[ ص: 537 ] سورة التكوير
قوله تعالى: وإذا البحار سجرت
روى بإسناد فيه نظر عن الإمام أحمد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يعلى بن أمية فقالوا "البحر هو جهنم " ليعلى، قال: ألا ترون أن الله عز وجل يقول: نارا أحاط بهم سرادقها والذي نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله عز وجل، ولا يصيبني منها قطرة حتى ألقى الله عز وجل . وهذا إن ثبت فالمراد به أن . وقد فسر غير واحد من السلف قوله تعالى: البحار تفجر يوم القيامة فتصير بحرا واحدا، ثم تسجر ويوقد عليها فتصير نارا وتزاد في نار جهنم وإذا البحار سجرت بنحو هذا .
وروى عن المبارك بن فضالة كثير أبي محمد عن ، قال: تسجر حتى تصير نارا . وروى ابن عباس عن شيخ من بجيلة عن مجاهد ابن عباس وإذا البحار سجرت قال: تكور الشمس والقمر والنجوم في البحر فيبعث الله عليها ريحا دبورا فتنفخه حتى يرجع نارا . خرجه ابن أبي الدنيا . وابن أبي حاتم
وخرج ابن أبي الدنيا أيضا من طريق وابن أبي حاتم عن مجالد، ، [ ص: 538 ] عن الشعبي في قوله تعالى: ابن عباس وإن جهنم لمحيطة بالكافرين قال: هو هذا البحر تنتثر الكواكب فيه وتكور الشمس والقمر فيكون هو جهنم .
وروى بإسناده عن ابن جرير عن سعيد بن المسيب أنه قال رجل من اليهود: أين جهنم؟ قال: البحر، قال علي ما أراه إلا صادقا، قال تعالى: علي: والبحر المسجور وقال: وإذا البحار سجرت ورواه في "تفسيره" عن آدم بن أبي إياس عن حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند ، قال: قال سعيد بن المسيب ليهودي": أين جهنم؟ قال: تحت البحر، قال علي: صدق ثم قرأ: علي وإذا البحار سجرت وخرجه في مواضع أخر منه، وفيه ثم قرأ والبحر المسجور
وخرج بإسناده عن ابن أبي حاتم عن أبي العالية - رضي الله عنه - أبي بن كعب وإذا البحار سجرت قال: قالت الجن للإنس: نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج .
وعن عن ابن لهيعة أبي قبيل قال: إن البحر الأخضر هو جهنم .
وروى بإسناده عن أبو نعيم في قوله تعالى: كعب يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات قال: تبدل السماوات فتصير جنانا، وتبدل الأرض فيصير مكان البحر النار . وقد سبق عن أنه قال: النار سبعة أبحر مطبقة . ابن عباس
وروى عن - رضي الله عنهما - أنه قال: لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم . وكذا قال عبد الله بن عمرو سعيد بن أبي الحسن أخو البصري: البحر طبق جهنم . [ ص: 539 ] وفي "سنن عن أبي داود" - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: عبد الله بن عمرو "لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله، فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا " .
وخرج بإسناده عن ابن أبي حاتم معاوية بن سعيد ، قال: إن هذا البحر - يعني بحر الروم - وسط الأرض، والأنهار كلها تصب فيه، والبحر الكبير يصب فيه، وأسفله آبار كلها مطبقة بالنحاس، فإذا كان يوم القيامة أسجر .
وذكر عن ابن أبي الدنيا العباس بن يزيد البحراني، قال: سمعت الوليد ابن هشام وقلت له": عمن أخذت هذا؟ قال: عن رجل من أهل الكتاب أسلم فحسن إسلامه، قال: لما التقم الحوت يونس عليه السلام جال به الأبحر السبعة، فلما كان آخر ذلك انتهى به الحوت إلى قعر البحر، موضع يلي قعر جهنم، فسبح يونس في بطن الحوت، فسمع قارون تسبيحه وهو في النار . وذكر بقية الخبر .
وروى عن قيس بن الربيع عبيد المكتب، عن ، عن مجاهد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر "إن جهنم محيطة بالدنيا، وإن الجنة من ورائه، فلذلك كان الصراط على جهنم طريقا إلى الجنة" غريب منكر .
وقد روي عن بعضهم ما يدل على أن النار في السماء . وروى قال في قوله تعالى: مجاهد وفي السماء رزقكم وما توعدون قال: الجنة والنار، وكذا قال جويبر عن . وروى الضحاك عن زر عن عاصم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حذيفة بيت المقدس . وفتحت لنا أبواب السماء، ورأيت الجنة والنار" خرجه "أوتيت بالبراق فلم نزايل [ ص: 540 ] طرفه أنا وجبريل حتى أتينا وغيره " قال في رواية الإمام أحمد وفي حديث المروزي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: حذيفة "رأيت ليلة أسري بي الجنة والنار في السماء فقرأت هذه الآية: وفي السماء رزقكم وما توعدون فكأني لم أقرأها قط " وهو تصديق لما قاله ، نقله عنه حذيفة في كتاب "السنة" . وهذا اللفظ الذي احتج به الخلال لم نقف عليه بعد في حديثه وإنما روى عنه ما تقدم . الإمام أحمد
وروي عن أنه قال: والله ما زال البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء ورأيا الجنة والنار، ووعد الله الآخرة أجمع ولم يرفعه، وهذا كله ليس بصريح في أنه رأى النار في السماء كما لا يخفى . حذيفة
وأيضا فعلى تقدير صحة ذلك اللفظ لا يدل على أن النار في السماء . وإنما يدل على أنه رآها وهو في السماء والميت يرى في قبره الجنة والنار وليست الجنة في الأرض .
وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف الجنة والنار وهو في الأرض، وكذلك في بعض طرق حديث الإسراء - حديث - أنه مر على أرض الجنة والنار في مسيره إلى بيت المقدس، ولم يدل شيء من ذلك على أن الجنة في الأرض، فحديث أبي هريرة إن ثبت أنه رأى الجنة والنار في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي، والله أعلم حذيفة
. وفي حديث أبي هارون العبدي، وهو ضعيف جدا عن في صفة الإسراء أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى الجنة والنار فوق السماوات، ولو صح لحمل على ما ذكرناه أيضا . أبي سعيد [ ص: 541 ] الخدري
وقد روى بإسناد جيد عن القاضي أبو يعلى أن أبي بكر المروذي فسر له من القرآن آيات متعددة، فكان مما فسره له قوله تعالى: الإمام أحمد وإذا البحار سجرت قال: أطباق النيران والبحر المسجور قال: جهنم . وهذا يدل على أن النار في الأرض، بخلاف ما رواه الخلال عن . والله أعلم . المروذي
وأما المروي عن ، فقد تأوله بعضهم على أن المراد أن أعمال الجنة والنار مقدرة في السماء من الخير والشر، وقد صرح بذلك مجاهد في رواية أخرى عنه . مجاهد
وقد ورد في بعض طرق حديث الإسراء أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى جهنم في طريقه إلى بيت المقدس، وروي عن أنه وقف على سور عبادة بن الصامت بيت المقدس الشرقي يبكي، وقال: ها هنا أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى جهنم .