[ ص: 511 ] فصل وقوله
nindex.php?page=treesubj&link=29069 { nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } .
قال طائفة من المفسرين : هو تفرقهم في
محمد بعد أن كانوا مجتمعين على الإيمان به .
ثم من هؤلاء من جعل تفرقهم إيمان بعضهم وكفر بعض .
قال
البغوي : ثم ذكر من لم يؤمن من
أهل الكتاب فقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } أي البيان في كتبهم أنه نبي مرسل . قال
المفسرون : لم يزل
أهل الكتاب مجتمعين في تصديق
محمد حتى بعثه الله . فلما بعث تفرقوا في أمره واختلفوا . فآمن به بعضهم وكفر به بعضهم . وهكذا ذكر طائفة في قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=1467&ayano=10ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم } قال
أبو الفرج قال
ابن عباس : ما اختلفوا في أمر
محمد لم يزالوا به مصدقين حتى جاءهم العلم يعني القرآن . وروي عنه : حتى جاءهم العلم يعني
محمدا . فعلى هذا يكون العلم هنا عبارة عن المعلوم . وبيان هذا أنه لما جاءهم
[ ص: 512 ] اختلفوا في تصديقه فكفر به أكثرهم بغيا وحسدا بعد أن كانوا مجتمعين على تصديقه بغيا وحسدا .
ومنهم من جعل المتفرقين كلهم كفارا . قال
Multitarajem.php?tid=13365,13366ابن عطية : ثم ذكر تعالى مذمة من لم يؤمن من
أهل الكتاب من
بني إسرائيل من أنهم لم يتفرقوا في أمر
محمد إلا من بعد أن رأوا الآيات الواضحة وكانوا من قبل متفقين على نبوته وصفته . فلما جاء من
العرب حسدوه .
وكذلك قال
الثعلبي : ما تفرق الذين أوتوا الكتاب في أمر
محمد فكذبوه إلا من بعد ما جاءتهم البينة البيان في كتبهم أنه نبي مرسل قال العلماء : من أول هذه السورة إلى قوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=6231&ayano=98فيها كتب قيمة } حكمها فيمن آمن من
أهل الكتاب والمشركين {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وما تفرق } حكمه فيمن لم يؤمن من
أهل الكتاب بعد قيام الحجة عليه .
وكذلك قال
أبو الفرج . قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وما تفرق الذين أوتوا الكتاب } يعني من لم يؤمن . {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98إلا من بعد ما جاءتهم البينة } وفيها ثلاثة أقوال : أحدها أنه
محمد والمعنى لم يزالوا مجتمعين على الإيمان به حتى بعث قاله الأكثرون ;
[ ص: 513 ] والثاني : القرآن قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية .
والثالث : ما في كتبهم من بيان نبوته ذكره
الماوردي .
( قلت : هذا هو الذي قطع به أكثر المفسرين ولم يذكر
الثعلبي والبغوي وغيرهما سواه .
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية إنما قال : الكتاب لم يقل : القرآن . هكذا رواه
ابن أبي حاتم بالإسناد المعروف عن
الربيع بن أنس : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98إلا من بعد ما جاءتهم البينة } قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية : الكتاب . ومراد
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية جنس الكتاب . فيتناول الكتاب الأول كما قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=1594&ayano=11ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه } في موضعين من القرآن وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه } ثم قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه } .
وهذا التفسير معروف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية ورواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب .
ورواه
ابن أبي حاتم وغيره عن
الربيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه كان يقرؤها {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين } .
وأن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب عند الاختلاف {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وأنزل معهم الكتاب بالحق } قال أنزل الكتاب عند الاختلاف . {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه } يعني
بني إسرائيل . أوتوا الكتاب والعلم {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } يقول بغيا على الدنيا وطلب ملكها وزخرفها وزينتها أيهم يكون له الملك والمهابة في الناس فبغى بعضهم على بعض وضرب بعضهم رقاب بعض {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه } يقول : فهداهم الله عند الاختلاف أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف أقاموا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة . وأقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف واعتزلوا الاختلاف . فكانوا شهداء على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على
قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وآل فرعون أن رسلهم قد بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم .
قلت : الاختلاف في كتاب الله نوعان . أحدهما يذم فيه المختلفين كلهم كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=185&ayano=2وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=1602&ayano=11ولا يزالون مختلفين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1603&ayano=11إلا من رحم ربك } والثاني يمدح المؤمنين ويذم الكافرين كقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2636&ayano=22هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2640&ayano=22إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2634&ayano=22إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد } .
وإذا كان كذلك فالذي ذمه من تفرق
أهل الكتاب واختلافهم ذم فيه الجميع ونهى عن التشبه بهم فقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=401&ayano=3ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم } .
وذلك بأن تؤمن طائفة ببعض حق وتكفر بما عند الأخرى من الحق وتزيد في الحق باطلا كما اختلف
اليهود والنصارى في
المسيح وغير ذلك .
وحينئذ نقول : من قال إن
أهل الكتاب ما تفرقوا في
محمد إلا من بعد ما بعث إرادة إيمان بعضهم وكفر بعضهم كما قاله طائفة فالمذموم هنا من كفر لا من آمن . فلا يذم كل المختلفين ولكن يذم من كان يعرف أنه رسول فلما جاء كفر به حسدا أو بغيا كما قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } .
وإن أريد بالتفرق فيه أنهم كلهم كفروا به وتفرقت أقوالهم فيه فليس الأمر كذلك . وقد بين القرآن في غير موضع أنهم تفرقوا واختلفوا قبل إرسال
محمد صلى الله عليه وسلم . فاختلاف هؤلاء وتفرقهم في
محمد صلى الله عليه وسلم هو من جملة ما تفرقوا واختلفوا فيه . والله أعلم .
[ ص: 511 ] فَصْلٌ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29069 { nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } .
قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ : هُوَ تَفَرُّقُهُمْ فِي
مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ .
ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ جَعَلَ تَفَرُّقَهُمْ إيمَانَ بَعْضِهِمْ وَكُفْرَ بَعْضٍ .
قَالَ
البغوي : ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } أَيْ الْبَيَانُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ . قَالَ
الْمُفَسِّرُونَ : لَمْ يَزَلْ
أَهْلُ الْكِتَابِ مُجْتَمَعِينَ فِي تَصْدِيقِ
مُحَمَّدٍ حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ . فَلَمَّا بُعِثَ تَفَرَّقُوا فِي أَمْرِهِ وَاخْتَلَفُوا . فَآمَنَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمْ . وَهَكَذَا ذَكَرَ طَائِفَةٌ فِي قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1467&ayano=10وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ } قَالَ
أَبُو الْفَرَجِ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا اخْتَلَفُوا فِي أَمْرِ
مُحَمَّدٍ لَمْ يَزَالُوا بِهِ مُصَدِّقِينَ حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ يَعْنِي الْقُرْآنَ . وَرُوِيَ عَنْهُ : حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ يَعْنِي
مُحَمَّدًا . فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعِلْمُ هُنَا عِبَارَةً عَنْ الْمَعْلُومِ . وَبَيَانُ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُمْ
[ ص: 512 ] اخْتَلَفُوا فِي تَصْدِيقِهِ فَكَفَرَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ بَغْيًا وَحَسَدًا بَعْدَ أَنْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى تَصْدِيقِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا .
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الْمُتَفَرِّقِينَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا . قَالَ
Multitarajem.php?tid=13365,13366ابْنُ عَطِيَّةَ : ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَذَمَّةَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ
بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَرَّقُوا فِي أَمْرِ
مُحَمَّدٍ إلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ رَأَوْا الْآيَاتِ الْوَاضِحَةِ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ مُتَّفِقِينَ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَصِفَتِهِ . فَلَمَّا جَاءَ مِنْ
الْعَرَبِ حَسَدُوهُ .
وَكَذَلِكَ قَالَ
الثَّعْلَبِيُّ : مَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ فِي أَمْرِ
مُحَمَّدٍ فَكَذَّبُوهُ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ الْبَيَانُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ قَالَ الْعُلَمَاءُ : مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ إلَى قَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6231&ayano=98فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } حُكْمُهَا فِيمَنْ آمَنُ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وَمَا تَفَرَّقَ } حُكْمُهُ فِيمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ .
وَكَذَلِكَ قَالَ
أَبُو الْفَرَجِ . قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } يَعْنِي مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ
مُحَمَّدٌ وَالْمَعْنَى لَمْ يَزَالُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى بُعِثَ قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ ;
[ ص: 513 ] وَالثَّانِي : الْقُرْآنُ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ .
وَالثَّالِثُ : مَا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ بَيَانِ نُبُوَّتِهِ ذَكَرَهُ
الماوردي .
( قُلْت : هَذَا هُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ
الثَّعْلَبِيُّ والبغوي وَغَيْرُهُمَا سِوَاهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ إنَّمَا قَالَ : الْكِتَابُ لَمْ يَقُلْ : الْقُرْآنَ . هَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَعْرُوفِ عَنْ
الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6232&ayano=98إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ : الْكِتَابُ . وَمُرَادُ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ جِنْسُ الْكِتَابِ . فَيَتَنَاوَلُ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1594&ayano=11وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ } فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } ثُمَّ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ } .
وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَعْرُوفٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ وَرَوَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بْنِ كَعْبٍ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ
الرَّبِيعِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ } .
وَأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } قَالَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ } يَعْنِي
بَنِي إسْرَائِيلَ . أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْعِلْمَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } يَقُولُ بَغْيًا عَلَى الدُّنْيَا وَطَلَبِ مُلْكِهَا وَزُخْرُفِهَا وَزِينَتِهَا أَيُّهُمْ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ وَالْمَهَابَةُ فِي النَّاسِ فَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَضَرَبَ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ } يَقُولُ : فَهَدَاهُمْ اللَّهُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ قَبْلَ الِاخْتِلَافِ أَقَامُوا عَلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ . وَأَقَامُوا عَلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الِاخْتِلَافِ وَاعْتَزَلُوا الِاخْتِلَافَ . فَكَانُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانُوا شُهَدَاءَ عَلَى
قَوْمِ نُوحٍ وَقَوْمِ هُودٍ وَقَوْمِ صَالِحٍ وَقَوْمِ شُعَيْبٍ وَآلِ فِرْعَوْنَ أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ وَأَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ .
قُلْت : الِاخْتِلَافُ فِي كِتَابِ اللَّهِ نَوْعَانِ . أَحَدُهُمَا يَذُمُّ فِيهِ الْمُخْتَلِفِينَ كُلَّهُمْ كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=185&ayano=2وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1602&ayano=11وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1603&ayano=11إلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ } وَالثَّانِي يَمْدَحُ الْمُؤْمِنِينَ وَيَذُمُّ الْكَافِرِينَ كَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=262&ayano=2وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2636&ayano=22هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2640&ayano=22إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2634&ayano=22إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاَلَّذِي ذَمَّهُ مِنْ تَفَرُّقِ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَاخْتِلَافِهِمْ ذَمَّ فِيهِ الْجَمِيعَ وَنَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=401&ayano=3وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=222&ayano=2وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } .
وَذَلِكَ بِأَنْ تُؤْمِنَ طَائِفَةٌ بِبَعْضِ حَقٍّ وَتَكْفُرَ بِمَا عِنْدَ الْأُخْرَى مِنْ الْحَقِّ وَتَزِيدَ فِي الْحَقِّ بَاطِلًا كَمَا اخْتَلَفَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي
الْمَسِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَحِينَئِذٍ نَقُولُ : مَنْ قَالَ إنَّ
أَهْلَ الْكِتَابِ مَا تَفَرَّقُوا فِي
مُحَمَّدٍ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا بُعِثَ إرَادَةَ إيمَانِ بَعْضِهِمْ وَكُفْرَ بَعْضِهِمْ كَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ فَالْمَذْمُومُ هُنَا مَنْ كَفَرَ لَا مَنْ آمَنَ . فَلَا يُذَمُّ كُلُّ الْمُخْتَلِفِينَ وَلَكِنْ يُذَمُّ مَنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهُ رَسُولٌ فَلَمَّا جَاءَ كَفَرَ بِهِ حَسَدًا أَوْ بَغْيًا كَمَا قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=2وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } .
وَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّفَرُّقِ فِيهِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ كَفَرُوا بِهِ وَتَفَرَّقَتْ أَقْوَالُهُمْ فِيهِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ . وَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُمْ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا قَبْلَ إرْسَالِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَاخْتِلَافُ هَؤُلَاءِ وَتَفَرُّقُهُمْ فِي
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فِيهِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .