرجل مال أخيه ولا امرأته ولا خادمه ولا دابته ؛ ولكن ليقل : اللهم ارزقني مثله . وهو كذلك في التوراة ، وكذلك قوله في القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32واسألوا الله من فضله . وقال
ابن عباس : نهى الله سبحانه أن يتمنى الرجل مال فلان
[ ص: 144 ] وأهله ، وأمر عباده المؤمنين أن يسألوه من فضله . ومن الحجة للجمهور قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832540إنما الدنيا لأربعة نفر : رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل به رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل ، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء الحديث . . . وقد تقدم . خرجه
الترمذي وصححه .
وقال
الحسن : لا يتمن أحدكم المال وما يدريه لعل هلاكه فيه ؛ وهذا إنما يصح إذا تمناه للدنيا ، وأما إذا تمناه للخير فقد جوزه الشرع ، فيتمناه العبد ليصل به إلى الرب ، ويفعل الله ما يشاء .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32للرجال نصيب مما اكتسبوا يريد من الثواب والعقاب وللنساء كذلك ؛ قال
قتادة . فللمرأة الجزاء على الحسنة بعشر أمثالها كما للرجال . وقال
ابن عباس : المراد بذلك الميراث . والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة ، للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ فنهى الله عز وجل عن التمني على هذا الوجه لما فيه من دواعي الحسد ؛ ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم ؛ فوضع القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=28975قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32واسألوا الله من فضله روى
الترمذي عن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832541سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج وخرج أيضا
ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830080من لم يسأل الله يغضب عليه . وهذا يدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19735الأمر بالسؤال لله تعالى واجب ؛ وقد أخذ بعض العلماء هذا المعنى فنظمه فقال :
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
وقال
أحمد بن المعذل أبو الفضل الفقيه المالكي فأحسن :
التمس الأرزاق عند الذي ما دونه إن سيل من حاجب
من يبغض التارك تسآله جودا ومن يرضى عن الطالب
ومن إذا قال جرى قوله بغير توقيع إلى كاتب
وقد أشبعنا القول في هذا المعنى في كتاب " قمع الحرص بالزهد والقناعة " . وقال
سعيد بن جبير :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32واسألوا الله من فضله العبادة ، ليس من أمر الدنيا . وقيل : سلوه التوفيق للعمل بما يرضيه . وعن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت : سلوا ربكم حتى الشبع ؛ فإنه إن لم ييسره الله عز وجل لم يتيسر . وقال
سفيان بن عيينة : لم يأمر بالسؤال إلا ليعطي .
[ ص: 145 ] وقرأ
الكسائي وابن كثير : " وسلوا الله من فضله " بغير همز في جميع القرآن . الباقون بالهمز . " واسألوا الله " . وأصله بالهمز إلا أنه حذفت الهمزة للتخفيف . والله أعلم .