آ . (18) قوله تعالى : ما لا يضرهم : " ما " موصولة ، أو نكرة موصوفة وهي واقعة على الأصنام ، ولذلك راعى لفظها ، فأفرد في قوله : ما لا يضرهم ولا ينفعهم ومعناها فجمع في قوله " هؤلاء شفعاؤنا " .
قوله : أتنبئون قرأ بعضهم : " أتنبئون " مخففا من أنبأ ، يقال : أنبأ ونبأ كأخبر وخبر . وقوله : بما لا يعلم " ما " موصولة بمعنى الذي أو نكرة موصوفة كالتي تقدمت . وعلى كلا التقديرين فالعائد محذوف ، أي : يعلمه . والفاعل هو ضمير الباري تعالى ، والمعنى : أتنبئون الله بالذي لا يعلمه الله ، وإذا لم يعلم الله شيئا استحال وجود ذلك الشيء ، لأنه تعالى لا يعزب عن علمه شيء ، وذلك الشيء هو الشفاعة ، فـ " ما " عبارة عن الشفاعة .
[ ص: 166 ] والمعنى : أن الشفاعة لو كانت لعلمها الباري تعالى . وقوله : في السماوات ولا في الأرض تأكيد لنفيه ، لأن كل موجود لا يخرج عنهما . ويجوز أن تكون " ما " عبارة عن الأصنام . وفاعل " يعلم " ضمير عائد عليها . والمعنى : أتعلمون الله بالأصنام التي لا تعلم شيئا في السماوات ولا في الأرض ، وإذا ثبت أنها لا تعلم فكيف تشفع ؟ والشافع لا بد وأن يعرف المشفوع عنده ، والمشفوع له ، هكذا أعربه الشيخ ، فجعل " ما " عبارة عن الأصنام لا عن الشفاعة ، والأول أظهر . و " ما " في " عما يشركون " يحتمل أن تكون بمعنى الذي ، أي : عن شركائهم الذي يشركونهم به في العبادة . أو مصدرية ، أي : عن إشراكهم به غيره .
وقرأ الأخوان هنا " عما يشركون " ، وفي النحل موضعين ، الأول : سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل الملائكة ، والثاني : بالحق تعالى عما يشركون . وفي الروم : هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون بالخطاب . والباقون بالغيبة في الجميع . والخطاب والغيبة واضحتان .
وأتى هنا بـ " يشركون " مضارعا دون الماضي تنبيها على استمرار حالهم كما جاءوا يعبدون ، وتنبيها أيضا على أنهم على الشرك في المستقبل ، كما كانوا عليه في الماضي .