بسم الله الرحمن الرحيم
آ . (1) قرأ العامة بسكون الدال من " صاد " كسائر حروف التهجي في أوائل السور . وقد مر ما فيه . وقرأ أبي والحسن وابن أبي إسحاق وابن أبي عبلة وأبو السمال بكسر الدال من غير تنوين . وفيها وجهان ، أحدهما : أنه كسر لالتقاء الساكنين ، وهذا أقرب . والثاني : أنه أمر من المصاداة وهي المعارضة ومنه صوت الصدى لمعارضته لصوتك وذلك في الأماكن الصلبة الخالية والمعنى : عارض القرآن بعملك ، فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه . قاله . وعنه أيضا : أنه من صاديت أي : حادثت . والمعنى : حادث الناس بالقرآن . الحسن
وقرأ ابن أبي إسحاق كذلك ، إلا أنه نونه وذلك على أنه مجرور بحرف قسم مقدر ، حذف وبقي عمله كقولهم : " الله لأفعلن " بالجر . إلا أن الجر يقل في غير الجلالة ، وإنما صرفه ذهابا به إلى معنى الكتاب والتنزيل . وعن [ ص: 344 ] أيضا الحسن وابن السميفع وهارون الأعور صاد بالضم من غير تنوين ، على أنه اسم للسورة ، وهو خبر مبتدأ مضمر أي : هذه صاد . ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث ، وكذلك قرأ ابن السميفع وهارون : قاف ونون بالضم على ما تقدم .
وقرأ عيسى في رواية محبوب " صاد " بالفتح من غير تنوين . وهي تحتمل ثلاثة أوجه . البناء على الفتح تخفيفا كـ أين وكيف ، والجر بحرف القسم المقدر ، وإنما منع من الصرف للعلمية والتأنيث كما تقدم ، والنصب بإضمار فعل أو على حذف حرف القسم نحو قوله : وأبو عمرو
3829 - ... ... ... ... فذاك أمانة الله الثريد
وامتنعت من الصرف لما تقدم ، وكذلك قرآ : " قاف " و " نون " بالفتح فيهما ، وهما كما تقدم ، ولم أحفظ التنوين مع الفتح والضم .
قوله : والقرآن قد تقدم مثله في يس والقرآن ، وجواب القسم فيه أقوال كثيرة ، أحدها : أنه قوله : إن ذلك لحق ، قاله والكوفيون غير الزجاج . قال الفراء : " لا نجده مستقيما لتأخيره جدا عن قوله : " الفراء والقرآن " . الثاني : أنه قوله : " كم أهلكنا " والأصل : لكم أهلكنا ، فحذف اللام كما حذفها [ ص: 345 ] في قوله : قد أفلح من زكاها بعد قوله : والشمس لما طال الكلام . قاله ثعلب . الثالث : أنه قوله : والفراء إن كل إلا كذب الرسل قاله . الرابع : أنه قوله : " صاد " ; لأن المعنى : والقرآن لقد صدق الأخفش محمد . قاله الفراء وثعلب أيضا . وهذا بناء منهما على جواز تقديم جواب القسم ، وأن هذا الحرف مقتطع من جملة هو دال عليها . وكلاهما ضعيف . الخامس : أنه محذوف . واختلفوا في تقديره ، فقال : تقديره : لقد جاءكم الحق ، ونحوه . وقدره الحوفي : ما الأمر كما يزعمون . ابن عطية : إنه لمعجز . والزمخشري
والشيخ : إنك لمن المرسلين . قال : " لأنه نظير يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين هنا عبارة بشعة جدا . وهي : " فإن قلت : قوله : ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق كلام ظاهره متناف غير منتظم . فما وجه انتظامه ؟ قلت : فيه وجهان ، أن يكون قد ذكر اسم هذا الحرف من حروف المعجم على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز كما مر في أول الكتاب ، ثم أتبعه القسم محذوف الجواب [ ص: 346 ] لدلالة التحدي عليه ، كأنه قال : والقرآن ذي الذكر إنه لكلام معجز . والثاني : أن يكون " صاد " خبر مبتدأ محذوف على أنها اسم للسورة كأنه قال : هذه صاد . يعني هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر ، كما تقول : " هذا حاتم والله " تريد : هو المشهور بالسخاء والله ، وكذلك إذا أقسم بها كأنه قال : أقسمت بصاد والقرآن ذي الذكر إنه لمعجز . ثم قال : بل الذين كفروا في عزة واستكبار عن الإذعان لذلك والاعتراف ، وشقاق لله ورسوله ، وإذا جعلتها مقسما بها ، وعطفت عليها وللزمخشري والقرآن ذي الذكر جاز لك أن تريد بالقرآن التنزيل كله ، وأن تريد السورة بعينها . ومعناه : أقسم بالسورة الشريفة : والقرآن ذي الذكر كما تقول : مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة ، ولا تريد بالنسمة غير الرجل " .