[ ص: 11 ] بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الكتاب
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبيانا لكل شيء ، وجعله شفاء لكل عي ، وهدى من كل غي ، والصلاة والسلام على
محمد المبعوث من أشرف قبيلة وأكرم حي ، وعلى آله وصحبه ما لجأ ظامئ لري.
وبعد: فقد قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونـزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء وقال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665201 "ستكون فتن" قيل: وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وغيره.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور في سننه: حدثنا
خديج بن معاوية عن
أبي إسحاق عن
مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال:
nindex.php?page=treesubj&link=18624_18620من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين. قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي: أراد به أصول العلم. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة: التوراة. والإنجيل. والزبور ، والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، ثم أودع علوم الفرقان المفصل ، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب ، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة. أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب.
وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه: جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع شرح السنة شرح للقرآن ، وقال بعض السلف:
nindex.php?page=treesubj&link=29570ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت
[ ص: 12 ] مصداقه في كتاب الله ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أيضا: أنزل في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم. وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ في العظمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا: جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.
قلت: ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=911627 "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ، فإن قيل: من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة ، قلنا: ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة; لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وفرض علينا الأخذ بقوله.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مرة
بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله ، فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور ، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15883ربعي بن حراش عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=703006 "اقتدوا باللذين من بعدي nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر" ، وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
معر بن كدام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور.
[ ص: 13 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=660974عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله ، فقالت له امرأة في ذلك فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال لئن قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت: بلى ، قال: فإنه قد نهى عنه.
وقال
ابن برجان: ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد. فهمه من فهم ، أو عمه عنه من عمه ، وكذا كل ما حكم أو قضى به.
وقال غيره: ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى. حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين من قوله في سورة المنافقين:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=11ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها فإنها رأس ثلاث وستين سورة ، وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
وقال
المرسي: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلا ما استأثر به سبحانه ، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة ، ومثل
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله ، ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ، ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضائل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه ، فنوعوا علومه وقامت كل طائفة ، بفن من فنونه فاعتنى قوم بضبط لغاته ، وتحرير كلماته ، ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه
[ ص: 14 ] وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند عشر كل آيات ، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه. ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال ، والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى أن بعضهم أعرب مشكله ، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد لفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر ، فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه ، وخاضوا إلى ترجيح محتملات أحد ذي المعنيين والمعاني ، وأعمل كل منهم فكره ، وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم. ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك ، فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص. والإضمار ، والنص ، والظاهر ، والمجمل ، والمحكم ، والمتشابه ، والأمر ، والنهي ، والنسخ ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه بعلم الفروع ، وبالفقه أيضا.
وتلمحت طائفة ما فيه في من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء ، وسموا ذلك بالتاريخ والقصص.
[ ص: 15 ] وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال ، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال ، وتكاد تدكدك الجبال ، فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد ، والتحذير والتبشير ، وذكر الموت والمعاد ، والنشر والحشر ، والحساب والعقاب ، والجنة والنار ، فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة
يوسف من البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات ، وسموه تعبير الرؤيا. واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب ، فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب ، فإن عسر فمن الحكم والأمثال ، ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199وأمر بالعرف
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك علم الفرائض ، واستنبطوا منها ذكر النصف ، والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول واستخرجوا منه أحكام الوصايا.
ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار. والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك ، فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ ، وبديع النظم. وحسن السياق والمبادئ والمقاطيع والمخالص. والتلوين ، في الخطاب والإطناب والإيجاز ، وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان ، والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقايق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها مثل الفناء ، والبقاء ، والحضور ، والخوف ، والهيبة ، والأنس ، والوحشة ، والقبض ، والبسط ، وما أشبه ذلك.
[ ص: 16 ] هذه الفنون التي أخدتها الملة الإسلامية منه ، وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل مثل الطب ، والجدل ، والهيئة ، والهندسة ، والجبر والمقابلة ، والنجامة ، وغير ذلك.
أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة ، واستحكام القوة ، وذلك إنما يكون باعتدال المزاج تبعا على الكيفيات المتضادة ، وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67وكان بين ذلك قواما وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=69شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب وشفاء الصدور.
وأما الهيئة ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السماوات والأرض ، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة ففي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=30انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=31لا ظليل ولا يغني من اللهب فإن فيه قاعدة هندسية وهو أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ، ومناظرة
إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة فقد قيل: إن أوائل السور ذكر مدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة ، وأن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
[ ص: 17 ] وأما النجامة ففي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4أو أثارة من علم فقد فسره
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بذلك.
