قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ولقد تركناها آية فهل من مدكر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر [ ص: 121 ] nindex.php?page=treesubj&link=29025قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9كذبت قبلهم قوم نوح ذكر جملا من وقائع الأمم الماضية تأنيسا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعزية له . قبلهم أي قبل قومك .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9فكذبوا عبدنا يعني
نوحا .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت ما معنى قوله : فكذبوا بعد قوله : كذبت ؟ قلت : معناه كذبوا فكذبوا عبدنا ; أي كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب ، أو كذبت قوم
نوح الرسل فكذبوا عبدنا ; أي لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسا كذبوا
نوحا لأنه من جملة الرسل .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وقالوا مجنون أي هو مجنون
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=9وازدجر أي زجر عن دعوى النبوة بالسب والوعيد بالقتل . وقيل إنما قال : وازدجر بلفظ ما لم يسم فاعله لأنه رأس آية .
فدعا ربه أي دعا عليهم حينئذ
نوح وقال رب
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10أني مغلوب أني مغلوب أي غلبوني بتمردهم فانتصر أي فانتصر لي . وقيل : إن الأنبياء كانوا لا يدعون على قومهم بالهلاك إلا بإذن الله عز وجل لهم فيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11ففتحنا أبواب السماء أي فأجبنا دعاءه وأمرناه باتخاذ السفينة وفتحنا أبواب السماء
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11بماء منهمر أي كثير ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . قال الشاعر :
أعيني جودا بالدموع الهوامر على خير باد من معد وحاضر
وقيل : إنه المنصب المتدفق ; ومنه قول
امرئ القيس يصف غيثا :
راح تمريه الصبا ثم انتحى فيه شؤبوب جنوب منهمر
الهمر الصب ; وقد همر الماء والدمع يهمر همرا . وهمر أيضا إذا أكثر الكلام وأسرع . وهمر له من ماله أي أعطاه . قال
ابن عباس :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر من غير سحاب لم يقلع أربعين يوما . وقرأ
ابن عامر ويعقوب : " ففتحنا " مشددة على التكثير . الباقون " ففتحنا " مخففا . ثم قيل : إنه فتح رتاجها وسعة مسالكها . وقيل : إنه المجرة وهي شرج السماء ومنها فتحت
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=11بماء منهمر ; قاله
علي رضي الله عنه .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12وفجرنا الأرض عيونا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير : أوحى الله إلى الأرض أن تخرج ماءها فتفجرت بالعيون ، وإن عينا تأخرت فغضب عليها فجعل ماءها مرا أجاجا إلى يوم القيامة .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12فالتقى الماء أي ماء السماء وماء الأرض
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=12على أمر قد قدر أي على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر ; حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة . أي كان ماء السماء والأرض سواء . وقيل : قدر بمعنى قضي عليهم . قال
قتادة : قدر لهم إذا
[ ص: 122 ] كفروا أن يغرقوا . وقال
محمد بن كعب : كانت الأقوات قبل الأجساد ، وكان القدر قبل البلاء ; وتلا هذه الآية . وقال : التقى الماء ، والالتقاء إنما يكون في اثنين فصاعدا ; لأن الماء يكون جمعا وواحدا . وقيل : لأنهما لما اجتمعا صارا ماء واحدا . وقرأ
الجحدري : " فالتقى الماءان " . وقرأ
الحسن : " فالتقى الماوان " وهما خلاف المرسوم .
القشيري : وفي بعض المصاحف " فالتقى الماوان " وهي لغة طيئ . وقيل : كان ماء السماء باردا مثل الثلج وماء الأرض حارا مثل الحميم .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13وحملناه على ذات ألواح أي على سفينة ذات ألواح .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13ودسر قال
قتادة : يعني المسامير التي دسرت بها السفينة أي شدت ; وقاله
القرظي وابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ورواه
الوالبي عن
ابن عباس . وقال
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب وعكرمة : هي صدر السفينة التي تضرب بها الموج سميت بذلك لأنها تدسر الماء أي تدفعه ، والدسر الدفع والمخر ; ورواه
العوفي عن
ابن عباس قال : الدسر كلكل السفينة . وقال
الليث : الدسار خيط من ليف تشد به ألواح السفينة . وفي الصحاح : الدسار واحد الدسر وهي خيوط تشد بها ألواح السفينة ، ويقال : هي المسامير ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=13على ذات ألواح ودسر . ودسر أيضا مثل عسر وعسر . والدسر الدفع ; قال
ابن عباس في العنبر : إنما هو شيء يدسره البحر دسرا أي يدفعه . ودسره بالرمح . ورجل مدسر .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14تجري بأعيننا أي بمرأى منا . وقيل : بأمرنا . وقيل : بحفظ منا وكلاءة : وقد مضى في " هود " . ومنه قول الناس للمودع : عين الله عليك ; أي حفظه وكلاءته . وقيل : بوحينا . وقيل : أي بالأعين النابعة من الأرض . وقيل : بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها ، وكل ما خلق الله تعالى يمكن أن يضاف إليه . وقيل : أي تجري بأوليائنا ، كما في الخبر :
مرض عين من عيوننا فلم تعده .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14جزاء لمن كان كفر أي جعلنا ذلك ثوابا وجزاء
لنوح على صبره على أذى قومه وهو المكفور به ; فاللام في " لمن " لام المفعول له ; وقيل : كفر أي جحد ; ف " من " كناية عن
نوح . وقيل : كناية عن الله والجزاء بمعنى العقاب ; أي عقابا لكفرهم بالله تعالى . وقرأ
يزيد بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد "
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=14جزاء لمن كان كفر " بفتح الكاف والفاء بمعنى : كان الغرق جزاء وعقابا لمن كفر بالله ، وما نجا من الغرق غير
عوج بن عنق ; كان الماء إلى حجزته . وسبب نجاته أن
نوحا احتاج إلى خشبة الساج لبناء السفينة فلم يمكنه حملها ، فحمل
عوج تلك
[ ص: 123 ] الخشبة إليه من
الشام فشكر الله له ذلك ، ونجاه من الغرق .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15ولقد تركناها آية يريد هذه الفعلة عبرة . وقيل : أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم
نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل . قال
قتادة : أبقاها الله
بباقردى من أرض
الجزيرة عبرة وآية ، حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رمادا .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=15فهل من مدكر متعظ خائف ، وأصله مذتكر مفتعل من الذكر ، فثقلت على الألسنة فقلبت التاء دالا لتوافق الذال في الجهر وأدغمت الذال فيها .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=16فكيف كان عذابي ونذر أي إنذاري ، قال
الفراء : الإنذار والنذر مصدران . وقيل : نذر جمع نذير ونذير بمعنى الإنذار كنكير بمعنى الإنكار .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17ولقد يسرنا القرآن للذكر أي سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه ; فهل من طالب لحفظه فيعان عليه ؟ ويجوز أن يكون المعنى : ولقد هيأناه للذكر ، مأخوذ من يسر ناقته للسفر : إذا رحلها ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه وألجمه ; قال : وقمت إليه باللجام ميسرا هنالك يجزيني الذي كنت أصنع
وقال
سعيد بن جبير : ليس من كتب الله كتاب يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن ; وقال غيره : ولم يكن هذا
لبني إسرائيل ، ولم يكونوا يقرءون التوراة إلا نظرا ، غير
موسى وهارون ويوشع بن نون وعزير صلوات الله عليهم ، ومن أجل ذلك افتتنوا
بعزير لما كتب لهم التوراة عن ظهر قلبه حين أحرقت ; على ما تقدم بيانه في سورة ( براءة ) فيسر الله تعالى على هذه الأمة حفظ كتابه ليذكروا ما فيه ; أي يفتعلوا الذكر ، والافتعال هو أن ينجع فيهم ذلك حتى يصير كالذات وكالتركيب فيهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17فهل من مدكر قارئ يقرؤه . وقال
أبو بكر الوراق nindex.php?page=showalam&ids=13286وابن شوذب : فهل من طالب خير وعلم فيعان عليه ، وكرر في هذه السورة للتنبيه والإفهام . وقيل : إن الله تعالى اقتص في هذه السورة على هذه الأمة أنباء الأمم وقصص المرسلين ، وما عاملتهم به الأمم ، وما كان من عقبى أمورهم وأمور المرسلين ; فكان في كل قصة ونبإ ذكر للمستمع أن لو ادكر ، وإنما كرر هذه الآية عند ذكر كل قصة بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=22فهل من مدكر لأن هل كلمة استفهام تستدعي أفهامهم التي ركبت في أجوافهم وجعلها حجة عليهم ; فاللام من " هل " للاستعراض والهاء للاستخراج .