وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا "إن "؛ هنا؛ نافية؛ والمعنى: ما منكم إلا واردها؛ وقد التفت - سبحانه وتعالى - من الغيبة إلى الخطاب; لمواجهة عباده بما قرر لهم؛ وما قدره - سبحانه وتعالى - عليهم؛ والورود ليس معناه الدخول؛ بل إن المؤمن يردها؛ ولا يلقى ولا يعذب فيها؛ وبذلك يوفق بين قوله (تعالى): وإن منكم إلا واردها وقوله (تعالى) - بالنسبة للمؤمنين -: أولئك عنها مبعدون ؛ أي: مبعدون من عذابها؛ ولا يلقون فيها؛ ولا يدخلونها؛ وروي أن المؤمنين يوردون عليها وهي ضاورة؛ أي: خامدة بالنسبة إليهم؛ لا تمسهم؛ ولا يلقون عذابها.
كان على ربك حتما مقضيا "كان "؛ ذلك الورود "على ربك "؛ الذي خلقك و "ربك "؛ "حتما "؛ أي: لازما؛ "مقضيا "؛ أي: قضاه الله (تعالى)؛ وكتبه على نفسه؛ كما قال (تعالى): كتب ربكم على نفسه الرحمة ؛ وإن هذا الكلام لتأكيد الوقوع؛ وإنه - سبحانه وتعالى - قد كتبه على ذاته العلية؛ ولا إلزام عليه من أحد؛ ولا يصح أن يستدل به الذين يقولون بوجوب الصلاح؛ أو الأصلح؛ فإن هذا ليس من ذلك الباب في شيء؛ إنما لتأكيد الوقوع والقضاء منه؛ وهو الذي يقضي؛ ويقدر؛ وهو العزيز الحكيم.
وبعد أن يردها الجميع؛ يصطفي الله (تعالى) ممن وردها المؤمنين التقاة؛ فينجيهم منها; ولذا يقول (تعالى):