آ . (14) قوله : فعززنا : قرأ بتخفيف الزاي [ ص: 251 ] بمعنى غلبنا ، ومنه قوله : أبو بكر وعزني في الخطاب . ومنه قولهم : " من عز بز " أي صار له بز . والباقون بالتشديد بمعنى قوينا . يقال : عزز المطر الأرض أي : قواها ولبدها . ويقال لتلك الأرض : العزاز ، وكذا كل أرض صلبة . وتعزز لحم الناقة أي : صلب وقوي . وعلى كلتا القراءتين المفعول محذوف أي : فقويناهما بثالث أو فغلبناهما بثالث .
وقرأ " بالثالث " بألف ولام . عبد الله
قوله : إنا إليكم مرسلون جرد خبر " إن " هذه من لام التوكيد ، وأدخلها في خبر الثانية ، لأنهم في الأولى استعملوا مجرد الإنكار فقابلتهم الرسل بتوكيد واحد وهو الإتيان بـ " إن " ، وفي الثانية بالمبالغة في الإنكار فقابلتهم بزيادة التوكيد فأتوا بـ إن وباللام .
قال أهل البيان : الأخبار ثلاثة أقسام : ابتدائي وطلبي وإنكاري ، فالأول يقال لمن لم يتردد في نسبة أحد الطرفين إلى الآخر نحو : زيد عارف ، والثاني لمن هو متردد في ذلك ، طالب له منكر له بعض إنكار ، فيقال له : إن زيدا عارف ، والثالث لمن يبالغ في إنكاره ، فيقال له : إن زيدا لعارف . ومن أحسن ما يحكى أن رجلا جاء إلى أبي العباس الكندي فقال : إني أجد في كلام العرب حشوا قال : وما ذاك ؟ قال : يقولون : زيد قائم ، وإن زيدا قائم ، وإن زيدا لقائم . فقال : " كلا بل المعاني مختلفة ، فزيد قائم إخبار بقيامه ، وإن زيدا [ ص: 252 ] قائم جواب لسؤال سائل ، وإن زيدا لقائم جواب عن إنكار منكر " . قلت : هذا هو الذي سئل أن يعارض القرآن ففتح المصحف فرأى سورة المائدة فكع عن ذلك . والحكاية ذكرتها أول المائدة . الكندي
وقال الشيخ: " وجاء أولا " مرسلون " بغير لام ; لأنه ابتداء إخبار فلا يحتاج إلى توكيد ، وبعد المحاورة لمرسلون بلام التوكيد ; لأنه جواب عن إنكار " وهذا قصور عن فهم ما قاله أهل البيان ، فإنه جعل المقام الثاني وهو الطلبي مكان المقام الأول ، وهو الابتدائي .