والمقصود هنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_28753الرسول بين جميع الدين بالكتاب والسنة وأن الإجماع -
nindex.php?page=treesubj&link=21616إجماع الأمة - حق ; فإنها لا تجتمع على ضلالة وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=21709_21700القياس الصحيح حق يوافق الكتاب والسنة .
والآية المشهورة التي يحتج بها على الإجماع قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=612&ayano=4ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى } ومن الناس من يقول : إنها لا تدل على مورد النزاع ; فإن الذم فيها لمن جمع الأمرين وهذا لا نزاع فيه ; أو لمن اتبع غير سبيل المؤمنين التي بها كانوا مؤمنين وهي متابعة الرسول وهذا لا نزاع فيه ; أو أن سبيل المؤمنين هو الاستدلال بالكتاب والسنة وهذا لا نزاع فيه ; فهذا ونحوه قول من يقول : لا تدل على محل النزاع .
وآخرون يقولون : بل تدل على وجوب اتباع المؤمنين مطلقا وتكلفوا لذلك ما تكلفوه كما قد عرف من كلامهم ولم يجيبوا عن أسئلة أولئك بأجوبة شافية .
[ ص: 193 ] والقول الثالث الوسط : أنها تدل على وجوب اتباع سبيل المؤمنين وتحريم اتباع غير سبيلهم ولكن مع تحريم مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى وهو يدل على ذم كل من هذا وهذا كما تقدم لكن لا ينفي تلازمهما كما ذكر في طاعة الله والرسول . وحينئذ نقول : الذم إما أن يكون لاحقا لمشاقة الرسول فقط ; أو باتباع غير سبيلهم فقط ; أو أن يكون الذم لا يلحق بواحد منهما بل بهما إذا اجتمعا ; أو يلحق الذم بكل منهما وإن انفرد عن الآخر ; أو بكل منهما لكونه مستلزما للآخر . والأولان باطلان ; لأنه لو كان المؤثر أحدهما فقط كان ذكر الآخر ضائعا لا فائدة فيه وكون الذم لا يلحق بواحد منهما باطل قطعا ; فإن مشاقة الرسول موجبة للوعيد مع قطع النظر عمن اتبعه ; ولحوق الذم بكل منهما وإن انفرد عن الآخر لا تدل عليه الآية ; فإن الوعيد فيها إنما هو على المجموع .
بقي القسم الآخر وهو أن كلا من الوصفين يقتضي الوعيد لأنه مستلزم للآخر كما يقال مثل ذلك في معصية الله والرسول ومخالفة القرآن والإسلام فيقال : من خالف القرآن والإسلام أو من خرج عن القرآن والإسلام فهو من أهل النار ومثله قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=633&ayano=4ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } فإن الكفر بكل من هذه الأصول يستلزم الكفر بغيره فمن كفر بالله كفر
[ ص: 194 ] بالجميع ومن كفر بالملائكة كفر بالكتب والرسل فكان كافرا بالله إذ كذب رسله وكتبه وكذلك إذا كفر باليوم الآخر كذب الكتب والرسل فكان كافرا .
وكذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=367&ayano=3يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون } ذمهم على الوصفين وكل منهما مقتض للذم وهما متلازمان ; ولهذا نهى عنهما جميعا في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون } فإنه من لبس الحق بالباطل فغطاه به فغلط به لزم أن يكتم الحق الذي تبين أنه باطل ; إذ لو بينه زال الباطل الذي لبس به الحق .
فهكذا مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم وهذا ظاهر ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا ; فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد فدل على أنه وصف مؤثر في الذم فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا والآية توجب ذم ذلك . وإذا قيل : هي إنما ذمته مع مشاقة الرسول . قلنا : لأنهما متلازمان وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه يكون منصوصا عن الرسول فالمخالف لهم مخالف للرسول كما أن المخالف للرسول مخالف لله ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول ; وهذا هو الصواب .
[ ص: 195 ] فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس ويعلم الإجماع . فيستدل به كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص كالأمثال المضروبة في القرآن وكذلك الإجماع دليل آخر كما يقال : قد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع وكل من هذه الأصول يدل على الحق مع تلازمها ; فإن ما دل عليه الإجماع فقد دل عليه الكتاب والسنة وما دل عليه القرآن فعن الرسول أخذ فالكتاب والسنة كلاهما مأخوذ عنه ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا وفيها نص .
وقد كان بعض الناس يذكر مسائل فيها إجماع بلا نص كالمضاربة وليس كذلك بل المضاربة كانت مشهورة بينهم في الجاهلية لا سيما
قريش ; فإن الأغلب كان عليهم التجارة وكان أصحاب الأموال يدفعونها إلى العمال ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد سافر بمال غيره قبل النبوة كما سافر بمال
خديجة والعير التي كان فيها
أبو سفيان كان أكثرها مضاربة مع
أبي سفيان وغيره فلما جاء الإسلام أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أصحابه يسافرون بمال غيرهم مضاربة ولم ينه عن ذلك والسنة : قوله وفعله وإقراره . فلما أقرها كانت ثابتة بالسنة .
[ ص: 196 ] والأثر المشهور فيها عن
عمر الذي رواه
مالك في الموطأ ويعتمد عليه الفقهاء لما أرسل
أبو موسى بمال أقرضه لابنيه واتجرا فيه وربحا وطلب
عمر أن يأخذ الربح كله للمسلمين لكونه خصهما بذلك دون سائر الجيش فقال له أحدهما : لو خسر المال كان علينا فكيف يكون لك الربح وعلينا الضمان ؟ فقال له بعض
الصحابة : اجعله مضاربا فجعله مضاربة وإنما قال ذلك لأن المضاربة كانت معروفة بينهم والعهد بالرسول قريب لم يحدث بعده فعلم أنها كانت معروفة بينهم على عهد الرسول كما كانت الفلاحة وغيرها من الصناعات كالخياطة والجزارة .
وعلى هذا فالمسائل المجمع عليها قد تكون طائفة من المجتهدين لم يعرفوا فيها نصا فقالوا فيها باجتهاد الرأي الموافق للنص لكن كان النص عند غيرهم .
وابن جرير وطائفة يقولون : لا ينعقد الإجماع إلا عن نص نقلوه عن الرسول مع قولهم بصحة القياس .
ونحن لا نشترط أن يكونوا كلهم علموا النص فنقلوه بالمعنى كما تنقل الأخبار لكن استقرأنا موارد الإجماع فوجدناها كلها منصوصة وكثير من العلماء لم يعلم النص وقد وافق الجماعة كما أنه قد يحتج بقياس وفيها إجماع لم يعلمه فيوافق الإجماع وكما يكون في المسألة نص خاص وقد استدل فيها بعضهم بعموم كاستدلال
ابن مسعود وغيره بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5286&ayano=65وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } وقال
ابن مسعود :
[ ص: 197 ] سورة النساء القصرى نزلت بعد الطولى أي : بعد البقرة ; وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5286&ayano=65أجلهن أن يضعن حملهن } يقتضي انحصار الأجل في ذلك فلو أوجب عليها أن تعد بأبعد الأجلين لم يكن أجلها أن تضع حملها
وعلي وابن عباس وغيرهما أدخلوها في عموم الآيتين وجاء النص الخاص في قصة
سبيعة الأسلمية بما يوافق قول
ابن مسعود .
وكذلك لما تنازعوا في
nindex.php?page=treesubj&link=11351_28452_12524المفوضة إذا مات زوجها : هل لها مهر المثل ؟ أفتى
ابن مسعود فيها برأيه أن لها مهر المثل ثم رووا حديث
بروع بنت واشق بما يوافق ذلك وقد خالفه
علي وزيد وغيرهما فقالوا : لا مهر لها .
فثبت أن بعض المجتهدين قد يفتي بعموم أو قياس ويكون في الحادثة نص خاص لم يعلمه فيوافقه ولا يعلم مسألة واحدة اتفقوا على إنه لا نص فيها ; بل عامة ما تنازعوا فيه كان بعضهم يحتج فيه بالنصوص أولئك احتجوا بنص كالمتوفى عنها الحامل وهؤلاء احتجوا بشمول الآيتين لها والآخرين قالوا : إنما يدخل في آية الحمل فقط وأن آية الشهور في غير الحامل كما أن آية القروء في غير الحامل .
وكذلك لما تنازعوا في الحرام احتج من جعله يمينا بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5296&ayano=66لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } .
وكذلك لما تنازعوا في
nindex.php?page=treesubj&link=28452_13055المبتوتة : هل لها نفقة أو سكنى ؟ احتج هؤلاء بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25فاطمة وبأن السكنى التي في القرآن للرجعية وأولئك قالوا : بل هي لهما .
ودلالات النصوص قد تكون خفية فخص الله بفهمهن بعض الناس كما قال
علي : إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه .
وقد يكون النص بينا ويذهل المجتهد عنه
nindex.php?page=treesubj&link=727_338كتيمم الجنب فإنه بين في القرآن في آيتين ولما احتج
أبو موسى على
ابن مسعود بذلك قال : الحاضر : ما درى
عبد الله ما يقول إلا أنه قال : لو أرخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا وجد المرء البرد أن يتيمم وقد قال
ابن عباس وفاطمة بنت قيس وجابر : إن المطلقة في القرآن هي الرجعية بدليل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } وأي أمر يحدثه بعد الثلاثة ؟ وقد احتج طائفة على
nindex.php?page=treesubj&link=3945وجوب العمرة بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=205&ayano=2وأتموا الحج والعمرة لله } واحتج بهذه الآية من منع الفسخ وآخرون يقولون : إنما أمر
[ ص: 199 ] بالإتمام فقط وكذلك أمر الشارع أن يتم وكذلك في الفسخ قالوا : من
nindex.php?page=treesubj&link=3971فسخ العمرة إلى غير حج فلم يتمها أما إذا فسخها ليحج من عامه فهذا قد أتى بما تم مما شرع فيه ; فإنه شرع في حج مجرد فأتى بعمرة في الحج ولو لم يكن هذا إتماما لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عام حجة الوداع .
وتنازعوا في الذي بيده عقدة النكاح وفي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=4أو لامستم النساء } ونحو ذلك مما ليس هذا موضع استقصائه .
وأما مسألة مجردة اتفقوا على أنه لا يستدل فيها بنص جلي ولا خفي فهذا ما لا أعرفه .
والجد لما قال أكثرهم : إنه أب استدلوا على ذلك بالقرآن بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=988&ayano=7كما أخرج أبويكم من الجنة } وقال
ابن عباس : لو كانت الجن تظن أن الإنس تسمي أبا الأب جدا لما قالت : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5522&ayano=72وأنه تعالى جد ربنا } يقول : إنما هو أب لكن أب أبعد من أب .
وقد روي عن
علي وزيد أنهما احتجا بقياس فمن ادعى إجماعهم على ترك العمل بالرأي والقياس مطلقا فقد غلط ومن ادعى أن من المسائل ما لم يتكلم فيها أحد منهم إلا بالرأي والقياس فقد غلط بل
[ ص: 200 ] كان كل منهم يتكلم بحسب ما عنده من العلم فمن رأى دلالة الكتاب ذكرها ومن رأى دلالة الميزان ذكرها والدلائل الصحيحة لا تتناقض لكن قد يخفى وجه اتفاقها أو ضعف أحدها على بعض العلماء .
وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين كما أن لهم معرفة بأمور من السنة وأحوال الرسول لا يعرفها أكثر المتأخرين فإنهم شهدوا الرسول والتنزيل وعاينوا الرسول وعرفوا من أقواله وأفعاله وأحواله مما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك فطلبوا الحكم ما اعتقدوا من إجماع أو قياس .
ومن قال من المتأخرين : إن الإجماع مستند معظم الشريعة فقد أخبر عن حاله ; فإنه لنقص معرفته بالكتاب والسنة احتاج إلى ذلك وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها ; فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - إنه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها
الصحابة أو في نظيرها فإنه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام حدثت جميع أجناس الأعمال فتكلموا فيها بالكتاب والسنة وإنما تكلم بعضهم بالرأي في مسائل قليلة والإجماع لم يكن يحتج به عامتهم ولا يحتاجون إليه ; إذ هم أهل الإجماع فلا إجماع قبلهم لكن لما جاء
التابعون كتب
عمر إلى
شريح ; اقض بما في كتاب
[ ص: 201 ] الله فإن لم تجد فبما في سنة رسول الله فإن لم تجد فبما به قضى الصالحون قبلك . وفي رواية : فبما أجمع عليه الناس .
وعمر قدم الكتاب ثم السنة وكذلك
ابن مسعود قال مثل ما قال
وعمر قدم الكتاب ثم السنة ثم الإجماع . وكذلك
ابن عباس كان يفتي بما في الكتاب ثم بما في السنة ثم بسنة
أبي بكر وعمر ; لقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70093اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر } وهذه الآثار ثابتة عن
عمر وابن مسعود وابن عباس وهم من أشهر
الصحابة بالفتيا والقضاء وهذا هو الصواب .
ولكن طائفة من المتأخرين قالوا : يبدأ المجتهد بأن ينظر أولا في الإجماع فإن وجده لم يلتفت إلى غيره وإن وجد نصا خالفه اعتقد أنه منسوخ بنص لم يبلغه وقال بعضهم ; الإجماع نسخه والصواب طريقة
السلف .
وذلك لأن
nindex.php?page=treesubj&link=21652الإجماع إذا خالفه نص فلا بد أن يكون مع الإجماع نص معروف به أن ذلك منسوخ فإما أن يكون النص المحكم قد ضيعته الأمة وحفظت النص المنسوخ فهذا لا يوجد قط وهو نسبة الأمة إلى حفظ ما نهيت عن اتباعه وإضاعة ما أمرت باتباعه وهي معصومة عن ذلك ومعرفة الإجماع قد تتعذر كثيرا أو غالبا فمن ذا الذي
[ ص: 202 ] يحيط بأقوال المجتهدين ؟ بخلاف النصوص فإن معرفتها ممكنة متيسرة .
وهم إنما كانوا يقضون بالكتاب أولا لأن
nindex.php?page=treesubj&link=22218السنة لا تنسخ الكتاب فلا يكون في القرآن شيء منسوخ بالسنة بل إن كان فيه منسوخ كان في القرآن ناسخه فلا يقدم غير القرآن عليه ثم إذا لم يجد ذلك طلبه في السنة ولا يكون في السنة شيء منسوخ إلا والسنة نسخته لا ينسخ السنة إجماع ولا غيره ; ولا تعارض السنة بإجماع وأكثر ألفاظ الآثار فإن لم يجد فالطالب قد لا يجد مطلوبه في السنة مع أنه فيها وكذلك في القرآن فيجوز له إذا لم يجده في القرآن أن يطلبه في السنة وإذا كان في السنة لم يكن ما في السنة معارضا لما في القرآن وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=21652الإجماع الصحيح لا يعارض كتابا ولا سنة . تم بحمد الله وعونه وصلواته على خير بريته
محمد وآله وسلم .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_28753الرَّسُولَ بَيَّنَ جَمِيعَ الدِّينِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ -
nindex.php?page=treesubj&link=21616إجْمَاعُ الْأُمَّةِ - حَقٌّ ; فَإِنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=21709_21700الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ حَقٌّ يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ .
وَالْآيَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=612&ayano=4وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : إنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى مَوْرِدِ النِّزَاعِ ; فَإِنَّ الذَّمَّ فِيهَا لِمَنْ جَمَعَ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ ; أَوْ لِمَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي بِهَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ وَهِيَ مُتَابَعَةُ الرَّسُولِ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ ; أَوْ أَنَّ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ ; فَهَذَا وَنَحْوُهُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : لَا تَدُلُّ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ .
وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : بَلْ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا وَتَكَلَّفُوا لِذَلِكَ مَا تَكَلَّفُوهُ كَمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ يُجِيبُوا عَنْ أَسْئِلَةِ أُولَئِكَ بِأَجْوِبَةٍ شَافِيَةٍ .
[ ص: 193 ] وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الْوَسَطُ : أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَحْرِيمِ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِهِمْ وَلَكِنْ مَعَ تَحْرِيمِ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذَمِّ كُلٍّ مِنْ هَذَا وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ لَا يَنْفِي تَلَازُمَهُمَا كَمَا ذُكِرَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ . وَحِينَئِذٍ نَقُولُ : الذَّمُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا لِمُشَاقَّةِ الرَّسُولِ فَقَطْ ; أَوْ بِاتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِهِمْ فَقَطْ ; أَوْ أَنْ يَكُونَ الذَّمُّ لَا يَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ بِهِمَا إذَا اجْتَمَعَا ; أَوْ يَلْحَقُ الذَّمُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ الْآخَرِ ; أَوْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِكَوْنِهِ مُسْتَلْزِمًا لِلْآخَرِ . وَالْأَوَّلَانِ بَاطِلَانِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَثِّرُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَانَ ذِكْرُ الْآخَرِ ضَائِعًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَكَوْنُ الذَّمِّ لَا يَلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاطِلٌ قَطْعًا ; فَإِنَّ مُشَاقَّةَ الرَّسُولِ مُوجِبَةٌ لِلْوَعِيدِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّنْ اتَّبَعَهُ ; وَلُحُوقُ الذَّمِّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ الْآخَرِ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ ; فَإِنَّ الْوَعِيدَ فِيهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَجْمُوعِ .
بَقِيَ الْقِسْمُ الْآخَرُ وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَصْفَيْنِ يَقْتَضِي الْوَعِيدَ لِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْآخَرِ كَمَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَمُخَالَفَةِ الْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ فَيُقَالُ : مَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَالْإِسْلَامَ أَوْ مَنْ خَرَجَ عَنْ الْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=633&ayano=4وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } فَإِنَّ الْكُفْرَ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرَ بِغَيْرِهِ فَمَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ كَفَرَ
[ ص: 194 ] بِالْجَمِيعِ وَمَنْ كَفَرَ بِالْمَلَائِكَةِ كَفَرَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ فَكَانَ كَافِرًا بِاَللَّهِ إذْ كَذَّبَ رُسُلَهُ وَكُتُبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا كَفَرَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كَذَّبَ الْكُتُبَ وَالرُّسُلَ فَكَانَ كَافِرًا .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=367&ayano=3يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ذَمَّهُمْ عَلَى الْوَصْفَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضٍ لِلذَّمِّ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ ; وَلِهَذَا نَهَى عَنْهُمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=2وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } فَإِنَّهُ مَنْ لَبَّسَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ فَغَطَّاهُ بِهِ فَغَلِطَ بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكْتُمَ الْحَقَّ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاطِلٌ ; إذْ لَوْ بَيَّنَهُ زَالَ الْبَاطِلُ الَّذِي لَبِسَ بِهِ الْحَقُّ .
فَهَكَذَا مُشَاقَّةُ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ شَاقَّهُ فَقَدْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَمَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ فَقَدْ شَاقَّهُ أَيْضًا ; فَإِنَّهُ قَدْ جَعَلَ لَهُ مُدْخَلًا فِي الْوَعِيدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ مُؤَثِّرٌ فِي الذَّمِّ فَمَنْ خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِهِمْ فَقَدْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ قَطْعًا وَالْآيَةُ تُوجِبُ ذَمَّ ذَلِكَ . وَإِذَا قِيلَ : هِيَ إنَّمَا ذِمَّتُهُ مَعَ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ . قُلْنَا : لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَنْصُوصًا عَنْ الرَّسُولِ فَالْمُخَالِفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ لِلرَّسُولِ كَمَا أَنَّ الْمُخَالِفَ لِلرَّسُولِ مُخَالِفٌ لِلَّهِ وَلَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ قَدْ بَيَّنَهُ الرَّسُولُ ; وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
[ ص: 195 ] فَلَا يُوجَدُ قَطُّ مَسْأَلَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا إلَّا وَفِيهَا بَيَانٌ مِنْ الرَّسُولِ وَلَكِنْ قَدْ يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ وَيَعْلَمُ الْإِجْمَاعَ . فَيَسْتَدِلُّ بِهِ كَمَا أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ بِالنَّصِّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ دَلَالَةَ النَّصِّ وَهُوَ دَلِيلٌ ثَانٍ مَعَ النَّصِّ كَالْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ الْإِجْمَاعُ دَلِيلٌ آخَرُ كَمَا يُقَالُ : قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَكُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ مَعَ تَلَازُمِهَا ; فَإِنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَعَنْ الرَّسُولِ أُخِذَ فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كِلَاهُمَا مَأْخُوذٌ عَنْهُ وَلَا يُوجَدُ مَسْأَلَةٌ يَتَّفِقُ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا إلَّا وَفِيهَا نَصٌّ .
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسُ يَذْكُرُ مَسَائِلَ فِيهَا إجْمَاعٌ بِلَا نَصٍّ كَالْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُضَارَبَةُ كَانَتْ مَشْهُورَةً بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا سِيَّمَا
قُرَيْشٌ ; فَإِنَّ الْأَغْلَبَ كَانَ عَلَيْهِمْ التِّجَارَةُ وَكَانَ أَصْحَابُ الْأَمْوَالِ يَدْفَعُونَهَا إلَى الْعُمَّالِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَافَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ كَمَا سَافَرَ بِمَالِ
خَدِيجَةَ وَالْعِيرُ الَّتِي كَانَ فِيهَا
أَبُو سُفْيَانَ كَانَ أَكْثَرُهَا مُضَارَبَةً مَعَ
أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَقَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُسَافِرُونَ بِمَالِ غَيْرِهِمْ مُضَارَبَةً وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ وَالسُّنَّةُ : قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ وَإِقْرَارُهُ . فَلَمَّا أَقَرَّهَا كَانَتْ ثَابِتَةً بِالسُّنَّةِ .
[ ص: 196 ] وَالْأَثَرُ الْمَشْهُورُ فِيهَا عَنْ
عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ لَمَّا أَرْسَلَ
أَبُو مُوسَى بِمَالٍ أَقْرَضَهُ لِابْنَيْهِ وَاتَّجَرَا فِيهِ وَرَبِحَا وَطَلَبَ
عُمَرُ أَنْ يَأْخُذَ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِكَوْنِهِ خَصَّهُمَا بِذَلِكَ دُونَ سَائِرِ الْجَيْشِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا : لَوْ خَسِرَ الْمَالَ كَانَ عَلَيْنَا فَكَيْفَ يَكُونُ لَك الرِّبْحُ وَعَلَيْنَا الضَّمَانُ ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ
الصَّحَابَةِ : اجْعَلْهُ مُضَارِبًا فَجَعَلَهُ مُضَارَبَةً وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيْنَهُمْ وَالْعَهْدَ بِالرَّسُولِ قَرِيبٌ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَهُ فَعَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيْنَهُمْ عَلَى عَهْدِ الرَّسُولِ كَمَا كَانَتْ الْفِلَاحَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الصِّنَاعَاتِ كَالْخِيَاطَةِ وَالْجِزَارَةِ .
وَعَلَى هَذَا فَالْمَسَائِلُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا قَدْ تَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ لَمْ يَعْرِفُوا فِيهَا نَصًّا فَقَالُوا فِيهَا بِاجْتِهَادِ الرَّأْيِ الْمُوَافِقِ لِلنَّصِّ لَكِنْ كَانَ النَّصُّ عِنْدَ غَيْرِهِمْ .
وَابْنُ جَرِيرٍ وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ : لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ إلَّا عَنْ نَصٍّ نَقَلُوهُ عَنْ الرَّسُولِ مَعَ قَوْلِهِمْ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ .
وَنَحْنُ لَا نَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ عَلِمُوا النَّصَّ فَنَقَلُوهُ بِالْمَعْنَى كَمَا تُنْقَلُ الْأَخْبَارُ لَكِنْ اسْتَقْرَأْنَا مَوَارِدَ الْإِجْمَاعِ فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا مَنْصُوصَةً وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْلَمْ النَّصَّ وَقَدْ وَافَقَ الْجَمَاعَةُ كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَحْتَجُّ بِقِيَاسٍ وَفِيهَا إجْمَاعٌ لَمْ يَعْلَمْهُ فَيُوَافِقُ الْإِجْمَاعَ وَكَمَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ خَاصٌّ وَقَدْ اسْتَدَلَّ فِيهَا بَعْضُهُمْ بِعُمُومِ كَاسْتِدْلَالِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5286&ayano=65وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ :
[ ص: 197 ] سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى نَزَلَتْ بَعْد الطُّولَى أَيْ : بَعْدَ الْبَقَرَةِ ; وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5286&ayano=65أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } يَقْتَضِي انْحِصَارَ الْأَجَلِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُدَّ بِأَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَمْ يَكُنْ أَجْلُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا
وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا أَدْخَلُوهَا فِي عُمُومِ الْآيَتَيْنِ وَجَاءَ النَّصُّ الْخَاصُّ فِي قِصَّةِ
سبيعة الأسلمية بِمَا يُوَافِقُ قَوْلَ
ابْنِ مَسْعُودٍ .
وَكَذَلِكَ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=11351_28452_12524الْمُفَوَّضَةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا : هَلْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ؟ أَفْتَى
ابْنُ مَسْعُودٍ فِيهَا بِرَأْيِهِ أَنَّ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ ثُمَّ رَوَوْا حَدِيثَ
بروع بِنْتِ وَاشِقٍ بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَقَدْ خَالَفَهُ
عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَغَيْرُهُمَا فَقَالُوا : لَا مَهْرَ لَهَا .
فَثَبَتَ أَنَّ بَعْضَ الْمُجْتَهِدِينَ قَدْ يُفْتِي بِعُمُومٍ أَوْ قِيَاسٍ وَيَكُونُ فِي الْحَادِثَةِ نَصٌّ خَاصٌّ لَمْ يَعْلَمْهُ فَيُوَافِقُهُ وَلَا يَعْلَمُ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً اتَّفَقُوا عَلَى إنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا ; بَلْ عَامَّةُ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ كَانَ بَعْضُهُمْ يَحْتَجُّ فِيهِ بِالنُّصُوصِ أُولَئِكَ احْتَجُّوا بِنَصٍّ كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ وَهَؤُلَاءِ احْتَجُّوا بِشُمُولِ الْآيَتَيْنِ لَهَا وَالْآخَرِينَ قَالُوا : إنَّمَا يَدْخُلُ فِي آيَةِ الْحَمْلِ فَقَطْ وَأَنَّ آيَةَ الشُّهُورِ فِي غَيْرِ الْحَامِلِ كَمَا أَنَّ آيَةَ الْقُرُوءِ فِي غَيْرِ الْحَامِلِ .
وَكَذَلِكَ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي الْحَرَامِ احْتَجَّ مَنْ جَعَلَهُ يَمِينًا بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5296&ayano=66لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5297&ayano=66قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } .
وَكَذَلِكَ لَمَّا تَنَازَعُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28452_13055الْمَبْتُوتَةِ : هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ أَوْ سُكْنَى ؟ احْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=25فَاطِمَةَ وَبِأَنَّ السُّكْنَى الَّتِي فِي الْقُرْآنِ لِلرَّجْعِيَّةِ وَأُولَئِكَ قَالُوا : بَلْ هِيَ لَهُمَا .
وَدَلَالَاتُ النُّصُوصِ قَدْ تَكُونُ خَفِيَّةً فَخَصَّ اللَّهُ بِفَهْمِهِنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَمَا قَالَ
عَلِيٌّ : إلَّا فَهْمًا يُؤْتِيه اللَّهُ عَبْدًا فِي كِتَابِهِ .
وَقَدْ يَكُونُ النَّصُّ بَيِّنًا وَيُذْهِلُ الْمُجْتَهِدُ عَنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=727_338كَتَيَمُّمِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ بَيَّنَ فِي الْقُرْآنِ فِي آيَتَيْنِ وَلَمَّا احْتَجَّ
أَبُو مُوسَى عَلَى
ابْنِ مَسْعُودٍ بِذَلِكَ قَالَ : الْحَاضِرُ : مَا دَرَى
عَبْدُ اللَّهِ مَا يَقُولُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ : لَوْ أَرْخَصَنَا لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكَ أَحَدُهُمْ إذَا وَجَدَ الْمَرْءُ الْبَرْدَ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَقَدْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وَجَابِرٌ : إنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْقُرْآنِ هِيَ الرَّجْعِيَّةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5283&ayano=65لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } وَأَيُّ أَمْرٍ يُحْدِثُهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ ؟ وَقَدْ احْتَجَّ طَائِفَةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=3945وُجُوبِ الْعُمْرَةِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=205&ayano=2وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ مَنْعِ الْفَسْخِ وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : إنَّمَا أُمِرَ
[ ص: 199 ] بِالْإِتْمَامِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ أَمَرَ الشَّارِعُ أَنْ يَتِمَّ وَكَذَلِكَ فِي الْفَسْخِ قَالُوا : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3971فَسَخَ الْعُمْرَةَ إلَى غَيْرِ حَجٍّ فَلَمْ يُتِمَّهَا أَمَّا إذَا فَسَخَهَا لِيَحُجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَذَا قَدْ أَتَى بِمَا تَمَّ مِمَّا شَرَعَ فِيهِ ; فَإِنَّهُ شَرَعَ فِي حَجٍّ مُجَرَّدٍ فَأَتَى بِعُمْرَةٍ فِي الْحَجِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا إتْمَامًا لَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
وَتَنَازَعُوا فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَفِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=680&ayano=4أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ } وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ اسْتِقْصَائِهِ .
وَأَمَّا مَسْأَلَةٌ مُجَرَّدَةٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ فِيهَا بِنَصٍّ جَلِيٍّ وَلَا خَفِيٍّ فَهَذَا مَا لَا أَعْرِفُهُ .
وَالْجَدُّ لَمَّا قَالَ أَكْثَرُهُمْ : إنَّهُ أَبٌ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=988&ayano=7كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ } وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ كَانَتْ الْجِنُّ تَظُنُّ أَنَّ الْإِنْسَ تُسَمِّي أَبَا الْأَبِ جَدًّا لَمَا قَالَتْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5522&ayano=72وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } يَقُولُ : إنَّمَا هُوَ أَبٌ لَكِنْ أَبٌ أَبْعَدُ مِنْ أَبٍ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ وَزَيْدٍ أَنَّهُمَا احْتَجَّا بِقِيَاسِ فَمَنْ ادَّعَى إجْمَاعَهُمْ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ مُطْلَقًا فَقَدْ غَلِطَ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِالرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ
[ ص: 200 ] كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ فَمَنْ رَأَى دَلَالَةَ الْكِتَابِ ذَكَرَهَا وَمَنْ رَأَى دَلَالَةَ الْمِيزَانِ ذَكَرَهَا وَالدَّلَائِلُ الصَّحِيحَةُ لَا تَتَنَاقَضُ لَكِنْ قَدْ يَخْفَى وَجْهُ اتِّفَاقِهَا أَوْ ضَعْفُ أَحَدِهَا عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ .
وَلِلصَّحَابَةِ فَهْمٌ فِي الْقُرْآنِ يَخْفَى عَلَى أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا أَنَّ لَهُمْ مَعْرِفَةً بِأُمُورٍ مِنْ السُّنَّةِ وَأَحْوَالُ الرَّسُولِ لَا يَعْرِفُهَا أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُمْ شَهِدُوا الرَّسُولَ وَالتَّنْزِيلَ وَعَايَنُوا الرَّسُولَ وَعَرَفُوا مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ مِمَّا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى مُرَادِهِمْ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ فَطَلَبُوا الْحُكْمَ مَا اعْتَقَدُوا مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ .
وَمَنْ قَالَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ : إنَّ الْإِجْمَاعَ مُسْتَنَدُ مُعْظَمِ الشَّرِيعَةِ فَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ حَالِهِ ; فَإِنَّهُ لِنَقْصِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ : إنَّ أَكْثَرَ الْحَوَادِثِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْقِيَاسِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ النُّصُوصِ عَلَيْهَا ; فَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَدَلَالَتِهِمَا عَلَى الْأَحْكَامِ وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ مَا مِنْ مَسْأَلَةٍ إلَّا وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهَا
الصَّحَابَةُ أَوْ فِي نَظِيرِهَا فَإِنَّهُ لَمَّا فُتِحَتْ الْبِلَادُ وَانْتَشَرَ الْإِسْلَامُ حَدَثَتْ جَمِيعُ أَجْنَاسِ الْأَعْمَالِ فَتَكَلَّمُوا فِيهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ بِالرَّأْيِ فِي مَسَائِلَ قَلِيلَةٍ وَالْإِجْمَاعُ لَمْ يَكُنْ يَحْتَجُّ بِهِ عَامَّتُهُمْ وَلَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ ; إذْ هُمْ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ فَلَا إجْمَاعَ قَبْلَهُمْ لَكِنْ لَمَّا جَاءَ
التَّابِعُونَ كَتَبَ
عُمَرُ إلَى
شريح ; اقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ
[ ص: 201 ] اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِمَا بِهِ قَضَى الصَّالِحُونَ قَبْلَك . وَفِي رِوَايَةٍ : فَبِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ .
وَعُمَرُ قَدَّمَ الْكِتَابَ ثُمَّ السُّنَّةَ وَكَذَلِكَ
ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ
وَعُمَرُ قَدَّمَ الْكِتَابَ ثُمَّ السُّنَّةُ ثُمَّ الْإِجْمَاعُ . وَكَذَلِكَ
ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ يُفْتِي بِمَا فِي الْكِتَابِ ثُمَّ بِمَا فِي السُّنَّةِ ثُمَّ بِسُنَّةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ; لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70093اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ } وَهَذِهِ الْآثَارُ ثَابِتَةٌ عَنْ
عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ مِنْ أَشْهَرِ
الصَّحَابَةِ بِالْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
وَلَكِنْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا : يَبْدَأُ الْمُجْتَهِدُ بِأَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فِي الْإِجْمَاعِ فَإِنْ وَجَدَهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ وَجَدَ نَصًّا خَالَفَهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِنَصٍّ لَمْ يَبْلُغْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ; الْإِجْمَاعُ نَسَخَهُ وَالصَّوَابُ طَرِيقَةُ
السَّلَفِ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21652الْإِجْمَاعَ إذَا خَالَفَهُ نَصٌّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِجْمَاعِ نَصٌّ مَعْرُوفٌ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّصُّ الْمُحْكَمُ قَدْ ضَيَّعَتْهُ الْأُمَّةُ وَحَفِظَتْ النَّصَّ الْمَنْسُوخَ فَهَذَا لَا يُوجَدُ قَطُّ وَهُوَ نِسْبَةُ الْأُمَّةِ إلَى حِفْظِ مَا نُهِيَتْ عَنْ اتِّبَاعِهِ وَإِضَاعَةِ مَا أُمِرَتْ بِاتِّبَاعِهِ وَهِيَ مَعْصُومَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَمَعْرِفَةُ الْإِجْمَاعِ قَدْ تَتَعَذَّرُ كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا فَمَنْ ذَا الَّذِي
[ ص: 202 ] يُحِيطُ بِأَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِينَ ؟ بِخِلَافِ النُّصُوصِ فَإِنَّ مَعْرِفَتَهَا مُمْكِنَةٌ مُتَيَسِّرَةٌ .
وَهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَقْضُونَ بِالْكِتَابِ أَوَّلًا لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22218السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْكِتَابَ فَلَا يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَنْسُوخٌ بِالسُّنَّةِ بَلْ إنْ كَانَ فِيهِ مَنْسُوخٌ كَانَ فِي الْقُرْآنِ نَاسِخُهُ فَلَا يُقَدِّمُ غَيْرَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ طَلَبَهُ فِي السُّنَّةِ وَلَا يَكُونُ فِي السُّنَّةِ شَيْءٌ مَنْسُوخٌ إلَّا وَالسُّنَّةُ نَسَخَتْهُ لَا يَنْسَخُ السُّنَّةَ إجْمَاعٌ وَلَا غَيْرُهُ ; وَلَا تُعَارَضُ السُّنَّةُ بِإِجْمَاعِ وَأَكْثَرُ أَلْفَاظِ الْآثَارِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالطَّالِبُ قَدْ لَا يَجِدُ مَطْلُوبَهُ فِي السُّنَّةِ مَعَ أَنَّهُ فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ لَهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ فِي الْقُرْآنِ أَنْ يَطْلُبَهُ فِي السُّنَّةِ وَإِذَا كَانَ فِي السُّنَّةِ لَمْ يَكُنْ مَا فِي السُّنَّةِ مُعَارِضًا لِمَا فِي الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=21652الْإِجْمَاعُ الصَّحِيحُ لَا يُعَارِضُ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً . تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَصَلَوَاتِهِ عَلَى خَيْرِ بَرِيَّتِهِ
مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .