بسم الله الرحمن الرحيم
آ . (1) قرأ العامة " يس " بسكون النون . وأظهر النون عند الواو بعدها ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص وقالون بخلاف عنه ، وكذلك النون من وورش ن والقلم وأدغمهما الباقون . فمن أدغم فللخفة ، ولأنه لما وصل والتقى متقاربان من كلمتين أولهما ساكن وجب الإدغام . ومن أظهر فللمبالغة في تفكيك هذه الحروف بعضها من بعض لأنه بنية الوقف ، وهذا أجرى على القياس في الحروف المقطعة ولذلك التقى فيها الساكنان وصلا ، ونقل إليها حركة همزة الوصل على رأي نحو : "ألف لام ميم الله" كما تقدم تقريره .
وأمال الياء من "يس" الأخوان لأنها اسم من الأسماء كما تقدم تقريره أول البقرة . قال وأبو بكر : " وإذا أمالوا " يا " وهي حرف نداء فلأن [ ص: 244 ] يميلوا " يا " من يس أجدر " . الفارسي
وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق بفتح النون : إما على البناء على الفتح تخفيفا كأين وكيف ، وإما على أنه مفعول بـ " اتل " ، وإما على أنه مجرور بحرف القسم . وهو على الوجهين غير منصرف للعلمية والتأنيث . ويجوز أن يكون منصوبا على إسقاط حرف القسم ، كقوله :
3774 - ... ... ... ... فذاك أمانة الله الثريد
وقرأ بضم النون . فقيل : على أنها خبر مبتدأ مضمر أي : هذه يس ، ومنعت من الصرف لما تقدم . وقيل : بل هي حركة بناء كـ حيث فيجوز أن يكون خبرا كما تقدم ، وأن يكون مقسما بها نحو : " عهد الله لأفعلن " . وقيل : لأنها منادى فبنيت على الضم ; ولهذا فسرها الكلبي القارئ لها بـ " يا إنسان " قال : " وهي لغة طيئ " . قال الكلبي : " إن صح معناه فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين فكثر النداء به على ألسنتهم ، حتى اقتصروا على شطره ، كما قالوا في القسم : م الله في " ايمن الله " . قال الشيخ : " والذي نقل عن العرب في تصغير إنسان : أنيسيان بياء بعدها ألف فدل على أن أصله إنسيان ; لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها ، ولا نعلم أنهم قالوا في تصغيره : أنيسين . وعلى تقدير أنه يصغر كذلك فلا يجوز ذلك ، إلا أن يبنى [ ص: 245 ] على الضم ; لأنه منادى مقبل عليه ومع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير ، ويمتنع ذلك في حق النبوة " . قلت : أما الاعتراض الأخير فصحيح نصوا على أن التصغير لا يدخل في الأسماء المعظمة شرعا . ولذلك يحكى أن الزمخشري لما قال في المهيمن : إنه مصغر من مؤمن ، والأصل مؤيمن ، فأبدلت الهمزة هاء . قيل له : هذا يقرب من الكفر فليتق الله قائله . وقد تقدمت هذه الحكاية في المائدة مطولة وما قيل فيها . وقد تقدم ابن قتيبة في طه ما يقرب من هذا البحث ، وتقدم للشيخ معه كلام . للزمخشري
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا وأبو السمال " يسن " بكسر النون ، وذلك على أصل التقاء الساكنين . ولا يجوز أن تكون حركة إعراب .