ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا [ ص: 4677 ] / العطف بـ "ثم "؛ هنا؛ للتفاوت البعيد بين النجاة التي كتبها الله للذين اتقوا؛ والصلي الذي كان لأولى الناس بالصلي؛ في علم الله (تعالى)؛ والنجاة تكون للذين اتقوا العذاب؛ ولم يشركوا بالله شيئا؛ فلم يعبدوا الأوثان؛ ولم يفتنوا أحدا في دينه؛ ولم يكفروا بآيات الله (تعالى) ووحدانيته؛ وذكر الموصول يدل على أن الصلة - وهي التقوى - السبب في الإنجاء؛ أو التنجية؛ والتنجية هي المبالغة في النجاة؛ هذا بالنسبة للمتقين؛ أما الكافرون فقال الله (تعالى) فيهم: ونذر الظالمين فيها جثيا أي: جاثين على ركبهم؛ ذلا وفزعا ورعبا وألما؛ والجثي تصوير لحالهم بالحس الدال على أنهم في أشد الفزع والألم؛ و "ونذر "؛ معناها: نتركهم؛ وعبر - سبحانه وتعالى - عن الكافرين بـ "الظالمين "؛ لأنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم؛ وإشراكهم؛ وظلموا الناس بفسادهم؛ وظلموهم بالفتنة والصد عن سبيل الله؛ في معاملتهم للمخالفين لهم؛ وظلموا الحق بجحودهم؛ مع رؤية آياته؛ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا هذه أحوالهم في الآخرة؛ ولكنهم عنها عمون؛ فقد حسبوا أن الآخرة - إن كانت؛ في زعمهم - ستكون لهم؛ كما أن الدنيا تكون لهم; ولذا كانوا يستمرئون عنهم; ولذا قال الله عنهم: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا