nindex.php?page=treesubj&link=21616وأما إجماع الأمة فهو في نفسه حق لا تجتمع الأمة على ضلالة وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=21709_21700القياس الصحيح حق ; فإن الله بعث رسله بالعدل وأنزل الميزان مع الكتاب والميزان يتضمن العدل وما يعرف به العدل وقد فسروا إنزال ذلك بأن ألهم العباد معرفة ذلك والله ورسوله يسوي بين المتماثلين ويفرق بين المختلفين . وهذا هو القياس الصحيح وقد ضرب الله في القرآن من كل مثل وبين القياس الصحيح وهي الأمثال المضروبة ما بينه من الحق لكن القياس الصحيح يطابق النص فإن الميزان يطابق الكتاب والله أمر نبيه أن يحكم بما أنزل وأمره أن يحكم بالعدل فهو أنزل الكتاب وإنما أنزل الكتاب بالعدل قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=723&ayano=5وأن احكم بينهم بما أنزل الله } {
nindex.php?page=tafseer&surano=716&ayano=5وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط } وأما إجماع الأمة فهو حق لا تجتمع الأمة - ولله الحمد - على ضلالة كما وصفها الله بذلك في الكتاب والسنة فقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=406&ayano=3كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } وهذا وصف لهم بأنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر كما وصف نبيهم بذلك في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1118&ayano=7الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر } وبذلك وصف المؤمنين في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1315&ayano=9والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } فلو قالت الأمة في الدين بما هو ضلال لكانت لم تأمر بالمعروف في ذلك ولم تنه عن المنكر فيه وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=152&ayano=2وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } والوسط العدل الخيار وقد جعلهم الله شهداء على الناس وأقام شهادتهم مقام شهادة الرسول .
وقد ثبت في الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598360أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال : وجبت وجبت ثم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال : وجبت وجبت قالوا : يا رسول الله ما قولك وجبت وجبت ؟ قال : هذه الجنازة أثنيتم عليها خيرا فقلت : وجبت لها الجنة وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت : وجبت لها النار أنتم شهداء الله في الأرض } .
فإذا كان الرب قد جعلهم شهداء لم يشهدوا بباطل فإذا شهدوا أن الله أمر بشيء فقد أمر به وإذا شهدوا أن الله نهى عن شيء فقد نهى عنه ولو كانوا يشهدون بباطل أو خطأ لم يكونوا شهداء الله
[ ص: 178 ] في الأرض بل زكاهم الله في شهادتهم كما زكى الأنبياء فيما يبلغون عنه أنهم لا يقولون عليه إلا الحق وكذلك الأمة لا تشهد على الله إلا بحق وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3515&ayano=31واتبع سبيل من أناب إلي } والأمة منيبة إلى الله فيجب اتباع سبيلها وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1344&ayano=9والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه } فرضي عمن اتبع السابقين إلى يوم القيامة فدل على أن متابعهم عامل بما يرضى الله والله لا يرضى إلا بالحق لا بالباطل وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=612&ayano=4ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز يقول كلمات كان
مالك يأثرها عنه كثيرا قال : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستعمال لطاعة الله ومعونة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا النظر في رأي من خالفها فمن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله تعالى ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا .
والشافعي رضي الله عنه لما جرد الكلام في أصول الفقه احتج بهذه الآية على الإجماع كما كان هو وغيره
ومالك ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر ابن عبد العزيز والآية دلت على أن متبع غير سبيل المؤمنين مستحق
[ ص: 179 ] للوعيد كما أن مشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى مستحق للوعيد ومعلوم أن هذا الوصف يوجب الوعيد بمجرده فلو لم يكن الوصف الآخر يدخل في ذلك لكان لا فائدة في ذكره .
وهنا للناس ثلاثة أقوال : قيل : اتباع غير سبيل المؤمنين هو بمجرد مخالفة الرسول المذكورة في الآية . وقيل : بل مخالفة الرسول مستقلة بالذم فكذلك اتباع غير سبيلهم مستقل بالذم وقيل : بل اتباع غير سبيل المؤمنين يوجب الذم كما دلت عليه الآية لكن هذا لا يقتضي مفارقة الأول بل قد يكون مستلزما له فكل متابع غير سبيل المؤمنين هو في نفس الأمر مشاق للرسول وكذلك مشاق الرسول متبع غير سبيل المؤمنين وهذا كما في طاعة الله والرسول فإن
nindex.php?page=treesubj&link=18268طاعة الله واجبة
nindex.php?page=treesubj&link=28750وطاعة الرسول واجبة وكل واحد من معصية الله ومعصية الرسول موجب للذم وهما متلازمان فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35537من أطاعني فقد أطاع الله ; ومن أطاع أميري فقد أطاعني ; ومن عصاني فقد عصى الله ; ومن عصى أميري فقد عصاني } وقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12444إنما الطاعة في المعروف } يعني : إذا أمر أميري بالمعروف فطاعته من طاعتي وكل من عصى الله فقد عصى الرسول ; فإن الرسول يأمر بما أمر الله
[ ص: 180 ] به بل من أطاع رسولا واحدا فقد أطاع جميع الرسل ومن آمن بواحد منهم فقد آمن بالجميع ومن عصى واحدا منهم فقد عصى الجميع ومن كذب واحدا منهم فقد كذب الجميع ; لأن كل رسول يصدق الآخر ويقول : إنه رسول صادق ويأمر بطاعته فمن كذب رسولا فقد كذب الذي صدقه ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته .
ولهذا كان دين الأنبياء واحدا كما في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69377إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد } . وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4327&ayano=42شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2747&ayano=23يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2748&ayano=23وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2749&ayano=23فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3469&ayano=30فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3470&ayano=30منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3471&ayano=30من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون } .
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28750ودين الأنبياء كلهم الإسلام كما أخبر الله بذلك في غير موضع .
[ ص: 181 ] وهو : الاستسلام لله وحده . وذلك إنما يكون بطاعته فيما أمر به في ذلك الوقت فطاعة كل نبي هي من دين الإسلام إذ ذاك واستقبال
بيت المقدس كان من دين الإسلام قبل النسخ ثم لما أمر باستقبال الكعبة صار استقبالها من دين الإسلام ولم يبق استقبال الصخرة من دين الإسلام ; ولهذا خرج
اليهود والنصارى عن دين الإسلام ; فإنهم تركوا طاعة الله وتصديق رسوله واعتاضوا عن ذلك بمبدل أو منسوخ .
وهكذا كل مبتدع دينا خالف به سنة الرسول لا يتبع إلا دينا مبدلا أو منسوخا فكل من خالف ما جاء به الرسول : إما أن يكون ذلك قد كان مشروعا لنبي ثم نسخ على لسان
محمد صلى الله عليه وسلم وإما أن لا يكون شرع قط ; فهذا كالأديان التي شرعها الشياطين على ألسنة أوليائهم قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } وقال : . {
nindex.php?page=tafseer&surano=916&ayano=6وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=907&ayano=6وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } .
ولهذا كان
الصحابة إذا قال أحدهم برأيه شيئا يقول : إن كان صوابا فمن الله ; وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان
[ ص: 182 ] منه كما قال ذلك
ابن مسعود وروي عن
أبي بكر وعمر . فالأقسام ثلاثة ; فإنه : إما أن يكون هذا القول موافقا لقول الرسول أو لا يكون ; وإما أن يكون موافقا لشرع غيره ; وإما أن لا يكون فهذا الثالث المبدل كأديان المشركين
والمجوس وما كان شرعا لغيره وهو لا يوافق شرعه فقد نسخ كالسبت وتحريم كل ذي ظفر وشحم الثرب والكليتين ; فإن اتخاذ السبت عيدا وتحريم هذه الطيبات قد كان شرعا
لموسى ثم نسخ ; بل قد قال
المسيح : {
nindex.php?page=tafseer&surano=346&ayano=3ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } فقد نسخ الله على لسان
المسيح بعض ما كان حراما في شرع
موسى .
وأما
محمد فقال الله فيه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1118&ayano=7الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } والشرك كله من المبدل لم يشرع الله الشرك قط كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4413&ayano=43واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2529&ayano=21وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } .
وكذلك ما كان يحرمه أهل الجاهلية مما ذكره الله في القرآن
[ ص: 183 ] كالسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك هو من الدين المبدل ; ولهذا لما ذكر الله ذلك عنهم في سورة الأنعام بين أن من حرم ذلك فقد كذب على الله وذكر تعالى ما حرمه على لسان
محمد وعلى لسان
موسى في الأنعام فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=940&ayano=6قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم } {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون } وكذلك قال بعد هذا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2035&ayano=16وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل } .
فبين أن ما حرمه المشركون لم يحرمه على لسان
موسى ولا لسان
محمد وهذان هما اللذان جاءا بكتاب فيه الحلال والحرام كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3329&ayano=28قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4568&ayano=11ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=886&ayano=6قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=887&ayano=6وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه } وقالت الجن لما سمعت القرآن : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4586&ayano=46إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم } وقال
ورقة بن نوفل :
[ ص: 184 ] إن هذا والذي جاء به
موسى ليخرجان من مشكاة واحدة . وكذلك قال
النجاشي .
nindex.php?page=treesubj&link=28739فالقرآن والتوراة هما كتابان جاءا من عند الله لم يأت من عنده كتاب أهدى منهما كل منهما أصل مستقل والذي فيهما دين واحد وكل منهما يتضمن إثبات صفات الله تعالى والأمر بعبادته وحده لا شريك له ففيه التوحيد قولا وعملا كما في سورتي الإخلاص : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6317&ayano=109قل يا أيها الكافرون } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=6334&ayano=112قل هو الله أحد } .
وأما الزبور فإن
داود لم يأت بغير شريعة التوراة وإنما في الزبور ثناء على الله ودعاء وأمر ونهي بدينه وطاعته وعبادته مطلقا .
وأما
المسيح فإنه قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=346&ayano=3ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } فأحل لهم بعض المحرمات وهو في الأكثر متبع لشريعة التوراة . ولهذا لم يكن بد لمن اتبع
المسيح من أن يقرأ التوراة ويتبع ما فيها ; إذ كان الإنجيل تبعا لها .
وأما القرآن فإنه مستقل بنفسه لم يحوج أصحابه إلى كتاب آخر بل اشتمل على جميع ما في الكتب من المحاسن ; وعلى زيادات كثيرة لا توجد في الكتب ; فلهذا كان مصدقا لما بين يديه من الكتاب
[ ص: 185 ] ومهيمنا عليه يقرر ما فيها من الحق ويبطل ما حرف منها وينسخ ما نسخه الله فيقرر الدين الحق وهو جمهور ما فيها ويبطل الدين المبدل الذي لم يكن فيها والقليل الذي نسخ فيها ; فإن المنسوخ قليل جدا بالنسبة إلى المحكم المقرر .
والأنبياء كلهم دينهم واحد وتصديق بعضهم مستلزم تصديق سائرهم وطاعة بعضهم تستلزم طاعة سائرهم وكذلك التكذيب والمعصية : لا يجوز أن يكذب نبي نبيا بل إن عرفه صدقه وإلا فهو يصدق بكل ما أنزل الله مطلقا وهو يأمر بطاعة من أمر الله بطاعته . ولهذا كان من صدق
محمدا فقد صدق كل نبي ; ومن أطاعه فقد أطاع كل نبي ومن كذبه فقد كذب كل نبي ; ومن عصاه فقد عصى كل نبي قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=647&ayano=4إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=648&ayano=4أولئك هم الكافرون حقا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون } .
ومن كذب هؤلاء تكذيبا بجنس الرسالة فقد صرح بأنه يكذب الجميع ; ولهذا يقول تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3063&ayano=26كذبت قوم نوح المرسلين } ولم
[ ص: 186 ] يرسل إليهم قبل
نوح أحدا وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2917&ayano=25وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم } .
وكذلك من كان من
الملاحدة والمتفلسفة طاعنا في جنس الرسل كما قدمنا بأن يزعم أنهم لم يعلموا الحق أو لم يبينوه فهو مكذب لجميع الرسل كالذين قال فيهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4243&ayano=40الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4244&ayano=40إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4245&ayano=40في الحميم ثم في النار يسجرون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4256&ayano=40فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4257&ayano=40فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4258&ayano=40فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون } وقال تعالى عن
الوليد : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5587&ayano=74إنه فكر وقدر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5588&ayano=74فقتل كيف قدر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5589&ayano=74ثم قتل كيف قدر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5590&ayano=74ثم نظر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5591&ayano=74ثم عبس وبسر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5592&ayano=74ثم أدبر واستكبر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5593&ayano=74فقال إن هذا إلا سحر يؤثر } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5594&ayano=74إن هذا إلا قول البشر } .
وأهل الكتاب منهم من يؤمن بجنس الرسالة لكن يكذب بعض الرسل
كالمسيح ومحمد فهؤلاء لما آمنوا ببعض وكفروا ببعض كانوا كافرين حقا وكثير من
الفلاسفة والباطنية وكثير من
أهل الكلام والتصوف لا يكذب الرسل تكذيبا صريحا ولا يؤمن بحقيقة النبوة والرسالة بل يقر بفضلهم في الجملة مع كونه يقول : إن غيرهم أعلم
[ ص: 187 ] منهم ; أو أنهم لم يبينوا الحق أو لبسوه ; أو إن النبوة هي فيض يفيض على النفوس من العقل الفعال من جنس ما يراه النائم ولا يقر بملائكة مفضلين ولا بالجن ونحو ذلك فهؤلاء يقرون ببعض صفات الأنبياء دون بعض ; وبما أوتوه دون بعض ولا يقرون بجميع ما أوتيه الأنبياء وهؤلاء قد يكون أحدهم شرا من
اليهود والنصارى الذين أقروا بجميع صفات النبوة لكن كذبوا ببعض الأنبياء ; فإن الذي أقر به هؤلاء مما جاءت به الأنبياء أعظم وأكثر ; إذ كان هؤلاء يقرون بأن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ويقرون بقيام القيامة ويقرون بأنه تجب عبادته وحده لا شريك له ويقرون بالشرائع المتفق عليها . وأولئك يكذبون بهذا وإنما يقرون ببعض شرع
محمد صلى الله عليه وسلم .
ولهذا كان
اليهود والنصارى أقل كفرا من
الملاحدة الباطنية والمتفلسفة ونحوهم لكن من كان من
اليهود والنصارى قد دخل مع هؤلاء فقد جمع نوعي الكفر ; إذ لم يؤمن بجميع صفاتهم ولا بجميع أعيانهم وهؤلاء موجودون في دول الكفار كثيرا كما يوجد أيضا في المنتسبين إلى الإسلام من هؤلاء وهؤلاء إذ كانوا في دولة المسلمين .
وأهل الكتاب كانوا منافقين فيهم من النفاق بحسب ما فيهم
[ ص: 188 ] من الكفر والنفاق يتبعض والكفر يتبعض ويزيد وينقص كما أن الإيمان يتبعض ويزيد وينقص قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1281&ayano=9إنما النسيء زيادة في الكفر } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1368&ayano=9وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1369&ayano=9وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2128&ayano=17وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=738&ayano=5وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2345&ayano=19ويزيد الله الذين اهتدوا هدى } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=634&ayano=4إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا } .
وكثير من المصنفين في الكلام لا يردون على
أهل الكتاب إلا ما يقولون : إنه يعلم بالعقل مثل تثليث
النصارى ومثل تكذيب
محمد ولا يناظرونهم في غير هذا من أصول الدين وهذا تقصير منهم ومخالفة لطريقة القرآن ; فإن الله يبين في القرآن ما خالفوا به الأنبياء ويذمهم على ذلك والقرآن مملوء من ذلك ; إذ كان الكفر والإيمان يتعلق بالرسالة والنبوة فإذا تبين ما خالفوا فيه الأنبياء ظهر كفرهم .
[ ص: 189 ] وأولئك المتكلمون لما أصلوا لهم دينا بما أحدثوه من الكلام كالاستدلال بالأعراض على حدوث الأجسام ظنوا أن هذا هو أصول الدين ولو كان ما قالوه حقا لكان ذلك جزءا من الدين فكيف إذا كان باطلا ؟ وقد ذكرت في الرد على
النصارى من مخالفتهم للأنبياء كلهم مع مخالفتهم لصريح العقل ما يظهر به من كفرهم ما يظهر ; ولهذا قيل فيه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " وخطابهم في مقامين : أحدهما : تبديلهم لدين
المسيح .
والثاني : تكذيبهم
لمحمد صلى الله عليه وسلم
واليهود خطابهم في تكذيب من بعد
موسى إلى
المسيح ثم في تكذيب
محمد صلى الله عليه وسلم كما ذكر الله ذلك في سورة البقرة في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=2ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون } ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } إلى أن ذكر أنهم أعرضوا
[ ص: 190 ] عن كتاب الله مطلقا واتبعوا السحر .
فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=2ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون } .
والنصارى نذمهم على الغلو والشرك الذي ابتدعوه وعلى تكذيب الرسول والرهبانية التي ابتدعوها ولا نحمدهم عليها إذ كانوا قد ابتدعوها وكل بدعة ضلالة لكن إذا كان صاحبها قاصدا للحق فقد يعفى عنه فيبقى عمله ضائعا لا فائدة فيه وهذا هو الضلال الذي يعذر صاحبه فلا يعاقب ولا يثاب ; ولهذا قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فإن المغضوب عليه يعاقب بنفس الغضب والضال فاته المقصود وهو الرحمة والثواب ولكن قد لا يعاقب كما عوقب ذلك بل يكون ملعونا مطرودا ولهذا جاء في حديث
زيد بن عمرو بن نفيل : أن
اليهود قالوا له : لن تدخل في ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله . وقال له
النصارى : حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله .
وقال
الضحاك وطائفة : إن جهنم طبقات فالعليا لعصاة هذه الأمة والتي تليها
للنصارى والتي تليها
لليهود . فجعلوا
اليهود تحت
النصارى [ ص: 191 ] والقرآن قد شهد بأن المشركين
واليهود يوجدون أشد عداوة للذين آمنوا من الذين قالوا : إنا نصارى وشدة العداوة زيادة في الكفر
nindex.php?page=treesubj&link=29435فاليهود أقوى كفرا من النصارى وإن كان
النصارى أجهل وأضل لكن أولئك يعاقبون على عملهم إذ كانوا عرفوا الحق وتركوه عنادا فكانوا مغضوبا عليهم وهؤلاء بالضلال حرموا أجر المهتدين ولعنوا وطردوا عما يستحقه المهتدون ثم إذا قامت عليهم الحجة فلم يؤمنوا استحقوا العقاب إذ كان اسم الضلال عاما .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598361في خطبة يوم الجمعة : خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة } ولم يقل : وكل ضلالة في النار بل يضل عن الحق من قصد الحق وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب وقد يفعل بعض ما أمر به فيكون له أجر على اجتهاده وخطؤه الذي ضل فيه عن حقيقة الأمر مغفور له .
وكثير من مجتهدي
السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم .
[ ص: 192 ] وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=295&ayano=2ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وفي الصحيح أن الله قال : " قد فعلت " وبسط هذا له موضع آخر .
nindex.php?page=treesubj&link=21616وَأَمَّا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ حَقٌّ لَا تَجْتَمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=21709_21700الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ حَقٌّ ; فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ رُسُلَهُ بِالْعَدْلِ وَأَنْزَلَ الْمِيزَانَ مَعَ الْكِتَابِ وَالْمِيزَانُ يَتَضَمَّنُ الْعَدْلَ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ الْعَدْلُ وَقَدْ فَسَّرُوا إنْزَالَ ذَلِكَ بِأَنْ أَلْهَمَ الْعِبَادَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ . وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ وَقَدْ ضَرَبَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَبَيَّنَ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ وَهِيَ الْأَمْثَالُ الْمَضْرُوبَةُ مَا بَيَّنَهُ مِنْ الْحَقِّ لَكِنَّ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ يُطَابِقُ النَّصَّ فَإِنَّ الْمِيزَانَ يُطَابِقُ الْكِتَابَ وَاَللَّهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْعَدْلِ فَهُوَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَإِنَّمَا أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْعَدْلِ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=723&ayano=5وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=716&ayano=5وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ } وَأَمَّا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَهُوَ حَقٌّ لَا تَجْتَمِعُ الْأُمَّةُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - عَلَى ضَلَالَةٍ كَمَا وَصَفَهَا اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=406&ayano=3كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } وَهَذَا وَصْفٌ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ وَيَنْهَوْنَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ كَمَا وُصِفَ نَبِيُّهُمْ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1118&ayano=7الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ } وَبِذَلِكَ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1315&ayano=9وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } فَلَوْ قَالَتْ الْأُمَّةُ فِي الدِّينِ بِمَا هُوَ ضَلَالٌ لَكَانَتْ لَمْ تَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تَنْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ فِيهِ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=152&ayano=2وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } وَالْوَسَطَ الْعَدْلَ الْخِيَارَ وَقَدْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَأَقَامَ شَهَادَتَهُمْ مَقَامَ شَهَادَةِ الرَّسُولِ .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598360أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَوْلُك وَجَبَتْ وَجَبَتْ ؟ قَالَ : هَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقُلْت : وَجَبَتْ لَهَا الْجَنَّةُ وَهَذِهِ الْجِنَازَةُ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْت : وَجَبَتْ لَهَا النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ } .
فَإِذَا كَانَ الرَّبُّ قَدْ جَعَلَهُمْ شُهَدَاءَ لَمْ يَشْهَدُوا بِبَاطِلِ فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِشَيْءٍ فَقَدْ أَمَرَ بِهِ وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ وَلَوْ كَانُوا يَشْهَدُونَ بِبَاطِلٍ أَوْ خَطَأٍ لَمْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ اللَّهِ
[ ص: 178 ] فِي الْأَرْضِ بَلْ زَكَّاهُمْ اللَّهُ فِي شَهَادَتِهِمْ كَمَا زَكَّى الْأَنْبِيَاءَ فِيمَا يُبَلِّغُونَ عَنْهُ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ عَلَيْهِ إلَّا الْحَقَّ وَكَذَلِكَ الْأُمَّةُ لَا تَشْهَدُ عَلَى اللَّهِ إلَّا بِحَقٍّ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3515&ayano=31وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيَّ } وَالْأُمَّةُ مُنِيبَةٌ إلَى اللَّهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ سَبِيلِهَا وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1344&ayano=9وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فَرَضِيَ عَمَّنْ اتَّبَعَ السَّابِقِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُتَابِعَهُمْ عَامِلٌ بِمَا يَرْضَى اللَّهُ وَاَللَّهُ لَا يَرْضَى إلَّا بِالْحَقِّ لَا بِالْبَاطِلِ وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=612&ayano=4وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ كَلِمَاتٍ كَانَ
مَالِكٌ يَأْثُرُهَا عَنْهُ كَثِيرًا قَالَ : سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ سُنَنًا الْأَخْذُ بِهَا تَصْدِيقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتِعْمَالٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ لَيْسَ لِأَحَدِ تَغْيِيرُهَا وَلَا النَّظَرُ فِي رَأْيِ مَنْ خَالَفَهَا فَمَنْ خَالَفَهَا وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا تَوَلَّى وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا .
وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا جَرَّدَ الْكَلَامَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ كَمَا كَانَ هُوَ وَغَيْرُهُ
وَمَالِكٌ ذَكَرَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مُتَّبِعَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحِقٌّ
[ ص: 179 ] لِلْوَعِيدِ كَمَا أَنَّ مُشَاقَّ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى مُسْتَحِقٌّ لِلْوَعِيدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ يُوجِبُ الْوَعِيدَ بِمُجَرَّدِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْوَصْفُ الْآخَرُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ .
وَهُنَا لِلنَّاسِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : قِيلَ : اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَةِ الرَّسُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ . وَقِيلَ : بَلْ مُخَالَفَةُ الرَّسُولِ مُسْتَقِلَّةٌ بِالذَّمِّ فَكَذَلِكَ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِهِمْ مُسْتَقِلٌّ بِالذَّمِّ وَقِيلَ : بَلْ اتِّبَاعُ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ يُوجِبُ الذَّمَّ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ لَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي مُفَارَقَةَ الْأَوَّلِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لَهُ فَكُلُّ مُتَابِعٍ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُشَاقٌّ لِلرَّسُولِ وَكَذَلِكَ مُشَاقُّ الرَّسُولِ مُتَّبِعٌ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَا كَمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18268طَاعَةَ اللَّهِ وَاجِبَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28750وَطَاعَةَ الرَّسُولِ وَاجِبَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ مُوجِبٌ لِلذَّمِّ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَإِنَّهُ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ .
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35537مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ; وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي ; وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ; وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي } وَقَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12444إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ } يَعْنِي : إذَا أَمَرَ أَمِيرِي بِالْمَعْرُوفِ فَطَاعَتُهُ مِنْ طَاعَتِي وَكُلُّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ عَصَى الرَّسُولَ ; فَإِنَّ الرَّسُولَ يَأْمُرُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ
[ ص: 180 ] بِهِ بَلْ مَنْ أَطَاعَ رَسُولًا وَاحِدًا فَقَدْ أَطَاعَ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَمَنْ آمَنَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَقَدْ آمَنَ بِالْجَمِيعِ وَمَنْ عَصَى وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَدْ عَصَى الْجَمِيعَ وَمَنْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَقَدْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ ; لِأَنَّ كُلَّ رَسُولٍ يُصَدِّقُ الْآخَرَ وَيَقُولُ : إنَّهُ رَسُولٌ صَادِقٌ وَيَأْمُرُ بِطَاعَتِهِ فَمَنْ كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِي صَدَّقَهُ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى مَنْ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ .
وَلِهَذَا كَانَ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ وَاحِدًا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=69377إنَّا مُعَاشِرُ الْأَنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ } . وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4327&ayano=42شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2747&ayano=23يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2748&ayano=23وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2749&ayano=23فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3469&ayano=30فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3470&ayano=30مُنِيبِينَ إلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3471&ayano=30مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } .
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28750وَدِينُ الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ الْإِسْلَامُ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
[ ص: 181 ] وَهُوَ : الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ وَحْدَهُ . وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَطَاعَةُ كُلِّ نَبِيٍّ هِيَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إذْ ذَاكَ وَاسْتِقْبَالُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ النَّسْخِ ثُمَّ لَمَّا أَمَرَ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ صَارَ اسْتِقْبَالُهَا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَبْقَ اسْتِقْبَالُ الصَّخْرَةَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ; وَلِهَذَا خَرَجَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ; فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا طَاعَةَ اللَّهِ وَتَصْدِيقَ رَسُولِهِ واعتاضوا عَنْ ذَلِكَ بِمُبَدَّلٍ أَوْ مَنْسُوخٍ .
وَهَكَذَا كُلُّ مُبْتَدِعٍ دِينًا خَالَفَ بِهِ سُنَّةَ الرَّسُولِ لَا يَتَّبِعُ إلَّا دِينًا مُبَدَّلًا أَوْ مَنْسُوخًا فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ : إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَدْ كَانَ مَشْرُوعًا لِنَبِيٍّ ثُمَّ نُسِخَ عَلَى لِسَانِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ شُرِعَ قَطُّ ; فَهَذَا كَالْأَدْيَانِ الَّتِي شَرَعَهَا الشَّيَاطِينُ عَلَى أَلْسِنَةِ أَوْلِيَائِهِمْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4335&ayano=42أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } وَقَالَ : . {
nindex.php?page=tafseer&surano=916&ayano=6وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=907&ayano=6وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } .
وَلِهَذَا كَانَ
الصَّحَابَةُ إذَا قَالَ أَحَدُهُمْ بِرَأْيِهِ شَيْئًا يَقُولُ : إنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ ; وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ
[ ص: 182 ] مِنْهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ
ابْنُ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ ; فَإِنَّهُ : إمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الرَّسُولِ أَوْ لَا يَكُونَ ; وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِشَرْعِ غَيْرِهِ ; وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فَهَذَا الثَّالِثُ الْمُبَدَّلُ كَأَدْيَانِ الْمُشْرِكِينَ
وَالْمَجُوسِ وَمَا كَانَ شَرْعًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ شَرْعَهُ فَقَدْ نُسِخَ كَالسَّبْتِ وَتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي ظُفُرٍ وَشَحْمِ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ ; فَإِنَّ اتِّخَاذَ السَّبْتِ عِيدًا وَتَحْرِيمَ هَذِهِ الطَّيِّبَاتِ قَدْ كَانَ شَرْعًا
لِمُوسَى ثُمَّ نُسِخَ ; بَلْ قَدْ قَالَ
الْمَسِيحُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=346&ayano=3وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } فَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ
الْمَسِيحِ بَعْضَ مَا كَانَ حَرَامًا فِي شَرْعِ
مُوسَى .
وَأَمَّا
مُحَمَّدٌ فَقَالَ اللَّهُ فِيهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1118&ayano=7الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } وَالشِّرْكُ كُلُّهُ مِنْ الْمُبَدَّلِ لَمْ يَشْرَعْ اللَّهُ الشِّرْكَ قَطُّ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4413&ayano=43وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2529&ayano=21وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلَّا نُوحِي إلَيْهِ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
وَكَذَلِكَ مَا كَانَ يُحَرِّمُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ
[ ص: 183 ] كَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ والحام وَغَيْرِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ ; وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ حَرَّمَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَذَكَرَ تَعَالَى مَا حَرَّمَهُ عَلَى لِسَانِ
مُحَمَّدٍ وَعَلَى لِسَانِ
مُوسَى فِي الْأَنْعَامِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=940&ayano=6قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْدَ هَذَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2035&ayano=16وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ } .
فَبَيَّنَ أَنَّ مَا حَرَّمَهُ الْمُشْرِكُونَ لَمْ يُحَرِّمْهُ عَلَى لِسَانِ
مُوسَى وَلَا لِسَانِ
مُحَمَّدٍ وَهَذَانِ هُمَا اللَّذَانِ جَاءَا بِكِتَابٍ فِيهِ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3329&ayano=28قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4568&ayano=11وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=886&ayano=6قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=887&ayano=6وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } وَقَالَتْ الْجِنُّ لَمَّا سَمِعَتْ الْقُرْآنَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4586&ayano=46إنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ } وَقَالَ
وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ :
[ ص: 184 ] إنَّ هَذَا وَاَلَّذِي جَاءَ بِهِ
مُوسَى لَيَخْرُجَانِ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ . وَكَذَلِكَ قَالَ
النَّجَاشِيُّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28739فَالْقُرْآنُ وَالتَّوْرَاةُ هُمَا كِتَابَانِ جَاءَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَمْ يَأْتِ مِنْ عِنْدِهِ كِتَابٌ أَهْدَى مِنْهُمَا كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ وَاَلَّذِي فِيهِمَا دِينٌ وَاحِدٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَمْرَ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَفِيهِ التَّوْحِيدُ قَوْلًا وَعَمَلًا كَمَا فِي سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6317&ayano=109قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } و {
nindex.php?page=tafseer&surano=6334&ayano=112قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } .
وَأَمَّا الزَّبُورُ فَإِنَّ
داود لَمْ يَأْتِ بِغَيْرِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ وَإِنَّمَا فِي الزَّبُورِ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَدُعَاءٌ وَأَمْرٌ وَنَهْيٌ بِدِينِهِ وَطَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ مُطْلَقًا .
وَأَمَّا
الْمَسِيحُ فَإِنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=346&ayano=3وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } فَأَحَلَّ لَهُمْ بَعْضَ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ فِي الْأَكْثَرِ مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ . وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ لِمَنْ اتَّبَعَ
الْمَسِيحَ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ التَّوْرَاةَ وَيَتَّبِعَ مَا فِيهَا ; إذْ كَانَ الْإِنْجِيلُ تَبَعًا لَهَا .
وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ لَمْ يحوج أَصْحَابَهُ إلَى كِتَابٍ آخَرَ بَلْ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْكُتُبِ مِنْ الْمَحَاسِنِ ; وَعَلَى زِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا تُوجَدُ فِي الْكُتُبِ ; فَلِهَذَا كَانَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ
[ ص: 185 ] وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ يُقَرِّرُ مَا فِيهَا مِنْ الْحَقِّ وَيُبْطِلُ مَا حُرِّفَ مِنْهَا وَيَنْسَخُ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ فَيُقَرِّرُ الدِّينَ الْحَقَّ وَهُوَ جُمْهُورُ مَا فِيهَا وَيُبْطِلُ الدِّينَ الْمُبَدَّلَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَالْقَلِيلَ الَّذِي نُسِخَ فِيهَا ; فَإِنَّ الْمَنْسُوخَ قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْكَمِ الْمُقَرَّرِ .
وَالْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَتَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ مُسْتَلْزِمٌ تَصْدِيقَ سَائِرِهِمْ وَطَاعَةُ بَعْضِهِمْ تَسْتَلْزِمُ طَاعَةَ سَائِرِهِمْ وَكَذَلِكَ التَّكْذِيبُ وَالْمَعْصِيَةُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَذِّبَ نَبِيٌّ نَبِيًّا بَلْ إنْ عَرَفَهُ صَدَّقَهُ وَإِلَّا فَهُوَ يَصْدُقُ بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مُطْلَقًا وَهُوَ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ . وَلِهَذَا كَانَ مَنْ صَدَّقَ
مُحَمَّدًا فَقَدْ صَدَّقَ كُلَّ نَبِيٍّ ; وَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ كُلَّ نَبِيٍّ وَمَنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ كَذَّبَ كُلَّ نَبِيٍّ ; وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى كُلَّ نَبِيٍّ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=647&ayano=4إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=648&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=2أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } .
وَمَنْ كَذَّبَ هَؤُلَاءِ تَكْذِيبًا بِجِنْسِ الرِّسَالَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يُكَذِّبُ الْجَمِيعَ ; وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3063&ayano=26كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ } وَلَمْ
[ ص: 186 ] يُرْسِلْ إلَيْهِمْ قَبْلَ
نُوحٍ أَحَدًا وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2917&ayano=25وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ } .
وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ
الْمَلَاحِدَةِ والمتفلسفة طَاعِنًا فِي جِنْسِ الرُّسُلِ كَمَا قَدَّمْنَا بِأَنْ يَزْعُمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا الْحَقَّ أَوْ لَمْ يُبَيِّنُوهُ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ كَاَلَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4243&ayano=40الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4244&ayano=40إذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4245&ayano=40فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4256&ayano=40فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4257&ayano=40فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4258&ayano=40فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ } وَقَالَ تَعَالَى عَنْ
الْوَلِيدِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5587&ayano=74إنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5588&ayano=74فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5589&ayano=74ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5590&ayano=74ثُمَّ نَظَرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5591&ayano=74ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5592&ayano=74ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5593&ayano=74فَقَالَ إنْ هَذَا إلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5594&ayano=74إنْ هَذَا إلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } .
وَأَهْلُ الْكِتَابِ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِجِنْسِ الرِّسَالَةِ لَكِنْ يَكْذِبُ بَعْضُ الرُّسُلِ
كَالْمَسِيحِ وَمُحَمَّدٍ فَهَؤُلَاءِ لَمَّا آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ كَانُوا كَافِرِينَ حَقًّا وَكَثِيرٌ مِنْ
الْفَلَاسِفَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ
أَهْلِ الْكَلَامِ وَالتَّصَوُّفِ لَا يُكَذِّبُ الرُّسُلَ تَكْذِيبًا صَرِيحًا وَلَا يُؤْمِنُ بِحَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ بَلْ يُقِرُّ بِفَضْلِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ كَوْنِهِ يَقُولُ : إنَّ غَيْرَهُمْ أَعْلَمُ
[ ص: 187 ] مِنْهُمْ ; أَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا الْحَقَّ أَوْ لَبَّسُوهُ ; أَوْ إنَّ النُّبُوَّةَ هِيَ فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ مِنْ جِنْسِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَلَا يُقِرُّ بِمَلَائِكَةٍ مُفَضَّلِينَ وَلَا بِالْجِنِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِبَعْضِ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ بَعْضٍ ; وَبِمَا أُوتُوهُ دُونَ بَعْضٍ وَلَا يُقِرُّونَ بِجَمِيعِ مَا أُوتِيَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمْ شَرًّا مِنْ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ أَقَرُّوا بِجَمِيعِ صِفَاتِ النُّبُوَّةِ لَكِنْ كَذَّبُوا بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ ; فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هَؤُلَاءِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ ; إذْ كَانَ هَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَيُقِرُّونَ بِقِيَامِ الْقِيَامَةِ وَيُقِرُّونَ بِأَنَّهُ تَجِبُ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَيُقِرُّونَ بِالشَّرَائِعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا . وَأُولَئِكَ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا وَإِنَّمَا يُقِرُّونَ بِبَعْضِ شَرْعِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَلِهَذَا كَانَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَقَلَّ كُفْرًا مِنْ
الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ والمتفلسفة وَنَحْوِهِمْ لَكِنْ مَنْ كَانَ مِنْ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَدْ دَخَلَ مَعَ هَؤُلَاءِ فَقَدْ جَمَعَ نَوْعَيْ الْكُفْرِ ; إذْ لَمْ يُؤْمِنْ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمْ وَلَا بِجَمِيعِ أَعْيَانِهِمْ وَهَؤُلَاءِ مَوْجُودُونَ فِي دُوَلِ الْكُفَّارِ كَثِيرًا كَمَا يُوجَدُ أَيْضًا فِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إذْ كَانُوا فِي دَوْلَةِ الْمُسْلِمِينَ .
وَأَهْلُ الْكِتَابِ كَانُوا مُنَافِقِينَ فِيهِمْ مِنْ النِّفَاقِ بِحَسَبِ مَا فِيهِمْ
[ ص: 188 ] مِنْ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقُ يَتَبَعَّضُ وَالْكُفْرُ يَتَبَعَّضُ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ كَمَا أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَبَعَّضُ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1281&ayano=9إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1368&ayano=9وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1369&ayano=9وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2128&ayano=17وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلَّا خَسَارًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=738&ayano=5وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2345&ayano=19وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=634&ayano=4إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا } .
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْكَلَامِ لَا يَرُدُّونَ عَلَى
أَهْلِ الْكِتَاب إلَّا مَا يَقُولُونَ : إنَّهُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ مِثْلَ تَثْلِيثِ
النَّصَارَى وَمِثْلَ تَكْذِيبِ
مُحَمَّدٍ وَلَا يُنَاظِرُونَهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَهَذَا تَقْصِيرٌ مِنْهُمْ وَمُخَالَفَةٌ لِطَرِيقَةِ الْقُرْآنِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ فِي الْقُرْآنِ مَا خَالَفُوا بِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَيَذُمُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذَلِكَ ; إذْ كَانَ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَإِذَا تَبَيَّنَ مَا خَالَفُوا فِيهِ الْأَنْبِيَاءَ ظَهَرَ كُفْرُهُمْ .
