وقوله : " فيه " أي : في رقه . وقال كلاما لا يشبه أن يصدر من [ ص: 425 ] مثله ، بل ولا أقل منه . قال : " وفيه شركاء الجملة صفة لـ " رجل " و " في " متعلق بمتشاكسون . وفيه دلالة على جواز تقديم خبر المبتدأ عليه " انتهى . أما هذا فلا أشك أنه سهو ; لأنه من حيث جعله جملة كيف يقول بعد ذلك : إن " فيه " متعلق بـ " أبو البقاء متشاكسون " ؟ وقد يقال : أراد من حيث المعنى ، وهو بعيد جدا . ثم قوله : " وفيه دلالة " إلى آخره يناقضه أيضا . وليست المسألة غريبة حتى يقول : " وفيه دلالة " . وكأنه أراد : فيه دلالة على تقديم معمول الخبر على المبتدأ ، بناء منه على أن " فيه " يتعلق بـ " متشاكسون " ولكنه فاسد ، والفاسد لا يرام صلاحه .
قوله : " سلما لرجل " قرأ ابن كثير " سالما " بالألف وكسر اللام . والباقون " سلما " بفتح السين واللام . وأبو عمرو بكسر السين وسكون اللام . فالقراءة الأولى اسم فاعل من سلم له كذا فهو سالم . والقراءاتان الأخريان سلما وسلما فهما مصدران وصف بهما على سبيل المبالغة ، أو على حذف مضاف ما ، أو على وقوعهما موقع اسم الفاعل فتعود كالقراءة الأولى . وقرئ " ورجل سالم " برفعهما . وفيه وجهان ، أحدهما : أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : وهناك رجل سالم لرجل ، كذا قدره وابن جبير . الثاني : أنه مبتدأ و " سالم " خبره . وجاز الابتداء بالنكرة ; لأنه موضع تفصيل ، كقول الزمخشري امرئ القيس :
3894 - إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وشق عندنا لم يحول
وقولهم : الناس رجلان رجل أكرمت ، ورجل أهنت .
[ ص: 426 ] قوله : " مثلا " منصوب على التمييز المنقول من الفاعلية إذ الأصل : هل يستوي مثلهما . وأفرد التمييز لأنه مقتصر عليه أولا في قوله : ضرب الله مثلا . وقرئ " مثلين " فطابق حالي الرجلين . وقال - فيمن قرأ مثلين - : " إن الضمير في " الزمخشري يستويان " للمثلين ; لأن التقدير : مثل رجل ، ومثل رجل .
والمعنى : هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية كما تقول : كفى بهما رجلين " .
قال الشيخ : " والظاهر أنه يعود الضمير في " يستويان " على " رجلين " . وأما إذا جعلته عائدا إلى المثلين اللذين ذكر أن التقدير : مثل رجل ومثل رجل ; فإن التمييز يكون إذ ذاك قد فهم من المميز الذي هو الضمير ; إذ يصير التقدير : هل يستوي المثلان مثلين " . قلت : هذا لا يضر ; إذ التقدير : هل يستوي المثلان مثلين في الوصفية فالمثلان الأولان معهودان ، والثانيان جنسان مبهمان كما تقول : كفى بهما رجلين ; فإن الضمير في " بهما " عائد على ما يراد بالرجلين فلا فرق بين المسألتين . فما كان جوابا عن " كفى بهما رجلين " يكون جوابا له .