قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=76خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=77قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما .
nindex.php?page=treesubj&link=28996قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين قال
الضحاك : أي مطيعين لك . وفيه جواز
nindex.php?page=treesubj&link=32065الدعاء بالولد . وقد تقدم . والذرية تكون واحدا وجمعا . فكونها للواحد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=38رب هب لي من لدنك ذرية طيبة nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=5فهب لي من لدنك وليا وكونها للجمع
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=9ذرية ضعافا وقد مضى في ( البقرة ) اشتقاقها مستوفى . وقرأ
نافع وابن كثير [ ص: 79 ] وابن عامر والحسن : " وذرياتنا " وقرأ
أبو عمر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وطلحة وعيسى : " وذريتنا " بالإفراد .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74قرة أعين نصب على المفعول ، أي قرة أعين لنا . وهذا نحو قوله عليه الصلاة والسلام
لأنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831784اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه . وقد تقدم بيانه في ( آل عمران ) و ( مريم ) وذلك أن الإنسان إذا بورك له في ماله وولده قرت عينه بأهله وعياله ، حتى إذا كانت عنده زوجة اجتمعت له فيها أمانيه من جمال وعفة ونظر وحوطة أو كانت عنده ذرية محافظون على الطاعة ، معاونون له على وظائف الدين والدنيا ، لم يلتفت إلى زوج أحد ولا إلى ولده ، فتسكن عينه عن الملاحظة ، ولا تمتد عينه إلى ما ترى ; فذلك حين قرة العين وسكون النفس . ووحد " قرة " لأنه مصدر ; تقول : قرت عينك قرة . وقرة العين يحتمل أن تكون من القرار ، ويحتمل أن تكون من القر وهو الأشهر . والقر البرد ; لأن العرب تتأذى بالحر وتستريح إلى البرد . وأيضا فإن دمع السرور بارد ، ودمع الحزن سخن ، فمن هذا يقال : أقر الله عينك ، وأسخن الله عين العدو . وقال الشاعر :
فكم سخنت بالأمس عين قريرة وقرت عيون دمعها اليوم ساكب
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74واجعلنا للمتقين إماما أي قدوة يقتدى بنا في الخير ، وهذا لا يكون إلا أن يكون الداعي متقيا قدوة ; وهذا هو قصد الداعي . وفي الموطأ : " إنكم أيها الرهط أئمة يقتدى بكم " فكان
ابن عمر يقول في دعائه : اللهم اجعلنا من أئمة المتقين . وقال : " إماما " ولم يقل " أئمة " على الجمع ; لأن الإمام مصدر . يقال : أم القوم فلان إماما ; مثل الصيام والقيام . وقال بعضهم : أراد أئمة ، كما يقول القائل أميرنا هؤلاء ، يعني أمراءنا . وقال الشاعر :
يا عاذلاتي لا تزدن ملامتي إن العواذل لسن لي بأمير
أي أمراء . وكان
القشيري أبو القاسم شيخ
الصوفية يقول : الإمامة بالدعاء لا بالدعوى ، يعني بتوفيق الله وتيسيره ومنته لا بما يدعيه كل أحد لنفسه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : لم يطلبوا الرياسة بل بأن يكونوا قدوة في الدين . وقال
ابن عباس : اجعلنا أئمة هدى ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=24وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا وقال
مكحول : اجعلنا أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون . وقيل : هذا من المقلوب ; مجازه : واجعل المتقين لنا إماما ; وقال
مجاهد . والقول الأول أظهر وإليه يرجع قول
ابن عباس ومكحول ، ويكون فيه دليل . على أن
nindex.php?page=treesubj&link=18891طلب الرياسة في [ ص: 80 ] الدين ندب . و " إمام " واحد يدل على جمع ; لأنه مصدر كالقيام . قال
الأخفش : الإمام جمع " آم " من أم يؤم ، جمع على فعال ، نحو صاحب وصحاب ، وقائم وقيام .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75أولئك يجزون الغرفة بما صبروا " أولئك " خبر :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وعباد الرحمن في قول
الزجاج على ما تقدم ، وهو أحسن ما قيل فيه . وما تخلل بين المبتدأ وخبره أوصافهم من التحلي والتخلي ; وهي إحدى عشرة :
nindex.php?page=treesubj&link=18072_19548_19249التواضع ، والحلم ، والتهجد ، والخوف ، وترك الإسراف والإقتار ،
nindex.php?page=treesubj&link=28675_25124_19705_18981والنزاهة عن الشرك والزنى والقتل ، والتوبة وتجنب الكذب ،
nindex.php?page=treesubj&link=20034_19734والعفو عن المسيء ، وقبول المواعظ ، والابتهال إلى الله . و ( الغرفة ) الدرجة الرفيعة وهي
nindex.php?page=treesubj&link=30401_30384أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا . حكاه
ابن شجرة . وقال
الضحاك : الغرفة الجنة
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75بما صبروا أي بصبرهم على أمر ربهم وطاعة نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام . وقال
محمد بن علي بن الحسين : بما صبروا على الفقر والفاقة في الدنيا . وقال
الضحاك : بما صبروا عن الشهوات .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=75ويلقون فيها تحية وسلاما قرأ
أبو بكر والمفضل nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ويحيى وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وخلف : ( ويلقون ) مخففة ، واختاره
الفراء ; قال لأن العرب تقول : فلان يتلقى بالسلام وبالتحية وبالخير " بالتاء " ، وقلما يقولون فلان يلقى السلامة . وقرأ الباقون : " ويلقون " واختاره
أبو عبيد وأبو حاتم ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11ولقاهم نضرة وسرورا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : وما ذهب إليه
الفراء واختاره غلط ; لأنه يزعم أنها لو كانت " يلقون " كانت في العربية بتحية وسلام ، وقال كما يقال : فلان يتلقى بالسلام وبالخير ; فمن عجيب ما في هذا الباب أنه قال " يتلقى " والآية " يلقون " والفرق بينهما بين لأنه يقال فلان يتلقى بالخير ولا يجوز حذف الباء ، فكيف يشبه هذا ذاك ! وأعجب من هذا أن في القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=11ولقاهم نضرة وسرورا ولا يجوز أن يقرأ بغيره . وهذا يبين أن الأولى على خلاف ما قال . والتحية من الله والسلام من الملائكة . وقيل : التحية البقاء الدائم والملك العظيم ; والأظهر أنهما بمعنى واحد ، وأنهما من قبل الله تعالى ; دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تحيتهم يوم يلقونه سلام وسيأتي . " خالدين " نصب على الحال
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=76فيها حسنت مستقرا ومقاما
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=77قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم هذه آية مشكلة تعلقت بها الملحدة . يقال : ما عبأت بفلان أي ما باليت به ; أي ما كان له عندي وزن ولا قدر . وأصل " يعبأ " من العبء وهو الثقل . وقول الشاعر [
أبو زبيد ] :
[ ص: 81 ] كأن بصدره وبجانبيه عبيرا بات يعبئوه عروس
أي يجعل بعضه على بعض . فالعبء الحمل الثقيل ، والجمع أعباء . والعبء المصدر . و " ما " استفهامية ; ظهر في أثناء كلام
الزجاج ، وصرح به
الفراء . وليس يبعد أن تكون نافية ; لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهو نفي خرج مخرج الاستفهام ; كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال
ابن الشجري : وحقيقة القول عندي أن موضع " ما " نصب ; والتقدير : أي عبء يعبأ بكم ; أي أي مبالاة يبالي ربي بكم لولا دعاؤكم ; أي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه ، فالمصدر الذي هو الدعاء على هذا القول مضاف إلى مفعوله ; وهو اختيار
الفراء . وفاعله محذوف وجواب " لولا " محذوف كما حذف في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31ولو أن قرآنا سيرت به الجبال تقديره : لم يعبأ بكم . ودليل هذا القول قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فالخطاب لجميع الناس ; فكأنه قال
لقريش منهم : أي ما يبالي الله بكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت ; وذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله . ويؤيد هذا قراءة
ابن الزبير وغيره . ( فقد كذب الكافرون ) فالخطاب ب " ما يعبأ " لجميع الناس ، ثم يقول
لقريش : فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه فسوف يكون التكذيب هو سبب العذاب لزاما . وقال
النقاش وغيره : المعنى ; لولا استغاثتكم إليه في الشدائد ونحو ذلك . بيانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين ونحو هذا . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=77ما يعبأ بكم أي بمغفرة ذنوبكم ولا هو عنده عظيم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=77لولا دعاؤكم معه الآلهة والشركاء . بيانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=147ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم . قاله
الضحاك . وقال
الوليد بن أبي الوليد : بلغني فيها : أي ما خلقتكم ولي حاجة إليكم إلا أن تسألوني فأغفر لكم وأعطيكم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أنه كان في التوراة : يا ابن آدم وعزتي ما خلقتك لأربح عليك إنما خلقتك لتربح علي فاتخذني بدلا من كل شيء فأنا خير لك من كل شيء . قال
ابن جني : قرأ
ابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس فقد كذب الكافرون . قال
الزهراوي والنحاس : وهي قراءة
ابن مسعود وهي على التفسير ; للتاء والميم في " كذبتم " . وذهب
القتبي والفارسي إلى أن الدعاء مضاف إلى الفاعل ، والمفعول محذوف . الأصل : لولا دعاؤكم آلهة من دونه ; وجواب " لولا " محذوف ، تقديره في هذا الوجه : لم يعذبكم . ونظير قوله : لولا دعاؤكم آلهة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=194إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم . فقد كذبتم أي كذبتم بما دعيتم إليه ; هذا على
[ ص: 82 ] القول الأول ; وكذبتم بتوحيد الله على الثاني .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=77فسوف يكون لزاما أي يكون تكذيبكم ملازما لكم . والمعنى : فسوف يكون جزاء التكذيب ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ووجدوا ما عملوا حاضرا أي جزاء ما عملوا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي جزاء ما كنتم تكفرون . وحسن إضمار التكذيب لتقدم ذكر فعله ; لأنك إذا ذكرت الفعل دل بلفظه على مصدره ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم أي لكان الإيمان . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وإن تشكروا يرضه لكم أي يرضى الشكر . ومثله كثير . وجمهور المفسرين على أن المراد باللزام هنا ما نزل بهم يوم
بدر ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وأبي مالك ومجاهد ومقاتل وغيرهم . وفي صحيح
مسلم عن
عبد الله : وقد مضت البطشة والدخان واللزام . وسيأتي مبينا في سورة الدخان إن شاء الله تعالى . وقالت فرقة : هو توعد بعذاب الآخرة . وعن
ابن مسعود أيضا : اللزام التكذيب نفسه ; أي لا يعطون التوبة منه ; ذكره
الزهراوي ; فدخل في هذا يوم
بدر وغيره من العذاب الذي يلزمونه . وقال
أبو عبيدة : " لزاما " فيصلا أي فسوف يكون فيصلا بينكم وبين المؤمنين . والجمهور من القراء على كسر اللام ; وأنشد
أبو عبيدة لصخر :
فإما ينجوا من خسف أرض فقد لقيا حتوفهما لزاما
ولزاما وملازمة واحد . وقال
الطبري : " لزاما " يعني عذابا دائما لازما ، وهلاكا مفنيا يلحق بعضكم ببعض ; كقول
أبي ذؤيب :
ففاجأه بعادية لزام كما يتفجر الحوض اللقيف
يعني باللزام : الذي يتبع بعضه بعضا ، وباللقيف : المتساقط الحجارة المتهدم .
النحاس : وحكى
أبو حاتم عن
أبي زيد قال : سمعت
قعنبا أبا السمال يقرأ : " لزاما " بفتح اللام . قال
أبو جعفر : يكون مصدر لزم ، والكسر أولى ، يكون مثل قتال ومقاتلة ، كما أجمعوا على الكسر في قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=129ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى . قال غيره : " اللزام " بالكسر مصدر لازم لزاما مثل خاصم خصاما ، و " اللزام " بالفتح مصدر لزم مثل سلم سلاما أي سلامة ; ف " اللزام " بالفتح اللزوم ، واللزام الملازمة ، والمصدر في القراءتين وقع موقع اسم الفاعل . فاللزام وقع موقع ملازم ، واللزام وقع موقع لازم . كما قال تعالى :
[ ص: 83 ] nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=30قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا أي غائرا . قال
النحاس : وللفراء قول في اسم " يكون " قال : يكون مجهولا . وهذا غلط ; لأن المجهول لا يكون خبره إلا جملة ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إنه من يتق ويصبر وكما حكى النحويون كان زيد منطلق . يكون في " كان " مجهول ويكون المبتدأ وخبره خبر المجهول ، التقدير : كان الحديث ; فأما أن يقال : كان منطلقا ، ويكون في " كان " مجهول ، فلا يجوز عند أحد علمناه . وبالله التوفيق وهو المستعان والحمد لله رب العالمين .