1643 - وسأترك منزلي لبني تميم وألحق بالحجاز فاستريحا [ ص: 81 ]
والآية أقوى من هذا لتقدم الشرط قبل المعطوف، يعني: أن النصب بإضمار "أن" إنما يقع بعد الواو والفاء في جواب الأشياء الثمانية أو عاطف، على تفصيل موضوعه كتب النحو، والنصب بإضمار "أن" في غير تلك المواضع ضرورة كالبيت المتقدم، وكقول الآخر:
1644 - ... ... ... ... ويأوي إليها المستجير فيعصما
وتبع أبا الفتح في ذلك، وأنشد البيت الأول. وهذه المسألة جوزها الكوفيون لمدرك آخر، وهو أن الفعل الواقع بين الشرط والجزاء يجوز فيه الرفع والنصب والجزم، إذا وقع بعد الواو والفاء، واستدلوا بقول الشاعر: الزمخشري
1645 - ومن لا يقدم رجله مطمئنة فيثبتها في مستوى القاع يزلق
وقول الآخر:
1646 - ومن يقترب منا ويخضع نؤوه ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما
وإذا ثبت ذلك في الواو والفاء فليجز في "ثم"؛ لأنها حرف عطف. وقرأ [ ص: 82 ] النخعي برفع الكاف، وخرجها وطلحة بن مصرف على إضمار مبتدأ؛ أي: "ثم هو يدركه الموت"، فعطف جملة اسمية على فعلية، وهي جملة الشرط، الفعل المجزوم وفاعله، وعلى ذلك حمل ابن جني قول يونس الأعشى:
1647 - إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل
أي: وأنتم تنزلون، ومثله:
1648 - إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم فما علي بذنب عندكم حوب
أي: ثم أنتم تأتيني. قلت: يريد أنه يحمل على إهمال الجازم فيرفع الفعل بعده، كما رفع في "أليم يأتيك" فلم يحذف الياء، وهذا البيت أنشده النحويون على أن علامة الجزم حذف الحركة المقدرة في حرف العلة، وضموا إليه أبياتا أخر، أما أنهم يزعمون أن حرف الجزم يهمل ويستدلون بهذا البيت فلا. ومنهم من خرجها على وجه آخر، وهو أنه أراد الوقف على الكلمة، فنقل حركة هاء الضمير إلى الكاف الساكنة للجزم، كقول الآخر:
1649 - عجبت والدهر كثير عجبه من عنزي سبني لم أضربه [ ص: 83 ]
يريد: "لم أضربه" بسكون الباء للجازم، ثم نقل إليها حركة الهاء، فصار اللفظ "ثم يدركه"، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف فالتقى ساكنان، فاحتاج إلى تحريك الأول وهو الهاء، فحركها بالضم؛ لأنه الأصل، وللاتباع أيضا، وهذه الأوجه تشحذ الذهن وتنقحه.