وفيه من أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها ، فمن الصنائع: الخياطة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وطفقا يخصفان
والحدادة في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=96آتوني زبر الحديد nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=10وألنا له الحديد الآية والبناء في آيات والنجارة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=27أن اصنع الفلك
والغزل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=92نقضت غزلها والنسج
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41كمثل العنكبوت اتخذت بيتا والفلاحة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أفرأيتم ما تحرثون في آيات أخر ، والصيد في آيات ، والغوص
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=37والشياطين كل بناء وغواص nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وتستخرجوا منه حلية والصياغة
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=148واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا والزجاجة
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44صرح ممرد من قوارير nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35المصباح في زجاجة والفخارة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38فأوقد لي يا هامان على الطين والملاحة
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=79أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر والكتابة
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4علم بالقلم في آيات أخر. والخبز ، والطحن ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه والطبخ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69بعجل حنيذ والغسل ، والقصارة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وثيابك فطهر nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قال الحواريون وهم القاصرون ، والجزارة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إلا ما ذكيتم والبيع والشراء في آيات كثيرة والصبغ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صبغة الله nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جدد بيض وحمر والحجارة
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=149وتنحتون من الجبال بيوتا والكيالة ، والوزن في آيات كثيرة ، والرمي
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وما رميت إذ رميت nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة وفيه من أسماء الآلات وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء انتهى ، كلام
المرسي ملخصا مع زيادات.
قلت: قد اشتمل كتاب الله على كل شيء! أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها ، وفيه على عجائب المخلوقات ، وملكوت السموات والأرض ، وما في الأفق الأعلى ، وتحت الثرى ، وبدء الخلق ، وأسماء مشاهير الرسل والملائكة ، وعيون أخبار الأمم السالفة ، كقصة
آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة ، وفي الولد الذي سماه
عبد الحارث ، ورفع
إدريس ، وإغراق قوم
نوح ، وقصة
عاد الأولى والثانية ،
وثمود ، والناقة ، وقوم
لوط ، وقوم
شعيب الأولين ، والآخرين ، فإنه أرسل مرتين وقوم
تبع ،
ويونس ،
وإلياس ، وأصحاب الرس ، وقصة
موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى
مدين ، وتزوجه ابنة
شعيب ، وكلامه تعالى بجانب
الطور ، وبعثه إلى
فرعون وخروجه وإغراق عدوه ، وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة ، وقصة القتيل وذبح البقرة ، وقصته في قتال الجبارين ، وقصته مع
الخضر ، والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين ، وقصة
طالوت [ ص: 19 ] وداود مع
جالوت وقتلته ، وقصة
سليمان وخبره مع
ملكة سبأ ، وفتنته ، وقصة القوم الذين خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم ، وقصة
إبراهيم في مجادلته قومه ومناظرته
النمروذ ، ووضعه
إسماعيل مع أمه
بمكة ، وبنائه
البيت ، وقصة الذبيح ، وقصة
يوسف وما أبسطها ، وقصة
مريم وولادتها
عيسى وإرساله ورفعه ، وقصة
زكريا وابنه
يحي وأيوب وذي الكفل ، وقصة
ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد ، وقصة أصحاب الكهف ، وقصة أصحاب الرقيم ، وقصة
بختنصر ، وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة ، وقصة أصحاب الجنة ، وقصة مؤمن آل
فرعون ، وقصة أصحاب الفيل ، وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء.
وفيه من شأن النبي صلى الله عليه وسلم دعوة
إبراهيم به وبشارة
عيسى ، وبعثه وهجرته ومن غزواته
بدر في سورة الأنفال ،
وأحد في آل عمران ،
وبدر الصغرى فيها ، والخندق في الأحزاب ،
والنضير في الحشر ،
والحديبية في الفتح ،
وتبوك في براءة ، وحجة الوداع في المائدة ، ونكاحه
nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش وتحريم سريته ، وتظاهر أزواجه عليه ، وقصة الإفك ، وقصة الإسراء ، وانشقاق القمر ، وسحر اليهود إياه ، وفيه بدء حلق الإنسان إلى موته ، وكيفية الموت وقبض الروح ، وما يفعل بها بعد صعودها إلى السماء ، وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة ، وعذاب القبر والسؤال فيه ، ومقر الأرواح ، وأشراط الساعة الكبرى العشرة ، وهي نزول
عيسى ، وخروج
الدجال ،
ويأجوج ومأجوج ، والدابة ، والدخان ، ورفع القرآن ، وطلوع الشمس من مغربها ، وغلق باب التوبة ، والخسف ، وأحوال البعث من نفخة الصور والفزع والصعق والقيام ، والحشر ، والنشر ، وأهوال الموقف ، وشدة حر الشمس ، وظل العرش ، والصراط ، والميزان ، والحوض ، والحساب لقوم ونجاة آخرين منه ، وشهادة الأعضاء ، وإتيان الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهور ، والشفاعة ، والجنة وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والأثمار والحلي والألوان والدرجات ، ورؤيته تعالى ، والنار وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وألوان العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك ، مما لو بسط جاء في مجلدات.
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث ، وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم ، وفيه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم جملة ، وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون ، وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة ، وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر ، وفيه تصديق
[ ص: 20 ] كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه جملة القول في ذلك هذا وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وقد ألفت في جملة من أنواعه كأسباب النزول ، والمعرب والمبهمات ، وغير ذلك ، وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره ، وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبا
nindex.php?page=showalam&ids=12425كالقاضي إسماعيل وبكر بن العلاء nindex.php?page=showalam&ids=11943وأبي بكر الرازي nindex.php?page=showalam&ids=12440والكيا الهراسي nindex.php?page=showalam&ids=12815وأبي بكر بن العربي وعبد المنعم بن الفرس ، وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد ، وجمع فأبدع غير أنها محشوة بالحشو والتطويل مشحونة بالاستطراد إلى أقوال المخالف ، والدليل مع ما فاتها من الاستنباطات العلية ، والاستخراجات الخفية.
فعزمت على وضع كتاب في ذلك مهذب المقاصد ، محرر المسالك أورد فيه كل ما أستنبط منه أو أستدل به عليه من مسألة فقهية أو أصلية أو اعتقادية ، وبعضا مما سوى ذلك ، مقرونا بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستنباط عليه معزوا إلى قائله من الصحابة والتابعين ، مخرجا من كتاب ناقله من الأئمة المعتبرين فاشدد بهذا الكتاب يديك ، وعض عليه بناجذيك ، ولا يحملنك على استحقاره صغر حجمه ، فمن نظر إليه بقلب سليم بان له غزارة علمه.
وسميته بـ (الإكليل في استنباط التنزيل) وعلى الله توكلت فهو حسبي ونعم الوكيل.
[ ص: 11 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
خُطْبَةُ الْكِتَابِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَجَعَلَهُ شِفَاءً لِكُلِّ عِيٍّ ، وَهُدًى مِنْ كُلِّ غَيٍّ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى
مُحَمَّدٍ الْمَبْعُوثِ مِنْ أَشْرَفِ قَبِيلَةٍ وَأَكْرَمِ حَيٍّ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا لَجَأَ ظَامِئٌ لِرَيٍّ.
وَبَعْدُ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَـزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665201 "سَتَكُونُ فِتَنٌ" قِيلَ: وَمَا الْمُخْرِجُ مِنْهَا؟ قَالَ: "كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ" أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16000سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا
خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ
مُرَّةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=18624_18620مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ فِيهِ خَبَرَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ: أَرَادَ بِهِ أُصُولَ الْعِلْمِ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةٌ: التَّوْرَاةُ. وَالْإِنْجِيلُ. وَالزَّبُورُ ، وَالْفُرْقَانُ ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الثَّلَاثَةِ الْفَرْقَانَ ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْفُرْقَانِ الْمُفَصَّلَ ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ، فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرِهَا كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ. أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَمِيعُ مَا تَقُولُهُ الْأُمَّةُ شَرْحٌ لِلسُّنَّةِ وَجَمِيعُ شَرْحِ السُّنَّةِ شَرْحٌ لِلْقُرْآنِ ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ:
nindex.php?page=treesubj&link=29570مَا سَمِعْتُ حَدِيثًا إِلَّا الْتَمَسْتُ لَهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَا بَلَغَنِي حَدِيثٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا وَجَدْتُ
[ ص: 12 ] مِصْدَاقَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثٍ أَنْبَأْتُكُمْ بِتَصْدِيقِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا: أَنْزَلَ فِي الْقُرْآنِ كُلَّ عَلَمٍ وَبَيَّنَ لَنَا فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ وَلَكِنَّ عِلْمَنَا يَقْصُرُ عَمَّا بُيِّنَ لَنَا فِي الْقُرْآنِ ، أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11868أَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ اللَّهَ لَوْ أَغْفَلَ شَيْئًا لَأَغْفَلَ الذَّرَّةَ وَالْخَرْدَلَةَ وَالْبَعُوضَةَ". وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: جَمِيعُ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِنَ الْقُرْآنِ.
قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=911627 "إِنِّي لَا أَحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَلَا أُحَرِّمُ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ" رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: لَيْسَتْ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ فِي الدِّينِ نَازِلَةٌ إِلَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ الدَّلِيلُ عَلَى سَبِيلِ الْهُدَى فِيهَا ، فَإِنْ قِيلَ: مِنَ الْأَحْكَامِ مَا ثَبَتَ ابْتِدَاءً بِالسُّنَّةِ ، قُلْنَا: ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ; لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ أَوْجَبَ عَلَيْنَا اتِّبَاعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَرَضَ عَلَيْنَا الْأَخْذَ بِقَوْلِهِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ مَرَّةً
بِمَكَّةَ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، فَقِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي الْمُحَرَّمِ يَقْتُلُ الزُّنْبُورَ ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16490عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15883رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=703006 "اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ" ، وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ عَنْ
مُعَرٍّ بْنِ كِدَامٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16836قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16243طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُحْرِمِ الزُّنْبُورَ.
[ ص: 13 ] وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=hadith&LINKID=660974عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. قَالَ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ أَمَا قَرَأْتِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ: بَلَى ، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ.
وَقَالَ
ابْنُ بُرْجَانَ: مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِيهِ أَصْلُهُ قُرْبٌ أَوْ بَعْدٌ. فَهِمَهُ مَنْ فَهِمَ ، أَوْ عَمِهَ عَنْهُ مَنْ عَمِهَ ، وَكَذَا كُلُّ مَا حَكَمَ أَوْ قَضَى بِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنَ الْقُرْآنِ لِمَنْ فَهَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَنْبَطَ عُمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ مِنْ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=11وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا فَإِنَّهَا رَأْسُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سُورَةً ، وَعَقَّبَهَا بِالتَّغَابُنِ لِيَظْهَرَ التَّغَابُنُ فِي فَقْدِهِ.
وَقَالَ
الْمُرْسِي: جَمَعَ الْقُرْآنُ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ بِحَيْثُ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا حَقِيقَةً إِلَّا الْمُتَكَلِّمُ بِهِ ، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَلَا مَا اسْتَأْثَرَ بِهِ سُبْحَانَهُ ، ثُمَّ وَرِثَ عَنْهُ مُعْظَمَ ذَلِكَ سَادَاتُ الصَّحَابَةِ وَأَعْلَامُهُمْ مِثْلَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، وَمِثْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى قَالَ: لَوْ ضَاعَ لِي عِقَالُ بَعِيرٍ لَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، ثُمَّ وَرِثَ عَنْهُمُ التَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ ، ثُمَّ تَقَاصَرَتِ الْهِمَمُ وَفَتُرَتِ الْعَزَائِمُ وَتَضَائَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَضَعُفُوا عَنْ حَمْلِ مَا حَمَلَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ مِنْ عُلُومِهِ وَسَائِرِ فُنُونِهِ ، فَنَوَّعُوا عُلُومَهُ وَقَامَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ ، بِفَنٍّ مِنْ فُنُونِهِ فَاعْتَنَى قَوْمٌ بِضَبْطِ لُغَاتِهِ ، وَتَحْرِيرِ كَلِمَاتِهِ ، وَمَعْرِفَةِ مَخَارِجِ حُرُوفِهِ وَعَدَدِهَا وَعَدَدِ كَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَأَحْزَابِهِ
[ ص: 14 ] وَأَنْصَافِهِ وَأَرْبَاعِهِ وَعَدَدِ سَجَدَاتِهِ وَالتَّعْلِيمِ عِنْدَ عُشْرِ كُلِّ آيَاتٍ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَصْرِ الْكَلِمَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ وَالْآيَاتِ الْمُتَمَاثِلَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَعَانِيهِ. وَلَا تَدَبُّرٍ لِمَا أَوْدَعَ فِيهِ فَسُمُّوا الْقُرَّاءَ.
وَاعْتَنَى النُّحَاةُ بِالْمُعَرَّبِ مِنْهُ وَالْمَبْنِيِّ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ ، وَالْحُرُوفِ الْعَامِلَةِ وَغَيْرِهَا وَأَوْسَعُوا الْكَلَامَ فِي الْأَسْمَاءِ وَتَوَابِعِهَا وَضُرُوبِ الْأَفْعَالِ وَاللَّازِمِ وَالْمُتَعَدِّي وَرُسُومِ خَطِّ الْكَلِمَاتِ وَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى أَنْ بَعْضَهُمْ أَعْرَبَ مُشْكِلَهُ ، وَبَعْضَهُمْ أَعْرَبَهُ كَلِمَةً كَلِمَةً.
وَاعْتَنَى الْمُفَسِّرُونَ بِأَلْفَاظِهِ فَوَجَدُوا مِنْهُ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَلَفْظًا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرَ ، فَأَجْرَوُا الْأَوَّلَ عَلَى حُكْمِهِ وَأَوْضَحُوا مَعْنَى الْخَفِيِّ مِنْهُ ، وَخَاضُوا إِلَى تَرْجِيحِ مُحْتَمِلَاتِ أَحَدِ ذِي الْمَعْنَيَيْنِ وَالْمَعَانِي ، وَأَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِكْرَهُ ، وَقَالَ بِمَا اقْتَضَاهُ نَظَرُهُ.
وَاعْتَنَى الْأُصُولِيُّونَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّوَاهِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ مِثْلَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=22لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ ، فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ أَدِلَّةً عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَوُجُودِهِ وَبَقَائِهِ وَقِدَمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَتَنْزِيهِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ وَسَمُّوا هَذَا الْعِلْمَ بِأُصُولِ الدِّينِ.
وَتَأَمَّلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَانِيَ خِطَابِهِ فَرَأَتْ مِنْهَا مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ. وَمِنْهَا مَا يَقْتَضِي الْخُصُوصَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ أَحْكَامَ اللُّغَةِ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَتَكَلَّمُوا فِي التَّخْصِيصِ. وَالْإِضْمَارِ ، وَالنَّصِّ ، وَالظَّاهِرِ ، وَالْمُجْمَلِ ، وَالْمُحْكَمِ ، وَالْمُتَشَابِهِ ، وَالْأَمْرِ ، وَالنَّهْيِ ، وَالنَّسْخِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ وَاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَالِاسْتِقْرَاءِ وَسَمُّوا هَذَا الْفَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ.
وَأَحْكَمَتْ طَائِفَةٌ صَحِيحَ النَّظَرِ وَصَادِقَ الْفِكْرِ فِيمَا فِيهِ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَأَسَّسُوا أُصُولَهُ وَفُرُوعَهُ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بَسْطًا حَسَنًا وَسَمُّوهُ بِعِلْمِ الْفُرُوعِ ، وَبِالْفِقْهِ أَيْضًا.
وَتَلَمَّحَتْ طَائِفَةٌ مَا فِيهِ فِي مَنْ قِصَصِ الْقُرُونِ السَّابِقَةِ وَالْأُمَمِ الْخَالِيَةِ وَنَقَلُوا أَخْبَارَهُمْ وَدَوَّنُوا آثَارَهُمْ وَوَقَائِعَهُمْ حَتَّى ذَكَرُوا بَدْءَ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ الْأَشْيَاءِ ، وَسَمُّوا ذَلِكَ بِالتَّارِيخِ وَالْقَصَصِ.
[ ص: 15 ] وَتَنَبَّهَ آخَرُونَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ ، وَالْمَوَاعِظِ الَّتِي تُقَلْقِلُ قُلُوبَ الرِّجَالِ ، وَتَكَادُ تُدَكْدِكُ الْجِبَالَ ، فَاسْتَنْبَطُوا مِمَّا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وَالتَّحْذِيرِ وَالتَّبْشِيرِ ، وَذِكْرِ الْمَوْتِ وَالْمَعَادِ ، وَالنَّشْرِ وَالْحَشْرِ ، وَالْحِسَابِ وَالْعِقَابِ ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فُصُولًا مِنَ الْمَوَاعِظِ وَأُصُولًا مَنَ الزَّوَاجِرِ فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْخُطَبَاءُ وَالْوُعَّاظُ.
وَاسْتَنْبَطَ قَوْمٌ مِمَّا فِيهِ مِنْ أُصُولِ التَّعْبِيرِ مِثْلَ مَا وَرَدَ فِي قِصَّةِ
يُوسُفَ مِنَ الْبَقَرَاتِ السِّمَانِ وَفِي مَنَامَيْ صَاحِبَيِ السِّجْنِ وَفِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ سَاجِدَاتٍ ، وَسَمُّوهُ تَعْبِيرَ الرُّؤْيَا. وَاسْتَنْبَطُوا تَفْسِيرَ كُلِّ رُؤْيَا مِنَ الْكِتَابِ ، فَإِنْ عَزَّ عَلَيْهِمْ إِخْرَاجُهَا مِنْهُ فَمِنَ السُّنَّةِ الَّتِي هِيَ شَارِحَةٌ لِلْكِتَابِ ، فَإِنَّ عُسِرَ فَمِنَ الْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى اصْطِلَاحِ الْعَوَامِّ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ وَعُرْفِ عَادَاتِهِمُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَخَذَ قَوْمٌ مِمَّا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ مِنْ ذِكْرِ السِّهَامِ وَأَرْبَابِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ عِلْمَ الْفَرَائِضِ ، وَاسْتَنْبَطُوا مِنْهَا ذِكْرَ النِّصْفِ ، وَالثُّلُثَ وَالرُّبُعَ وَالسُّدُسَ وَالثُّمُنَ حِسَابَ الْفَرَائِضِ وَمَسَائِلَ الْعَوْلِ وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ أَحْكَامَ الْوَصَايَا.
وَنَظَرَ قَوْمٌ إِلَى مَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّاتِ عَلَى الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَنَازِلِهِ وَالنُّجُومِ وَالْبُرُوجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ عِلْمَ الْمَوَاقِيتِ.
وَنَظَرَ الْكُتَّابُ وَالشُّعَرَاءُ إِلَى مَا فِيهِ مِنْ جَزَالَةِ اللَّفْظِ ، وَبَدِيعِ النَّظْمِ. وَحُسْنِ السِّيَاقِ وَالْمَبَادِئِ وَالْمَقَاطِيعِ وَالْمُخَالَصِ. وَالتَّلْوِينِ ، فِي الْخِطَابِ وَالْإِطْنَابِ وَالْإِيجَازِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ الْمَعَانِيَ وَالْبَيَانَ ، وَالْبَدِيعَ.
وَنَظَرَ فِيهِ أَرْبَابُ الْإِشَارَاتِ وَأَصْحَابُ الْحَقِيقَةِ فَلَاحَ لَهُمْ مِنْ أَلْفَاظِهِ مَعَانٍ وَدَقَايِقُ جَعَلُوا لَهَا أَعْلَامًا اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا مِثْلَ الْفَنَاءِ ، وَالْبَقَاءِ ، وَالْحُضُورِ ، وَالْخَوْفِ ، وَالْهَيْبَةِ ، وَالْأُنْسِ ، وَالْوَحْشَةِ ، وَالْقَبْضِ ، وَالْبَسْطِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
[ ص: 16 ] هَذِهِ الْفُنُونُ الَّتِي أَخَدَتْهَا الْمِلَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ مِنْهُ ، وَقَدِ احْتَوَى عَلَى عُلُومٍ أُخَرَ مِنْ عُلُومِ الْأَوَائِلِ مِثْلَ الطِّبِّ ، وَالْجَدَلِ ، وَالْهَيْئَةِ ، وَالْهَنْدَسَةِ ، وَالْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ ، وَالنَّجَّامَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
أَمَّا الطِّبُّ فَمَدَارُهُ عَلَى حِفْظِ نِظَامِ الصِّحَّةِ ، وَاسْتِحْكَامِ الْقُوَّةِ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِاعْتِدَالِ الْمَزَاجِ تَبَعًا عَلَى الْكَيْفِيَّاتِ الْمُتَضَادَّةِ ، وَقَدْ جَمَعَ ذَلِكَ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=67وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا وَعَرَّفَنَا فِيهِ بِمَا يُعِيدُ نِظَامَ الصِّحَّةِ بَعْدَ اخْتِلَالِهِ وَحُدُوثِ الشِّفَاءِ لِلْبَدَنِ بَعْدَ اعْتِلَالِهِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=69شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ثُمَّ زَادَ عَلَى طِبِّ الْأَجْسَادِ بِطِبِّ الْقُلُوبِ وَشِفَاءِ الصُّدُورِ.
وَأَمَّا الْهَيْئَةُ فَفِي تَضَاعِيفِ سُوَرِهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا بَثَّ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَأَمَّا الْهَنْدَسَةُ فَفِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=30انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=31لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ فَإِنَّ فِيهِ قَاعِدَةٌ هَنْدَسِيَّةٌ وَهُوَ أَنَّ الشَّكْلَ الْمُثَلَّثَ لَا ظِلَّ لَهُ.
وَأَمَّا الْجَدَلُ فَقَدْ حَوَتْ آيَاتُهُ مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّتَائِجِ وَالْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ وَالْمُعَارَضَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا ، وَمُنَاظَرَةُ
إِبْرَاهِيمَ أَصْلٌ فِي ذَلِكَ عَظِيمٌ.
وَأَمَّا الْجَبْرُ وَالْمُقَابَلَةُ فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَائِلَ السُّوَرِ ذِكْرُ مَدَدٍ وَأَعْوَامٍ وَأَيَّامٍ لِتَوَارِيخِ أُمَمٍ سَالِفَةٍ ، وَأَنَّ فِيهَا تَارِيخُ بَقَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَارِيخُ مُدَّةِ الدُّنْيَا وَمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ مَضْرُوبٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ.
[ ص: 17 ] وَأَمَّا النَّجَّامَةُ فَفِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=4أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ فَقَدْ فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ.
وَفِيهِ مِنْ أُصُولِ الصَّنَائِعِ وَأَسْمَاءِ الْآلَاتِ الَّتِي تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَيْهَا ، فَمِنَ الصَّنَائِعِ: الْخِيَاطَةُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ
وَالْحِدَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=96آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=10وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ الْآيَةَ وَالْبِنَاءُ فِي آيَاتٍ وَالنِّجَارَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=27أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ
وَالْغَزْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=92نَقَضَتْ غَزْلَهَا وَالنَّسْجُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=41كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَالْفِلَاحَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=63أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ ، وَالصَّيْدُ فِي آيَاتٍ ، وَالْغَوْصُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=37وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=14وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً وَالصِّيَاغَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=148وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا وَالزَّجَّاجَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ وَالْفِخَارَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ وَالْمِلَاحَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=79أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ وَالْكِتَابَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4عَلَّمَ بِالْقَلَمِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ. وَالْخُبْزُ ، وَالطَّحْنُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وَالطَّبْخُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=69بِعِجْلٍ حَنِيذٍ وَالْغَسْلُ ، وَالْقِصَارَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52قَالَ الْحَوَارِيُّونَ وَهُمُ الْقَاصِرُونَ ، وَالْجِزَارَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَالصَّبْغُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صِبْغَةَ اللَّهِ nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ وَالْحِجَارَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=149وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَالْكَيَّالَةُ ، وَالْوَزْنُ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، وَالرَّمْيُ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=60وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ الْآلَاتِ وَضُرُوبِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَنْكُوحَاتِ وَجَمِيعُ مَا وَقَعَ فِي الْكَائِنَاتِ مَا يُحَقِّقُ مَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ انْتَهَى ، كَلَامُ
الْمُرْسِي مُلَخَّصًا مَعَ زِيَادَاتٍ.
قُلْتُ: قَدِ اشْتَمَلَ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ! أَمَّا أَنْوَاعُ الْعُلُومِ فَلَيْسَ مِنْهَا بَابٌ وَلَا مَسْأَلَةٌ هِيَ أَصْلٌ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا ، وَفِيهِ عَلَى عَجَائِبِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَمَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمَا فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى ، وَتَحْتَ الثَّرَى ، وَبَدْءِ الْخَلْقِ ، وَأَسْمَاءِ مَشَاهِيرِ الرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَعُيُونِ أَخْبَارِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ، كَقِصَّةِ
آدَمَ مَعَ إِبْلِيسَ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَفِي الْوَلَدِ الَّذِي سَمَّاهُ
عَبْدُ الْحَارِثِ ، وَرَفْعِ
إِدْرِيسَ ، وَإِغْرَاقِ قَوْمِ
نُوحٍ ، وَقِصَّةِ
عَادٍ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ،
وَثَمُودَ ، وَالنَّاقَةِ ، وَقَوْمِ
لُوطٍ ، وَقَوْمِ
شُعَيْبٍ الْأَوَّلِينَ ، وَالْآخِرِينَ ، فَإِنَّهُ أَرْسَلَ مَرَّتَيْنِ وَقَوْمِ
تُبَّعٍ ،
وَيُونُسَ ،
وَإِلْيَاسَ ، وَأَصْحَابِ الرَّسِّ ، وَقِصَّةِ
مُوسَى فِي وِلَادَتِهِ وَإِلْقَائِهِ فِي الْيَمِّ وَقَتْلِهِ الْقِبْطِيِّ وَمَسِيرِهِ إِلَى
مَدْيَنَ ، وَتَزَوُّجِهِ ابْنَةَ
شُعَيْبٍ ، وَكَلَامِهِ تَعَالَى بِجَانِبِ
الطُّورِ ، وَبَعْثِهِ إِلَى
فِرْعَوْنَ وَخُرُوجِهِ وَإِغْرَاقِ عَدُوِّهِ ، وَقِصَّةِ الْعِجْلِ وَالْقَوْمِ الَّذِينَ خَرَجَ بِهِمْ وَأَخَذَتْهُمُ الصَّعْقَةُ ، وَقِصَّةُ الْقَتِيلِ وَذَبْحِ الْبَقَرَةِ ، وَقَصَّتِهِ فِي قِتَالِ الْجَبَّارِينَ ، وَقَصَّتِهِ مَعَ
الْخِضْرِ ، وَالْقَوْمِ الَّذِينَ سَارُوا فِي سِرْبٍ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى الصِّينِ ، وَقِصَّةِ
طَالُوتَ [ ص: 19 ] وَدَاوُدَ مَعَ
جَالُوتَ وَقَتَلَتِهِ ، وَقِصَّةِ
سُلَيْمَانَ وَخَبَرِهِ مَعَ
مَلِكَةِ سَبَأٍ ، وَفِتْنَتِهِ ، وَقِصَّةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، وَقِصَّةِ
إِبْرَاهِيمَ فِي مُجَادَلَتِهِ قَوْمَهُ وَمُنَاظَرَتِهِ
النَّمْرُوذَ ، وَوَضْعِهِ
إِسْمَاعِيلَ مَعَ أُمِّهِ
بِمَكَّةَ ، وَبِنَائِهِ
الْبَيْتَ ، وَقِصَّةِ الذَّبِيحِ ، وَقِصَّةِ
يُوسُفَ وَمَا أَبْسَطَهَا ، وَقِصَّةِ
مَرْيَمَ وَوِلَادَتِهَا
عِيسَى وَإِرْسَالِهِ وَرَفْعِهِ ، وَقِصَّةِ
زَكَرِيَّا وَابْنِهِ
يَحْيَ وَأَيُّوبَ وَذِي الْكِفْلِ ، وَقِصَّةِ
ذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَسِيرِهِ إِلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ وَمَغْرِبِهَا وَبِنَائِهِ السَّدَّ ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الرَّقِيمِ ، وَقِصَّةِ
بُخْتِنَصَّرَ ، وَقِصَّةِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لِأَحَدِهِمَا الْجَنَّةُ ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ ، وَقِصَّةِ مُؤْمِنِ آلِ
فِرْعَوْنَ ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِ الْفِيلِ ، وَقِصَّةِ الْجَبَّارِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى السَّمَاءِ.
وَفِيهِ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْوَةُ
إِبْرَاهِيمَ بِهِ وَبِشَارَةُ
عِيسَى ، وَبَعْثُهُ وَهِجْرَتُهُ وَمِنْ غَزَوَاتِهِ
بَدْرٌ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ ،
وَأُحُدٍ فِي آلِ عِمْرَانَ ،
وَبَدْرٌ الصُّغْرَى فِيهَا ، وَالْخَنْدَقُ فِي الْأَحْزَابِ ،
وَالنَّضِيرُ فِي الْحَشْرِ ،
وَالْحُدَيْبِيَةُ فِي الْفَتْحِ ،
وَتَبُوكُ فِي بَرَاءَةَ ، وَحِجَّةُ الْوَدَاعِ فِي الْمَائِدَةِ ، وَنِكَاحُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَتَحْرِيمُ سُرِّيَّتِهِ ، وَتَظَاهُرُ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ ، وَقِصَّةُ الْإِفْكِ ، وَقِصَّةُ الْإِسْرَاءِ ، وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ ، وَسِحْرُ الْيَهُودِ إِيَّاهُ ، وَفِيهِ بَدْءُ حَلْقِ الْإِنْسَانِ إِلَى مَوْتِهِ ، وَكَيْفِيَّةِ الْمَوْتِ وَقَبْضِ الرُّوحِ ، وَمَا يُفْعَلُ بِهَا بَعْدَ صُعُودِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، وَفَتْحُ الْبَابِ لِلْمُؤْمِنَةِ وَإِلْقَاءِ الْكَافِرَةِ ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَالسُّؤَالِ فِيهِ ، وَمَقَرِّ الْأَرْوَاحِ ، وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى الْعَشْرَةِ ، وَهِيَ نُزُولُ
عِيسَى ، وَخُرُوجُ
الدَّجَّالِ ،
وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ، وَالدَّابَّةُ ، وَالدُّخَانُ ، وَرَفْعُ الْقُرْآنِ ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَغَلْقُ بَابِ التَّوْبَةِ ، وَالْخَسْفُ ، وَأَحْوَالُ الْبَعْثِ مِنْ نَفْخَةِ الصُّورِ وَالْفَزَعُ وَالصَّعْقُ وَالْقِيَامُ ، وَالْحَشْرُ ، وَالنَّشْرُ ، وَأَهْوَالُ الْمَوْقِفِ ، وَشِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ ، وَظَلُّ الْعَرْشِ ، وَالصِّرَاطُ ، وَالْمِيزَانُ ، وَالْحَوْضُ ، وَالْحِسَابُ لِقَوْمٍ وَنَجَاةُ آخَرِينَ مِنْهُ ، وَشَهَادَةُ الْأَعْضَاءِ ، وَإِتْيَانُ الْكُتُبِ بِالْأَيْمَانِ وَالشَّمَائِلِ وَخَلْفَ الظُّهُورِ ، وَالشَّفَاعَةُ ، وَالْجَنَّةُ وَأَبْوَابُهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَثْمَارِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَلْوَانِ وَالدَّرَجَاتِ ، وَرُؤْيَتِهِ تَعَالَى ، وَالنَّارُ وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَأَنْوَاعِ الْعِقَابِ وَأَلْوَانِ الْعَذَابِ وَالزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا لَوْ بُسِطَ جَاءَ فِي مُجَلَّدَاتٍ.
وَفِي الْقُرْآنِ جَمِيعُ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ، وَفِيهِ مِنْ أَسْمَائِهِ مُطْلَقًا أَلْفُ اسْمٍ ، وَفِيهِ مِنْ أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمْلَةٌ ، وَفِيهِ شُعَبُ الْإِيمَانِ الْبِضْعُ وَالسَّبْعُونَ ، وَفِيهِ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ الثَّلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَفِيهِ أَنْوَاعُ الْكَبَائِرِ وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّغَائِرِ ، وَفِيهِ تَصْدِيقٌ
[ ص: 20 ] كُلُّ حَدِيثٍ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَذِهِ جُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْنِيفَ فِي أَنْوَاعِ عُلُومِ الْقُرْآنِ وَقَدْ أُلِّفَتْ فِي جُمْلَةٍ مِنْ أَنْوَاعِهِ كَأَسْبَابِ النُّزُولِ ، وَالْمُعَرَّبِ وَالْمُبْهَمَاتِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَمَا مِنْ كِتَابٍ مِنْهَا إِلَّا وَقَدْ فَاقَ الْكُتُبَ الْمُؤَلَّفَةَ فِي نَوْعِهِ بِبَدِيعِ اخْتِصَارِهِ ، وَحُسْنِ تَحْرِيرِهِ وَكَثْرَةِ جَمْعِهِ.
وَقَدْ أَفْرَدَ النَّاسُ فِي أَحْكَامِهِ كُتُبًا
nindex.php?page=showalam&ids=12425كَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ وَبَكْرُ بْنُ الْعَلَاءِ nindex.php?page=showalam&ids=11943وَأَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12440وَالْكَيَا الْهَرَّاسِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12815وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَعَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ الْفَرَسِ ، وَغَيْرِهِمْ وَكُلٌّ مِنْهُمْ أَفَادَ وَأَجَادَ ، وَجَمَعَ فَأَبْدَعَ غَيْرَ أَنَّهَا مَحْشُوَّةٌ بِالْحَشْوِ وَالتَّطْوِيلِ مَشْحُونَةٌ بِالِاسْتِطْرَادِ إِلَى أَقْوَالِ الْمُخَالِفِ ، وَالدَّلِيلِ مَعَ مَا فَاتَهَا مِنَ الِاسْتِنْبَاطَاتِ الْعَلِيَّةِ ، وَالِاسْتِخْرَاجَاتِ الْخَفِيَّةِ.
فَعَزَمْتُ عَلَى وَضْعِ كِتَابٍ فِي ذَلِكَ مُهَذَّبِ الْمَقَاصِدِ ، مُحَرَّرِ الْمَسَالِكِ أُورِدُ فِيهِ كُلَّ مَا أَسْتَنْبِطُ مِنْهُ أَوْ أَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَسْأَلَةٍ فِقْهِيَّةٍ أَوْ أَصْلِيَّةٍ أَوِ اعْتِقَادِيَّةٍ ، وَبَعْضًا مِمَّا سِوَى ذَلِكَ ، مَقْرُونًا بِتَفْسِيرِ الْآيَةِ حَيْثُ تَوَقَّفَ فَهْمُ الِاسْتِنْبَاطِ عَلَيْهِ مَعْزُوًّا إِلَى قَائِلِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ ، مُخَرَّجًا مِنْ كِتَابِ نَاقِلِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ فَاشْدُدْ بِهَذَا الْكِتَابِ يَدَيْكَ ، وَعَضَّ عَلَيْهِ بِنَاجِذَيْكَ ، وَلَا يَحْمِلَنَّكَ عَلَى اسْتِحْقَارِهِ صِغَرُ حَجْمِهِ ، فَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ بَانَ لَهُ غَزَارَةُ عِلْمِهِ.
وَسَمَّيْتُهُ بِـ (الْإِكْلِيلِ فِي اسْتِنْبَاطِ التَّنْزِيلِ) وَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.