[ ص: 189 ] وَأُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمُونَ لَمَّا أَصَّلُوا لَهُمْ دِينًا بِمَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الْكَلَامِ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَعْرَاضِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا هُوَ أُصُولُ الدِّينِ وَلَوْ كَانَ مَا قَالُوهُ حَقًّا لَكَانَ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْ الدِّينِ فَكَيْفَ إذَا كَانَ بَاطِلًا ؟ وَقَدْ ذَكَرْت فِي الرَّدِّ عَلَى
النَّصَارَى مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِلْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ مَعَ مُخَالَفَتِهِمْ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ مَا يَظْهَرُ بِهِ مِنْ كُفْرِهِمْ مَا يَظْهَرُ ; وَلِهَذَا قِيلَ فِيهِ " الْجَوَابُ الصَّحِيحُ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ " وَخِطَابُهُمْ فِي مَقَامَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَبْدِيلُهُمْ لِدِينِ
الْمَسِيحِ .
وَالثَّانِي : تَكْذِيبُهُمْ
لِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْيَهُودُ خِطَابُهُمْ فِي تَكْذِيبِ مَنْ بَعْدَ
مُوسَى إلَى
الْمَسِيحِ ثُمَّ فِي تَكْذِيبِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=2وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=2وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ } ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } إلَى أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا
[ ص: 190 ] عَنْ كِتَابِ اللَّهِ مُطْلَقًا وَاتَّبَعُوا السِّحْرَ .
فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=2وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=2وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } .
وَالنَّصَارَى نَذُمُّهُمْ عَلَى الْغُلُوِّ وَالشِّرْكِ الَّذِي ابْتَدَعُوهُ وَعَلَى تَكْذِيبِ الرَّسُولِ والرهبانية الَّتِي ابْتَدَعُوهَا وَلَا نَحْمَدُهُمْ عَلَيْهَا إذْ كَانُوا قَدْ ابْتَدَعُوهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ لَكِنْ إذَا كَانَ صَاحِبُهَا قَاصِدًا لِلْحَقِّ فَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ فَيَبْقَى عَمَلُهُ ضَائِعًا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ الَّذِي يُعْذَرُ صَاحِبُهُ فَلَا يُعَاقَبُ وَلَا يُثَابُ ; وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } فَإِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِ يُعَاقَبُ بِنَفْسِ الْغَضَبِ وَالضَّالَّ فَاتَهُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الرَّحْمَةُ وَالثَّوَابُ وَلَكِنْ قَدْ لَا يُعَاقَبُ كَمَا عُوقِبَ ذَلِكَ بَلْ يَكُونُ مَلْعُونًا مَطْرُودًا وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيل : أَنَّ
الْيَهُودَ قَالُوا لَهُ : لَنْ تَدْخُلَ فِي دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ نَصِيبَك مِنْ غَضَبِ اللَّهِ . وَقَالَ لَهُ
النَّصَارَى : حَتَّى تَأْخُذَ نَصِيبَك مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ وَطَائِفَةٌ : إنَّ جَهَنَّمَ طَبَقَاتٌ فَالْعُلْيَا لِعُصَاةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا
لِلنَّصَارَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا
لِلْيَهُودِ . فَجَعَلُوا
الْيَهُودَ تَحْتَ
النَّصَارَى [ ص: 191 ] وَالْقُرْآنُ قَدْ شَهِدَ بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ
وَالْيَهُودَ يُوجِدُونَ أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الَّذِينَ قَالُوا : إنَّا نَصَارَى وَشِدَّةُ الْعَدَاوَةِ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=29435فَالْيَهُودُ أَقْوَى كُفْرًا مِنْ النَّصَارَى وَإِنْ كَانَ
النَّصَارَى أَجْهَلَ وَأَضَلَّ لَكِنَّ أُولَئِكَ يُعَاقَبُونَ عَلَى عَمَلِهِمْ إذْ كَانُوا عَرَفُوا الْحَقَّ وَتَرَكُوهُ عِنَادًا فَكَانُوا مَغْضُوبًا عَلَيْهِمْ وَهَؤُلَاءِ بِالضَّلَالِ حُرِمُوا أَجْرَ الْمُهْتَدِينَ وَلُعِنُوا وَطُرِدُوا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْمُهْتَدُونَ ثُمَّ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ فَلَمْ يُؤْمِنُوا اسْتَحَقُّوا الْعِقَابَ إذْ كَانَ اسْمُ الضَّلَالِ عَامًّا .
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=598361فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ : خَيْرُ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ } وَلَمْ يَقُلْ : وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ بَلْ يَضِلُّ عَنْ الْحَقِّ مَنْ قَصَدَ الْحَقَّ وَقَدْ اجْتَهَدَ فِي طَلَبِهِ فَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا يُعَاقَبُ وَقَدْ يَفْعَلُ بَعْضَ مَا أُمِرَ بِهِ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَخَطَؤُهُ الَّذِي ضَلَّ فِيهِ عَنْ حَقِيقَةِ الْأَمْرِ مَغْفُورٌ لَهُ .
وَكَثِيرٌ مِنْ مُجْتَهِدِي
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَدْ قَالُوا وَفَعَلُوا مَا هُوَ بِدْعَةٌ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ بِدْعَةٌ إمَّا لِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ ظَنُّوهَا صَحِيحَةً وَإِمَّا لِآيَاتِ فَهِمُوا مِنْهَا مَا لَمْ يُرَدْ مِنْهَا وَإِمَّا لِرَأْيٍ رَأَوْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نُصُوصٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ .
[ ص: 192 ] وَإِذَا اتَّقَى الرَّجُلُ رَبَّهُ مَا اسْتَطَاعَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=295&ayano=2رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ : " قَدْ فَعَلْت " وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ .